• Wednesday, 17 July 2024
logo

د. اياد عنبر استاذ العلوم السياسية في جامعة الكوفة: إذا لم نفكر في حل المشكلات، فسنعود بعد عقد آخر وسنكرر نفس القول

د. اياد عنبر استاذ العلوم السياسية في جامعة الكوفة: إذا لم نفكر في حل المشكلات، فسنعود بعد عقد آخر وسنكرر نفس القول

خاص- حلقة الحوار-گولان العربي

الدكتور إياد عنبر هو أستاذ مساعد في كلية العلوم السياسية بجامعة الكوفة، مستشار كرسي اليونسكو للحوار بين الأديان في جامعة الكوفة، وهو كاتب سياسي في موقع قناة الحرة وصحيفة اللواء، وهو أيضاً عضو في الجمعية العراقية للعلوم السياسية والهيئة الأدارية للمنتدى الوطني للبحوث الفكرية والثقافية. له عدة أبحاث علمية منها "اشكالية غياب الفلسفة السياسية في بنية الدولة العراقية بعد 2003 إلى 2014"، ويعتبر من الشخصيات البارزة التي تتم مقابلتها بشكل مستمر على القنوات العربية والعراقية والدولية، وفي حوارنا هذه المرة "تعامل إقليم كوردستان مع الأحداث في العراق والمنطقة" عبّر عن آرائه ومقترحاته على أساس تفصيلي وعلمي وكالآتي:

وأود أن أشكر قسم الثقافة والإعلام في الحزب الديمقراطي الكوردستاني على دعوتنا لمناقشة هذه القضية المهمة.

سأبدأ حديثي بمقولة سياسية للألماني كارل شميدت: "السياسة تتحدد بمبدأ:  هو من هو الصديق ومن هو العدو".لا أريد أن أبالغ عندما أتحدث عن العلاقات السياسية بين إقليم كوردستان وبغداد وكذلك العلاقات السياسية بين أربيل والسليمانية فهي جيدة ولا توجد فيها أية مشكلة، ولكن ليس لها انعكاس كبير على المستوى العام ونرى على المستوى العام للمجتمع انها على شكل آخر، دعونا ننظر إلى موقف المجتمع الشيعي على صعيد شبكات التواصل الاجتماعي، والذي سيتسبب على الأقل في ظهور الرأي العام، دعونا نسأل متى ضربت إيران أربيل بالصواريخ، ومنْ  تفاعل مع هذه الكارثة، وبدون شك، أدان جميع العراقيين هذا العمل باعتباره انتهاكاً للسيادة العراقية، باستثناء عدد قليل من الأشخاص القبيحين الذين لديهم أجندتهم الخاصة. ولعل أربيل وكوردستان والقيادة السياسية الكوردستانية تمكنت من تجاوز هذه الحادثة وأن لا شيء توقف في الأقليم واستمرت الحياة، فتضاءلت الأصوات التي كانت تدافع عن الهجوم، والتي يمكن القول إنها  تحولت الى صوت نشاز.

وبتقييم أداء إقليم كوردستان على المنطقة، أعتقد أن الاقليم لا يحتاج إلى الكثير من التقييم، لأنه لديه العديد من قنوات الاتصال الرسمية وغير الرسمية، حتى على مستوى التجارة والاستثمار.

وباعتبار أنها وفرت بيئة آمنة ومستقرة، فهي أفضل بكثير من بغداد، الاستثمار يريد أن يتجه أكثر إلى الاقليم، ففي الأقليم مصدر قرار مركزي يطمأن المستثمرين على العمل، أما في بغداد هناك مصادر قرار متعددة لا يعرف المستثمرون مع منْ  يتعاملون، مرة مع الحكومة، ومرة اخرى مع  مجموعة مسلحة وميليشيات، ولهذا جعلت بيئة الاقليم قطاع الاستثمار أكثر نجاحاً من بغداد.

وإذا أردنا أن نقول، هل يوجد في كوردستان نوع من التوتر الإقليمي؟ للإجابة عن هذا السؤال يمكننا القول أن هناك توترات، ولكنها لم تصل إلى مستوى الانفصال وإغلاق النفق، واستطاع السيطرة على هذه التوترات مع إيران وتركيا بالتحديد وحتى مع سوريا.

وعلى المستوى الدولي، حقق إقليم كوردستان تقدماً جيداً، لا سيما الأستفادة من منصب وزارة الخارجية العراقية والبعثات الدبلوماسية، مما جعله حاضراً في المجال الدبلوماسي ويستفيد من هذا الموضوع. أعتقد أن للوبي الكوردي أهمية كبيرة في هذه المسألة، خاصة في امريكا وبريطانيا وأوروبا، وسيما في مراكز الأبحاث في تلك الدول.

وما بقي هو مشكلة إقليم كوردستان مع العرب العراقيين، ويمكننا القول أن هذه المشكلة غير موجودة تذكر، لأن كوردستان هي البوابة الأكثر للعراقيين من الناحية السياحية، خاصة عندما يزور العرب العراقيون المناطق السياحية في أربيل والسليمانية ودهوك، لا يقتصر الأمر على عدم وجود مشكلة فحسب، بل أصبح العرب العراقيون مصدراً آخر للدخل لإقليم كوردستان من خلال السياحة. وهذا بالرغم من العوائق التي اشار اليها الشيخ إبراهيم الدليمي في نقاط السيطرة ، لكن كما نرى فإن السيطرات في المحافظات العراقية الأخرى أيضاً تخلق مشاكل، وهذه لن تكون مشكلة كبيرة.

والسؤال الأساس هنا هو هل ينبغي لنا نحن النخبة والحكماء من السياسيين أن نعيد بناء الجسور، أم نترك الأمر للعقول الصغيرة لتعميق الفجوات؟ للإجابة عن هذا السؤال، أود أن أقول إن السياسة الحالية لإقليم كوردستان تشهد مستوى من النضج السياسي أفضل بكثير من ذي قبل. هذه السياسة الناضجة تتعامل بشكل منطقي مع الأزمات والمشكلات بعد سقوط نظام البعث، على الرغم من أن سلطات بغداد كانت في السابق في المعارضة وتعرف بعضها البعض بشكل أفضل مع القيادة الكوردستانية وكانت لديها نقاط كثيرة مشتركة، إلا أن المشكلات لم تحل بشكل صحيح، لكن في المراحل الأخيرة، خاصة بعد تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، نرى العديد من العقبات يتم حلها وتجاوزها من خلال الحوار.

وفي هذه المرحلة، من المهم جداً تجنب الاتجاه المتمثل في محاولة جعل أنفسنا أبطالاً في المجتمع الشيعي على أساس المجتمع المناهض للكورد واللجوء إلى خطاب، ونقول ايها المواطنون الشيعة ان اقليم كوردستان يأخذ نصيبكم، أو طرف سياسي كوردي ليجعل من نفسه بطلاً كوردياً يقول إننا نتعرض للضرب وبغداد لن تدافع عنا، لكن في الحقيقة، كما رأينا، كان موقف رئيس الوزراء السوداني من الهجوم على أربيل صارما للغاية، لكن الواقع هو أن رئيس الوزراء لا يستطيع أن يقول للدولة الإيرانية لماذا تقصفون أربيل، وهذا واقع علينا فهمه كما هو.

ومن الناحية العملية، ان العراق حالياً دولة هشة، المشكلة الأكبر للدولة الهشة هي التدخل الخارجي، وهذه الهشاشة نراها بوضوح لدى زيارات الوفود إلى العراق، وأي مسؤول اجنبي عندما يزور العراق لايلتقي فقط برئيس الوزراء، بل يلتقي مع رئيس ائتلاف دولة القانون، وسيجتمع مع الشيخ خميس خنجر ومحمد الحلبوسي وهذا يجسد هشاشة الدولة.

ولذلك فإن الواجب المهم علينا جميعاً هو العمل على  تجاوز هشاشة الدولة بأي شكل من الأشكال. والآن نشأ جيل في جنوب ووسط العراق وكذلك في كوردستان، أخبره أن بقاء إقليم كوردستان مهم. يقول لك لا علاقة لي بهذا الموضوع سواء يبقى أو لايبقى إقليم كوردستان، وهذا يعني أن الفساد ونقص الخدمات قد خيب أمله، هذه الظاهرة موجودة في إقليم كوردستان، لقد شاركت في ندوات ومؤتمرات في جامعة السليمانية وتحدثت إلى الجيل الجديد، تتحدث معهم عن بعض الأشياء التي لا يفهمونها أصلاً، وهذا اللافهم يعكس عدم اهتمامكم في كوردستان بوجود منصب رئيس الجمهورية وحتى انكم لاتقومون بترشح قائد شاب لهذا المنصب، حتى يتمكن من القيام بدوره في هذا المنصب المهم ويعيد المجد لمنصب رئاسة الجمهورية ليكون رئيس جمهورية حقيقياً وليس مجرد ديكوراً، فإذا فكروا في هذا المنصب بهذه الطريقة وعدم ايلاء الأهتمام به، ستشهد الدورات اللاحقة اضعف حالة لهذا المنصب.

بعد سقوط النظام السابق، عندما جاء الكورد إلى بغداد لغرض كتابة الدستور والإصرار على منصب  رئاسة الجمهورية، لم يكن من الواجب إهمال الأمر بهذه الطريقة – أي إضعاف لمنصب رئاسة الجمهورية سيضر بالكورد أنفسهم في المقام الأول.

وهنا نقول ماذا يمكننا أن نفعل لحل المشكلات؟ أعتقد أنه من المهم الإشارة إلى عدة نقاط رئيسة:

* من المهم طرح الحلول من خلال هذا الحوار، ولن نعقّد المشاكل اكثر، هناك أربع نقاط مهمة يجب أن نحددها حتى نتفق على الحل:

الأولى: مسألة حل مشكلة كركوك.

الثانية: المستحقات المالية لأقليم كوردستان.

الثالثة: مسألة المناطق المتنازع عليها.

الرابعة: مسألة النفظ والغاز.

وبالنسبة الى هذه المشكلات الأربع فإنها لاتتعلق بالمواطنين ولا يستطيع المواطن حلها.

والذين يستطيعون حل هذه المشكلات هم السياسيون أنفسهم. إذا أرادوا يمكنهم حلها. لكن إذا لم يرغبوا في ذلك، فلدينا مثل في الجنوب يقول "يتونس بها ". ثم، كما نرى، ستبقى العلاقات متوترة، والمناطق المتنازع عليها وخاصة سنجار لن يتم تطبيعها، وستبقى كركوك دون محافظ، وكما نرى أجريت الانتخابات، ولكن ليس هناك نقطة مشتركة بين الكورد والعرب والتركمان، للأتفاق على اختيار محافظ لكركوك.

وعندما نجلس لحل هذه القضايا، وخاصة مسألة المستحقات المالية لإقليم كوردستان، نرى تكرار ما قلناه في عام 2005، ويقولون إن كوردستان أعطيت أكثر مما تستحق، لأننا لم نتوصل إلى حل هذه القضية في إطار الدستور. وكذلك قضية النفط والغاز، وفي هذه القضية جاءت المحكمة الاتحادية وحسمت المسألة كما هي ترى، ولكن جاءت الأطراف السياسية لحل هذه القضية بالاتفاقات السياسية، وهذه القضية لا يمكن حلها بالاتفاقات السياسية فلابد من حلها عبر الآلية القانونية، الاتفاقيات السياسية الخاضعة لمزاج السياسيين يتفقون عليها اليوم، وغداً سيأتي آخرون ويلغونها.

وحل القضايا يتطلب منطق السيد مسعود بارزاني ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني في حل مسألة إخلاء مقر في كركوك، فجاءت المحكمة على الخط ورأينا كيف حسمتها، إلا أن محمد شياع السوداني تقدم بإيجابية وأخلى المقر للحزب الديمقراطي الكوردستاني. وبعد ذلك أهدى السيد مسعود بارزاني هذا المقر لجامعة كركوك.

وهذا نموذج جميل، إذا تعاملنا مع المشكلات بهذا المنطق فلن يكون حلها صعباً، لكن إذا تصرفنا بغطرسة وقلنا هذا يضر بالكورد أو بالشيعة، أو عندما يكون لدينا نواب في الجنوب، فإنهم يقولون للناس إنهم إذا نفعل هذا الشىء، فهذا يعتبر تنازولاً  وخيانة.

ولذلك أود أن أؤكد من هنا مرة أخرى أنه ينبغي لنا أن نبني اواصر العلاقات ونحل المشاكل، أم نترك الأمر للعقول الصغيرة لتعميق الفجوات؟ أم أنه من واجبنا تقليص المشكلات وإيجاد الحلول لها أو تعقيدها؟ الجواب على هذا السؤال هو أنه يجب على القادة أن يتقدموا ويؤكدوا على الحل القانوني، إن مسألة إدارة الموارد مهمة جداً، ويجب أن يشعر كل مواطن كوردي وعربي أنه شريك في هذه الإيرادات، ويجب على القيادة السياسية العراقية أن تتحمل المسؤولية.

هناك الكثير من القواسم المشتركة بين العراقيين على المستوى الشعبي، أقوى مستثمر كوردي وهو أحمد إسماعيل موجود في بغداد ويستثمر في الكهرباء، ويستثمر المستثمرون الكورد في قطاع النفط في الجنوب، وبالمثل، هناك كورد في العديد من الأماكن، والمسؤولون العرب يحكمونها ويتم قبولهم. ولذلك، من المهم تهيئة الظروف لحل المشكلات، وما يوفر هذه الظروف هو تقديم حلول للمشكلات، وخلق رؤية مشتركة للمستقبل، وإذا لم نفكر في حل المشكلات، فسنعود بعد عقد آخر وسنكرر نفس القول.

Top