• Saturday, 27 July 2024
logo

ازدحام حزبي

ازدحام حزبي

فاضل ميراني
مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني

لا انعدام الحزبية و لا وجودها بقلة او بكثرة دليل قاطع على نجاح تجربة سياسية ما.
اباحة العمل الحزبي دون حاجة حقيقية لوجود الاحزاب لا يقل ضرره السريع و البعيد على المجتمع عن منع التعددية بقرار شمولي من سلطة تمسك برقاب القانون و الرعايا.
لست اشك ولا كثيرون مثلي لا يشكون بواقعِ و حقيقة ان عقولا كثيرة تحاول اختصار ما لا يصح اختصاره في مشوار الحياة الشخصية بإتخاذ الحزبية سلما للصعود بعكس القوانين التي تحكم صائب التصرفات.
ليس مخفيا حجم تأثير افعال و دعاية النظام السابق و مشابهون له من الانظمة على السلوك الادائي لفئات واسعة من المجتمع و منها قسم من العاملين في جبهة المعارضة وهذا واقع مؤلم و مؤذٍ لمن لا يقدرون او لا يريدون فهم معنى الحكم و امانته.
وان كنت اكرر لوم الناشئة الحزبية الجديدة التي تبث دعايتها التي لا تخرج عن استنساخ غير موفق لطموحات التسلط القديمة التي عانى منها العراقيون، فأن العتب و التحذير هما اولى ان يوجها لمن ورث القرار فأوصل للناس ان الدولة مباحة اصولها و اركانها و ما فيها و لها لمن لا يفرق بين طبيعة الحزبية الاصيلة و حدودها و بين رعاية و تنمية مصالح الافراد.
للناس عيون و اسماع و ماض لم يغب كثيرا وهم حتى مع يأس اغلبهم من التغيير الناجح، لم يكن يصح ان تجري السيطرة عليهم عبر وسائل رسخت في ذهن الجيل المعاصر من الشباب ان القوة ليست في المواطن بل في دفعه للتحزب او الانشقاق او الذهاب لتطوير فكرة ايجاد حركة لتكون جسما وواسطة للوصول للرغبات لا للحقوق.
الحزبية التي عملنا و نعمل فيها كانت ولادتها طبيعية في ظل انظمة لم تكن تصلح للحكم، ربما كانت تصلح لقيادة مجموعات محددة و لفترات معلومة و لغاياتها هي، ولذا فنحن فكرا و اداءا كنا نواجه ما عملنا على ايجاد و تصحيح اكثر السياسات التي في ذمة فاعليها خطايا و كبائرا و جرائما بحق العراقيين و غير العراقيين، ولذا فأن مجرد اجترار افكار العسكر و انصاف العسكر و انصاف السياسيين و ارباعهم ممن دحرج العراق الى جرف النار هي جريمة.
مقلق جدا هذا الاغراق في الاخطأ و الاغراق في معالجات غير مفلحة للاخطاء فقد استفحل الفقر و انحرف التفكير عن كثير من النشئ الجديد نحو طموحات سريعة خطرة جلبت اتساعا في الجريمة و الجهل و التخلف، سبقه و استمر للان انهيار في اقيام العملة و غض بصر و امتناع اليد عن كف ممارسات السوء وانعدام للمسؤولية الادبية و السياسية عن مرشحين و عاملين في مفاصل الدولة يستغلونها لما يجرمه القانون الجنائي.
المسائلة الشعبية و الدستورية و القضائية ان لم تسارع لتقييد هذه الظاهرة التي لا يصار للتصريح عن متبناها الفكري و تمويلها و صلاحية تلاعب قسم منها بمشاعر و عقول الناس و اقتصادهم، فأن جردات الحساب لن تطول و تتضخم فقط، بل سيصار لتصدير جيل قيادي مفرغ مستعد للتصادم مع البقية طالما ان هناك من اوصل له رسالة مسمومة صورت له السلطة وكأنها مِلك لا مسؤولية.

 

 

مقال منشور في صحيفة الزمان

Top