سرمد البياتي المختص والخبير الأمني والعسكري:بحسب الخارطة التي نشرها رئيس الوزراء الإسرائيلي، فإن العراق جزء من الهلال الشيعي
سرمد البياتي هو المختص والخبير الأمني والعسكري، وكان ضابطاً سابقاً في الجيش العراقي من الصنف المدرع، وشارك في عدة معارك لمكافحة الإرهاب، وهو مراقب سياسي يرى أن "الأمن والسياسة في العراق متشابكان"، لذلك يمكن قراءة الأحداث السياسية من المنظور الأمني والسياسي. كما يعد من الشخصيات البارزة وهو يظهر باستمرار وله كلمته على القنوات العراقية والعربية والكوردستانية في القضايا الساخنة الخاصة بالعراق والمنطقة والشرق الأوسط، وفي حوار هذه المرة" التأثيرات السياسية لسقوط نظام الأسد وعواقبه على اقليم كوردستان والعراق"،و وعرض وجهات نظره ومقترحاته من وجهة نظر أمنية وعسكرية حول السقوط السريع لنظام الأسد وتداعيات هذه التغيرات وتحليلها على النحو التالي:
جزيل الشكر لقسم الثقافة والإعلام في الحزب الديمقراطي الكوردستاني على هذه المبادرة المهمة لأقامة هذا الحوار حول هذه القضية المهمة عن تداعيات سقوط نظام الأسد وتبعاته على إقليم كوردستان والعراق والمنطقة برمتها.
أتحدث عن هذه الأحداث كخبير أمني وعسكري، لأنه أصبح من الواضح للجميع أن “السياسة الآن مرتبطة بالأمن بشكل كامل”، علاوة على ذلك، هناك في بعض الأحيان نظريات وحقائق أمنية تسيطر عليها السياسة فجأة، وهذا بالضبط ما يحدث في سوريا الآن، وها أنا أعود إلى تاريخ حديث للغاية ولعدة ايام ، وليس أكثر.
وهنا اتحدث بمهنية عسكرية بعيداً عن السياسة حول هذه القضية،عندما سيطر مقاتلو هيئة تحرير الشام على حلب، لم يكن من الممكن الوصول إلى حماة بسهولة لو كانت هناك مواجهة مسلحة حقيقية، إذ تبلغ المسافة بين حلب وحماة 145 كيلومتراً، أي ما يقارب المسافة بين بغداد والكوت، أو المسافة بين السليمانية واربيل شيء أكثر أو أقل، حسناً، دعونا ننظر إلى قوات الجيش السوري، دعونا نترك موقف روسيا، لأنني لا أعتمد على روسيا أبداً، وأنا أعلم كيف انسحب الروس منه في العديد من الحوادث الأخرى وفي المواقف الحساسة، لكن دعونا نعود إلى قوات الجيش السوري، فالجيش السوري لديه مئات من طائرات ميك 25 و29، ومئات من المدفعية بعيدة المدى، ومئات من الدبابات والمدرعات الروسية. والسؤال هو كيف يمكن لقوات تحرير الشام أن تصل إلى حماة من حلب في يومين، انّ تضاريس ساحة القتال سهلية ومسطحة ولا يوجد فيها مكان للاختباء، وكيف وصلت إلى حمص التي تبعد 45 كيلومتراً عن حماة؟ ولماذا لم يواجه الجيش السوري هذه القوة في هذه الجغرافيا الشاسعة، فهذا دليل على أن القضية هي قضية سياسية، مما يثبت أن "السياسة الآن مرتبطة بالأمن".
وفي ظل هذه الأوضاع أشعر بوجود بعض التهديد على كورد سوريا، تهديدي ينبع من أن هناك أكثر من 25 مجموعة ضمن هيئة تحرير الشام، وأخشى أن تكون هناك مواجهة بين قوات سوريا الديمقراطية وإحدى مجموعات هيئة تحرير الشام، مجموعات هيئة تحرير الشام كثيرة، منها مجموعة نور الدين زنكي، وجيش تحرير الشام، وفيلق الشام، والوحدة القوقازية، وغيرها من الأسماء، وهذه القوى جميعها لها علاقات جيدة جداً مع تركيا، وبالمقابل أن علاقات تركيا مع قوات سوريا الديمقراطية سيئة جداً.
وتتواجد قوات سوريا الديمقراطية في مناطق القامشلي والحسكة وقامشلو، وتوجد في هذه المنطقة عدة مجمعات وسجون. أولئك الذين داخل تلك الأماكن هم عناصر ارهابية، إذا كنت تتذكرون، عندما تم اقتحام سجن غويران من قبل السجناء، تمكنوا من مغادرته خلال خمسة أيام، إذا لم تكن القوات الأمريكية موجودة في هذه المناطق، فكانت تحدث كارثة، كما أن هناك خطراً آخر في مخيمي هول وروزة، حيث يوجد حوالي 50 ألف شخص في مخيم هول وحده، وكذلك مجمع مهاجرات والمجمع رقم 9، وهذه الأماكن تعتبر قلب إرهابيي داعش، وقد ناقشنا هذا الموضوع في عدة اجتماعات لمستشار الأمن الوطني العراقي وأبلغنا سفراء الدول بذلك عبر تقارير، لقد كانت هناك استجابة بسيطة بشأن هذه القضية، لكن لم تكن كافية، لذلك تركناها.
في هذه النقطة، خوفي هو أنه إذا غيرت تركيا سياستها وهاجمت قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة بالطبع من الولايات المتحدة، فهذه مشكلة في حد ذاتها، إذا حدث هذا، فإن الأشخاص المسجونین في هذه المجمعات والسجون اذا هربوا ثم حصلوا على السلاح وأعادوا تسليح أنفسهم، سوف يخلقون كارثة كبيرة.
التهديد الآخر يأتي من حقيقة أن إسرائيل دمرت 90 بالمئة من القدرات العسكرية السورية، ولو افترضنا أن تتقدم إسرائيل أكثر داخل الأراضي السورية والتي وصلت حتى الآن الى "جبل الشيخ"، إذا استغلت ضعف سوريا كفرصة للوصول إلى القنيطرة. وهذا يمكن أن يسبب مشكلات في المنطقة، وأنا أتحدث الآن، تلقيت آخر تقرير يفيد بأن إسرائيل تستعد لضرب إيران، وهذا يعني أن إسرائيل تريد تدمير الهلال الشيعي بشكل كامل. وإذا كانت العملية قد بدأت بغزة ثم أعقبها جنوب لبنان وسقوط نظام الأسد، اذاَ ما بقي في الهلال الشيعي غير «إيران والعراق». وبدون شك، فإنه بحسب الخارطة التي نشرها رئيس الوزراء الإسرائيلي، فإن العراق جزء من الهلال الشيعي، الذي يسمى بـ "الدول النقمة".
وفي هذا الوضع فإن العراق يحتاج إلى قرار سريع وصحيح ، وسأنقل آراء رئيس الوزراء العراقي الدكتور محمد شياع السوداني حول هذا الموضوع كما هي: أن "رئيس الوزراء العراقي ينتظر ليرى كيف ستتعامل دول المنطقة مع الحكومة السورية الجديدة.
اتخذت هيئة تحرير الشام حتى الآن خطوات صحيحة، يوم 15 كانون الأول 2024، دعا أحمد الشرع أو ماكان يسمى سابقاً أبو محمد الجولاني، وهو يحمل اسمين، دعا إلى جمع كافة الأسلحة في وزارة الدفاع، ولانسمح بوجود السلاح خارج الدولة.
انا من ناحيتي لا أصدق كلام الشرع لسبب بسيط جداً، مخازن أسلحة الجيش تحطمت، وسلاح المؤسسات الأمنية وقع في أيدي المواطنين، وحصل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و15 عاماً على الأسلحة في اللاذقية وغيرها من المناطق.
بلاشك فإن طبيعة هذه المناطق جبلية مثل طبيعة كوردستان، المسلحون لديهم القدرة على الاختباء، هذه منطقة غابات، لذا فهي منطقة خطيرة جدا لاختباء المسلحين، وكان قد تم الاسبوع الماضي زرع لغم في منطقة "تل زبرة" من قبل فلول نظام الأسد استهدف قسم الإدارة العسكرية التابعة لفيلق الشام، ما أدى إلى مقتل 15 مقاتلاً من فيلق الشام، إضافة إلى جرحى. لقد قمت بنفسي بزيارة هذه المنطقة، التي تبعد حوالي 140 كيلومتراً عن اللاذقية وبالقرب من منطقة جبلة، وهي اشارة رهيبة على عودة الفوضى والانفلات في سوريا.
الآن، بينما نجري هذا الحوار، دعا الأمريكيون جميع الأمريكيين إلى التهيؤ ومغادرة سوريا، وهي اشارة رهيبة أخرى على أن المنطقة مشتعلة ولا أحد يعرف إلى أين تتجه.
إن زيارة وزير الخارجية الأميركي بلينكن إلى العراق، فضلاً عن زيارتين قام بهما الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة محمد حسان إلى المرجع الشيعي في النجف خلال شهر واحد، كلها ترسل رسائل إلى العراق يجب على العراق أن يفهمها.
أفضل طريقة أمام العراق هي مراقبة الوضع عن كثب. نعم، يجب أن نساعد الشعب السوري، ونرسل له المواد الغذائية والوقود، لكن سياسياً يجب أن ننتظر حتى تظهر ملامح الحكومة الجديدة في دمشق، لنعلم كيف سنتعامل معها سياسياً وأمنياً.
هناك اتجاهان في العراق بشأن هذه القضية، اتجاه يقول لا ينبغي أن نتعامل مع هيئة تحرير الشام والجولاني لأنهما كانا إرهابيين من قبل، واتجاه آخر ينتظر ليرى إلى أين يتجه الوضع في سوريا، في رأيي الخيار الأفضل هو الانتظار لنرى إلى أين ستسير الأمور في سوريا، المهم أن حدودنا مسيطر عليها وآمنة بشكل جيد للغاية ولا يوجد خوف بشأنها، لذا من الأفضل أن ننتظر ونرى إلى أين يتجه الوضع في سوريا.