الأستاذ د. غالب الدعمي باحث في الشؤون السياسية ومكافحة الفساد لحلقة الحوار: لا يمكن الإسراع في تشريع قانون يجلب معه المزيد من المشكلات
الأستاذ د. غالب الدعمي رئيس قسم الاعلام في جامعة أهل البيت في كربلاء المقدسة وباحث في الشؤون السياسية ومكافحة الفساد، عضو نقابة الصحفيين العراقيين، ترأس تحرير العديد من الصحف، مثل صحيفتي (كربلاء اليوم) و(الطليعة الإسلامية). وعمل في مجال مكافحة الفساد في هيئة النزاهة العراقية كمدير عام ومستشار رئيس الهيئة، وكمحلل سياسي يظهر باستمرار عبر شاشات التلفزة العراقية ويطرح آراءه ورؤاه بشكل علمي بعيدا عن الانفعال المذهبي والقومي، وخلال مشاركته في جلسة (تعديل قانون الاحوار الشخصية العراقي ونتائجه)، استعرض آراءه وفق الآتي:
جزيل الشكر لدعوتنا للمشاركة في هذا الحوار حول هذا الموضوع المهم "تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي ونتائجه"، حيث ان هذا الموضوع هو محل الكثير من الجدل بين كافة المكونات العراقية.
قبل أن أتحدث عن هذا الموضوع أود الإشارة الى ان زيارتنا هذه الى أربيل، حقيقة رأينا مدينة جميلة وهادئة جدا، لم نرى الازدحام والاختناق المروري في شوارعها، مثلما نحن نعاني من ذلك في بغداد وباقي المحافظات، كلامنا هذا هو من باب الثناء واوجهه الى الذين استطاعوا ان يوصلوا أربيل الى كل هذا الجمال والهدوء.
ومن هنا عندما أود التحدث عن هذا المقترح الذي تم تقديمه لتعديل هذا القانون، أنا أوافق على بعض نقطاه ولدي ملاحظات حول البعض الآخر منها، لذلك سأحاول التطرق باختصار الى الأبعاد الداخلية والخارجية لتشريع هذا التعديل.
أنا أعرف جيدا، ان العراق لا يعيش بمعزل أو خارج البيئة الإقليمية والدولية، لذلك فان تمرير قانون في هذا الظرف، مع ان مؤيدو هذا التعديل يرونه من الضروري، وحجتهم في ذلك هو ان شرع الله يجب أن يطبق، بموازاة ذلك فانّا لم نستطع تطبيق شرع الله في جميع المجالات، لكي ينقصنا تطبيقه في هذا المجال. لذلك وفي ظل الظروف الإقليمية والدولية وبحسب مصدر موثوق، فان الحكومة العراقية لا تود أن يمرر هذا القانون في مجلس النواب، والعلة في ذلك هو ان العراق على المستوى الخارجي في حال تشريع التعديل، لن ينظر اليه على انه بلد يحترم حقوق المرأة والطفل، لذلك علينا أن نفهم جيدا بأن لا نضع العراق تحت طائلة ضغط الفاعل الخارجي.
وعلى المستوى الداخلي، فان العراق شئنا أم أبينا، يتألف من مكونات مختلفة وهو بلد المكونات المختلفة، منها "إقليم كوردستان، إقليم الغربية، الجنوب والوسط، بغداد"، وكذلك فان عددا من الاخوة النواب في كتلة برلمانية محددة، لا يمثلون العراق بأكمله، بل ان المرجعية الرشيدة والتي هي بمثابة "الأب الأكبر"، والتي تتمثل بسماحة المرجع آية الله السيد السيستاني، لم تعبر بشكل علني عن رأي واضح حول هذا الموضوع، بل عندما قدم النائب حسن الشمري قبل عدة أعوام خلت التعديل، تم رفضه.
مسألة أخرى أود الإشارة اليها، ان المقترح المقدم لتعديل القانون هو لتعديل مادتين من القانون فقط، ومن اجل ذلك من المنتظر أن يقدم الوقفان السنيّ والشيعي مدونتيهما حول التعديل، وستكون المدونتان مختلفتان عن بعض. ونظرا لكون المذاهب الإسلامية تختلف عن بعضها، لذلك فان الذي تتفق حولها ربما سيكون صحيحا وربما سيكون غير صحيح، وكل الذين يجتهدون هم أناس ربما يخطأون، فهذا ليس بنص سماوي هبط من السماء، لذلك من الأفضل الانتظار حاليا لكي نعلم كيف يتم تحرير المدونتان.
وحول النقاط التي اتفق معها ضمن التعديل، احداها "تربية الطفل بعد افتراق الأبوين"، حقيقة فيما يتعلق بهذا الموضوع وجدت ان المرأة فيما يتعلق بموضوع "رؤية ومبيت الطفل لدى الوالد" تظلم الأب وتحرمه من حق رؤية ومبيت الطفل لديه، لذلك يجب وضع حد لهذه الحالة، ففي كثير من الأحيان تقوم الأم بحرمان الأب من رؤية الطفل والمبيت لديه ولا يوجد نص قانوني يعالج هذه القضية.
اذا فكرنا بمسألة تطبيق الشريعة، فانه يجب ان يقوم الرجل بتسديد تكاليف تربية الطفل وخدمته للمرأة المطلقة، سبق وأن تطرقت ولمرّات عديدة حول هذا الموضوع مع د. رائد المالكي، ترى ما كمية المبلغ اللازمة لتربية الطفل والعناية به؟ هل تكون مليون أو 500 ألف دينار؟ والسؤال هنا، لو قمنا بتأجير خادمة بنغلادشية للعناية بالطفل واجرها الشهري هو 300 دولار امريكي، والسؤال هنا، ترى هل يتم التعامل مع الخادمة العراقية مثل الخادمة الاجنبية؟ أم يجب التعامل معها مثلما يتم التعامل مع فاطمة الزهراء "عليها السلام"؟
بحسب اعتقادي ان هذا القانون بحاجة الى المزيد من الوقت، يجب ان نصبر لبعض الوقت، يجب علينا عدم التسرع فقط من اجل كسر إرادة المقابل، أنا مع منح هذه القضية المزيد من الوقت وتأجيلها الى حين تداولها تحت قبة الدورة المقبلة من مجلس النواب، كي يتم اجراء المزيد من النقاش حولها، لا يمكن الإسراع في تشريع قانون يجلب معه المزيد من المشكلات.