• Thursday, 30 January 2025
logo

التوافق الكوردي ودوره في الحوار الوطني

التوافق الكوردي ودوره في الحوار الوطني

مصطفى عبدالوهاب العيسى

 

في الواقع أصبح الشأن السوري، ومن بعده الكوردي السوري بعد عام 2011 مادة دسمة للإعلام ، وأصبحنا اليوم أمام كم هائل جداً من المقالات والدراسات التي لا يمكن حصر آلاف الجرائد والمجلات والمواقع التي تنشرها ، وهذا بالطبع ناهيك عن الكتب ودور النشر التي وجدت ضالتها في التسويق بالاعتماد على هذه المواضيع ، ومع زيادة الاستخدام لوسائل التواصل الاجتماعي أصبحنا حقيقة في خوف من إضاعة الوقت بقراءة مقالات جذابة بالعنوان فقط لأن كُتَّابها ليسوا على اطلاع كاف يسمح لهم بالحديث عن الشأن الكوردي .

عند تتبع تاريخ الكورد الحديث في المنطقة ، والحركة السياسية على وجه الخصوص نجد أن الكورد في سوريا كانوا متأخرين عن أقرانهم في العراق أو إيران أو تركيا في معظم المجالات، ولا سيما المتعلقة بالسياسة، وما يرتبط بها من وعي سياسي أو قومي، وهو ما تعود أسبابه من وجهة نظري بشكل أساسي وبعيداً عن العوامل الموضوعية لخصوصية الوضع السوري من جهة، وطبيعة الكورد ووجودهم في سوريا من جهة أخرى (العوامل الجيوسياسية - العامل السكاني - التوزع الديموغرافي)، وكان لهذا التأخير نتائج سلبية على الكورد وثقافتهم بشكل عام، وثقافة وفلسفة أحزابهم السياسية بشكل خاص، ولكن رغم ذلك استطاع الكورد في سوريا بالإمكانات والظروف المتاحة الحفاظ على استقلاليتهم، وخلق مساحة خاصة بهم، والابتعاد عن أية تبعية أخرى.

في المقابل نجد أن كبرى الأحزاب السياسية في كوردستان العراق، ورغم الفارق الكبير بينها وبين الأحزاب الكوردية في سوريا من ناحية المكتسبات والمسؤوليات من جهة، ومن ناحية التطلعات والأهداف وجداول الأعمال من جهة أخرى، ورغم الضخ الإعلامي المكثف لإظهار بعض الخلافات فإنهم ولعقود طويلة استطاعوا توحيد مواقفهم، والمشاركة جنباً إلى جنب في جميع البرلمانات والحكومات المتعاقبة في اربيل أو بغداد، وهذا ما دعاني للإشارة إلى نقطة الوعي السياسي التي تمثل فرقاً جوهرياً بين الأحزاب الكوردية (العراقية والسورية).

بعد انطلاق الثورة السورية، كانت جميع الأحزاب الكوردية والمعروفة سابقاً بمعارضتها للنظام السابق قد انحازت لجانب الثورة والقوى السياسية المعارضة، وكان لإقليم كوردستان العراق دوراً إيجابياً في استقبال المدنيين الفارين من الحرب، ودوراً واضحاً في تقديم ما يمكن تقديمه من دعم لأحزاب الحركة الكوردية في سوريا دون التدخل بشؤونهم بشكل سافر أو فرض للأجندات عليهم، وقدم خلال هذه السنوات العديد من المبادرات الداعية للحوار وتوحيد الموقف الكوردي، وجميعها مع الأسف لم تثمر بالشكل المطلوب، وهكذا حتى فقد الكورد إلى حد ما إيمانهم بإمكانية توحيد موقف حركتهم يوماً ما.

قبل أيام ضجت وسائل الإعلام بلقاء الرئيس مسعود البارزاني بقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، وكان حقاً لآمال الكورد بتوحيد موقفهم السياسي أن تُبعث من جديد مع رفع المعنويات الذي تعطيه شخصية ومرجعية كوردية بحجم البارزاني.

كانت وحدة الموقف الكوردي ضرورة مُلحة في الأمس القريب، ولكنها اليوم وفي هذا الوقت الحساس أصبحت ضرورة بشكل لا يحتمل التأخير أبداً، ولا بد أن يتجاوز الطرفان الرئيسيان خلافاتهما، ويُسارعان بمرونة إلى حلحلة الأمور الشائكة بينهما، ووضع لبنة الأساس للحوار الكوردي - الكوردي الذي قد يُساعد في حال نجاحه دون إقصاء باقي الأطراف الكوردية من أحزاب وفعاليات ومستقلين بإعطاء الأمل في حوارات محلية فعالة وجدية مع باقي المكونات من عرب وسريان ووالخ، وقد يشكل في المستقبل القريب نواة ونموذجاً للحوار الوطني الشامل في دمشق، والذي ننشده جميعاً ونتأمل منه أن يُخرجنا من المأساة التي عشناها كسوريين لأكثر من أربعة عشر عاماً.

 

 

 

كوردستان24

Top