• Sunday, 06 October 2024
logo

انتصار الجبوري مستشارة رئيس مجلس النواب العراقي لحلقة الحوار: هدفنا هو رفع مستوى حقوق المرأة والاسرة في القانون، وليس أن يتم التعديل بالشكل الذي يعيدنا الى الوراء.

انتصار الجبوري مستشارة رئيس مجلس النواب العراقي لحلقة الحوار: هدفنا هو رفع مستوى حقوق المرأة والاسرة في القانون، وليس أن يتم التعديل بالشكل الذي يعيدنا الى الوراء.

انتصار الجبوري مستشارة رئيس مجلس النواب العراقي ونائبة سابقة في المجلس، وهي من المحاميات المخضرمات اللائي مارسن مهنة المحاماة خلال أكثر من عقدين في محاكم محافظة نينوى، ولديها المزيد من الخبرة في مجال المشكلات المتراكمة للنساء والاسرة والأطفال بعد فراق الأزواج. وخلال مشاركتها في جلسة "تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي ونتائجه"، تحدثت بدقة وتفصيل عن النتائج الإيجابية لمسودة مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي، وعبر عن آراءه ومقترحاته وطروحاته وفق الآتي:

جزيل الشكر لمنظمي هذا الحوار المهم، ادعم جميع الآراء التي طرحت في هذا الحوار بصراحة وبضمنها آراء د. هاشم الكندي الذي يدعم تعديل هذا القانون.

فيما يتعلق بهذا الموضوع انا أتحدث عن القانون وتطبيقه، لأنني مارست مهنة المحاماة لأكثر من 20 عاما، ومن ثم بعد عام 2010 دخلت عالم السياسة وأصبحت عضوة في مجلس النواب العراقي ومنذ ذلك الوقت حتى الآن، فاني اتابع القوانين ذات العلاقة بشؤون المرأة وترأست لجنة شؤون المرأة في مجلس النواب.

وهنا لو بدأنا بهذا السؤال "هل ان قانون الأحوال الشخصية العراقي المرقم 188 لسنة 1959 يعتبر منجزا للمرأة؟ هل هناك فراغ بين القانون وتطبيقه؟" ضمن اطار الإجابة على هذين السؤالين، فان قانون الأحوال الشخصية الحالي هو نافذ منذ 65 عاما، لم يطرأ عليه التعديل سوى بعض التعديلات الطفيفة، لذلك فان هدفنا الحالي هو ان نرفع من مستوى حقوق المرأة والاسرة في القانون، وليس أن يتم التعديل بالشكل الذي يعيدنا الى الوراء.

هذا القانون يضمن النفقة للمرأة من قبل الرجل، لكن هل باستطاعة المرأة ضمان هذا الحق بجلسة أو جلستين في المحاكم؟ أم انه أمر مستحيل وأن العملية تحتاج من الوقت في أروقة المحاكم قرابة عامين من المراجعات حتى يتم ضمان هذا الحق للمرأة؟ لذلك نحن لا نقول بأن القانون رقم 188 ليس نموذجيا، بل ان القانون بحاجة لقوّة كي يتم تطبيقه، وكذلك يحتاج لقوّة كي يتم ضمان هذه الحقوق الواردة في هذا القانون للمرأة، لكن أثناء تطبيق القانون الذي تستمرّ الاجراءات فيه لفترة طويلة جدا ما يدفع المرأة الى التنازل عن حقوقها، وذلك لكي تتخلص من بيئة العنف التي تعيش فيها.

هناك سؤال آخر، هل ان غايتنا هو جمع أفراد الاسر والمحافظة على الحياة الاسرية ام ان هدفنا هو تفريط عقد الاسر؟ وضمن معرض الإجابة على السؤال نقول، تقول بيانات مجلس القضاء الأعلى بأنه فقط في شهر تموز هناك أكثر من 6200 حالة طلاق، والقسم الأكبر من حالات الطلاق هذه كانت بسبب صغر العمر أي زواج القاصرات، أنا والسيدة ريزان شيخ دلير سألنا النائب حسن الشمري (وهو من المناصرين لتعديل القانون)، هل أنت مستعد لتزويج ابنتك في عمر 9 أعوام؟ أجاب وقال: كلا، لذلك قلت له "طيب من الذي يزوج ابنته في هذا العمر؟" لاشك ان الاسر المعدمة تفعل ذلك من باب العوز والحاجة، ويجب أن نراعي حقيقة ان 30% من المواطنين العراقيين هم تحت خط الفقر، وأسر هذه الطبقة الكبيرة من المواطنين مضطرّة لتزويج بناتهم وهن في عمر الطفولة من اجل التخلص من تكاليف معيشة وتربية بناتهم.

أيضا فيما يتعلق بهذا التعديل الذي يطالب بأن يتطابق عقد الزواج مع أحكام الشريعة، هذا يعني بأن عقود الزواج التي ابرمت خلال 65 عاما الماضية لم تكن شرعية ويجب تعديلها حاليا، حقيقة هذا ليس بأمر صحيح.

الزوج حاليا يتهرب من تحمل النفقة بعد فراقه من زوجته، اذا تم تمرير هذا التعديل، عندها يلجأ الرجل الى المذهب الذي يساعده على التهرب من جميع حقوق المرأة وسيكون غير مستعد لتسديد مهر المرأة المحدد بالذهب، وكذلك يتهرب من تأمين محل سكن لها لمدة 3 أعوام.

مسألة أخرى هي قضية التوازن والتكافؤ، ترى هل ان البنت القاصر بعمر دون الثامنة عشر حتى وان كان عمرها 17 عاما، هل باستطاعتها التفكير بمسألة كون الرجل الذي تتزوجه هو في حالة توازن وتكافؤ معها؟ وهذا شرط إسلامي للزواج. لذلك فان الزواج بعمر الثامنة عشر يتيح للبنت بأن تكون مؤهلة لمعرفة فيما اذا كان الذي تختاره يناسبها ويمكنها العيش معه وبعكسه فان باستطاعتها الاحتكام الى القانون من اجل فسخ عقد الزواج.

ان قانون الأحوال الشخصية الحالي رقم 188 لسنة 1959 ليس بمستوى طموح المرأة، نحن نأمل في حال تعديل هذا القانون أن يضمن حقوق المرأة بشكل فضل وأكثر ضمانا، نحن الآن نعيش في عام 2024 ولننظر الى البلدان العربية والإسلامية المجاورة لنا، وابسط الدول هما الأردن وتونس، ففي تونس في حال تم طلاق امرأة ما فانه علاوة على حصولها على حقوقها فان نصف ثروة الرجل تصبح لزوجته المطلقة، وهذه الثروة سواء أتم جمعها أثناء الحياة الزوجية أو قبل ذلك. السؤال هنا هو، طيب ما الفارق بين المرأة العراقية والمرأة التونسية؟ لماذا تكون المرأة العراقية محرومة من الحقوق بهذا الشكل، فيما التونسية تنعم بهذه الحقوق السخية؟

فيما يتعلق بالمادة 57 من قانون الأحوال الشخصية الذي يتحدث عن حضانة الطفل بعد الفراق، فانّا أكد فيما يتعلق بمسألة الاشراف على الطفل وتربيته بأن يكون بعد الطلاق مشتركا بين الأم والأب، نحن زرنا السيد فائق زيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى فيما يتعلق بهذه المسألة وقمنا بمعالجة هذه القضية عن طريق المحكمة الاتحادية، بأنه يحق للوالد رؤية طفله كل أسبوع وله الحق بأن يمكث معه، بل يحق للوالد أن يبت الطفل لدية ما بين 2- 3 أيام أسبوعيا، وهذا يعني بأن أيام العطل حيث يتم تعطيل دوام المدارس، يمكن للأب ان يبيّت الطفل لديه.

فيما يتعلق بمشكلة الميراث، ورد في سورة النساء من القرآن الكريم بشكل مفصل ومرتب مسألة توزيع الميراث وحدد حصة المرأة، لا تتحدث السورة عن منع إعطاء المرأة الأرض وتعويضها بما يعادلها من مبالغ نقدية يتم تخمينها، لا وجود لذلك في القرآن، نسأل، أي نص في القرآن والفقه الإسلامي قد حرم المرأة من هذا الحق؟

فيما يتعلق بهذا التعديل فان مناصري التعديل يتحدثون عن المادة 41 من الدستور، هذه المادة تعاني من الاشكال وقد جرت العديد من التظاهرات بحقها وتم المطالبة في بعض الأحيان بتجميد هذه المادة وعدم العمل بموجبها.

ختاما أقول، نحن نعيش الآن في عصر يستوجب جمع أفراد الاسر مع بعضها وأن نقوم بتقوية النظام الاسري في العراق، لا أن نعمل باتجاه تفريط عقد الاسر وتشتيتها، الآن يتجه المجتمع العراقي نحو الغرق في المخدرات، لماذا لا يتم التفكير في تشريع قانون لمكافحة المخدرات؟ لماذا لا نفكر في سن قانون يرفع من مستوى حياة ومعيشة المواطنين العراقيين ومستواهم الدراسي؟ احدى المشكلات التي تواجه المرأة العراقية هي اخراجهن من الدراسة وتزويجهن، وعند ذهابها الى بيت الزوجية يتعذر عليها مواصلة الدراسة وتبقى تعيش أمية محرومة من القراءة والكتابة.

هناك اتفاقية عالمية تعرف بـ"اتفاقية حماية الطفولة"، نحن في مجلس النواب العراقي بذلنا الكثير من الجهود من اجل تشريع قانون لحماية الطفولة، هذا القانون مع انه تم اجراء قراءتين له الا انه لم يتم التصويت عليه وتم تهميشه تاليا.

هنا من المهم العودة الى الدستور الذي يعتبر الاسرة البنيان الرئيس للمجتمع العراقي ومن واجب الدولة حمياتها، ومن واجب الدولة ان تحمي الطفولة، نحن الآن نمرّ بوقت دقيق وخطر، ليس من المعقول السير باتجاه قانون يفتت الاسرة العراقية، هذا التعديل المقترح لقانون الأحوال الشخصية لا يخدم لملمة الاسر وجمع افرادها، بل يهيأ الأرضية لتشتت وانحلال الاسر، لذلك نحن نرفضه ولا ندعمه.

 

 

 

Top