الدكتور هاشم الكندي رئيس مركز "النبأ" للدراسات (لحلقة الحوار): التعديل لا يفرض شيئاً على طرف، فالمسألة لا تتعلق بالمذهب
الدكتور هاشم الكندي هو رئيس مركز "النبأ" للدراسات الاستراتيجية ومن أحد الباحثين الذي له دائم في طرح ارائه ووجهات نظره في القضايا السياسية من على القنوات العراقية وفي قنوات اقليم كوردستان الأعلامية، ويدافع عن المواقف التي يؤمن بها”، فقد دعا بشكل واضح جداً إلى تعديل هذا القانون، وفي حوارنا هذه المرة" تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي و تبعاته" دافع بوضوح عن تعديل هذا القانون وأصر على وجوب الحرية لأتباع المذاهب في العراق ولتنظيم الأحوال الشخصية وتنظيم الأسرة في العراق، ومن ثم عرض وجهات نظره على النحو الآتي.
بداية أود أن أشكر المكتب السياسي وقسم الثقافة والإعلام في الحزب الديمقراطي الكوردستاني على دعوتنا إلى هذا الحوار، وبالنسبة لي، هذه هي المرة الأولى منذ عام 2007 التي أزور فيها أربيل لحضور مثل هذا الاجتماع المهم لمناقشة قضية حساسة تهمنا جميعاً. ما سمعته من السادة الحضور بشأن شكاواهم حول تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي، كنت أعلم أنني سأسمع هذه الانتقادات، بالنسبة لي، مع هؤلاء النخبة الكرام، يبدو الأمر وكأنني في حفل زفاف، ولكن الحفل يقام تحت مطر شديد. لن أناقش الجوانب القانونية لتعديل هذا القانون وصياغته، ولكن سأناقش تعديل القانون في اطار عام، لأننا لا نتحدث عن قانون جديد في هذا الحوار، بل ما جمعنا هو “تعديل” القانون. وفي هذا السياق، فإن غالبية المشاركين في هذه الندوة ضد هذا التعديل، بل وقالوا إن هذا التعديل هو “أسلمة الدولة العراقية”، كما اشاروا الى ان هذا القانون لايحتاج الى تعديل.
السادة الحضور.. من الطبيعي جداً تعديل القانون، وخاصة قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 والذي مضى على إقراره 65 عاماً، وتم اصدار هذا القانون في ضوء تغيير سياسي كبير في ظل تحول النظام الملكي إلى النظام الجمهوري، وحينها كان اليسار والشيوعيون محظوظين بتمرير القانون كما أرادوا، وفي تلك الفترة، عارضت العديد من المرجعيات هذا القانون ورفضته. ولم يكن السيد عبد المحسن الحكيم وحده مَنْ عارضه، بل رفضته مرجعيات أخرى.
ومن ناحية أخرى، ليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تعديل هذا القانون، فمع كل تغيير سياسي في العراق، تم تعديل بعض مواد قانون الأحوال الشخصية، على سبيل المثال، في عام 1963 وفي عهد عبد السلام عارف، في السبعينيات في عهد أحمد حسن بكر تم تعديل هذا القانون عدة مرات في الأعوام 1980، 1981، 1982، 1986 وما بعدها. فقد تم تعديل هذا القانون عدة مرات، لذلك استمر تعديل هذا القانون.
وهنا، تتضح حقيقة، اعذروني أن أكون صريحاً، فإن الذين ينتقدون التعديل المقترح لهذا القانون، إما يريدون عمداً التشهير بعملية التعديل وإثارة بعض القضايا غير الواقعية، أو يتبعون الموجة العامة ضد هذا التعديل.
على سبيل المثال، لا يذكر هذا التعديل زواج الأطفال والفتيات في سن التاسعة" زواج القاصرات"، نرفض زواج الأطفال على المستويات “الشرع والعرف والإنسانية”.
ويشير هذا التعديل إلى عقد زواج يأخذ في الاعتبار "سن الرشد، وسن التأهيل، والسن المناسب". ولأن عندما يكون عمر الطفلة دون 18 سنة فيجب أن يكون العقد بحضور وموافقة ولي الأمر، وهذا ليس فيه أمر غير شرعي، وفي العديد من الدول الأوروبية، مثل إسبانيا، يُسمح للفتيات البالغات من العمر 12 عاماً بالزواج.
وهنا من المهم ان نتوقف عند نقطة، من يؤيد هذا التعديل ومن يعارضه، كلاهما لهما "بنات، أمهات، أخوات، عائلات". حسناً، كيف يمكن أن يدعموا تعديلاً يضطهد المرأة؟
كما أن هناك انتقادات أخرى لم يتم تفصيلها للأسف، فالتعديل المقدم حالياً لا يفرض أي شيء على أحد، مما يعني أنك تريد الزواج بموجب أحكام التعديل أو تريد التعاقد على القانون القديم، انت حر، ليس هناك أي قيود على الحرية، ولكن استناداً إلى المادة 41 من الدستور، فإن المادة 41 تمنح العراقيين حرية اتباع المذهب الذي يريدونه، وهذا أمر طبيعي، من حقي أن اكون حراً أختار المذهب الذي أؤمن به واتّبعه.
مذهبي يقول أن الطلاق مرة واحدة، بمجرد طلاق زوجتك، انتهى ولايمكن العودة مرة اخرى، انا لااريد الألتزام بهذا المذهب، ولا أريد أن أطلق زوجتي غضباً أو عمداً، وتتكرر هذه المشكلة كل يوم، وبدلاً من ذلك أريد تقوية الرابطة الأسرية، إذا كانت هناك مشكلة في الأسرة، وعدم اللجوء إلى الانفصال والطلاق، على أقارب الرجل أو المرأة التدخل في المشكلة وحلها، دعونا لا نسمح بتدمير تلك العائلة، فهذا حق كل فرد وهو حقي ايضاً.
النقطة الأخرى التي تجمع كل الانتقادات الموجهة ضد هذا التعديل تكمن في سطر واحد فقط، في هذا الحوار أنتم كالحزب الديمقراطي الكوردستاني كنتم متسامحين للغاية في مجال السياسة مع آرائي السياسية، وفي هذا أتحدث بصراحة وكونوا متسامحين، وهذا السطر هو أن هؤلاء يعتقدون أن “هذا التعديل يعطي السلطة للدين ورجال الدين في التعامل مع أمور الأحوال الشخصية”، ان هذا السطر هو أساس كل الانتقادات وغيرها تنطلق من هذه النقطة.
وقيل إن هذا التعديل سيكون بمثابة خطوة نحو "أسلمة الدولة وتشييعها". وطبعاً هذا الرأي لا أساس له من الصحة، لأن التعديل لا يفرض شيئاً على طرف، فالمسألة لا تتعلق بالمذهب، بل بالحرمان من الحق في وهو حرية التعبير واحترام هذا الحق، وهذا التعديل يندرج في هذا الإطار، ففي عملية الزواج، الذين يعتبرون أنفسهم من أتباع الدين، والذين لا يتبعون الدين، حتى من لا يؤمن بالدين، يلجأون إلى العقود الاجتماعية وعقد الزواج، حتى إذا كان بروتوكولياً ولا يخرج عن العادات والتقاليد الاجتماعية، أو يلجأ أقارب الفتاة إلى المحكمة لضمان حقوق ابنتهم وتوقيع العقد هناك.
ومن ناحية أخرى فإن الأبواب ليست كلها مغلقة، فهناك حملة واسعة للتشهير بهذا التعديل، وهناك محاولة من رئيس الوزراء الدكتور محمد شياع السوداني كحكومة للاجتماع بمجلس شؤون المرأة ومناقشة عملية هذا التعديل، لذلك إذا كان هذا التعديل ينتهك حقوق المرأة والأسرة، فمن المؤكد أن الحكومة ستتدخل وتمنع تمريره.
وهناك نقطة أخرى برزت في الحملة ضد تعديل هذا القانون، وللأسف هي تدخلات الجهات الخارجية مع الرافضين لهذا التعديل، وفي رأيي أن هذه التدخلات تخلق لنا مشكلات كبيرة، ويدرك القانونيون الحقيقة العلمية وهي أن القانون المحلي يعتبر دائماً فوق القانون الدولي، ولذلك قرأنا مؤخراً تغريدات سفير أو سفيرة يرفضون ويعارضون هذا التعديل، في حين أنهم هم الذين يدافعون عن الدعارة والشذوذ الجنسي، وهذا الوضع يخلق لنا مشاكل جديدة، ان هذه المسألة تعتبره مراكز المرجعية حالة خطرة، وقد أخبرني أشخاص مقربون جدا من المرجعية، أن المرجعية تؤيد تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي.
ختاماً أتمنى ألا تكون وراء هذا الحوار الذي يجري في قاعة قسم الثقافة والإعلام في الحزب الديمقراطي الكوردستاني دوافع سياسية. هذا إذا قبلتم مني ذلك، أستطيع أن أقول بكل صراحة، أن هذه الحرب ليست حرب إقليم كوردستان ولا تشمل الإقليم، وحتى لو كان الأمر مهماً بالنسبة لكم، فإن إقليم كوردستان لديه عدة نواب في البرلمان العراقي، يمكنهم شرح جوهر جميع نقاط التعديل.