الشيخ حيدر اللامي قيادي في ائتلاف دولة القانون:: الآراء تلتقي في نقطة واحدة، وهي" أن بشار الأسد اتبع «حكم الصبيان والمراهقة»
يعتبر الشيخ حيدر اللامي أحد أبرز قادة ائتلاف دولة القانون برئاسة السيد نوري المالكي، وهو أحد أبرز وجوه الرئيسة والمهمة في ادراة الدولة وائتلاف الإطار التنسيقي الشيعي الذي شكّل حكومة الدكتور محمد شياع السوداني الحالية، اضافة الى ذلك وهو أيضاً أحد علماء الشيعة البارزين، يقوم بتدريس علوم الفقه و الشرعية لطلبة الحوزة العلمية، وكان يعيش في سوريا أثناء المعارضة، كما عمل كسياسي وعالم ديني، وفي هذال الحوار " التأثيرات السياسية لسقوط نظام الأسد وعواقبه على اقليم كوردستان والعراق"، أكد بصراحة واضحة على ضرورة الحفاظ على الاستقرار في العراق، وعدم توريطه في هذه الحرب، وقد أبدى آراءه ومقترحاته وتوصياته وفق الآتي:
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على فخر الكائنات محمد وعلى آل البيت والتابعين
أود أن أشكر قسم الثقافة والإعلام في الحزب الديمقراطي الكوردستاني على دعوتها هذه النخبة من السياسيين ذوي الآراء المختلفة لمناقشة هذه القضية المهمة "التأثيرات السياسية لسقوط نظام الأسد وعواقبه على اقليم كوردستان والعراق". وهذا التجمع في حد ذاته يعني أننا نناقش قضية حساسة ومهمة تسود حاليا العراق والمنطقة برمتها.
بداية أود أن أشكر أخي هيوا أحمد مصطفى عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني على الكلمات التي قدّمها لنا، واعتقد انّ سيادته اشار الى الطريق الصحيح الذي يدعونا للتعامل مع هذا الوضع الجديد.
لو أتخذ وقفة قصيرة بشأن اسلوب حكم بشار الأسد، وأؤكد على وجهة نظر الدول لطريقة الحكم في سوريا التي كان بشار يتبعها بعد حافظ الأسد في نهاية التسعينيات. فقد تلتقي الآراء في نقطة واحدة، وهي" أنه اتبع «حكم الصبيان والمراهقة»، وبدون شك يعلم الجميع هذه الحقيقة وهي أن أهم مبدأ للحكم الجاهلي هو ان يتحول الى الحكم البوليسي.
البيئة التي خلقها الحكم البوليسي في سوريا في عهد بشار، كانت أن لو أي مواطن سوري يتكلم أو يعبر عن رأيه بأي شكل من الأشكال، كانت توجه له اتهامات عديدة، وهناك سجون مختلفة داخل نظام بشار الأسد، مثل سجن "الأمن السياسي، والأمن الجنائي، وغيرها".
أنا شخصياً، الذي أتحدث إليكم في هذا الحوارنقاش، كنت مسجوناً في سبعة سجون الدولة السورية، جريمتي أنني أقمتُ دورة بعنوان "القادة العرب وفكرهم السياسي المرحلي". وكان مقرراً انْ القي (15) درساً فيها على الطلبة، لكن بعد القاء الدرس الأول، في اليوم نفسه بعد انتهاء الدرس، وجدت نفسي في أحد السجون السورية.
ويدرك الخبراء والمحللون السياسيون الحقيقة جيداً أنه بعد وفاة حافظ الأسد في النصف الثاني من التسعينيات، بدأت مرحلة مختلفة تماماًعن حكم حافظ الأسد، بحيث نتمكن ان نقول انّ حكم بشار كان مختلفاً جداً عن حكم ابيه، مع هذا الاختلاف ومن ثم تبعات التغيرات التي شهدتها المنطقة، خاصة منذ بدء الانتفاضات عام 2010، دار بشار الأسد ظهره لشعبه واعتمد على عدة أطراف خارجية، ما أدى إلى فقدان بشار السيطرة على سوريا، وسقوطها في أيدي القوات الأجنبية.
كان موقع سوريا الاستراتيجي والجغرافي في الشرق الأوسط أكثر أهمية من موقع جميع دول الخليج والعربية الأخرى، وكان لها موقع استراتيجي بيئة معقدة ومترابطة للغاية، ان ادارة مثل هذه الدولة بحاجة الى زعيم كاريزمي ومجموعة من كبار السياسيين لمساعدة رئيسهم وتقديمهم المشورة والاقتراحات الجيدة له، لكن بشار نفسه لم يكن يتمتع بكاريزما وطنية، ولم يكن هناك حوله هؤلاء الكبار الساسة، وأولئك الذين كانوا يعطون المشورة لبشار يقولون إننا يجب أن نحل المشاكل بالحرب، وكانت سوريا تتطلع إلى الدعم الأجنبي لخوض تلك الحروب.
بعد الهجمات على غزة ومن ثم على جنوب لبنان واستشهاد عدد من قادة حزب الله اللبناني، الأمر الذي أضعف بالفعل الخطوط الأمامية للمقاومة، هذا ما جعل النظام يخطو نحو السقوط، لذلك عندما يتعجب أحد بكيفية انهيار نظام بشار الأسد بين عشية وضحاها، فهذا يعني أنه يجهل ما يحدث في المنطقة بشكل عام وفي سوريا بشكل خاص.
ومن هنا إذا تحدثنا عن سوريا بعد سقوط نظام الأسد فكلنا نعلم أن سوريا بلد مهم ووطن كل الأمم والأديان والمكونات المختلفة وهي دولة متعددة الأديان والأعراق، لذلك، من المهم أن تظل سوريا دولة قومية لها وجودها الحقيقي.
انّ ما يحدث في روسيا الآن فظيع للغاية، أريد أن اتحدث في هذا الحوار ببساطة وصراحة للغاية، نحن نراقب وسائل الإعلام كل يوم، ونتحدث من قنوات مختلفة، ولكن يجب أن يكون الأمر كذلك اعتبر أن أي قناة تلفزيونية فضائية أو أي مؤسسة إعلامية تريد تغطية الأحداث كما تنوي أو تريد، تغيّر اتجاه الأحداث كما تنوي، وذلك لأن ما يجري على الأراضي السورية هو حرب "مخابراتية وأمنية" كبرى قبل أن تكون حرباً عسكرية بالتحديد. وإن خطط هذه الحرب "المخابراتية والأمنية" تتم في غرف ودهاليز مظلمة، بعيداً جداً عن سوريا، وأعتقد أن من يخططون لهذه الخطة هم قوى مختلفة.
لذلك عندما نتحدث عن الإسلاميين أو الجماعات التي تقدم نفسها على أنها إسلامية وتتواجد الآن في سوريا، أعتقد" أنهم ليس لديهم الانضباط للتعامل بشكل صحيح مع التغيرات في هذا البلد، وليست لديهم القدرة الكافية على إدارة البلاد”. ويؤكد ذلك وصول حماس إلى السلطة في فلسطين عام 2008، لكننا رأينا كيف فشلت حماس، وفي عام 2011 حيث وصل الإخوان المسلمون إلى السلطة في مصر، ورأينا انهم فشلوا ايضاً، ولذلك رأيي أن هذه القوى الإسلامية لن تتمكن من حكم وادارة الدولة في هذه المرحلة.
لذلك، وفي هذا السياق، ومع إعلان هيئة تحرير الشام عن تشكيل حكومة يشارك فيها الجميع وتكون حكومة الجميع، أعتقد أن فهم الإسلاميين لـ "المشاركة والشراكة" ليس بالأمر السهل، وبحاجة للمنطق والفكر، يجب أن نفهم كيف ينظر الإسلاميون إلى المشاركة والشراكة.
وهنا سأضرب مثالاً مهماً جداً، قبل عدة سنوات قامت عدة مجموعات إسلامية بقصف مدينة أربيل، وفي ذلك الوقت كان هناك أمر في وزارة البيشمركة بأنه في أي مكان يتم فيه الهجوم على إقليم كوردستان يتم له توجيه نيران الأسلحة، وصلت هذه القضية إلى الرئيس مسعود بارزاني حيث يطلب من البيشمركة الرد على مصدر الهجمات، لكن الرئيس بارزاني رفض ذلك، وأخبرنا أن المكان الذي تم قصف أربيل منه هو منطقة شيعية إذا والرد عليهم يعني أننا نقصف الشيعة الأبرياء، لذلك لن أسمح بقصف المناطق الشيعية.
لقد أبدى هذا القائد الكبير "الرئيس بارزاني" هذا الموقف لأنه يتمتع ببصيرة عميقة جدا،ً ويعرف ما يجري في الساحة السياسية الشيعية، وكيف هو فهم الإسلام السياسي وحتى قادته العسكريين، ولذلك فإن هذا التفاهم العميق غير موجود لدى القوى الإسلامية في هذه المرحلة الانتقالية في سوريا، لذا فإن المرحلة ستكون صعبة للغاية. وأعتقد أن الدول التي تدعم هذه الجماعات الإسلامية بهذا الشكل الكبير ستجد نفسها عالقة في غابة، كما أن السعودية عالقة في غابة في اليمن.
سوريا بلد يحكم بالنار والحديد منذ 60 عاما، وتسيطر أجهزة المخابرات على كل مرافق البلاد، وحزب البعث لديه خبرة ويعرف ما يحدث في سوريا، لذا مع انني لا أتمنى أن تواجه سوريا أي وضع معقد، لكني أرى أن المعادلة هي ان تواجه سوريا الفوضى والتفجيرات والحرب الأهلية في المستقبل.
وتشير النتائج إلى أن حزب البعث سيتحرك ويهاجم في المرحلة المقبلة، وكذلك سيكون للقادة العسكريين وجود الذين كانوا في جيش الأسد.
جانب آخر مهم لا يمكن تجاهله هو أنه سيكون هناك نفوذ دولي على الساحة السورية، وحاليا تتواجد القوات الأمريكية على الأراضي السورية، وهو ما يجب أن ينعكس هذا الوجود بشكل إيجابي ليس بطريقة سلبية كما رأينا في العراق، ولذلك فإن المرحلة المقبلة في سوريا ستكون خطيرة جداً على الجميع، لذا يجب التعامل معها بحساسية شديدة حتى تمر هذه المرحلة الانتقالية ويتم تمهيد الأرضية لإجراء الانتخابات في سوريا.
وأخيرا، أود التأكيد على أن السادة تحدثوا في هذا الحوار عن تهديدات حشد الشباب في المحافظات السنية في العراق، كما تحدثوا عن منطقة فيدرالية للعرب السنة، لذا اقول ان قوات الحشد المتواجدة في المحافظات السنية هي حشد سني وليس حشد شيعي، أما بالنسبة لأنشاء إقليم فيدرالي آخر في العراق فهو منصوص عليه في الدستور، ويمكن التصويت عليه لثلاث محافظات، لكن ليس باسم "إقليم عربي سني"، وأنا أرفض ذلك بشدة، والذين يتحدثون عن إقليم عربي سني، هناك بعض اصوات نشاز في واقع العرب السنة في العراق وليس لها أي تأثير، وأكرر انه لاوجود للعراق بدون العرب السنة والعرب السنة هم الركيزة الأساسية للدولة العراقية.