• Friday, 21 June 2024
logo

الباحث والمحلل السياسي العراقي عماد محسن المسافر: عندما يتم اهمال وتأجيل حل المشكلات ، فإنها تتأزم اكثر، وحينها يكون الحل صعباً

الباحث والمحلل السياسي العراقي عماد محسن المسافر: عندما يتم اهمال وتأجيل حل المشكلات ، فإنها تتأزم اكثر، وحينها يكون الحل صعباً

عماد محسن المسافر هو باحث و محلل سياسي عراقي معروف، وهو احد الأسماء اللامعة في الأعلام والقنوات العراقية والكوردستانية، له اسهامات في اللقاءات و الندوات، يعبّر بكل واقعية عن آرائه ازاء المشكلات السياسية العراقية، ويصر على اجراء الحوار بين جميع المكونات القومية والدينية والمذهبية، ويطرحون حلولهم ومقترحاتهم بكل تفاهم و سلام، وان يتطلعوا الى هدف واحد الا وهو مصير العراق، كان معنا في هذا الحوار عبر السكايب، حيث شدد بكل صراحة وعمق على التأريخ المشترك بين الكورد والعرب الشيعة، وقد طرح أراءه ومقترحاته على النحو الآتي:

قبل كل شىء اشكر قسم الثقافة والأعلام في المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني على هذا الحوار وهذه المسألة المهمة( اقليم كوردستان من منظور دولة العراق الفدرالية)، وعلى دعوتهم لي للمشاركة في هذا الحوار، كنت اتمنى الحضور شخصياً معكم، وليس عن طريق السكايب.

قبل ان اتحدث عن نظرة الحكومة الأتحادية لأقليم كوردستان، اريد ان اتحدث شيئاً عن تأريخ العلاقات بين المكونات العراقية، العلاقات بينها بصورة عامة، وبين الكورد والعرب الشيعة على وجه الخصوص.

عندما نتحدث عن العلاقات بين الكورد والعرب الشيعة علينا ان نشير الى بعض النقاط المشتركة التي تجمع الطرفين، النقطة الرئيسة هي المظلومية، حيث تعرض الكورد والعرب الشيعة الى الظلم و الأضطهاد منذ تأسيس الدولة العراقية، واغتصاب الحقوق والقمع.

النقطة المشتركة الأخرى هي العلاقات التي تكونت بين الطرفين بعد سقوط النظام السابق، وفي العملية السياسية بعد السقوط، حيث كان الكورد والشيعة مكونين اساسيين في تشكيل العراق الجديد، ان هذا التحالف بين الكورد والشيعة كان عاملاَ مؤثراً في كتابة دستور عام 2005، حيث صوت عليه عموم الشعب العراقي، والذي اصبح أساساً للعملية السياسية في العراق، ولكن رغم اهمية الدستور، يجب ان نعلم ان الدستور قد تمت كتابته من قبلنا، وليس نصاً مقدساً حتى لانستطيع تعديله أو اجراء تغييرات فيه، قد يتضمن الدستور أخطاء ويكون بحاجة الى تعديل بعض المواد والفقرات حتى تتناسب مع المرحلة و واقع المجتمع العراقي.

شهدت العلاقات الحالية بين اقليم كوردستان والحكومة الأتحادية العديد من المشكلات، وذلك بسبب ان كل تلك المسائل هي قانونية ومحل النقاش و الحوار، ولكن هناك حقيقة يجب ان تؤخذ في الأعتبار وهي ان كل المشكلات والأمور لايمكن حلها على المستوى العالم دون اجراء حوار مباشر عليها من قبل الجهات ذات العلاقة.

اعتقد ان اهم سبب النجاح و العمل المشترك لحل الخلافات، يكمن في اجراء الحوار المباشر، ولو لم يكن هذا الحوار المباشر موجوداً ما كنا نستطيع ايجاد الحلول لكل تلك المشكلات والخلافات.

صدرت مؤخراًعدة قرارات عن المحكمة الأتحادية، حيث قدم اخواننا الكورد الطعون فيها، قد تكون تلك الطعون من المنطلق الأجتماعي والأقتصادي والسياسي، ولكن بما اننا صوتنا على هذا الدستور، وانه النقطة الحاسمة بيننا، وان طرف من الكورد يعتقد ان تلك القرارات مجحفة بالنسبة للكورد، انا متأكد بأن المجتمع العربي العراقي و بالتحديد المشاركين في العملية السياسية لايسمحون لأنفسهم إلحاق ظلم أو تهميش لأبناء هذا الوطن ولعموم مكوناته.

بالسنبة الى المواقف التأريخية بين الكورد والعرب الشيعة، اريد ان اشير من بين تلك المواقف الى موقف المرجعية الشيعية، عندما افتى آية الله السيد محسن الحكيم بتحريم القتال ضد الكورد، هذه الفتوى كانت احدى المشكلات التي ظهرت بين الحكومة العراقية في حينها وبين الشيعة.

وهذا دليل على مسألة مهمة ويُظهر حسن النية، بأن للمجتمع وجهات نظر انسانية ازاء ابناء هذا المجتمع، لذلك في حال وجود أي مشكلة ضمن حدود الدولة أو في الصلاحيات الدستورية، فأن الطريق الأمثل والمناسب هو جلوسنا حول طاولة الحوار.

انا اتحدث اليوم هنا بكل صراحة، قد نسمع بعض التصريحات من الأقليم التي يمكن ان تؤزّم الأوضاع والمشهد السياسي اكثر، ولكن مقابل تلك التصريحات اللامسؤولة، هناك شخصيات كوردية رفيعة تحاول التفاهم وحل المشكلات بالطرق السلمية، اقولها بصراحة  ان المجتمع العربي في العراق تعول على هذه الجهود، ان رئيس اقليم كوردستان السيد نيجيرفان بارزاني هو الشخصية الرفيعة والمرموقة، حيث بدأ بالتحديد مؤخراً في عملية سياسية كبيرة مع مختلف الاطراف السياسية العراقية، ان مساعيه كلها تكمن في وجود دولة تحفظ فيها حقوق جميع المكونات، الزيارات المكوكية للسيد نيجيرفان بارزاني وخاصة اجرائه لقاءات مع كل القادة ورؤساء الكتل البرلمانية العراقية ، اضافة الى زياراته الى خارج العراق، تصب جميعها في مصلحة الدولة العراقية.

وبصفتي قريب من بعض الأطراف الشيعية، سمعت منهم بصورة مباشرة، ان السيد نيجيرفان بارزاني عندما زار بغداد مؤخراً واجتمع مع قادة الأطار التنسيقي الشيعي، شعر كلهم بأرتياح لتلك اللقاءات، لقد تعجبوا للعقلية السياسية لهذا القائد، حيث يحاول جمع كل ابناء العراق، ويسعى الى ايجاد حلول مناسبة لكل الخلافات، وفي سبيل ان لاتصل تلك الحلول الى طريق مسدود.

لذا انا مع الحوار المباشر، وذلك عندما يتم اهمال وتأجيل حل المشكلات الى اوقات لاحقة اخرى، فإنها تتفاقم وتتأزم اكثر، وحينها يكون الحل صعباً.

واليوم عندما نتحدث عن تلك المشكلات، علينا ان نضع في الأعتبار ان هناك جيل جديد ومن اعمار مختلفة برز في العملية السياسة، وهم في موقع القرار، هذا الجيل الجيد لايفكر كالجيل السابق، الذي عاشر فترة حكم الدكتاتور صدام حسين، حيث كانت لهم اهداف مشتركة، لذا من الصعب اقناع هذا الجيل الجديد في هذا المجتمع العربي، بأن البيشمركة قدم تضحيات جسام ابان الدكتاتورية البعثية، كما انه من الصعب اقناع الجيل الجديد في كوردستان بأن المقاومة الاسلامية ناضلت وقدمت تضحيات كبيرة في عهد النظام الصدامي المقبور، وبسبب النقاط المشتركة التي بيننا، ووجود هذا الجيل الجديد، فإن الذين يشكلون الصمام السياسي العراقي هم القادة الذين عاشوا في الأيام العصيبة للعهد الدكتاتوري الصدامي، علينا جميعا احياء تاريخ نضالنا المشترك، هذا التأريخ يساعدنا على تسهيل التطرق الى المشكلات الأخرى، حيث من جهة ان المجتمع الكوردستاني سوف يفهم بأن المقاومة الأسلامية ناضل و ضحى كثيراً، وان المجتمع العربي في العراق يفهم بأن البيشمركة ناضل وقدم التضحيات الجسام من جهة اخرى، ويسرنا اننا نرى ان هناك الآن بعض المواقف تثبت بقاء هذه النقاط  المشتركة لحد الآن، وخاصة مواقف مدن" بغداد، البصرة، النجف الاشرف، بابل.. الخ" لاحظنا كيف كان رد فعلهم وادانتهم عندما قامت القوات التركية بقصف القرى الحدودية في محافظة دهوك.

فمثلما توجد هناك اليوم خلافات داخل البيت السني و الشيعي، توجد ايضاً خلافات داخل البيت الكوردي وكذلك الصراعات بين الأحزاب والقادة السياسيين، وقد تطلق تصريحات مختلفة من خلال تلك الخلافات التي تؤثر على السلم المجتمعي العراقي بصورة عامة، وعلى سبيل المثال هناك بعض التصريحات الأعلامية تطلقْ التي قد لاتعبّر عن وجهات نظر طرف سياسي داخل اقليم كوردستان، ولا اقصد هنا على سبيل المثال الشخصيات المعروفة في الحزب الديمقراطي الكوردستاني ذوات مناصب رفيعة، قد يطلق أحد ما تصريحاً في قناة كوردية أو عراقية ولكنه لايملك مسؤولية، ولكن يؤخذ هذا التصريح من وجهة نظر المجتمع العربي الشيعي العراقي انه موقف رسمي للحزب الديمقراطي الكوردستاني، ولايمت اساساً بأية صلة بالموقف الرسمي لهذا الحزب، وان عكس هذا التوجه صحيح ايضاً، قد يطلق شخص شيعي تصريحاً يؤخذ ذلك من وجهة نظر المجتمع الكوردستاني انه موقف رسمي للأطار التنسيقي الشيعي، بينما ليس له علاقة بالأطار.

نحن جميعاً" كل المكونات العراقية" قدرنا هو في هذا الوطن، وان قدر هذا الوطن تعددية قومية ودينية، وبسبب وجود تلك التعددية، فإننا لو عملنا جيداً على تلك النقاط المشتركة التي تجمعنا، فإن هذه التعددية ستتحول الى مصدر قوة لنا ولنجاحنا.

وفي الختام، اود التأكيد على ان العملية السياسية العراقية تستند على دعائم عدة، احدى هذه الدعامات هي الدستور، والأخرى هي عموم الأطراف السياسية والمكونات العراقية، نحن بحاجة الى تفاهم اكثر داخل هذه العملية السياسية، ان وحدة العراق هي مسؤولية تقع على عاتقنا جميعاً، لا اعتقد ان للعرب الشيعة والسنة نية في حث الكورد على الأنفصال، ان قناعتهم تكمن في عراق موحد، لذا انهم يتطلعون الى اجراء الحوار، وهذا الحوار المفتوح مستمر الآن، سنصل عبره الى تفاهم جيد ومهم ، وعدا الحوار، ينبغي عدم التفكير في اي سبيل آخر.

 

 

 

 

 

 

 

 

Top