• Monday, 17 June 2024
logo

ثورة (گولان) تحدَ كبير لمؤامرة كبرى

ثورة (گولان) تحدَ كبير لمؤامرة كبرى

جواد ملكشاهی* 

تعرضت ثورة ايلول العظيمة التي اندلعت في اعام 1961 لإنتكاسة مؤقتة بفعل عوامل وظروف دولية واقليمية انتهت بتوقيع اتفاقية الجزائر الخيانية بين شاه ايران وصدام حسين بوساطة من الرئيس الجزائري آنذاك هواري بومدين عام 1975، يومها توهم موقعوا الإتفاقية والدول المعنية الأخرى بها في المنطقة، ان نيران الثورة الكوردية اُخمدت الى الأبد ولن يكون بمقدور الأمة الكوردية النهوض من جديد للمطالبة بحقوقها المشروعة، نظراً لحجم المؤامرة والنوايا الخبيثة للأنظمة الشوفينية الشمولية التي بنيت على جماجم الاحرار والمناضلين.

وكانت حكمة قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني وعلى رأسها البارزاني الخالد وقراءته الدقيقة لمجريات الأحداث السياسية الإقليمية و الدولية في تلك المرحلة، واستعداد رجال البيشمركة لديمومة الثورة فضلا على ثقة القيادة بقدرات شعب كوردستان واستعداده للتضحية، هي جملة من العوامل والمرتكزات التي ساعدت على التخطيط لأندلاع ثورة (كولان) المجيدة على امتداد ارض كوردستان، بعد مرور اشهر قلائل على انتكاسة ثورة ايلول.

بعد اتمام الأستعدادات، كلفت قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني كل من الشهيد ادريس بارزاني والرئيس مسعود بارزاني بوصفهما قياديين بارزين في الحزب بالتخطيط والعمل لأعلان الثورة، حيث تم استدعاء عدد كبير من الكوادر السياسية المتقدمة في الحزب والقادة الميدانيين العسكريين لأجتماعات مكثفة بغية مناقشة الأمور بشكل دقيق ودراسة الظروف والمستجدات الإقليمية والدولية بشكل مستفيض لوضع منهج جديد لثورة (كولان) المجيدة.

كان لتمهيد تلك الثورة المجيدة وقع كبير على معنويات ونفوس شعب كوردستان واحرار العراق والمنطقة ، لبدء مرحلة جديدة من الكفاح المسلح في جبال كوردستان واعادة تنظيم الخلايا الحزبية في جميع القرى والقصبات والمدن الكوردستانية و وضع منهج نضالي جديد يترافق مع الظروف القاهرة التي كانت تحيط بكوردستان جراء اتفاقية الجزائر.

وبالرغم التعاون الوثيق الأستخباري والمخابراتي بين نظامي الشاه والبعث في العراق لمراقبة الحدود المشتركة وغلقه بوجه اية تحرك سياسي وعسكري جديد للثورة الكوردية وفق بنود اتفاقية الجزائر، الا ان تلك المحاولات فشلت امام عزيمة وارادة فصائل قوات البيشمركة التي بدأت بالنزول للقرى الكوردستانية النائية والمناطق الجبلية الوعرة على شكل مفارز قتالية صغيرة، والتي قوبلت بالفرحة الغامرة للجماهير التي اعلنت استعدادها لتقديم الدعم والإسناد لقوات البيشمركة بما تمتلكه من امكانيات متواضعة للقيام بنشاطاتها السياسية والعسكرية.

وكان يوم السادس والعشرين من ايار من عام 1976 واعلان البيان الأول لأنطلاقة ثورة (كولان) المجيدة بمثابة بركاناً زلزل عرش البعث من جديد، لأنه لم يتوقع انطلاق ثورة جديدة بهذه السرعة، وسخرّ حينها جميع امكانياته العسكرية والمخابراتية لمواجهتها والقيام بسلسلة من الأجراءات لقطع الطريق على اتصال مفارز البيشمركة مع الجماهير، والبدء بترحيل اهالي مئات القرى الحدودية من اماكنهم واراضيهم واسكنتهم في مجمعات قسرية بعيدة عن الحدود تفتقر لأبسط مقومات الحياة، تلتها عمليات الأنفال السيئة الصيت التي راح ضحيتها اكثر من (180) الف مواطن مدني من النساء والاطفال والشيوخ الذين عثر على رفاة قسم منهم في المقابر الجماعية ابان سقوط النظام الدكتاتوري، فضلا على استخدام الأسلحة الكيماوية والبايولوجية في عدة مناطق من كوردستان اخرها كان قصف مدينة حلبجة الشهيدة بتلك الاسلحة الفتاكة في آذار من عام 1988 الذي راح ضحيته عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين.

ان ثورة كولان المجيدة برغم تداعياتها الخطيرة على ابناء شعب كوردستان ، الا انها كانت زاخرة بالمكاسب والانجازات الكبيرة واهمها، انتصار الانتفاضة الشعبية ضد النظام في اذار عام 1991 واعلان مناطق حظر الطيران بموجب قرار مجلس الأمن الدولي المرقم (688) الذي صدر في 5 نيسان من العام ذاته، ومن ثم اعلان الرئيس مسعود بارزاني عن اجراء انتخابات حرة لتشكيل برلمان وحكومة اقليم كوردستان واعلان العمل وفق النظام الفدرالي لأية علاقة مستقبلية مع بغداد و ما تلاها من مكاسب ومنجزات عظيمة جعلت من الإقليم واحة خضراء و مختلفة عن جميع المحافظات العراقية الأخرى من حيث الإعمار والتطور والازدهار الأقتصادي وتقديم الخدمات للمواطنين، فضلا على استقطاب كبريات الشركات العالمية للأستثمار في المجالات المختلفة.
ولم تتوقف منجزات ثورة (كولان) على المنجزات في الإقليم فحسب، حيث شاركت قوات البيشمركة في عمليات قوات التحالف الدولي لتحرير العراق، واسهام القيادة الكوردية بكتابة الدستور والمشاركة الفاعلة في العملية السياسية وبناء العراق الجديد.
ورغم الظروف الصعبة الإقتصادية التي يمر بها شعب اقليم كوردستان جراء قطع حصته من الموازنة العامة وقطع رواتب الموظفين من قبل الحكومة الإتحادية، الا ان الأقليم مايزال يشكل رقماً صعباً في التوازنات الإقليمية والدولية، وما وجود ممثليات الدول المختلفة في اربيل والزيارات التي يقوم بها قادة المنطقة والعالم لأربيل وتشاورها مع القيادة هناك الا دلالة واضحة على انه لايمكن تجاهل اقليم كوردستان في اية متغيرات جديدة المنطقة.

في الختام ننحني اجلالا لروح البارزاني الخالد والحي في القلوب ادريس بارزاني وجميع شهداء البيشمركة و عمليات الإبادة الجماعية الذين كان لهم الدور الكبير في انطلاقة وانتصار (كولان) العطاء والشموخ التي اعادة الروح لجسد الأمة وحققت انجازات ومكاسب كبيرة يمكن لشعب كوردستان والعراقيين جميعا التباهي بها.

 

 

 * رئيس تحرير صحيفة التآخي

Top