• Friday, 21 June 2024
logo

رائد فهمي سكرتير الحزب الشيوعي العراقي: هناك محاولة وعلى المستوى المركزي للحد من صلاحيات الإقليم

رائد فهمي سكرتير الحزب الشيوعي العراقي: هناك محاولة وعلى المستوى المركزي للحد من صلاحيات الإقليم

رائد جاهد فهمي صالح احد السياسيين العراقيين البارزين انتخب سكرتيراً للحزب الشيوعي العراقي عام 2016، خريج كلية الأقتصاد في لندن، وحاصل على شهادة الماجستير في الاقتصاد من جامعة لندن وشهادة الماجستير من جامعة سوربون في فرنسا، كان محاضراً في المؤسسات الأكاديمية الفرنسية بين اعوام 1990-2005 وممثلاً للحزب الشيوعي العراقي في فرنسا، وفي مجال الكتابة والصحافة، كان عضواً في هيئة تحرير مجلة "الثقافة الجديدة" التي كان يصدرها الحزب الشيوعي العراقي. ورئيس تحريرها خلال السنوات 2001-2004 وفي المجال الحكومي ومشاركته في العملية السياسية العراقية شغل منصب وزير العلوم والتكنولوجيا بين اعوام 2006-2010 تم تعيينه رئيساً للجنة تنفيذ المادة 140  خلال السنوات 2007- 2011وانتخب عضواً في البرلمان العراقي في انتخابات 2018، لكنه استقال بعد تظاهرات تشرين الأول تضامنا معها، وهو حتى الآن يحتل منصب سكرتير الحزب الشيوعي العراقي،  وفي حوارنا هذه المرة"إقليم كوردستان في منظور الحكومة الاتحادية العراقية"، عبر عن آرائه من  منظور وطني، في الوقت ذاته شدد على انّ حق تقرير المصير و تأسيس الدولة من حقوق شعب كوردستان، حيث طرح وجهات نظره و مقترحاته و توصياته كالآتي:

بداية أود أن أشكر قسم الثقافة والإعلام في المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني على هذه المسألة المهمة، حيث جمّع هنا نخبة من العراقيين من مختلف الديانات و القوميات و المذاهب، ان الموضوع الذي نناقشه اليوم مهم جداً ليس للآن فقط وانما لمستقبل العراق، وللسادة المشاركين في الحوار.

قبل أن أتناول الوضع الراهن في العراق وآراء الأطراف العراقية بشأن إقليم كوردستان، هناك عدة قضايا أساسية يجب أن نحددها، منها:

- جميع الأطراف السياسية العراقية في بغداد لاتتخذ  جميعاً نفس الموقف تجاه إقليم كوردستان، بل مواقفها مختلفة، لذا لايمكن عندما نتحدث عن وجهات نظر الاطراف السياسية العراقية وضعها في سلة واحدة.

-  هناك قضايا جوهرية في هيكل الدولة الاتحادية، ان النظام الفيدرالي في الدول متعددة القوميات يهدف إلى إيجاد حل سلمي للمشكلات بين الإقليم والدولة الفيدرالية من خلال الحوار وليس العنف.

- يوفر النظام الفيدرالي من الاساس ارضية لحل المشكلات ولذلك فمن الواضح أن إدارة المشكلات تختلف عن حلها. لذلك فإن النظام الفيدرالي هو وسيلة لإدارة الأزمات وطريقة لحلها.

وفي هذا الاطار، وباعتبار أن الخلافات الأزمات التي تنشأ بين إقليم كوردستان والحكومة التحادية بغداد  يجري التعامل معها سياسيا عبر الحوار والتفاوض من دون اللجوء الى العنف كما كان الحال قبل عام 2003 في العراق ، لذلك أقول في هذا الصدد، على الأقل يمكن القول أن الفيدرالية في العراق قد حققت نجاحا بقدر ما يتعاق الأمر بعدم تجدد العنف في العلاقة بين بغداد واربيل من التغيير في عام 2003 كانت ناجحة، وهو احد الجوانب الأيجابية التي تُسجل للنظام الفدرالي.

المشكلة الرئيسة للفيدرالية في العراق هي أن الكثير من الناس في بغداد يعتقدون أن الفيدرالية هي فقط "فيدرالية إدارية"، لكننا كحزب شيوعي عراقي، نعتبر انّ النظام الفيدرالي هو الأساس لحل المشكلة القومية في العراق. وهذا يعني أنه بالدرجة الأولى احد السبل لتحقيق الحقوق القومية للشعب الكوردي، ومن ثم لحل مشكلات قومية اخرى، من الواضح انّ المشكلات في المحافظات العراقية مثل البصرة والأنبار والنجف وغيرها، هي انها تتركز في مشاكل خدمية وإدارية، لذلك من المهم بالنسبة لهم أن ينظروا إلى النظام الفيدرالي من منظور البعد الجغرافي والأداري.

الجانب الآخر الذي من المهم الوقوف عليه هو أن الفيدرالية الحالية في العراق قائمة فعلاً، وهناك اقليم يسمى إقليم كوردستان، ربما كانت للعوامل الخارجية دور في اقامته ، لكن الدور الأساس يعود الى  حركة التحرر الكوردستاني قد قطعت شوطاً مهماً بدعم من القوى الديمقراطية العراقية  في نضال امتد لعقود من اجل ايجاد حل عادل لما سمي بالمشكلة الكوردية ، على سبيل المثال، اعترف الدستور العراقي لعام 1958 بالكورد، والذي ينص على أن العرب والكورد شركاء في العراق. وفي عام 1970 اعترفت الحكومة العراقية  ببيان 11 آذار، والذي افرغت الحكومة العراقية في عام 1974

 جوهر وفحوى هذا الحكم الذاتي الذي نص عليه، ولذلك يمكننا القول أن هذه المراحل هي ثمرة نضال حركة التحرر الكوردستاني والحركة الديمقراطية العراقية.

من جانب آخر، كانت هناك العديد من الفرص في إقليم كوردستان قبل عام 2003، و بعد عام 1991، الى جانب امام الأحزاب الكوردستانية، فقد اقترح الحزب الشيوعي العراقي آنذاك الفيدرالية، لذلك لم تكن مسألة الفيدرالية للعراق غير مألوفة و غريبة على الساحة السياسية العراقية. وبعد عام 2003 جرى اعتماد النظام الفيدرالي للعراق على أساس تقسيم السيادة الداخلية وتوحيد السيادة الخارجية، وهذا يعني انه تم تفسير حقيقي للحكم الذاتي، وهذا يعني وجود إدارة في كوردستان والمشاركة في بناء وادارة الدولة الفيدرالية. .

إن شراكة إقليم كوردستان مع الدولة الاتحادية العراقية، بحاجة إلى التوافق داخل الدولة الفيدرالية العراقية، وهي في هذا الجانب تدعو إلى الشراكة، فشراكة إقليم كوردستان داخل النظام الفيدرالي تتناسب مع مفهوم التوافق العراقي.

وهنا عندما نأتي الى المشكلات ونتحدث عنها، فإن الطبيعة السائدة للمشكلات في النظام الفيدرالي، عبارة عن تقسيم السلطات، أي صلاحيات الحكومة الاتحادية وصلاحيات حكومة إقليم كوردستان ، ولكن تظهر بإستمرار تجاذبات و خلافات بين الأقاليم و الحكومة الفدرالية حول تحديد تلك الصلاحيات، هذه المشكلة قائمة الآن بين حكومات الولايات وصلاحيات الحكومة الفيدرالية في الولايات المتحدة، لذلك من الطبيعي في هذا الأطار أن تصر حكومة إقليم كوردستان على صلاحياتها ومن جانبها تصر الحكومة الاتحادية على صلاحياتها، لكن النقطة المهمة هنا هي أن هذا الصراع يجب أن يكون في إطار احترام اسس ومبادئ الدولة الفيدرالية، وعندما نفعل ذلك فإن الصراعات والمشكلات لن تصل إلى طريق مسدود ويمكن حلها.

إن الخطوة الأولى لحل القضايا في الدولة الفيدرالية هو الحوار، فإذا لم يتمكن إقليم كوردستان وبغداد من حل هذه القضايا عن طريق الحوار، فإن هناك طرفاً ثالثاً يستطيع أن يحكم بينهما، على سبيل المثال المحكمة الاتحادية، ونرى ان هناك حوار ومباحثات بين اقليم كوردستان و الحكومة الأتحادية لحل المشكلات القائمة، وهذا يعتبر أمراً إيجابياً، اضافة الى ذلك هناك عدة مؤسسات مهمة كان من الممكن إنشاؤها وفقاً للدستور، مثل المجلس الاتحادي، الذي كان بإمكانه أن يلعب دوراً جيداً في حل المشكلات بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية.

ومن هنا  اتطرق الى عنوان هذا الحوار "إقليم كوردستان من منظور الدولة الاتحادية العراقية"، وعن هذه المسألة ، أعتقد أن الحكومة الاتحادية العراقية  منحت الى حد ما إقليم كوردستان حقوقه، على سبيل المثال، إذا نظرنا إلى المادة 117 من الدستور، التي تنص على: " يقر هذا الدستور عند نفاذه اقليم كردستان، وسلطاته القائمة اقليماً اتحادياً"، وتقول المادة 141 " يستمر العمل بالقوانين التي تم تشريعها في اقليم كردستان منذ عام 1992 وتعد القرارات المتخذة من حكومة اقليم كوردستان ـ بما فيها قرارات المحاكم والعقود نافذة المفعول ما لم يتم تعديلها أو الغاؤها حسب قوانين اقليم كوردستان من قبل الجهة المختصة فيها، وما لم تكن مخالفة لهذا الدستور". اذاً فإن الدستور منح إقليم كوردستان حقوقه المشروعة، ولكن كانت هناك بعض المؤسسات كان ينبغي إنشاؤها، لكننا لم نقم بإنشائها مثل" هيئة عامة لضمان حقوق الأقاليم" حيث تقول المادة 105 من الدستور: " تؤسس هيئة عامة لضمان حقوق الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم في المشاركة العادلة في إدارة مؤسسات الدولة الاتحادية المختلفة"، كما تقول المادة 106  " تؤسس بقانون هيئة عامة لمراقبة تخصيص الواردات الاتحادية وتتكون الهيئة من خبراء الحكومة الاتحادية والاقاليم والمحافظات وممثلين عنها" ، وقد تم بين أحكام هذه المادة الدستورية ضمان الشفافية والعدالة في تخصيص الإيرادات لحكومات الأقاليم والمحافظات، لكن اللافت للنظر هو انه لم تتم ممارسة أي ضغوط من إقليم كوردستان والمحافظات لإنشاء تلك المؤسسات في العراق.

الأشكالية الأخرى أريد أن اتوقف عليها هنا وهي فهم وقناعة القوى والأحزاب السياسية العراقية بالدولة الفيدرالية وفهم وقناعة الأحزاب الكوردستانية بإقليم ضمن الدولة الفيدرالية.

*  بالنسبة للنقطة الأولى: هل اننا متفقون على طبيعة الدولة العراقية كدولة فيدرالية؟ الجواب عن هذا السؤال هو أن البعض يعتقد أنه غير مقتنع ولاتوجد قناعة ما، والبعض الآخر يقول أنه هناك قناعة كاملة بالدولة الفيدرالية، كما ان  بعض الأطراف السياسية العراقية تقرأ على النغمة المركزية، وتقرأها كأن الفيدرالية فرضت عليهم في ظروف خاصة، شئنا أم أبينا، فإن مثل هذا الرأي موجود فعلاً.

* بالنسبة للنقطة الثانية، هناك الكثير من الناس في كوردستان يفكر بأنه من حق الشعب الكوردي أن تكون له دولة مستقلة أو على الأقل دولة كونفدرالية، وليس إقليماً ضمن الدولة الفيدرالية، واصبح هذا سبباَ في ان يكون له تاثير سلبي على تطبيق مبدأ الشراكة بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية. هناك محاولة وعلى المستوى المركزي للحد من صلاحيات الإقليم، فكما نرى الآن، بتأخر ارسال  الموازنة للضغط على الإقليم.

وعلى صعيد مؤسسات الدولة الأخرى، هناك مشكلات في تطبيق مبدأ الشراكة على كافة المستويات، على سبيل المثال، في شراكة الاقليم في الجيش، وبناء المؤسسات العسكرية، وحل قضايا النقاط الحدودية، ودعم البنوك، والخ.

يتضح لنا من هذا أن هناك فهمين مختلفين لتفسير المواد الدستورية من قبل إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية، لذلك عندما تنشأ مشكلة، يطلب من الأحزاب العودة إلى الدستور، ولكن المشكلة الرئيسة هنا هي منْ سيقوم بتفسير المواد الدستورية وكيف يتم ذلك، أو وجود جهد مشترك لحل المشكلات من خلال الدستور وتجاوزها، لدينا حالياً صياغة قانون النفط والغاز الاتحادي، وفي المقابل لدينا أيضاً المادة 112 من الدستور والتي تنص: " تقوم الحكومة الاتحادية بادارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الاقاليم والمحافظات" لاحظ تذكر المادة كلمة(مع)  ولكن عندما تأتي الى تفسير هذه المادة ومفهوم(معاً) لا يتم العمل بها، تنص الفقرة 2 من نفس المادة: " تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة معا برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز"، و لو جرى تطبيق هذه المادة ستكون مشكلاتنا الحالية على العقود النفطية قد حلتْ، فإن عقود الإقليم هي عقود مشتركة الآن، وعقود الوسط والجنوب تكون تكلفة الاستخراج فهي "خدمة".

وفيما يتعلق بالمشكلات بين إقليم كوردستان وبغداد، اعتقد أننا مازلنا قادرين على إيجاد حل حقيقي لتلك المشكلات، ويحاول كل من إقليم كوردستان وبغداد حالياً حل اشكاليات الموازنة، وأعتقد أن حل هذه المشكلة سينعكس على حل جميع القضايا الأخرى.

يجب أن نعلم جميعاً أن العراق كدولة لها مصالح، لذا يجب علينا جميعاً أن نحاول تعزيز العلاقة بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية، مما يعني أن قوة الإقليم ستكون عاملاً من عوامل قوة الحكومة الاتحادية. ويجب أن يتم ذلك من منظور مفاده أن فوائد العمل المشترك ضمن الإطار الفيدرالي سوف تنعكس أيضاً على الجانب السياسي. فإذا كان لدينا اقتصاد موحد كبير، لأمكن  خفض تكلفة الإنتاج، وتتحسن أسواقنا، لذا يجب علينا أن ندرس هذا الواقع جيداً ونتعلم منه حتى نصل إلى قناعة بأن الفيدرالية هي الآلية الأمثل لحل مشكلات العراق والأساس لضمان السلام الداخلي وضمان وحدة العراق". وتشكل نقطة نخطو من خلالها الى تطوير الجوانب الأقتصادية و الأجتماعية و الثقافية.

النقطة الأخيرة التي أود الوقوف عليها هي مسألة الدولة القومية" Nation State" التي اشار اليها السيد فرهاد الأتروشي، أعتقد أن الرغبة في الدولة القومية هي حق مشروع للشعب الكوردي، لكن ما لدينا الآن هو الفيدرالية، لذلك عليكم أنتم كجزء من هذه الفيدرالية، أن تعملوا على إنجاح هذه الفيدرالية وتكيّفوا وتكثيف مطالبكم في هذا الإطار. لقد استطاع النظام الفيدرالي حل مشكلة التعدد القومي في الكثير من الدول، وعلى سبيل المثال سويسرا حيث تتكون من اربع قوميات، وهناك عشرات القوميات في الفيدرالية الأمريكية. وفي هذه البلدان هناك انتماء مشترك لهوية الدولة الأتحادية، كالهوية السويسرية والهوية الأمريكية، وهو من العوامل المهمة في نجاح الأنظمة الفيدرالية فيها.

والجانب الآخر هو هوية العراق، سواء كانت هوية الدولة العراقية "عربية أو غير عربية"، فلنتفق على أن هوية العراق هي تعددية، وهذا يعني انها هوية مشتركة ونحترم تلك التعددية، وهو أمر مهم للغاية.

النقطة الأخرى هي مسألة المواطنة، هذه القضية مهمة جداً بالنسبة للعراقيين، فغياب هذه الهوية أو ضعفها يشكل خطراً على استقرار وتطور النظام الفدرالي وله آثار سلبية على جميع المكونات ، ما دمتم متفقين على أن العراق يجب أن يكون دولة فيدرالية وليس دولة مركزية بسيطة، لذا يمكن التعامل مع مفهوم المواطنة، "كمواطنة مركبة"، وهذا يعني أن مفهوم المواطنة كما تم تعريفها يجب أن تراعى فيها الطبيعة التعددية للمجتمع العراقي.

 

 

Top