• Thursday, 02 May 2024
logo

تراجيديا سورية بلون إفريقي.... شهادات مؤلمة لسوريين عالقين في السودان

تراجيديا سورية بلون إفريقي.... شهادات مؤلمة لسوريين عالقين في السودان

 د. سربست نبي

  تلاحق الأقدار السوداء  والمآسي السوريين أينما حلّوا. وكأن وجودهم في أيّ مكان في هذا العالم لا تجعلهم بمنأى عن الشرور والمآسي التي فرّوا منها. هكذا هو حال السوريين في جحيم الاحتراب الداخلي بين السودانيين أخيراً، إلا أن ما فاقم من محنتهم ومآسيهم هو وجود نظام مستهتر وعربيد يلاحقهم حتى في المنافي التي لجأوا إليها هرباً من بطشهم، وصار هذا النظام يتعاطى، من خلال جلاوزته المصنفين دبلوماسياً، تعاطي قطاع الطرق واللصوص معا مواطنيه. وبخلاف جميع الدول والنظم السياسية في هذا العالم، التي تفانت وسارعت إلى تقديم يد العون والمساعدة لمواطنيها بهدف انقاذهم من لهيب وشرور الصراع الدائر في هذا البلد الأفريقي، سارع دبلوماسيو النظام السوري إلى الإمعان في إذلال المواطنين السوريين هنا عبر استغلال محنتهم وابتزازهم على نحو فج وصارخ.

في مؤشر جديد على استهتار النظام السوري بحياة مواطنية ووضاعة ممثليه أخلاقياً وتجردهم من كلّ القيم الإنسانية والسياسية، تكشف شهادات واستغاثات المواطنين السوريين عن درجة الانحطاط والفجور التي بلغها هؤلاء في تعاطيهم مع مناشدات ونداءات السوريين هناك.

ووفق اتصالات مع عدد من المواطنين (مقيمين وطلاب جامعات) في السودان، أكدوا بأن:

السفارة وعدتهم بـ(إنشاء صفحة إلكترونية) لتسجيل أسماء السوريين المقيمين في السودان، وحتى هذا الوعد، الذي أشبه مايكون بالفانتزيا السوداء في هذا الوقت، إذا ما قورن بالدول التي أرسلت أساطيل جوية وبحرية لانقاذ مواطنيها، لم يتحقق منه شيء حتى هذه البرهة، رغم وجود هؤلاء المواطنين  تحت تهديد أزيز الرصاص وهدير الطائرات والمدافع.

وبحسب شهادة المواطنين، فإن القائمين في السفارة السورية (على رأسهم المدعو ميشيل) كدّسوا جوازات السفر عشوائياً فوق بعضها في البداية دون أي تنسيق أو تخطيط، مما تسبب بفقدان بعضها وزاد من معاناة أصحابها، كما أنهم رفضوا طلبات العودة ( للذين لم يحصلوا على تأجيل الخدمة العسكرية) وكذلك رفضوا طلبات حاملي الجوازات المنتهية صلاحيتها!! تخيلوا معي إن السوري المهددة حياته في هذه المأساة يحتاج إلى جواز سفر كامل الصلاحية للعودة إلى بلده وبيته.

ويقول هؤلاء إن أغلب العالقين في بورسودان ٨٠٪ بحسب تقديراتهم، وهي نقطة انطلاق رئيسية للفارين من جحيم الحرب، هم سوريون، فضلاً عن العالقين في الخرطوم وسط أوضاع مزرية (لا كهرباء ولا طعام ولا ماء... ولا حتى دورات مياه صالحة) في حين أن أغلب الدول أجلت معظم رعاياها تقريباً، والبقية مستمرة في الاجلاء دون توقف.

والمفارقة المأساوية تبدو أكثر إيلاماً حينما نعلم أن المملكة العربية السعودية طلبت من السفارة السورية في الخرطوم قائمة بأسماء السوريين الراغبين الخروج من السودان لكي تساعدهم في ذلك، إلا أن مماطلات السفارة السورية وتملّص طاقمها حتى الآن من الاستجابة للمبادرة السعودية فاقمت من تراجيديا السوريين.

وهكذا فقد أعلنت السلطات السعودية أنها ستسمح للسوريين المقيمين في السودان ممن لهم أقرباء من الدرجة الأولى في السعودية، بالتوجه إلى المملكة، ووافقت على استقبل عدد من ٢٠٠ إلى ٩٠٠ مواطن سوري بصورة أولية، رغم ذلك لم تقدم السفارة السورية على أية استجابة سوى أنها أرسلت ٥٠ اسماً فقط على مضض حتى الآن.

 أما بالنسبة للسوريين الذين وصلوا إلى مدينة جدة السعودية، ولم تكن لديهم إقامات سعودية أو فيزا أو جوازات سارية، فقد سمحت سلطات المملكة العربية السعودية لهمن بالدخول المؤقت لمدة شهر إلى أراضيها دون شروط إلى حين تسوية أوضاعهم. وبحسب مصادر مطلعة فقد طلبت السلطات السعودية من القائم بالأعمال السوري لديها المجيء إلى المطار للنظر في أوضاع أولئك السوريين، إلا أنه رفض المجيء قائلاً: (أعيدوهم إلى السودان)... !!! وتلك هي بانوراما جزئية للعربدة والاستهتار، الذي يمارسه نظام الاستبداد البعثي بحق مواطنية منذ أكثر من نصف قرن.

Top