• Saturday, 23 November 2024
logo

الدولة القائمة و مستقبلها

الدولة القائمة و مستقبلها

فاضل ميراني
مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني

يعرف القانونيون الدولة تعاريف محددة، وتعاريفهم تجيء من العقد (الدستور) او تصحيحا له، او يضعون اضافات على شكل مقترحات تواكب المستقبل و يستفيدون هم و كذلك الحاذقون في السياسة من تجارب اضطراب مفهوم الدولة بين المكتوب و بين الواقع.
عندما يضع المشرعون امالهم في تعريف للدولة في الدستور ثم لا ينجح في بلوغ مبتغاه المكتوب لما يصار لممارسة مهام القائمين على الدولة، ستجد من يتجه للكتابة نقدا و انتقادا ما يبرز معه الفهم المتخلف او المقصر عن الاعتراف بمستوى ثقافة فهم طبيعة الجماعة الحاكمة و المحكومة و الذهنية المستعدة للتنظير مع علمها او جهلها بصعوبة انتاج النموذج العملياتي لما تكون عليه الدولة بعد كل تراكم التاريخ الخاص بنشوء السلطة.
اللغة تفسر الثقافة، تفسر الفهم، و بما ان الثقافة في ابلغ تعاريفها هي: التصرفات و السلوك المتوارث. فأن الدولة لغة هي الانتقال و التداول ( للسلطة) بين مجموعات. ولربما يكون هذا التعريف الاقرب لحالات الدول ضمن الاسرة التي منها الدولة العراقية و التي تشبه ما قرأنا عنه في تاريخ الحكم من ما بعد عصر الراشدين و الى عصرنا هذا، حيث الصراع المستعر و الاباحة لكل شيء في دفع المعارض عن الوصول للحكم او في تنكيل الفائز بالخاسر.
قد لا يبدو صوابا القران بين نموذج غربي ناجح للدولة في ادارة مصالح مجتمعها و بين نموذج شرقي تنزف من رعاياه موجات هروب للبحث عن بيئة آمنة، فلا سلطة هناك الا لقانون واحد بلا اجتهادات. طبعا هذا لا يعني ان الامر( استغراقي) فلا كل واقع الشرق السياسي محبط، ولا كل الغرب مُنزّه، فثمة تجارب غربية للسلطة لا تفرق عن اسوأ تجارب قسم من الشرق السياسي.
الفيصل بينهما مع فارق الثقافة هو فهم اسئلة ثابتة وتقديم اجابتها: لم يُراد الوصول للسلطة، واين تتجه السلطة داخل جسم الدولة، و ماهي المفاصل التي تطيح بالدولة لصالح سلطة فئة على حساب فئات، وما واقعية و امكانية الكيان ليكون غير مجرح بتهم وادانات تجعله مارقا عن الاسرة الدولية.
مستقبل اي دولة- و دون تضمين الطموحات معجزات- يرسمه واقعها، فأن كانت دولة فيها السلطة مدركة لدورها فاهمة لخطواتها المترجمة عن معنى مكتوب و ناجح انها مؤوسسة تدير مؤوسسات غير مشغولة بمغامرات او اوهام من العقائد و التاريخ او على الادق تفصل بين معتقداتها الروحية و متطلبات الرعايا فتلك دول تتحرك للامان و الامام، و العكس بالعكس.

 

 

مقال نشر في صحيفة الزمان

Top