عدو الشعب
فاضل ميراني
مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني
العنوان هو نفسه عنوان اختاره" هنريك ابسن" لمسرحيته ذات الفكرة و الحكم الذكيين لما يكون عليه رأي الناس اذا تضادت مصالحهم الفئوية الخاطئة مع الصواب و المصالح الجمعية.
حركتنا التحررية الكردية و حزبنا الديمقراطي الكردستاني كانا (عدوا للشعب )بحسب رأي حكومات سابقة و قسم من لاعبين ظاهريين و بالخفاء ممن يتحكمون بشيء من صناعة القرار.
عندما طرحنا و نطرح التصويب و الاكثر تصحيحا لما يفترض ان تكون عليه اولويات العمل لتلافي بقاء و تكرار و اتساع اثر التركة الموروثة من ما قبل ٢٠٠٣ و يصطدم طرحنا بمصالح فئوية بل و فردية لمن وجد في مقدرات العراق فرصة للتسيد، صرنا اعداء للشعب، عبر حملات تحريض يجري الانفاق عليها اعلاميا و سياسيا بما يشوه الواقع و يزيف ما يندفع من الواقع للتاريخ.
من كان له ان اطلع او سيطلع على نَص "ابسن" و التقاطته الذكية للتصرفات التي تبدر من فئة بشرية تفضل ربحها على خسارة الاخرين و لو وصلت لخسارة الروح، سيقارن حتما بتجربته الفردية او نصيبه من تجربة جماعية للخسران سواء كانت دما او تغير مسار للأسواء او كلها او غيرها، سيجد ان من اثروا على رؤيته ليرى المصلحين اعداء هم الاعداء الحقيقيون، لبسوا اثوابا لا تعكس حقيقة انتمائهم و تكلموا بكلام للاستهلاك السوقي و نشروا ثقافة تعمية و تجهيل لا طائل منها الا الهاء المجموع عن الغش و التدليس اللذين عولا عليهما اطالة وقت لمراكمة اكبر كم من الفائدة دون وجه حق.
محصلة الصراع و قبله مسيرته و صيرورته هو ان الذي يدعو فعلا و عملا للانتباه للصواب في الحكم هو عدو للشعب، و ان الذي كان يفهم و يحذر من مشاريع خلط العقيدة بالمصالح المطلوب القيام بها بتجرد لا بأنحياز هو ايضا عدو للشعب، و ان الذي يطلب من المتصدين لقيادة دولة ان يفصلوا بين السلطات و الذهاب لنشوء مؤوسسة حكم لا مزاج حاكم هو عدو للشعب، بل ان الذي يريد للتعليم و الخدمات المجتمعية ان تكون اولوية قرار و عمل و انجاز لا انشاء مجاميع مرتبطة ماليا بالدولة وولاؤها لغير الدولة بل للدولة العميقة هو عدو للشعب، و الاكثر ايلاما ان تكرر اقسام من الجموع الشعبية دعاية الغامطين للحقوق و يرجموا كما رجمت الجموع منزل من همه حياة مجتمعه.
بعد قرابة العشرين سنة على تغيير النظام، من هو عدو الشعب بحق؟
اليس الذين ربطوه بمحاور اغدقت على الداخل البطالة و الجريمة و الادمان و حمل السلاح في ساحات حاصلها اليتم و الترمل و الفجيعة للخوض في ثارات ظاهرها التاريخ و باطنها حب السلطة؟
اليسوا هم الذين لا يربطهم بواقع من يدعون الحديث بأسمهم اي رابط، الذين لا تجري مسائلتهم لا عن مخالفة و لا جنحة و لا جريمة، لانهم فوق كل اعتبار، فيما كان سلفهم تاريخيا قدوة في العدالة و المساواة؟
اليس عدو الشعب الحقيقي هو هذا الفرد و هذه الجماعة التي تسرف هذرا و لا تفعل لاركان صون السيادة و حاضر الشعب فعلا منجزا لجبر الضرر؟
ان الفرق بين عدو الشعب في مسرحية أبسن و الحالة العراقية، هو ان حالتنا ليس سرا فيها الوباء الذي ينخر في المجتمع، بل ان المعلوم يصار لجعله مجهولا، فلا يجري التصريح بأسم القاتل او الخاطف او المختلس و الفاسد، في وقت لا دعاية تحريك العداوة ضد الاطراف الوطنية تنتهي و تصمت و لا ذهنية اغلب الجمهور مدربة على التصدي لمشروع التدمير الذاتي الذي اشتغل بعيد تغيير النظام و لم يزل ينخر.
مقال منشور في صحيفة الزمان