• Wednesday, 03 July 2024
logo

نحو إسلام كوردستاني لمرحلة ما بعد الإستفتاء

نحو إسلام كوردستاني لمرحلة ما بعد الإستفتاء
كنت أتوقع ردة الفعل هذه من بعض الدول تجاه إستفتاء كوردستان، ولكن لم أكن أتوقع أن يكون لبعض علماء المسلمين سنة وشيعة هذا الموقف المعادي لعملية ديمقراطية مدنية طبيعية، والحقيقية أن معظم هؤلاء العلماء وهذه المؤسسات الدينية تعبر عن سياسة الدولة، فهم ليسوا مستقلين، ولا هذه المؤسسات الدينية والفكرية مستقلة، وخير دليل على ذلك أن علماء المسلمين سنة وشيعة تفرقوا الى فرقتين بخصوص غزو الكويت سنة(1990) من قبل العراق، فرقة وصفت ما قام به صدام حسين بالجهاد في سبيل الله، وأخرى جرَّمت ما فعله صدام حسين، وهنا تتكشف الحقيقية أن فتاوى ومواقف أكثر هؤلاء العلماء وكذلك المؤسسات الدينية تابعة للدولة، وينطبق الأمر على موضوع إستفتاء كوردستان، فقد رأينا العجب العجاب، لأن الإستفتاء مجرد عملية ديمقراطية نظرية، وليس إعلان دولة، فلا يستحق هذا الموضوع هذه الضجة الإعلامية وهذه الضوضاء المقلقة وهذه المواقف المتزمتة وهذه الفتاوى المتطرفة، ولو ركزوا بهذا القدر على موضوع تحرير القدس لتحررت، أو على معاناة مسلمي بروما(الروهينجا) لانتهت معاناتهم، إذا كانت هذه مواقف هؤلاء وفتاويهم فكيف لو أعلنا دولة مستقلة، اعتقد لأفتوا بتكفيرنا وقتلنا وأن هؤلاء خوارج الأمة، وكلاب النار وأعوان أعداء الله، وعملاء اليهود والنصاري، وإسرائيل ثانية، وما شابه ذلك من المفردات الإرهابية، وقد سمعنا بعضا منها قبل الإستفتاء وبعده.
إن المشكلة الأساسية أن هؤلاء يصورون أنفسهم نواب الله والموقعين عنه، ولهذا نجدهم يقحمون الدين في كل صغيرة وكبيرة، الى درجة أنهم كرَّهوا هذا الدين الى الناس، مع أن الدين منهم براء براءة الذئب من دم يوسف، وإلا فإن الله تعالى ترك لنا مجالات الحياة فسيحة لنا، فليس شرطا أن يكون للدين رأي في جميع مفردات وتفاصيل مجالات الحياة، بل إن الله تعالى ترك لنا حرية الرأي والتفكير بواسطة هذا العقل الذي وهب لنا، فبناء الدولة يكون بالعقل وليس بالنقل أي نصوص الدين، لأن الحياة تتغير وتتطور وتتقدم، والوقائع والأحداث تتقلب وتتطور، وإنما وضع الله لنا قواعد عامة من خلال نصوص الدين لا يجوز مخالفتها، أما التفاصيل فتركها للعقول النيرة.
فالإستفتاء عملية ديمقراطية يردا بها معرفة رأي الشعب في قضية معينة، هل هناك نص قرآني وحديث نبوي يمنع ذلك، وعليه فقد أصبح الأمر مباحا، والذين أفتوا بحرمته ووصفوه بأواصف غير لائقة هم لا يمثلون الدين، بل يمثلون رأيهم الشخصي السياسي الذي يخدم سياسة دولته التي يدافع عنها وينتمي إليها، فلنبدأ أولا بموقف الأزهر الشريف، حيث كان موقفه واضحا في تأييد حق شعب كوردستان في تقرير مصيره، قبل أن تتخذ جمهورية مصر العربية موقفا معاديا لإستفتاء كوردستان، وعندما أعلنت مصر موقفها أصدر الأزهر هذا البيان المعادي لإستفتاء كوردستان، والمؤسف أنه كان بيانا متطرفا، ولم يتطرق الى حقوق الشعب الكوردستاني، وكان أعنف وأشد تطرفا من بيان جمهورية مصر العربية، كان هذا البيان متوقعا من الأزهر بعد موقف جمهورية مصر العربية، حدثني عن موقف واحد خالف الأزهر سياسة الدولة المصرية، وفي تصوري هذا الأمر طبيعي، ولكنه ليس طبيعيا عندما نقوم بفتح فروع لهذه المؤسسة وغيرها في كوردستان، لكي تبث السموم بين أبناء شعب كوردستان، هذه المؤسسات لا تعلم الدين، ولا تريد ذلك، بل تريد أن تحبب لنا مصر وشعبها وأهلها وثقافتها وحضارتها وتراثها على حساب شعب كوردستان، بدل أن يتخذ الأزهر موقفا أخلاقيا تجاه شعب كوردستان فإذا به يتخذ موقفا معاديا له، لكي يدافع عن دولة دينية أيدلوجية مثل العراق، والتي لا تسمح للأزهر ومشائخه وعلماءه بإلقاء كلمة أو فتح مدرسة أو فرع له في جنوب العراق، لذلك أطالب حكومة كوردستان بإغلاق هذا المعهد فورا، وليذهبوا الى جنوب العراق، حتى يروا كيف يطردون من هناك ويهانون.
ثم نأتي إلى موقف المفتى العام للسلطة مهدي الصميدعي، وهو سني المذهب، فقد كان موقفه عبارة عن ورقة كتبت له ليلا، وسلمت إليه صباحا، ثم قرأه أو نشره بثمن بخس دراهم معدودة، فموقفه لا يخرج عن موقف من يدفع له راتبه ويؤمن له حياته، وأنا متأكد أنه ليس مقتنعا بما قال، وهو يدرك جيدا أن هذه الفتاوى والمواقف لا قيمة لها، وهي أشبه بالإستهلاك المحلي، وإلا كيف يمكن لرجل قرأ القرآن والسنة النبوية والتاريخ والفقه أن يصدر مثل هذه الفتاوى القذرة الوقحة ضد شعب كوردستان، وهي أشبه بفتاوى الأنفال في عهد نظام البعث، ولأنه لا يمثل السنة فقد رد عليه مفتي الديار العراقية (مفتى المعارضة) الشيخ الدكتور رافع الرفاعي، وبين حق شعب كوردستان الطبيعي للإستقلال بسبب سياسات الحكومات المتعاقبة والطائفية، إذن هذه الفوضى في الفتاوى دليل على أن السياسة هي التي تتحكم في الفتاوى، فموقف سنة السلطة سلبـي، وموقف سنة المعارضة إيجابي، وكلا الموقفين يتحكم فيهما الموقف السياسي، فكثير من الفتاوى ليست عن قناعة ولا عن دراسة، قد يقول قائل إن هذه الفتاوى تتغير بتغير المكان والزمان، فلو كان الصميدعي في كورستان والرفاعي في بغداد لاختلفت فتاواهم، وأنا أتفق مع هذا الرأي، ولذلك أقف بشدة ضد تدخل المؤسسات الدينية وأربابها في القضايا السياسية، لأنها تفسد أكثر مما تصلح، لأنهم يفتون وفق المصالح الحزبية والسياسية، وليس وفق الفهم الدقيق للواقع ولنصوص الدين، ولهذا تتفق فتاوى المؤسسات الدينية وأربابها مع سياسة الدولة أو الحكومة التي يعيشون تحت ظلها، وهذا أمر مؤسف، ينبغي للمؤسسات الدينية وعلماء الدين أن يقولوا الحق وفق نصوص الدين وليس وفق رغبة لصوص الدين.
أما علماء الشيعة، فهم قسمان، قسم ينأون بأنفسهم عن السياسة، كالمرجعية الدينية في النجف وعلى رأسهم السيد علي السيستاني، وموقفه تجاه إستفتاء كوردستان جاء بعد أن وصل الأمر الى مرحلة خطيرة، وإلا فلا أتصور أن يكون له رأي في السياسية، وإنما أصدر ذلك الموقف حتى لا تقع الحرب بين البيشمركة وبين أمراء الحروب من بعض فصائل الحشد الشعبـي أو كما سماه رئيس مؤسسة المستقبل السيد انتفاض قنبر(بالحشد النفطي)، وقد كان موقف السيستاني أفضل بكثير من موقف الأزهر الشريف، لأن السيستاني تطرق الى المحافظة على حقوق الكورد، بينما الأزهر تجاهل ذلك، وأعطى تصورا خاطئا للعالم الإسلامي أن كوردستان هي سبب الأزمة، وبرأت حكومة بغداد من أي تهمة، وهذه فتوى ضمنية غير مباشرة تجيز محاربة شعب كوردستان، لأن الأزهر يخاف على الأمة الإسلامية أن تتفرق، أقول للأزهر: وهل هناك أمة إسلامية، لو كانت هناك أمة إسلامية لما وصل الحال بنا إلى هذا الحضيض، ولماذا فقط تتمزق الأمة الإسلامية المزعومة بإستفتاء كوردستان، ولماذا لم تتمزق الأمة بهذا العدد الغفير من الدول المسلمة والعربية، لماذا حلال لكم وحرام لنا، هل هذه هي الأخوة الإسلامية؟ وهل هذه هي الأمة الإسلامية؟ تتفقون جميعا على محاربة شعب مسلم لمجرد أن قال أريد دولة كما لكم دولكم الخاصة، أليس من حق هذا الشعب أن يكره هذا الدين الذي تمثلونه؟ أليس من حق هذا الشعب أن يحب جميع الأديان بإستثناء دينكم الذي جئتم به، لأنه مما لا شك فيه أن ما تقولونه ليس من دين الله في شيء، بل إنه دين صنعتموه لأنفسكم حتى تحققوا به مصالحكم القومية والوطنية، أليس من حقنا أن نصنع لأنفسنا دينا نحقق به مصالحنا القومية والوطنية، لكننا لن نفعل ولكن نقول بكل وضوح إن دين الله بريء مما تقولون، فكفى افتراء عليه، وكفى كذبا باسمه، قُتلنا باسم الدين، هُجرنا باسمه، ودُمرنا باسمه، والآن يحرمون حقنا الطبيعي والدستوري والقانوني باسمه، لكننا لن نلدغ من جحر مرتين، فلنا علماءنا يعرفون كيف يردون على فتاويكم المتطرفة ومواقفكم المتزمتة، فجميع ما ذكرتموه بخصوص الإستفتاء والإستقلال مرفوض، لأنه ليس دينا بل هو دين صنعتموه لأنفسكم لكي تحرموا ما أحل الله لنا، ولهذا قال الله تعالى{ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم}.
بينما موقف علماء السلطة في إيران، فقد كان موقفا متطرفا مذهبيا، وشوفينيا عنصريا، حيث وصف كاشاني خطيب جامع طهران الإستفتاء بالخيانة، حاولت أن أفهم هذا الوصف فلم أفهم، وكيف نصف حرمان السنة والكورد والعرب من ممارسة أبسط حقوقه؟ وكيف نصف إعدام الأبرياء ليل نهار في إيران لمجرد التعبير عن رأيهم، ثم يأتي الخامنئي ليقول إن كوردستان ستصبح إسرائيل ثانية، ثم ردد هذا الكلام بعده كالببغاء نوري المالكي، وهو يحذر من مخاطر هذه الدولة لأنها ستكون خطرا على إيران ويتضرر محور التشيع كله، ثم بدأت إيران حملة شوهاء ضد كوردستان، والحقيقة، أن علماء السلطة في إيران لا يخرجون عن سياسة الدولة قيد أنملة، لأنهم هم الذين يحكمون الدولة.
قل لي هل سمعنا مؤسسة دينية مسيحية أو يهودية أو بوذية أو كونفوشوسية أو سيخية أو هندوسية أو تاوية تحدثت عن إستفتاء كوردستان سلبا أو إيجابا مع كونهم ليسوا مسلمين، بينما فقط في العالم الإسلامي تصبح المؤسسات الدينية وسيلة لشرعنة القرارات السياسية حتى ولو كانت جائرة وظالمة وغير دستورية ولا قانونية، هذا ما يحدث بالضبط في العالم الإسلامي المتخلف، بينما نجد الشخصيات المسلمة المستقلة تؤيد حق شعب كوردستان في الإستقلال لأنهم يقولون بما يقوله الدين، وهم لا يريدون أن يكون عونا لقرارات جائرة بحق قضية مشروعة عادلة حقة، ومن هؤلاء الدكتور طارق السويدان وغيرهم خلق كثير.
والمؤسف أن تركيا وايران والعراق ثلاث دول مسلمة اتفقت على محاربة شعب مسلم، واتفقت على فرض الحصار الجوي والبري لمجرد أنه قال أريد حريتي، ثم تأتي هذه الدول الثلاث لتحرم الحصار على قطر وغزة والروهينجا، هذه هي تناقضات ونفاق العالم الإسلامي المتخلف، مشكلتنا أننا نعيش بين دول تدعي الإسلام، ولو كنا بين غير المسلمين لما عانينا مائة عام، ولما وصلنا الى هذه المرحلة، لكننا نعتقد أننا على حق، ولن يضيع حق وراء مطالب، ومن حق شعب كوردستان أن يصبح دولة كباقي شعوب المنطقة.
إن كوردستان لن تصبح عامل تخريب، بل ستكون عامل خير وسلام واستقرار، فمنذ 25 سنة ماذا وجدتم من كوردستان إلا الخير والتعاون والتنسيق في شتى المجالات، فهذه القراءة لمصير كوردستان قراءة مغلوطة، وإتهامها بإسرائيل دعاية مغرضة، ليست لدينا أي علاقة بإسرائيل، نحن شعب مسلم، وكوردستان مركز للتعايش السلمي بين الأديان والمذاهب والقوميات، نعم هناك جالية كوردية في إسرائيل وفي الشتات، تم تهجيرهم قسرا، وهم يساندون وطنهم كوردستان، كيهود العراق وهم يتمنون العودة الى بلادهم، فعندما يرفع شاب كوردي علما إسرائيليا لا يعني هذا موقفا رسميا لحكومة كوردستان، فهو يرفعه لأن لا يجد أحدا يسانده في قضيته ولو ساندت ايران وتركيا لرفع شبابنا أعلام تلك الدول، ثم لماذا يلوموننا لمجرد رفع علم رفعه بعض الشباب، ويسكتون عن السفارات الإسرائيلية الموجودة في كثير من البلدان المسلمة.
لقد كانت المؤسسات الدينية سابقا تساعد حكوماتها في اتخاذ القرارات الصائبة، واليوم على العكس تشرعن هذه المؤسسات كل خطوة تقدم عليها الحكومة جتى ولو كانت جائرة، كنت أتوقع من هذه المؤسسات الدينية وخاصة الأزهر أن تصدر فتوى جريئة تساند إستفتاء كوردستان لأنه حق طبيعي للشعوب، وخاصة أن كوردستان عانت منذ مائة عام، ولا تزال المعاناة مستمرة بسبب سياسات الحكومات الطائفية بعد 2003، وفي الوقت نفسه أصبحت كوردستان مأوى لجميع المشردين في المنطقة، وخاصة السنة، فالأزهر الشريف مؤسسة دينية سنية، كان عليها أن تشكر كوردستان على موقفها تجاه السنة المطاردين من قبل بعض المليشيات الشيعية الوقحة كما يسميها السيد مقتدى الصدر، بدل إصدار هذه الفتوى الظالمة المخالفة لشرع الله، وقد استفادت منها المليشيات المسلحة الوقحة في شرعنة قتل الناس، وكذلك في جواز قتل شعب كوردستان، وقد امتلأت بعض الحسينيات بالتحشيد الطائفي والشعارات الطائفية والأناشيد والقصائد الطائفية التي تحرض على كراهية كوردستان وهدر دم شعبها، ولو كان الأزهر حريصا على وحدة البلاد، لقال كلمة حق تجاه حقوق شعب كوردستان.
كلمة الختام: لست مؤمنا بأي مؤسسة دينية ولا فكرية في العالم الإسلامي، ولست مستعدا أن استشير واحدة منها في أي شيء يخص مصلحة بلادي، فأهل مكة أدرى بشعابها، لأنها مؤسسات دينية تخدم سياسات معينة لدول معينة، وأقف بشدة ضد فتح أي فروع لها في كوردستان، لأنها لن تعلم أبنائنا إلا المفاهيم التي تخدم مصالح دولها، كالأمة الإسلامية، والوحدة الإسلامية، والأخوة الإسلامية، والتعاون الإسلامي، وهي مفاهيم ما بعد استقلال دولها، فما قبل استقلال تلك الدول وخاصة الدول العربية كان الحديث عن ضرورة الإستقلال للشعوب العربية، والأمة العربية والوحدة العربية، وعندما يأتي الحديث عن كوردستان يصدعون رؤوسنا بالحديث عن هذه المفاهيم المخدرة، التي لا وجود لها في الواقع، وهي مفاهيم خطيرة في حقيقة الأمر تهدد الإنتماء للوطن عند مواطني كوردستان، فتلك المؤسسات الدينية في كوردستان تحاول إضعاف المفاهيم القومية والوطنية والتاريخية والثقافية والحضارية لشعب كوردستان، بحيث يتخرج الطالب وقلبه معلق بدول أخرى، ويتضعضع عنده الإنتماء الى وطنه الأم.
لقد كنت دائما ومنذ أكثر من عقدين أدعو إلى إسلام كوردي، وقد نشرت مقالا بهذا العنوان في مجلة كولان آنذاك، والآن أدعو إلى إسلام كوردستاني لأننا دخلنا مرحلة جديدة، وهي مرحلة ما بعد الإستفتاء، وذلك من أجل مواجهة الأفكار الدينية الخارجية والتي شبهتها بالمعلبات، لأنها جاهزة تأتينا من الخارج، والمشكلة أننا لا نعرف ما فيها، حتى إذا رأينا آثارها السلبية الخطيرة أعلنا عن موقفنا, لا يعني هذا منع الكتب والمجلات والصحف فأنا ضد هذه المحاولات غير الحضارية، لأنها تنافي الحرية الفكرية والدينية، ولكني ضد الاستسلام لمؤسسات دينية خارجية، علينا أن نؤسس لأنفسنا مؤسسات دينية وفكرية، وقد أسسنا منتدى الفكر الإسلامي في كوردستان على هذا الأساس حتى نكون مستقلين فكريا ودينيا، وحتى نؤسس لمرحلة الدولة التي لها مؤسساتها الدينية التي تساعدها في مواجهة التحديات والمخاطر والتهديدات، فكما أن تلك المؤسسات في خدمة دولها، فسنكون في خدمة وطننا وشعبنا، نبين لهم حقيقة الدين، ونبين لهم زيف تلك الفتاوى التي يطلقونها ضد كوردستان، وهذه المحاولة هي الإتجاه نحو إسلام كوردستاني، فكما أن هناك إسلاميا مصريا وخليجيا وأمريكيا ومالاويا وأفريقيا وأوربيا وتركيا وفارسيا ينبغي أن يكون لنا إسلام كوردستاني، ووقتئذ ننجو من تأثيرات تلك المؤسسات التي تخدم مصالحا دولها، ونقف بصرامة ضد جميع المؤسسات الدينية التي تعادي كوردستان، وخاصة أننا متجهون نحو الإستقلال وبناء دولة مدنية ديقمراطية، مع أن كوردستان تحتضن علماء أكفاء ومفكرين أذكياء وأساتذة خبراء في مجالات العلوم الإسلامية، ولدينا كليات ومعاهد ومدارس دينية متعددة، وكذلك لدينا وزارة الأوقاف ومؤسسة اتحاد علماء الدين ومنتدى الفكر الإسلامي ومؤسسات أخرى عدة، وقد أسهم علماء كوردستان قديما في إثراء الثقافة الإسلامية ومن هؤلاء الحافظ العراقي الشهرزوري وابن خلكان وابن الأثير وابن تيمية الحراني والرسعني وابن السعود العمادي وسيف الدين الآمدي وغيرهم، وفي العصر الحديث نجد إسهامات علماء كوردستان مثل الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي وعبد الكريم المدرس والدكتور مصطفى الزلمي والدكتور محمد شريف أحمد وغيرهم خلق كثير، فلدينا إمكانيات كبيرة وقدرات هائلة في مجالات العلوم الإسلامية فكرا وثقافة وفقها وفلسفة ومنطقا, فلسنا بحاجة إلى المؤسسات الدينية للدول الأخرى، نعم يمكننا العمل والتنسيق معا مع الاحتافظ بالإستقلالية التامة، من غير تبعية ولا تقليد ولا تهميش ولا تنقيص، وعندما تكون لنا مؤسساتنا فوقتذ يمكننا بكل جرأة أن نقف ضد كل من يفتي باسم الدين فيحرم ويحلل ويضلل ويخون ويشهر ضد كوردستان وأهلها.
Top