• Thursday, 16 May 2024
logo

ثوار تحت الطلب

ثوار تحت الطلب
سأتجنب الخوض في البحث عن مراحل وظروف تأسيس العمال الكوردستاني في كوردستان الشمالية وهروب السيد أوجلان من ساحتها قبل وقوع انقلاب الثاني عشر من ايلول عام 1980 ببضعة اشهر من ساحتها دون باقي رفاقه المؤسسين عن طريق احدى قرى ( كوباني ) ومكوثه فيها لعدة اشهر ومن ثم انتقاله الى دمشق وارتمائه في احضان اجهزة الأمن السورية التي قدمت له الدعم المادي واللوجستي وتأمين قواعد تدريب واعداد لمقاتليه وانصاره في منطقة البقاع اللبنانية الخاضعة وقتئذ لنفوذ النظام السوري مع رفع شعار تحرير أجزاء كوردستان الأربعة وتوحيدها واقامة جمهورية كوردستانية بنظام اشتراكي ماركسي ( ستاليني ) مع تحرير جميع الشعوب العربية والتركية والفارسية واقامة خندق كفاحي من كوبا الشيوعية الى كوريا ( كيم ايل شونغ ) وبينهما نظامي الاسد والقذافي وقدم لهم النظام السوري جميع التسهيلات والدعم المادي والمعنوي للعمل على الساحة السورية بين الجماهير الكوردية وتمكنوا بشعاراتهم القومية العالية السقف من دغدغة مشاعر وعواطف الشباب والشابات الكورديات فانخرط الكثير منهم في صفوف حزبهم وشاركتهم معظم العوائل الكوردية المسكن والمأوى ولقمة العيش وكان لقيادات جميع الأحزاب الكوردية وقواعدها وأنصارها دور الريادة في هذا المضمار بيد أنهم في فترة قياسية تنكروا لجميل تلك الاحزاب ومواقفها القومية بعد ان اشتد عودهم من خلال دعم الأجهزة الأمنية اللامحدود لنشاطهم وممارساتهم فباشروا بمحاربة معظم أحزاب الحركة الكورردية بالأغتيال حيناً والاعتداء والخطف احيانا وفتحوا قنوات تعاون مع مهربي الممنوعات وعملاء السلطة من خلال الشراكة مع رموز ورؤساء تلك الأجهزة الامنية وجمع العديد من المتعاونين معهم ثروات هائلة . وبتأثير تلك الشعارات الطنانة تمكنوا من زج الآلاف من الشباب والشابات كمقاتلين على الساحة الكوردستانية بات معظمهم في عداد الشهداء على يد القوات التركية والكثير منهم على ايدي قادتهم ( كما أوحى لي أحد المنشقين عنهم لاحقاً ) حينما كانوا يناقشون أو لنقل يتمردون على نهجهم وممارساتهم المنافية للأخلاق والقيم الانسانية مع الاشادة بأن معظم أولئك الشهداء من الشباب والشابات كانوا على مقاعد الكليات والمعاهد في الجامعات السورية .
لا ابوح سراً بأني كنت من المؤيدين بل والمتحمسين للاتفاقية أو البروتوكول الذي أبرمه الرئيس البارزاني معهم وتأمين عدة مقرات لمقاتليهم في كوردستان الجنوبية, كان يحدوني الامل بأن هذا القرار القومي الجريء سينقذ هؤلاء المقاتلين من أخطبوط ومافيات الأجهزة الأمنية السورية ويقربهم من ساحتهم النضالية في كوردستان الشمالية ولكنهم مارسوا عكس ما كنت اتمناه وباتوا يعتبرون انفسهم أصحاب الارض والمواقع ودخلوا في صراع مع جميع الفصائل الكوردستانية ويتدخلون في جميع القضايا العامة والخاصة المتعلقة بشؤون الشعب وبمعنى ادق انهم اصحاب الدار والديار وباقي الفصائل هم ضيوفا عليها .
ثم دارت الأيام واستجدت متغيرات وتحت تهديدات تركيا باجتياح سوريا أقدمت السلطات السورية وبطريقة مهينة بطرد أوجلان من سوريا ومن ثم اختطافه في مطار نيروبي بكينيا وجميعنا شاهد بالصوت والصورة انهياره وتخاذله في قاعة المحكمة واعتذاره من عوائل قتلى الجيش التركي وتخليه نهائيا عن تلك الشعارات القومية البراقة التي خدر بها الشباب المراهقين فلا ( دولة كوردية ولا فيدرالية ولا حتى حكم ذاتي ) بل اقامة جمهورية ديموقراطية في تركيا فقط وان لكل جزء كوردستاني خصوصياته .
مع بداية اندلاع شرارة الثورة السورية ضد نظام الاسد الأبن وانتشارها في جميع المدن والحواضر السورية ورفض أحزاب المجلس الوطني الكوردي تلبية دعوة الأسد للقاء به , سارعت الاجهزة الامنية بجمع ولملمة بقايا أنصار العمال الكوردستاني وتشكيل الحزب الحالي ( الاتحاد الديموقراطي ) الخالي بالشكل والمضمون والمنهاج من مفردة ( كوردي أو كوردستاني ) من خلال دراستي القانون ومارستي مهنة المحاماة لثلاثة عقود وقرأت العديد من مذكرات قادة العالم فلم أعثر في بطونها على المصطلحات التي يتداولونها ( الشعوب الديموقراطية ) أو ( الامة الديموقراطية ) والتي لا معنى ولا تفسير لها في العلوم السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالمطلق ومن الغرابة ان بعض المناضلين ان كان بحسن نية او لغايات معينة يعتبرون ما جرى ويجري على ساحة كوردستان الغربية ثورة قومية تحررية .
وقد قامت الاجهزة الامنية بتزويدهم بجميع الامكانات المادية من تأهيل وتدريب وسلمتهم معظم المقرات التابعة للنظام ومنحتهم سلطات مطلقة للعبث والتصرف بمصير الشعب الكوردي وهذا كما اعتقد كان بمثابة رد فعل من النظام على موقف المجلس الوطني غير المسؤول وهم بذلك يتحملون قسطاً من المسؤولية لما آلت اليها الأوضاع في كوردستان الغربية.
وبعد ان اثبتوا ونفذوا كل ما يطلب منهم من اعمال واجراءات ضد جميع القوى الكوردية والشخصيات الوطنية وقوى المجتمع المدني الكوردي وحاربوهم في ارزاقهم وتحركاتهم وباتوا ثواراً تحت الطلب يحاربون ويضطهدون جميع المعارضين من مختلف المكونات السورية واشتد عودهم بعد مغازلة بعض القوى الكوردية وتنازلهم عن العديد من المواقف في اكثر من محطة وكان قبول ممثلي المجلس الوطني بمبدأ المناصفة ربما هي القشة التي قصمت ظهر البعير متجاهلين أن هذا التنظيم واقصد ( الاتحاد الديموقراطي ) مثله كمثل الاحزاب الشمولية والانظمة الديكتاتورية التي تخلوا قواميسها النضالية من قيم التحالفات والجبهات النضالية واثبتوا ذلك بالاغتيالات والنفي والاختطاف على الساحة السورية والتركية وتبدو ملامح شرورهم وعدائهم للحركة التحررية في كوردستان الشرقية في الآونة الاخيرة ارضاءً لنظام الملالي . لن ادخل في سجال ونقاش عقيمين حول خلافهم مع قيادة الديموقراطي الكوردستاني ورئيسه البارزاني ولكن أقف عاجزاً عند عدم ادراكي حول عدائهم لعلم كوردستان وتدنيسه وحيال قوات البيشمركة الابطال الذين باتوا علماً ونبراساً في جميع انحاء العالم كقوة دفاع عن قيم الحضارة والمساواة والتسامح يشهد ببطولاتها الاعداء والاصدقاء على حد سواء , هو سؤال برسم الاجابة من جميع القوى الكوردستانية الداعمين والمطبلين لبطولاتهم دون استثناء لانها قضية قومية مقدسة لا تخص فريقا سياسيا دون آخر ويكفي هؤلاء الابطال فخراً أنهم هم وليس ثوار( ب ي د ) هم الذين حرروا مدينة كوباني من براثن وشرور داعش بعد أن لاذ معظم أولئك الثوار الفرار وتسولوا في مدينتي ( اورفة ) و ( ميرسين ) . منذ عام 1963 واستلام حزب البعث السلطة واستئثاره جميع مفاصل السلطات في سوريا تعرض الشعب الكوردي لجميع صنوف الاضطهاد ومن خلال مشاريع عنصرية كالحزام العربي على طول الحدود السورية التركية بطول 350 كم ابتداءً من المثلث الحدودي التركي العراقي السوري حتى منطقة ( سري كانيه ) رأس العين وقانون الاحصاء الجائر الذي جرد أكثر من ( 150 ) الف كوردي من الجنسية السورية فقد بات الكوردي بلا ارض وبلا هوية اضافة الى المخططات الممنهجة المستمرة بتعريب اسماء القرى والبلدات والمعالم الاثرية الكوردية وتغيير الاسماء الكوردية الى اسماء عربية بهدف التغيير الديموغرافي للمنطقة الكوردية ولقطع الروابط والعلاقات القومية بينها وبين ابناء كوردستان الشمالية والجنوبية وفق المخطط الذي رسمه السيء الصيت والسمعة محمد طلب هلال قائد فرع الامن السياسي في ستينيات القرن المنصرم ورغم كل تلك المظالم التي تعرض لها الشعب الكوردي فان الشعب الكوردي وطليعته المناضلة صمدوا وقاوموا تلك المظالم في السجون والمعتقلات بشجاعة قلت نظيرتها وقدموا اكثر من طاقاتهم وامكاناتهم المحدودة جميع اشكال الدعم والمساعدة المادية والمعنوية والبشرية لثورة ايلول وكولان وقدموا كذلك الآلاف من زهرة شبابهم كمقاتلين في صفوف العمالي الكوردستاني .
بيد ان ما يتعرض له الشعب الكوردي من ظلم واضطهاد واذلال على يد ميليشيات ( ب ي د ) فاق اكثر الف مرة مظالم البعث وزبانيته من اختطاف واعتقال للمناضلين ونفيهم الى خارج الحدود وتهجير الآلاف من الشباب والشابات المراهقين والمراهقات من خلال عملية التجنيد الاجباري وتقديمهم كقرابين مجانية في معارك تل حميس والشدادي وعين عيسى التي لا ناقة للكورد فيها ولا جمل وتضييق الخنادق على العوائل والرموز الوطنية التي قدمت في سبيل قضيته الغالي والنفيس مما ادى الى نزوح نسبة عالية بل عالية جداً الى خارج كوردستان والاستيطان في دول الجوار والساحة الاوربية وبيع ممتلكاتهم وعقاراتهم الى العرب الوافدين اليها وتشير الارقام الدقيقة بأن الكورد باتوا اقلية بحيث أن ما عجز عن تنفيذه وتطبيقه البعث رغم جبروته ومخططاته الاجرامية فقد نجح ( الثوار الأشاوس ) في تنفيذه بنجاح باهر.
وانني بهذه المناسبة وفي هذه المقالة المتواضعة أدق ناقوس الخطر وأناشد جميع القوى الكوردستانية دون استثناء بمنطق قومي مجرد من أية مصلحة شخصية واخص بهذه المناشدة الرئيس البارزاني بحطم مسؤوليته ( كقائد قومي ) الاسراع باتخاذ قرارات شجاعة وجريئة لافشال هذا المخطط الاجرامي الذي ينفذه ( الثوار ) ببنادقهم المأجورة لأكثر من جهة أسوة بالخطوة الشجاعة والجريئة التي اتخذها في تحرير كوباني , والا على كوردستان سوريا السلام أرضاً وشعباً والتي جرت بأيدينا وليس بأيدي أعدائنا وان التاريخ لن يرحم أحداً وخاصة أولئك الذين يساندون تلك الطغمة الحاكمة في كوردستان الغربية سواء كان بحسن نية أو لغايات ومآرب خاصة
واما صراعهم الحالي في مدينة الحسكة فانها تدخل في احدى خانتين
أ_ خانة بداية النهاية للعلاقة الاستراتيجية بينهم وبين النظام السوري بعد تنفيذهم بمنتهى الاخلاص للمهام التي انيطت بهم .
ب_ أو انهم تجاوزوا الخطوط والدوائر المرسومة والمجددة لهم مسبقاً وما قصف الطائرات للأحياء والحواجز في مدينة الحسكة وتسميتهم و وصفهم بالارهابيين واتهامهم بأنهم جزء من العمال الكوردستاني وذلك لأول مرة منذ اندلاع الثورة السورية . وكلا الاحتمالين احلاهما مر ونتيجة حتمية للتقارب االسوري التركي والمباحثات السرية التي جرت في الجزائر وتشبه الى حد بعيد اتفاقية الجزائر الخيانية التي ابرمت بين المقبورين شاه ايران وصدام حسين فهل ادرك ( الثوار ) ذلك أم انهم صم بكم لا يفقهون ؟ ومن حقنا هنا ان نرد قول الشاعر العربي :
ومن لم يصانع في امور كثيرة يفرس بأنياب ويوطأ لمنسم
المحامي مصطفى ابراهيم
سياسي كوردي سوري
Top