• Sunday, 24 November 2024
logo

قرارت حاسمة رد على مغالطات وفيق السامرائي

قرارت حاسمة رد على مغالطات وفيق السامرائي
نشر السيد وفيق السامرائي مقالا بعنوان(رئاسة الوزراء، قرارت حاسمة) في جريدة الشرق الأوسط العدد(13240) بتاريخ 26-2-2015، حيث ذكر في هذا المقال مسائل عديدة، جلها متعلة بالكرد وكردستان والقيادة الكردية، وعلى رأسها شخص السيد مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان، لا جرم أن المقال عبارة عن مغالطات وتخرصات واتهامات باطلة، حيث تحدث الكاتب عن المؤامرة التي تحاك ضد العراق، وقضية سقوط الموصل، فقد ذكر عدة عوامل لهذه الأزمة، منها قيادة بارزاني في كونها عملت منذ وجدت على فصل المنطقة الكردية عن العراق، تحول هذا العراب في الآونة الأخيرة إلى وحش الشاشات العربية يحلل ويفكك وينقد كيف يشاء، وكأنه الخبير الأوحد للمشهد العراقي، وأنه لا ند له ولا نظير في هذا المجال، مع أنه يعيش في أوربا بعيدا عن أهله ووطنه وشعبه، فلو كان صادقا لكان في العراق مشاركا معاناة أهله وشعبه، ومعلوم أنه يهدف بهذا الظهور الإعلامي الملفت إرضاء الساسة العراقيين لتبوأ منصب علي رفيع في الحكومة العراقية، لذا ملأ الدنيا بوطنياته وإخلاصه وموضوعيته، مع أن العراقيين يعرفون الكاذب من الصادق، فمثل هذه الأساليب عفى عليها الزمن وشرب، فحاول أيها المتملق إيجاد أساليب أخرى تقنع العراقيين بما ترومه من أهداف وغايات شخصية ومآرب سياسية جلية، نقول لهذا العراب إن كردستان منطقة تاريخية معروفة ألحقت بالعراق غصبا وقسرا وكرها، فلم يكن ذلك بمحض إرادتنا، لذا لم يكن هذا الاتحاد اختياريا، وعندما يكون ذلك كذلك، فإن مصير هذا الاتحاد سيكون الانهيار والانفكاك، والأمثلة كثيرة لا مجال لسردها، ثم تطرق الكاتب إلى جمهورية مهاباد، قل لي بربك ما علاقة تلك الجمهورية بالعراق، فهي كانت جمهورية كردية تأسست في إيران، لذا يبدو أن الكاتب يريد خلط الأوراق من أجل تأجيج الشارع العربي على القيادة الكردية، ثم ليكن معلوما لديك أن الأستعمار هو الذي جمع ثلاث ولايات(الموصل وبغداد والبصرة) في دولة سميت بالعراق، وجيء بملك من خارج العراق ليجمع شتات العراقيين، وخاصة بين أمتين مختلفتين(الكردية والعربية) لغة وثقافة وحضارة وسلوكا، وهذه صناعة غربية استعمارية كما يحلو لكم استعماله، فكيف ترضون بصناعة استعمارية كافرة، لذا لم يكن هذا الاتحاد بمحض إرادة العراقيين، ثم إن تقسيم كردستان في اتفاقية سايكس بيكو سنة 1916 كان عملا استعماريا لتقسيم المنطقة، وإعادة خريطتها، فلماذا تباركون هذه الصناعة الاستعمارية، بل ينبغي لكم أن تعيدوا الأمور إلى طبيعتها، وتحاربوا هذه التغييرات التي حصلت عبر التاريخ، فنحن عندما نقول من حق الأمة الكردية أن تكون مستقلة، وتكون لها دولة مستقلة، فنحن نريد محاربة هذا الظلم الذي وقع علينا من جراء هذا التقسيم الجائر من قبل الاستعمار، وأنتم أولى الناس بذلك، لأنكم ملأتم الدنيا بشعراتكم وهتافاتكم في معاداة الاستعمار ومقارعته، فلماذا لا تشاركونا في محاربة هذه السياسات الاستعمارية ومقارعتها، لكن يبدو أن ما كان في صالحهم لا ضير فيه، وما كان فيه ضررهم، فهو من عمل الشيطان والاستعمار، فالمعيار هو المصلحة القومية، وليس المصلحة الخلقية والعدل والمساواة. ثم ذكر الكاتب تمرد الكرد على عبد الكريم قاسم، نقول ليس من خلق الكرد الخيانة والغدر بحق الآخرين، ونحن نتباهى بتاريخنا المكتظ بالأمثلة الرائعة، ولكننا نتمرد على الظلم والغبن والخيانة والجور، قل لي بربك هل جاءت حكومة عراقية أنصفت القضية الكردية، ما من حكومة عراقية إلا جاءت هشة ضعيفة، ثم استقوت بالكرد، فلما استدت سواعدها بدأت حربها الضروس على الأمة الكردية، فالتمرد لا يأتي ولم يأت ولن يأت من قبل الكرد إلا بعد الظلم والجور والخيانة والمؤامرة والحرب والعداوة من الآخر. ومن غريب ما ألفيته في مقال هذا الكاتب المسكين حقده الدفين على شخص الرئيس البارزاني، فعندما ذكر شخص السيد جلال الطالباني أضاف صفة الرئيس لاسمه، بيد أنه لم يضف صفة الرئيس لاسم البارزاني، لذا كيف نثق بمقال من امتلأ قلبه بغضا وغيظا وحقدا وكراهية للرئيس البارزاني، ذلك الرئيس الذي لم يلق في حياته راحة، ولا في مسيرته السياسية يأسا من أجل عراق ديموقراطي ومدني وتعددي وفيدرالي، ومن أجل تحرير الكرد وازدهار كردستان. أثار الكاتب قضية استقلال كردستان، ليكن معلوما لديك، أن البارزاني لا يخفي هذا الأمر، فقد أعلنه على رؤوس الملأ، فليس الأمر سرا ولا جريمة ولا خيانة، فاستقلال كردستان حق الشعوب وفق جميع الأعراف الدولية والقوانين العالمية، بلْه شرع الله الذي أعطى هذا الحق للشعوب، ثم إن كردستان غدت إدارة مستقلة بعد سحب صدام حسين جميع مؤسسات الدولة من كردستان سنة (1991)، وقد جرت الانتخابات وتأسس البرلمان الكردستاني، وتشكلت حكومة كردستانية منتخبة، وقد كانت كردستان مأوى وملجأ للمعارضة العراقية، وكل من يعارض نظام صدام حسين على مختلف انتماءاتهم الدينية والعرقية، وفي سنة (2003) سقط النظام البعثي، وكان بإمكاننا أن نبقى مستقلين، لكن القيادة الكردية قررت العودة إلى بغداد، من أجل مساعدة العراقيين، ومن أجل بناء عراق ديمقراطي تعددي مدني، لأن المعارضة عندما كانوا خارج السلطة كانوا يحلمون بالعودة إلى بغداد، ولقد وعدونا ووعدوا العراقيين الكثير الكثير، ولكن مع الأسف الأسيف وبعد اثنتي عشرة سنة تحول العراق إلى خراب وفساد وتدهور في جميع الأصعدة، وبخصوص القضية الكردية حاربتها بضراوة، خذ مثلا مادة(140) الدستورية، حيث وضع الدستور العراقي الدائم سقفا زمنيا لتطبيقها سنة (2007) وها نحن في سنة(2015) والمادة جثة هامدة، بل إن اللجنة المشكلة لرئاسة مادة(140) عطلت المادة تعطيلا، وقد تباهوا بذلك على الشاشات المرئية، والمؤسف أن الاخوة لم يأخذوا دروسا من نظام صدام، بل تجاوز بعض الساسة سياسة صدام عنصرية وحقدا ومؤامرة وضعينة، حيث بدأوا بمحاربة الشعب الكردي وذلك عن طريق قطع الأرزاق والقوت، ومن ثم أمورا أخرى لا مجال لذكرها، لذلك أصبحنا على قناعة أن التغيير الذي حصل في العراق لم يكن إلا شكليا، ولم يكن إلا تغيير وجوه فقط، فقد تجاوزنا استبدادا سياسيا ودخلنا في استبداد ديني أيدولوجي، وهذا الأخير أخطر على مصير العراق، ونحن نلاحظ ذلك بصورة جلية، وعليه فإننا لسنا مستعدين أن نعيش في عراق استبدادي لا يؤمن بالديمقراطية والتعددية والفيدرالية وحقوق الإنسان والتعايش والسلم، ووفق هذه الشروط عدنا إلى بغداد، ولكن يبدو الأمر على عكس ذلك. تحدث الكاتب عن ولاية البارزاني، ليكن واضحا لك ولمن يقعقع حول ذلك، أن البارزاني يهمه تحرير قومه، والدفاع عن كردستان، فهو قد ضحى الكثير الكثير من قومه وأبناءه في سبيل قضية عادلة، ألا ترى أيها الكاتب أن البارزاني يقضي جل أوقاته في ساحات الوغى، وليس هذا فحسب بل إن أبناءه وهم فلذات كبده، ومنذ شهور يقضون أيامهم في ساحة المعركة ضد داعش، يكفيه فخرا أنه أسقط هيبة داعش، يكفيه فخرا أنه يقاتل كبقية البشمركة الأبطال، لذا فهو ليس بحاجة إلى ولاية أخرى، نحن بحاجة إلى ولايته، والشعب الكردي قد قرر ذلك، فالذين يريدون من البارزاني قيادة البلد للمرحلة المقبلة هم ليسوا من أبناء حزبه فقط، بل هو من أبناء الأحزاب الكردية الأخرى. تحدث الكاتب عن سقوط مدينة الموصل، ومن كان سببا في سقوطها، وفي تسبب هذه الأزمة، ولقد قرر مجلس النواب العراقي تشكيل لجنة تحقيقة لأسباب سقوط الموصل، ولقد قامت اللجنة بأعمالها، وحققت مع شخصيات عراقية عديدة، مدنية وعسكرية، ومنذ بداية عملها لم تشر اللجنة لا من قريب ولا من بعيد إلى أي دور سلبي للكرد، وهذه الاتهامات الباطلة للكرد جاءت من أطراف معادية، خرجت من المعادلة السياسة بصورة مخزية، وفي الأيام المقبلة سنرى من كان العقل المدبر لتسليم الموصل لداعش، كان ينبغي للكاتب أن يشكر البارزاني الذي حذر المالكي عندما كان رئيسا للوزراء من سقوط المدينة، ولكن يبدو أن الكاتب لا يريد إفساد علاقته ببغداد عله ينال رضاهم من أجل نيل منصب يثلج صدره. كلمة أخيرة، أقول بكل صراحة هذه هي الفرصة الأخيرة أمام بغداد، لقد عانينا الكثير من جراء هذه السياسات الجائرة بحق أمتنا، ولقد جربنا حكومات متعددة، لم تأت حكومة إلا وحاربت الكرد، ومع ذلك لم نصل إلى نقطة اليأس وفقدان الثقة، فعلى رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي أن يلتزم بوثيقة الاتفاق السياسى، وكذلك بالاتفاقية الأخيرة بين بغداد وأربيل، وإلا فإننا مقدمون على قرارات حاسمة، ستكون نهاية لوحدة العراق، تلك الوحدة الشكلية قالبا، والممزقة قلبا. ونقول للسيد وفيق السامرائي ما كان ينبغي لك أن تتحدث بهذه الصورة، فقد كنا نقدرك ونقدر كتاباتك، وكنت صديقا للشعب الكردي، وللقيادة الكردية، ولكن يبدو أن الرياح عصفت بك، وألقت بك في مهاوي الردى، وجعلتك في جانب الشوفينيين والمتعصبين والقومجيين، وهذه الأسطر التي تسطرها لا تنم عن قناعتك الشخصية، بل عن مصالحك الشخصية التي تحفظها، ومآربك السياسية التي تنوي تحقيقها، وهي في نهاية المطاف ستلج أبواب التاريخ على استحياء، بل ستدفن في طي التاريخ للعفاء.
Top