هل يمكن أن يكرروا الأنفال ؟
صبحي سالةيي
في كوردستان تتبادر إلى الأذهان جملة أسئلة تتعلق بنوايا وأجندات من نسميهم (إخوان أو شركاء) في بغداد، وأسباب تعرض منظومة القيم عتدهم للإندثار والتآكل المستمرين، ونقص الوعي الوطني والإحساس والشعور بالمسؤولية وتفشي الإختلالات النفسية التي تنذر بحالات خروج السلوكيات عن السيطرة.
للأسف، الكثير منهم، في مفاصل سياسية وإدارية وإقتصادية وأمنية وعسكرية وثقافية وإعلامية، مازال في صدورهم الكثير من المكبوت الرهيب تجاه الكورد، وفي عقولهم وأفكارهم ووعيهم واخلاقهم ثغرات تدفعهم نحو التفكير كما فكر الذين لم يتركوا للكورد جنباً دون جراح ولا خاصرة دون طعون، ويحاولون عبر ممارسات التضليل والمراوغة وعمليات سلوكية غريبة عن القيم والأعراف المجتمعية إتهام الكورد بشتى التهم والطعن بتطلعاتهم المشروعة وحقوقهم الدستورية تارة، والإستعلاء عليهم ومحاصرتهم وتجويعهم تارة أخرى، ومحاولة عرقلة مشاريعهم السياسية والوطنية والقومية، بشكل دائم. والبعض منهم وصل بهم الوقاحة وقلة الضمير الى تمجيد البعث وموبقاته وما إقترفه من جرائم تندى لها جبين الإنسانية تجاه الكورد، ويحملون شعاراته المسكونة بالتطرف، وينسون أو يتناسون أن الكورد لم يأتوا من بلاد يأجوج ومأجوج، وأن البعث إستخدم السلاح الكيمياوي في قتلهم، وكان رمزاً للإجرام، واختزل الوطنية والعروبة والإسلام في سلوك حاقد متخلّف بعيد عن القيم والمبادئ الثورية والقومية والدينية والإسلامية والإنسانية. كما ينسون ويتناسون ما فعله الغيارى الكورد وعقلائهم في منع أجيالهم، رغم الممارسات البشعة تجاههم، من الإنزلاق نحو شوفينية كوردية ضارة، وبحثهم المستمرعن علامات المروءة والسماحة والمشتركات الكثيرة والواسعة والعميقة بينهم وبين الآخرين.
هؤلاء الناسون الجمّاعون للفكر العفن، يحاولون اليوم بالهمس والعلن أحياناً، والتجويع ومنع صرف رواتب الموظفين والمتقاعدين في أحايين أخرى، بأعذار وحجج واهية، إخداع البسطاء والإستقواء بكل شىء، من أجل تدمير الإجماع الكوردستاني وإعاقة البناء والتطور والتعددية الجامعة في إقليمهم وتفريغه من كفاءاته وتحويله الى رديف لمدن وسط وجنوب العراق التي تعاني من الإهمال والفساد. ويفكرون في وسيلة لتكرار الأنفال .
نقول لهؤلاء: لقد أنفل من سبقكم، مئة وثمانين ألف كوردي وأباد خمسة آلاف آخرين في هلبجه بالسلاح الكيمياوي، ودفن ثمانية آلاف إنسان من البارزانيين في مقابر جماعية، ودمًّر أربعة آلاف وخمسمائة قرية كوردية آمنة وجرف البساتين والمزارع وحفر الخنادق العازلة حول المدن والقصبات الكوردستانية، ورحًّل عشرات الآلاف الى وسط وجنوب العراق، وأسكن مئات الآلاف من المهجرين والمرحلين في مجمعات سكنية قسرية، ومارس التعريب والترهيب والترحيل والتهجير ولكنه لم يفلح في إلغاء الكورد لمصلحة غيرهم، ولم ينجح في منع الكوردستانيين من إشهار كورديتهم الصافية والنهوض من ماضيهم الى حاضرهم ومستقبلهم، ولم يستطع منع المناضلين الكوردستانيين أيا كانت مواقعهم الحزبية أو العسكرية أو الفكرية من العطاء وتسطير المفاخر والبحث عن الحرية بقوة السلاح وشجاعة الكلمة والحكمة والصبر على الاذى والسعى لبناء السلام والامن والاستقرار ومقارعة الاستبداد.
ونقول لهم : إتركوا ضخ سمومكم الفكرية الهدامة والتفكير في عمليات أنفال جديدة، وإبحثوا بالمنطق عن البدائل الواقعية والخيارات المتاحة.
كوردستان24