• Thursday, 26 December 2024
logo

من سيدفع الثمن؟.. ضرائب مرتقبة في العراق: مورد فساد ومحنة جديدة لكاهل الفقراء

من سيدفع الثمن؟.. ضرائب مرتقبة في العراق: مورد فساد ومحنة جديدة لكاهل الفقراء

أثار التوجه الحكومي في العراق نحو تشريع قانون جديد لفرض الضرائب على المواطنين موجة غضب عارمة في الأوساط الشعبية، خاصة في ظل تساؤلات حول دوافع هذا الإجراء وتوقيته.

وتُعد الضرائب بأنواعها من أقدم وأهم مصادر إيرادات الدولة، فمنذُّ ترسيم الحدود ونشوء الدول شكلت الضرائب المصدر الرئيس لخزانة الدولة العامة، وما زالت الإيرادات الضريبية تمثل مصدراً رئيسياً وحيوياً من مصادر رفد الخزانة العامة للدولة في الكثير من دول العالم، خاصة الدول ذات الأنظمة الرأسمالية والصناعية.

أين الخدمات إذن؟
لكن الأمر يختلف في بعض الدول، خاصة الدول ذات الموارد الاقتصادية الوفيرة التي تعتمد على الموارد الطبيعية كمشغل رئيسي للأنشطة الاقتصادية وبالتحديد الدول التي تعتمد على موارد الإيرادات النفطية، ومن ضمنها العراق.

ويأتي التوجه الحكومي نحو تشريع جديد لقانون الضرائب، في وقت يتصدر فيه العراق مراتب متقدمة في مؤشرات الفساد العالمية، مما يثير مخاوف حقيقية من أن تذهب عائدات الضرائب إلى جيوب الفاسدين بدلاً من توجيهها نحو تحسين الخدمات العامة أو تعزيز البنية التحتية.

وتُفرض الضرائب عادةً لتغطية تكاليف الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم والأمن والبنية التحتية، ولكن تطبيق هذا المبدأ في العراق يواجه صعوبات هائلة بسبب غياب تلك الخدمات بشكل ملحوظ.

يضاف إلى ذلك أن الثقة بين الشعب والحكومة تكاد تكون معدومة، خاصة مع تكرار حالات الفساد والرشاوى والاعتداءات على المال العام، وهو ما يجعل المواطنين يشعرون بأنهم يُثقلون بأعباء ضريبية تذهب هدراً، بينما لا يحصلون على أي تحسينات في مستوى الخدمات.

ومؤخراً، أعلن رئيس مستشار رئيس الوزراء عبد الحسين العنبكي صدور توجيه بـ «كتابة مسودة قانون لضريبة المبيعات، حيث سنتعاون مع المنظمات الدولية والخبراء الدوليين لكتابة المسودة قريبا جدا»، مبيناً، أن «لجنة الإصلاح الضريبي حققت في الأمور في مجال البناء المؤسساتي من خلال تغيير الكثير من مديري الأقسام المعرقلين».

وأضاف العنبكي في تصريح صحفي: «إننا نحاول خلق شفافية، ولدينا دعوة لشركات كبيرة في مجال الأتمتة للذهاب إلى نظام ضريبي شامل ومؤتمت»، وقال: «شملنا شرائح جديدة بالضرائب والذهاب نحو تحسين بيئة الأداء الضريبي من حيث الإدارات».

رفع الإيرادات
ويرى خبراء أن هذه الضرائب ستؤدي إلى تعزيز الإيرادات غير النفطية ورفع نسبة مساهمتها إلى 13%، لكن سيقابلها ارتفاع في تكلفة نقل الأشخاص والبضائع وارتفاع جديد في أسعار السلع والخدمات سواء المُنتجة محليا أو المستوردة، وهو ما قد يؤدي إلى تجاوز نسبة التضخم السنوي المحددة بالموازنة بنسبة 5% والتأثير سلبيا على المستوى المعيشي للمواطنين.

وفي هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي عبد السلام حسن، إنه «لا يمكن لأي دولة أن تحقق الاستقرار الاقتصادي من دون نظام ضريبي فعّال، لكن مع ذلك، فإن العراق يواجه تحديات كبيرة في هذا المجال، أبرزها انتشار الفساد، وإذا كانت الحكومة جادة في إصلاح النظام الضريبي، فعليها أولاً معالجة الفساد، وضمان أن تذهب الإيرادات إلى تحسين الخدمات التي يحتاجها المواطنون بشكل ملح».

وأضاف حسن لـ (باسنيوز)، أن «النظام الضريبي في العراق يعد من أقدم الأنظمة في المنطقة، حيث صدر أول قانون للضريبة في عام 1927، لكن اليوم، يعاني هذا النظام من عدة مشكلات أبرزها ضعف الإدارة الضريبية، وانتشار الفساد الإداري، إضافة إلى الاعتماد شبه الكامل على الإيرادات النفطية، إذ أنه خلال العقد الأخير، لم تساهم الإيرادات الضريبية إلا بنسبة 4.5% من إجمالي إيرادات الموازنة العامة».

قلق ودعوات لتنظيم الأمر
وتنص القوانين الحالية على فرض الضرائب على الدخل ورأس المال من جهة، وعلى الإنتاج والاستهلاك من جهة أخرى، ومع ذلك، تظل هذه الضرائب غير قادرة على توفير الإيرادات الكافية لتمويل احتياجات الدولة المتزايدة، بسبب ضعف التطبيق، وعدم تفعيلها بشكل جيد.

وعبر مواطنون في بغداد، عن رفضهم مساعي تشريع قانون يفرض ضرائب جديدة، مشيرين إلى أن ضرورة توفير المتطلبات أولاً، قبل التوجه نحو هكذا قوانين يمكن أن تُسهم في ارتفاع معدلات الغلاء، برغم انخفاض الرواتب وأزمة الدولار.

وقال المواطن أبو رياض العزاوي (44 عاماً) لـ (باسنيوز)، إن «ما يجب فعله أولاً هو التعهد بعدم ذهاب تلك الأموال لجيوب الفاسدين فالشعب اليوم ثرواته النفطية مهدورة بسبب الفساد، واليوم يريدون حصة من دخله وثروته».

وأضاف العزاوي، أن «الضريبة مقابل الخدمة، لكن عن أية خدمات يتحدث السياسيون ونحن نعاني من نقص المياه والطاقة الكهربائية والامن والصحة وغير ذلك».

وأعلنت الهيئة العامة للضرائب، مؤخراً، عن توجه حكومي لاستحصال الضرائب من 85 جهة جديدة لم تشمل سابقاً، بينها شركات التاكسي، وإعلانات مواقع التواصل، والمشاهير والفنادق والمطاعم، كما أثار قرار بتحصيل ضريبة عن نقل العقار بنسبة 100%، غضباً واسعاً وحالة من القلق والاستياء بين المواطنين والعاملين في هذا المجال.

 

 

 

باسنيوز

Top