• Friday, 22 November 2024
logo

برج خليفة في بغداد

برج خليفة في بغداد

نادر سعدون

 

مَعلَم واحد يغير وجه المدينة و يكشف الستار عن مشروع ينافس دول متقدمة جدا في المنطقة كالإمارات العربية المتحدة و قطر و السعودية ، مَعلَم واحد يجذب به لا يقل عن عشرة ملايين سائح سنويا من كل بقاع الارض ، مَعلَم واحد سيُدخل إلى تلك البلاد ملايين الدولارات شهريا بالإضافة الى توفير آلاف فرص العمل الجديدة و تنشيط الاقتصاد و القضاء على النسبة الاكبر من البطالة في تلك المدينة ، مَعلَم واحد فقط و ستكون بغداد مدينة جذابة للاستثمارات العربية و الاجنبية ، و تبدأ بالمضي قدما باتجاه منافسة تلك الدول التي ذكرت في المقدمة ، فهي تملك قوة مالية و بشرية كبيرة و جميع المقومات الطبيعية التي تفتقدها تلك الدول ، ولكن السؤال هو ماذا تحتاج بغداد لكي تقوم بالعمل على انشاء ذلك المَعلَم المنتظر الذي نتحدث عنه ...؟

أعتقد بأنه يجب توفر ثلاثة عناصر ضرورية على الاقل و هي المال و الرؤية و الرغبة  ، واما بخصوص المال فهي تملك المال الكافي جدا لإقامة مَعلَم بمواصفات برج خليفة في دبي أو أكثر من ذلك و الذي كانت تكلفته الاجمالية مليار ونصف دولار امريكي فقط ، بينما العراق تتجاوز إيراداتها النفطية فقط شهريا ثمانية مليارات دولار امريكي ، اي بإجراء حسبة بسيطة تستطيع العراق بناء ستة مَعاِلم عملاقة كبرج خليفة شهريا و ليس سنويا ...!

واما بخصوص الرؤية و الرغبة فهما عنصران مجهولان فلا نعرف بالضبط من وجهة نظر اقتصادية ان كان العراق يملك ذلك العنصران ام لا ، فان كان يملك واحدة منهما على الاقل لكنا قد رأينا واحدة من تلك المشاريع العملاقة التي نتحدث عنها على الأقل سنويا ، و هي بناء مَعلَم مميز يجذب السياح و المستثمرين من كل دول العالم و ان يكون هذا المَعلَم مميزا بكل ما تحمله الكلمة من معنى اي ان يدخل في قائمة موسوعة غينيس للأرقام القياسية بصفة ما يحملها ، كأطول بناء في العالم أو الأعرض أو الأضخم أو الأعجب أو الأغرب ، فالمهم ان لا يكون هناك مثيل لها في العالم ، و طبعا بكل تأكيد يمكن للعراق فعل ذلك بمفرده من خلال الاستعانة بالخبرات الهندسية العراقية المميزة في المهجر و في الداخل ، فلا نستطيع نسيان المهندسة العراقية الراحلة زها حديد و تصاميمها المميزة و الفريدة على مستوى العالم و بصمتها الخالدة في عالم الهندسة المعمارية ، و أيضا تسطيع فعل ذلك من خلال التنسيق مع احدى الشركات المتخصصة في بناء تلك المَعاِلم العملاقة و المميزة كشركات سامسونغ سي آند تي كوروبريشن و آرابتك و بيسيكس التي شاركت بإنشاء برج خليفة في دبي بالاتفاق و بالتنسيق و بإشراف شركة اعمار و التي يترأسها المبدع محمد العبار .

بناء مَعلَم بتلك الميزات التي ذكرناها و جعلها مَعلَما عالميا سيكلف خزينة الدولة العراقية مبلغا ماليا يتراوح بين مليار واحد إلى مليارين دولار امريكي على أقصى تقدير و لكن الأهم من ذلك بأنه هكذا مَعلَم سيقوم بتحقيق عائدات ضخمة للخزينة من خلال إيرادات التذاكر فقط و ستقوم باستعادة تلك الأموال التي استثمرتها في بناء ذلك المَعلَم في فترة قصيرة و ذلك كما تفعلها الدول الأخرى التي تملك مَعاِلم مهمة و مميزة على المستوى العالمي و نخص بالذكر ثانية برج خليفة في دبي فهذا المَعلَم يحقق عائدات سنوية تتجاوز سبعمائة مليون دولار امريكي من خلال بيع تذاكر دخول عامة تبدأ من ٣٧ دولار و تصل إلى ١١٠ دولار امريكي، فأي استثمار أفضل من هكذا استثمار تستطيع ارجاع اموالك التي استثمرتها في المشروع بفترة قصيرة و تحقق أرباحا سنوية مستدامة تدعم خزينة الدولة و تزيد من إيرادات الدولة الغير نفطية و تجذب ملايين السياح سنويا و آلاف المستثمرين و الشركات، فكل مَعلَم من المَعاِلم المشهورة عالميا يحقق عائدات ضخمة لا يمكن لأي مشروع آخر أن يحقق تلك العائدات.

باختصار شديد يمكننا القول بأن العراق يستطيع أن يقوم ببناء مَعلَم مميز يدخل قائمة موسوعة غينيس للأرقام القياسية كل شهر و كل سنة و لكن تبقى الرؤية و الرغبة هما العنصران الحاسمان في تلك القضية كما ذكرنا سابقا، فمن يدير العراق هو المسؤول الأول و الأخير عن هذه الرؤية و الرغبة التي تحتاجها لتحذو حذو الدول الخليجية المتقدمة على مستوى العالم  ، و بحسب وجهة نظر اقتصادية دقيقة يمكن لبغداد أن تنافس دبي في الكثير من المجالات المهمة التي تتميز بها الآن خلال مدة أقصاها عشرة سنوات فقط وأيضا تستطيع في تلك المدة نفسها ان تتجاوز دبي في بعض المجالات و تحجز مقعدا في السباق العالمي نحو تحقيق الاستدامة في الكثير من المجالات المهمة .

 

 

 

كوردستان24

 

Top