القبضة الخانقة للشباب في إقليم كوردستان
د.سامان شالي
يتميز إقليم كردستان بسكانه الشباب، مما يؤثر بشكل كبير على المشهد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وكيفية كسر هذا الخانق وتطوير قدراتهم وبناء جسر بين الأجيال القديمة والجديدة. يمكن فهم "القبضة الخانقة للشباب" بعدة طرق:
التركيبة السكانية
1. نمو أعداد الشباب: تتميز الأقليم بوجود نسبة كبيرة من الشباب بين سكانها، حيث أن نسبة كبيرة منهم تقل أعمارهم عن 30 عامًا. وهذا الاتجاه الديموغرافي هو سلاح ذو حدين، فهو يوفر إمكانات للنمو الاقتصادي ولكنه يطرح تحديات في التوظيف والاستقرار الاجتماعي.
الأثر الاقتصادي
2. البطالة: يعد ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب قضية بالغة الأهمية. على الرغم من كونها غنية بالموارد الطبيعية، وخاصة النفط، فإن إقليم كردستان العراق يكافح من أجل خلق فرص عمل كافية لعدد متزايد من الشباب. ويؤدي هذا الصراع إلى الإحباط والتبعية الاقتصادية.
3. ريادة الأعمال والابتكار: على الجانب الإيجابي، يدفع الشباب الابتكار وريادة الأعمال. هناك جهود متزايدة لدعم الشركات الناشئة والشركات الصغيرة. ومع ذلك، فإن هذه الجهود لا تزال في بداياتها وتواجه عقبات عديدة.
4. القوة الاقتصادية: تستهدف الشركات و المسوقين في كثير من الأحيان الأجيال الشابة حيث يُنظر إليهم على أنهم مستهلكون رئيسيون. يمكن للقوة الشرائية للشباب أن تقود اتجاهات السوق وتؤثر على تطوير المنتجات، واستراتيجيات الإعلان، والتركيز على البيع بالتجزئة.
5. ديناميكيات مكان العمل: في بعض الصناعات، هناك تفضيل لتوظيف الموظفين الأصغر سنا بسبب تصوراتهم بأنهم أكثر قدرة على التكيف، والدهاء التكنولوجي، والحيوية. وقد يؤدي هذا التصور في بعض الأحيان إلى تهميش العمال الأكبر سنا، مما يجعل من الصعب عليهم المنافسة أو الشعور بالتقدير.
التعليم والمهارات
6. النظام التعليمي: يواجه نظام التعليم في إقليم كردستان العراق تحديات في المواءمة مع احتياجات السوق. هناك عدم تطابق بين المهارات التي يتم تدريسها في المدارس والجامعات وتلك التي يطلبها أصحاب العمل، مما يساهم في ارتفاع معدلات البطالة.
7. التدريب المهني: هناك اعتراف متزايد بالحاجة إلى التدريب المهني وإصلاح التعليم لإعداد الشباب لسوق العمل بشكل أفضل.
الديناميات الاجتماعية والسياسية
8. المشاركة السياسية: يتزايد نشاط الشباب في إقليم كردستان سياسياً، ويسعون إلى المشاركة بشكل أكبر في عمليات صنع القرار. ومع ذلك، فإنهم غالبًا ما يواجهون عوائق بسبب الهياكل السياسية الراسخة التي تهيمن عليها الأجيال الأكبر سناً.
9. المجتمع المدني والنشاط: الشباب هم في طليعة حركات المجتمع المدني، والدعوة لحقوق الإنسان، والقضايا البيئية، والإصلاحات السياسية. وهذا النشاط هو علامة على وجود مجتمع نابض بالحياة ومصدر للتوتر مع السلطات القائمة.
10. الهجرة: يفكر العديد من الشباب في إقليم كردستان العراق في الهجرة بسبب محدودية الفرص المتاحة لهم في وطنهم. وتشكل هجرة الأدمغة خطراً طويل الأمد على آفاق التنمية في المنطقة.
11. الفجوة بين الجيلين: الجيل القديم لا يستطيع فهم الجيل الجديد لأنهم لم يعيشوا عصرهم وما عانوه في الماضي والتضحيات التي قدموها وفشلوا في شرحها لهم. إن الجيل الجديد لا ينظر إلى الوراء بل يتطلع إلى الآمال التي يحملها المستقبل لهم لبناء مستقبلهم. إن تجسير هذه الفجوة بين الجيلين يتطلب المزيد من الوعي لدى الطرفين، وفهم أولوياتهما في الحياة، وتقديم التنازلات ليكمل كل منهما الآخر.
القضايا الثقافية والاجتماعية
12. التحولات الثقافية: يقود الشباب التغيير الثقافي، ويتحدون الأعراف التقليدية، ويسعون إلى المزيد من الحريات الاجتماعية. ومن الممكن أن يؤدي هذا التحول الثقافي إلى صراعات بين الأجيال، ولكنه يعد أيضًا بالتحديث.
13. وسائل التواصل الاجتماعي والتواصل: أدى الاستخدام الواسع النطاق لوسائل التواصل الاجتماعي بين الشباب إلى إحداث تحول في التواصل والتعبئة، مما أدى إلى ظهور أشكال جديدة من النشاط الاجتماعي والسياسي.
14. التأثير الثقافي: يشكل الشباب بشكل كبير الاتجاهات في الموسيقى والأزياء والتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي. غالبًا ما تحدد ثقافة الشباب وتيرة ما يعتبر شائعًا أو ذا صلة، مما يؤدي إلى التركيز على تلبية احتياجات الفئات السكانية الأصغر سنًا.
استجابات السياسات والآفاق المستقبلية
15. المبادرات الحكومية: هناك مبادرات حكومية مختلفة لمعالجة قضايا الشباب، مثل برامج التوظيف، والإصلاحات التعليمية، ودعم ريادة الأعمال. ومع ذلك، فإن فعالية هذه المبادرات غالبا ما تكون محدودة بسبب عدم الكفاءة البيروقراطية والفساد.
16. الدعم الدولي: تلعب المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية دورًا حاسمًا في دعم برامج الشباب في إقليم كردستان العراق، حيث تقدم التدريب والتعليم والفرص الاقتصادية.
الخاتمة
يمثل الشباب في إقليم كردستان قوة قوية لديها القدرة على إحداث تغيير كبير. ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الإمكانات وفك الخناق عن الشباب يتطلب معالجة تحديات البطالة والتعليم والاندماج السياسي والاقتصاد والتكامل الثقافي. وتعد الاستثمارات والإصلاحات الاستراتيجية في هذه المجالات ضرورية لتسخير طاقات الشباب وتطلعاتهم لتحقيق التنمية المستدامة والاستقرار فى الأقليم. ولتحقيق هذه الأهداف، يجب على حكومة الإقليم عدم تفضيل أعضاء الأحزاب على غير الأعضاء في التعيينات الحكومية ودعم الشباب بشكل عام بالتساوي. عندها ستكون من واجبات الشباب في دعم الحكومة أقوى، مما يؤدي إلى انخفاض هجرة الشباب، وهم مستقبل أمتنا.
كوردستان24