• Wednesday, 03 July 2024
logo

زيارة رئيس إقليم كوردستان لفيينا عاصمة الدبلوماسية والتوافق

زيارة رئيس إقليم كوردستان لفيينا عاصمة الدبلوماسية والتوافق

زريان روزهلاتي

 


في زيارة رئيس إقليم كوردستان إلى فيينا هناك على الأغلب عدة قضايا تهم النمساويين، من بينها إجراءات مواجهة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، والتي جاءت بوزير خارجيتهم إلى العراق وإقليم كوردستان في العام الماضي. ربما يتطلع المسؤولون النمساويون أيضاً إلى الفرص الاستثمارية للشركات العشر العاملة في قطاعات الصحة والاتصالات والنقل والتي شاركت في أيلول من السنة الماضية في منتدى اقتصادي في أربيل. يضاف هذا إلى الجانب السياسي، الذي قال عنه وزير الخارجية إنهم فتحوا صحيفة جديدة في علاقاتهم مع العراق وإقليم كوردستان، لكن ما هو المهم لإقليم كوردستان في هذه العلاقة؟

النمسا دولة أوروبية صغيرة يتجاوز عدد سكانها تسعة ملايين نسمة، وتجاوز نمو ناتجها المحلي الإجمالي 2% على مدى السنوات العشر الأخيرات. موقعها الجغرافي في وسط أوروبا، وعند نقطة التقاء شرق وغرب وشمال وجنوب القارة، أتاح لها فرصاً ومشاكل مختلفة. تعد النمسا من المراكز في قضية الهجرة غير الشرعية في العالم. فلأنها تقع في الوسط، أصبحت نقطة مهمة لعبور اللاجئين إلى وجهتهم. ربما يريد النمساويون من خلال علاقاتهم مع العراق وإقليم كوردستان إيجاد مخرج لهذه القضية. من ناحية أخرى، أتاح نفس هذا الموقع الجغرافي فرصاً لا مثيل لها للنقل الجوي والسكك الحديدية. فمطار فيينا من أبرز المنافسين لمطارات مثل فرانكفورت بألمانيا وهيثرو في لندن، حيث يسافر منه آلاف السياح كل عام إلى المناطق السياحية. هذا مهم لإقليم كوردستان أيضاً لأنه واحد من أقرب الطرق لربطه بالعالم الخارجي. من المؤكد أن موضوعي الهجرة والتنمية الاقتصادية يهمان إقليم كوردستان أيضاً، لكن الجانب السياسي لهذه العلاقة ذو أهمية أكبر. الفرص الاقتصادية التي توفرها جغرافيتها، وصغر مساحتها وعدد سكانها القليل، أمور دفعتها إلى التحول إلى الدبلوماسية والتحكيم حتى في السياسة الخارجية، وقد يكون ذلك مهماً في مجال القضايا العالقة بين بغداد وإقليم كوردستان الآن وفي المستقبل.

أهمية النمسا الجيوسياسية، كدولة صغيرة، ولكن حكم في المشاكل الدولية، لها أهمية كبيرة بالنسبة لأربيل، وذلك بينما يقف العالم على حافة مزيد من التوترات كنتيجة للأزمات الجيوسياسية في بحر الصين الجنوبي وأوروبا الشرقية والشرق الأوسط. هذه الأهمية تزداد عندما ننظر إلى النهاية الوشيكة لمهمة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في العراق وفي حين أن القوى الأوروبية الرئيسة وأمريكا التي بدت في كثير من الأحيان وكأنها تدعم إقليم كوردستان منشغلة الآن بالقضايا الداخلية والمشاكل مع روسيا والصين.

لقد اختارت النمسا موقفاً محايداً في السياسة الدولية منذ 1955، وعضويتها في الاتحاد الأوروبي ومشاركتها في مهمة حفظ السلام التابعة لمنظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) لم تمنعها من الاضطلاع بهذا الدور. خلال فترة الحرب الباردة، كانت فيينا عنواناً مهماً في المفاوضات بين الاتحاد السوفييتي وأمريكا أو في الحرب العربية الإسرائيلية، على الرغم من أن علاقات فيينا وموسكو زادت توتراً بسبب دعمها مؤخراً لعقوبات الاتحاد الأوروبي، إلا أن النمسا تظل مركزاً مهماً للدبلوماسية وحل التوترات في مكان مثل الشرق الأوسط.

تتطور الأحداث المرتبطة بالتوترات في الشرق الأوسط والعالم بسرعة، وأكثر من أي وقت مضى، بات سياسيو العالم يتحدثون عن احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة. كما أن العراق يستعد بالتدريجي لمرحلة ما بعد أمريكا، وكلما حلت تلك المرحلة سريعاً، كلما زاد احتمال تصاعد التوترات الداخلية، وهنا يتمتع وجود قناة دبلوماسية يقبل بها كل الأطراف بأهمية بالغة.

رئيس إقليم كوردستان، الذي أثبت شخصيته الداعية للسلم والمصالحة هنا في العراق وإقليم كوردستان، زار بلد التسويات الأكثر أهمية في العالم، وهذا مفتاح مهم في أي مرحلة معقدة افتراضية قد تواجه كوردستان.

 

 

 

روداو

Top