• Thursday, 18 July 2024
logo

الدروس لا تتكرر

الدروس لا تتكرر

شاكر الجبوري

 

ينشغل مراهقو السياسة بأحداث لا تناسب وعيهم في تقليب صفحات النفوذ الدولي وتداخل المصالح الاقليمية، لذلك بٌحت أصوات العقلاء من أجل موازين جديدة للعلاقات العراقية العراقية والاقليمية، من زاوية الاقرار بالقدرة على المناورة واستيعاب عواقب العشرية القاتمة التي عاشها العراق بين 1991 و2003.

ليس عيباً أن يتمسك المرء أو الحزب بمبادئه التنظيمية أو العقائدية لكن العيب في احراجها بتراكمات من سوء التقدير المبني على الانفعالات والمزاجيات الشخصية، والأشد ايلاماً للنفوس أن بعضهم لا يعي خطورة ركوب الأمواج بلا سترة نجاة في يوم عاصف.

لو أن العراقيين انشغلوا في ترتيب بيتهم الداخلي بقناعة الشراكة لا فرض الشروط، لما التجأ الكورد والتركمان والمسيحيين والايزديين الى المظلة الأجنبية، أو انشغل عربه بطائفية ولدت من رحم معركة لم تكن من خيارهم أصلاً، فلا طريق للخروج من متاهة اللاوعي الا بالعودة الى أسس البيت العراقي بدلاً من مخيمات النزوح ومتاهات الاقاليم.

وأذكر هنا أن قول مسؤول أميركي لا يُشك بقراءاته الستراتيجية أن كوردستان هي آخر إقليم في العراق، وان واشنطن أجهضت حلم إقليم البصرة بأشهره الأولى، ولأن صناع القرار الدولي لا يتحركون بمزاجياتهم الشخصية بل يستندون الى نصائح واستنتاجات المستشارين ومراكز البحوث، فانه بات لزاماً على اللاعبين بالمشهد العراقي مسك العصا من الوسط لان النهايات السائبة لا تؤسس لاستقرار.

صحيح أن قضية فلسطين ظلت وستبقى سجالاً سياسياً ودينياً وتاريخياً الفائز فيه من يُحسن قراءة بين السطور، لكن الأكثر صحة هو استحالة تحقيق أي اختراق بدون عراق متماسك، ما يبرر كل المخططات التي توافقت على اضعاف العراق من المجاهدين العرب الى القاعدة ومروراً بداعش وأخواته بمختلف المسميات، والذين سيختفون ويظهرون حسب حاجة المستفيدين من بقاء استقرار العراق مشوشاً.

ولأن التشويش لا يخص اللاعب الخارجي فقط فان أكثر ما يثير اليأس هو القول السياسي في السر عكس العلن، لذلك يوحي بعضهم بأن المعركة ضد الأميركيين في ربع الساعة الأخير، بينما لم تنقطع مشاوراته يوماً مع واشنطن، وفريق آخر يرفض التطبيع من اسرائيل لتفادي غضب الشارع العراقي بينما يتمنى ذلك اليوم قبل الغد، مستنداً الى متداول عراقي يقول "لو كانت علاقاتنا مع اسرائيل طيبة لما خسرنا الجمل بما حمل".

وبين كل هذه المجموعة غير المتجانسة من القراءات يبقى العراقيون أسياد أنفسهم اذا تعاملوا مع بعضهم بعقلية الشراكة والإنتماء الى أرض يُكمل سهلها جبلها ويعزز اسلامها مسيحية أهلها وتكبر قوميتها بانتماء الايزديين والصابئة، عندها فقط يكون صوت العراق مسموعا بلا دروس اضافية.

 

 

 

روداو

Top