أضواء على القضية السورية
صلاح بدرالدين
خاص لگولان العربی
بعد نحو اثني عشر عاما من اندلاع الثورة السورية التي لايختلف الوطنييون على اطلاق تسمية ( المغدورة ) عليها ، بعد ان تسلطت عليها جماعات الإسلام السياسي ، وأجهضتها ، وافرغتها من محتواها الوطني الديموقراطي ، وسخرتها لخدمة اجندات النظام العربي ، والإقليمي الرسمي ، نقول بعد كل هذه المدة الزمنية الطويلة التي شهدت ملايين الشهداء ، والجرحى ، والمخطوفين ، والمهجرين ، من بنات وأبناء الشعب السوري من العرب والكرد والمكونات الأخرى ، الى درجة ان اكثر من نصف السوريين مهجرون ، او نازحون ، ومازال نظام الاستبداد الذي اقترف الجرائم الشنيعة متربعا ، وماسكا بالسلطة في دمشق ، امام انظار المجتمع الدولي الذي لم يحرك ساكنا ، ومازالت القضية السورية بعيدة عن الحل السياسي حسب إرادة غالبية السوريين ، وبمرور الزمن ، وتطورات الاحداث تظهر حقائق مؤلمة جديدة شديدة الغرابة على ارض الواقع ومنها :
القضية الأولى – النظام الروسي احد الأطراف المحتلة لبلادنا ، والداعم الأول الرئيسي عسكريا ، ودبلوماسيا ، واقتصاديا ، وامنيا ، لنظام الاستبداد الاسدي ، واقترف جيشه جرائم القتل والابادة بحق السوريين ، ومازال منذ عام ٢٠١٥ وحتى الان ، وهو احد القوى الأساسية التي تواجه الغرب ، وقضايا الحرية والديموقراطية في كل مكان ، من بلدان اسيا وافريقيا ، وامريكا اللاتينية مباشرة او عبر ادواتها ، ومرتزقتها مثل منظمة – فاغنر – العسكرية ، وبعض المنظمات ، والمجموعات الاخرىى .
تورط هذا النظام في حربه العدوانية التوسعية ضد أوكرانيا المسالمة منذ اشهر عدة ، ولم يحقق ماكان يصبو اليه من انتصار في مدة زمنية قصيرة ، بل لاقى مقاومة اوكرانية لم تكن في حسبانه ، واصيب جيشه بخسائر لاتقدر بالارواح والآليات ، وانعكس ذلك بنقمة شعبية داخلية تتصاعد يوما بعد يوم ضد طغمة – بوتين – الحاكمة ، ومما لاشك فيه ان مايحدث الان لنظام موسكو يعتبر فرصة للسوريين المعارضين للاستبداد ، وللغرب عموما ، والتحالف الدولي بقيادة أمريكا التعامل مع الوضع المستجد بتضييق الخناق على القوة الروسية المتبقية في سوريا وحتى طردها نهائيا ، وان تحقق ذلك سيكون اسهل للسوريين للتخلص من نظام الأسد ، والسؤال المحير هنا : لماذا الأنتظار والى متى ان كانت هذه الأطراف صادقة في سياساتها ؟ .
بالإضافة الىى ذلك هناك تلكؤ وتباطؤ غربي عام وتحت ذرائع قانونية ، وغير واقعية ، في تلبية مطالب الاوكرانيين حول التسليح ، والمساعدات العسكرية ، خاصة الدبابات الحديثة التي يمكن ان تبدل نتائج الحملة العسكرية الروسية القادمة لمصلحة شعب أوكرانيا .
القضية الثانية – بالرغم من تصاعد الانتفاضة الوطنية الديموقراطية للشعوب الإيرانية ضد نظام آيات الله وفي المقدمة شعب كردستان ايران ، وسقوط الالاف من الضحايا بين شهداء وجرحى ومعتقلين ، وتلقي النظام الإيراني صفعات قوية خلال المفاوضات النووية ، وقرارات العقوبات الأخيرة من برلمانات أوروبا ومن أمريكا ، وذلك كله يشير الىى ضعف وتراجع هذا النظام الدكتاتوري خصوصا من الداخل ، وبالرغم من الممارسات القمعية ، والاعدامات ، الا ان الإيرانيين سائرونن في طريق تطوير ، وتصعيد انتفاضتهم ، ولكن امام ذلك وبكل اسف يقف العالم متفرجا دون تقديم الدعم المطلوب للجماهير الإيرانية المنتفضة ، بل يغض الطرف عن مساعي نظام ايران في تعزيز مواقعه اكثر في العراق ، ولبنان ، واليمن ، وحتى الخليج ، والممرات المائية في الخليج ، واكثر من ذلك عمله المتواصل لتوسيع محوره القديم ( طهران – دمشق – بيروت – صنعاء – بغداد - ميليشيات مذهبية وفلسطينية – مركز قنديل ل ب ك ك ...) ببناء حلف دولي جديد مع روسيا ، والصين لاحقا ، وكوريا الشمالية ، والجزائر ، وكلنا نلاحظ ان عملاء النظام الإيراني يتنشطون في الآونة الأخيرة بين الأوساط الثقافية ، لدفعهم بالدعاية اكثر لسلطة الولي الفقيه ، والدفاع عن سياسات النظام وجرائمه اليومية بحق نساء وشباب ورجال شعوب ايران ، او السكوت عنها ، والسؤال هنا : هل يفتقر الغرب ، ودول الخليج الى معلومات بهذا الشأن ؟ ام انها لاتبالي ، وتتهرب من المسؤوليات الانسانية ، والأخلاقية ؟ .
القضية الثالثة – وهي المتعلقة بالحالة الكردية تحديدا ، فاالسكوت المطبق لاحزاب طرفي الاستقطاب في الساحة الكردية السورية ( طرفا ب ي د و ب د ك – س ) حول الدور الاجرامي لنظام طهران ، ونشاطاته في سوريا عموما ، وبعض المناطق الكردية بشكل خاص ، قد يخبئ في طياته أسبابا غير معلنة ، وبينها تغاضي الجميع من سوريين وكرد عن ذكر حقيقة مدى ارتباط مركز – قنديل – ل ب ك ك – بسياسات طهران ، وتحالفه الوثيق جدا مع الحرس الثوري ، والمؤسسات النظامية الأخرى الذي ارساه قاسم سليماني ، والتعاون المشترك بين الطرفين ، والتنسيق في منطقة كركوك ، ومنطقة سنجار ، من اجل تصفية إنجازات شعب كردستان العراق التي تحققت خلال عقود وباثمان غالية من الأرواح ، وكذلك في اكثر من مكان بسوريا ، ذلك المركز – قنديل - هو من يقود السيد مظلوم عبدي ورفاقه ، وادارتهم الذاتية ، وعسكرهم ، ويشرف على جباياتهم المالية من المعابر ، والنفط التي تبلغ مئات الملايين من الدولارات ، ، وغيرها ، ويهندس علاقاتهم مع الحلفاء ، اما اذا كان لابد من ذكر أحزاب – الانكسي – فهي غير مؤهلة ، ولادور لها فانها ، ولاتتمتع أصلا باستقلالية اتخاذ مواقف سياسية مؤثرة من مسائل عديدة بينها الموقف من نظام طهران .
على نشطاء الحركة الكردية في سوريا ، والعراق تحديدا الحذر الشديد من عملاء نظام ايران ، وتوابعه مثل حزب الله اللبناني ، وفصائل من الحشد الشعبي العراقي ، المكشوفين منهم والمتسترين ، فهم يحاولون النفاذ الى الوسط الكردي وخصوصا الاعلامي ، والثقافي ، من اجل تنفيذ مآربهم ، واختراق صفوف الحركة الكردية .
موقع نظام طهران هو في مقدمة صفوف القوى المعادية للحركة الكردية ، ولفيدرالية إقليم كردستان العراق ، سابقا ، وراهنا ، وفي المستقبل أيضا ، الى ان تحقق شعوب ايران أهدافها في الخلاص من الاستبداد ، وانجاز التغيير الديموقراطي .