مع كردستان و البارزاني
فاضل ميراني
ليس الا من عظيم الأقدار ان يكون المرء قد شاهد ملا مصطفى البارزاني رأي العين، و من جليل القدر ان يكون للمرء نصيب العمل معه، و أنا و جمع كبير من الرفاق في حركتنا التحريرية و بحزبنا الديمقراطي الكردستاني كنا ممن شاهد البارزاني و عمل معه، وذاك شرف ما بعده و لا يعلوه شرف.
بل ان الشرف ليتصل ممتدا فنكون پيشمركة لكردستان في هذا الحزب العريق الذي أنهى بنجاح -كما هو ناجح دوما -قبل أيام أعمال مؤتمره الرابع عشر ليجدد للرئيس البارزاني أمانة قيادته أمة و حزبا، و ليمتد بنا عمر النضال فنكون مع الابن كما كنا مع الوالد في مسيرة ندر ان يمد الزمان النضالي بمثلها مسيرة و بمثل بيت البارزاني مرجعية.
ولأننا زاد للزمان، فقد تأملت هذا الخط الذي أخذ من أعمارنا ما لو امتلكنا مثله أضعافا لكنا نقدمه و لا نتأخر، ذلك ان نفس البارزاني كان تفوح عطرا في كل خطوة تجيء بضياء اكثر في درب معتم صعب اختارته امتنا في حراكها الذي جاوز المائة سنة في حسابات التاريخ المعاصر و هي لم تزل دؤوب لا تعاود القبول بالخنوع و القيد.
ومثلما كانت كل كردستان ترتسم في الكفاح المسلح ايام ثوراتها و انتفاضاتها و وثباتها و معركها، ملاجئها و مهاجرها و مخيماتها و مثلما كان المعلم و الطبيب و الصحفي و الفنان و الأب و الأم و الصغار يلبون نداء البارزاني فيثور لغد افضل كل ودوره، فقد ارتسمت كردستان في كل مؤتمر حزب، مناطقا و اجيالا و مساواة بين الرجل و المرأة في رفاقية لا تكون الا بنكهة معطرة من هذا الحزب .
هذا الحزب الذي صارع كل عوامل و افعال التثبيط، فجعل من كردستان ما هي عليه و يبقى ما بقيت نفس البارزاني ليصحح مسار التاريخ الذي جار فيه من خسر الآخرة قبل الدنيا، صانعو الأنفال و القاصدون بالسارين و الناپالم و المهجرون و المسفرون للأبرياء و منفذو الاعدامات و الاعتقالات، اصحاب مشاريع التذويب و الصهر و أشباههم و مقلدوهم.
لئن سأتناول أنفسنا او تحاكم حولنا معاصرون لنا او من سيتناولون سيرتنا فنحن النفر الذي بايع مصطفى البارزاني حتى نكون و تكون لأمتنا مكانتها التي تستحق، وعلى هذا الدرب خطونا و نخطو فأستحالينا من الفتوة للشباب و الكهولة حتى نساير شروق شمس التحرر و لا معاكس الزمن او نسمح له و لراكبيه ان يحتلبوا أعمارنا بين الذل و الخيانة و المداهنة.
من يؤمن بالبارزاني و طريقته في خدمة شعبه و بناءه من الصغر و حتى البلوغ و الوعي و من يغادر اطر تفكير مقلدي أنظمة البطش من الذين عفا عنهم شعبهم درءا للفتنة، تكون بصيرته و أعماله و منجزاته ان عاجلت التحقق او تأجلت شبيهة ببصيرة و أعمال أولى طلائع النضال التي حفت و تحلقت حول مصطفى البارزاني وهو ينشر و يرفع إعلام أمته في منيع الجبال و المحافل الدولية.
البارزاني الذي يسجل له سبق انه اول من جعل الجغرافيا جسما حيا يدخل في حسابات الضغط و التوافق و الاتفاق، و اول من صنع من القومية توجها انسانيا وطنيا لا وطنيا فقط و لا قوميا مجردا.
تأملوا الان المسافة الزمنية بين المؤتمر الأول و الأخير، ومعه انظروا للنوع و الكم و التضحيات، و أضيفوا على الصورة مكان حزبكم و امتكم و قائدكم و انظروا مكان أعداءه و ما اقترفوه و كلف الدم و المال الذي هو من حرام و جرم الأعمال، ترون حكمة زعيمكم الفذ و صواب دربه الذي واصله الرئيس البارزاني و معه خيرة امتكم من مناضلين.
نعم، لكردستان و مع البارزاني تستحق الأعمار ان تُنفق.
مقال منشور في صحيفة الزمان