لا مكان للتفرد، ثمة مكان واضح للقوي..
فاضل ميراني
العنوان عن حالة العراق ذات العقدين تقريبا على زوال النظام.
عموما و في الشرق السائر اغلبه بالذهنية المألوفة لفهم السلطة، فليس شرطا ان يحل الأفضل محل السيء، بخاصة ان كانت مسيرة الإدارة معجبة بالانموذج الذي عارضته او تدعي انها ضحيته، ومع ذلك فهي تمارس حرمانها من السلطة بنشوة كمثل نشوة مدمن المخدر، معولة على تطبيع المجتمع بالنسيان و القبول ب( الحمى بدل الموت).
لا غرابة إذا ماكرر فريق التحرك للتفرد بالسلطة، فهي تجربة اقرب له وجدانا و احساسا و تلبية طموح من العدول نحو الشراكة او بالأقل المشاركة في صنع تصور سياسي سليم ناجع للإدارة.
ليس هذا سرا و لا من مُعاتب يَرُد علينا قولنا إن فهم و انصف الحكم على الحالة العراقية التي كانت إلى الامس نتيجة رغبة التفرد المتجذرة في ذهنية توارثت فهم الحكم على أساس مغلوط يجعل من الناس عقارا ورثهم بموجب صك.
كثيرات هي ادلة القطع بأن قلة من الشخصيات و الحركات تؤمن و يشهد عملها بأيمانها بتحقيق أسلوب إدارة للبلاد بمشاركة حقيقية لا صورية، وان الأغلب هو و كثير من جمهوره يستحب السطوة غير آبه و لاهم آبهون بكوارث الحاضر و المستقبل التي جاءت و تجيء بسبب منطقهم و عملهم، و الأنكى من كل هذا هو التحايل المفضوح لأعادة التفرد عبر ممارسات ووسائل عدة.
لكن السؤال هنا: هل فهم او هل يريد اصحاب التفرد فهم العقيدة الأخرى التي هي عكس التفرد بالقرار، بمعنى آخر: انكون نكلمهم بلغة لا يفهمونها أم لا يريدون فهمها أم يدّعون عدم الاستيعاب أم لعلهم قطعوا بأن الزمن لم يعد كافيا لتجربة مغايرة لسلفهم الذي قضى نظامه أمام محكمة دانته بالقتل لرعاياه من كل عرق و عقيدة، وهذا من اخطر الامور، ولقد جربنا قبل سنوات استعداد من أتى وفق معادلة الشراكة المفترضة فصار اقرب لممارسات مجرمي الأنفال و التهجير و التسفير و القصف الكيمياوي و قطع الأرزاق.
حتى قبل ٢٠٠٣ و بعد ١٩٤٦ والأخير هو تاريخ تأسيس حزبنا، كنا نشكل قوة لا يمكن لنظام أي نظام ان يفرغها مهما عمل امنيا و عسكريا و دعائيا و جند ضدا نوعيا، ومع ذلك فلم نكن متفردين او ساعين للتفرد بقرار هو ضد طبيعة الأشياء، فنحن واقعيون لا يخالطنا وهم و لا يمسنا طائف من وحي فكر الإقصاء، اما في تحديات الشرعية الأصيلة او مواجهة المقامرين بمصير شعبنا فأننا ممن يعد كل العدد لصيانة التجربة، وقد كلفتنا هذه الامور كثيرا، وهذا الكثير يكون قليلا أمام ضمان امن شعبنا.
بعد ٢٠٠٣ فأن التفرد لم ينعدم، لكن نموه و دوامه مهدد ليس من الخصوم الداخليين فقط، و الخصوم اثنان، خصم يريد هو ان يتفرد، و خصم رافض للتفرد، بل هو مهدد ايضا من مجتمع دولي قوي، قوي لا لسواد عين هذا او ذاك، بل لوجود قواعد في اللعبة لا مجال لكسرها الا من قبل الأقوياء دوليا، وهنا فأن الذين جعلوا العراق ضعيفا وواهنا هم اثنان، نظام قديم زال، و قسم من المنخرطين في النظام الجديد.
*سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني
*ينشر المقال يوم غد في صحيفة الزمان