• Wednesday, 26 June 2024
logo

بعد تحدي الصدر .."التنسيقي" في ورطة

بعد تحدي الصدر ..

 ينظر "الإطار التنسيقي" العراقي التي تضم قوى موالية لايران، في خياراته بشأن تشكيل الحكومة المقبلة، بعد المهلة التي منحها إياه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وسط توقعات بإخفاقه في المهمة التي تبدو شبه مستحيلة.

وأفرزت الانتخابات النيابية ، التي أجراها العراق في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، معسكرين كبيرين في العملية السياسية، الأول بمشاركة الكتلة الصدرية (تصدرت الانتخابات)، وتحالف السيادة (سني) والحزب الديمقراطي الكوردستاني (اكبر الأحزاب الكوردستانية وحل رابعاً في الانتخابات) ، حيث هدف هذا التحالف إلى تسلم زمام الحكومة في البلاد ، وخاصة الرئاسات الثلاث (الرئاسة والحكومة والبرلمان).

أما المعسكر الثاني (الاطار التنسيقي)، فيتألف من القوى الشيعية المدعومة من إيران، وتساندها في ذلك ، كتل صغيرة ، مثل الاتحاد الوطني الكوردستاني (17 مقعدا) وأحزاب أخرى.

ولم يتمكن تحالف الصدر، الذي سُمي بـ"إنقاذ الوطن" من اختيار رئيس الجمهورية، خلال الجلستين اللتين عُقدتا الأسبوع الماضي، بسبب رفض قوى "الإطار التنسيقي"، إكمال النصاب (220 نائب)، دون التفاهم معها؛ ما اضطر الصدر، إلى منح قوى الإطار فرصة لتشكيل الحكومة، كنوع من التحدي والإلزام.

إحراج "التنسيقي"

وجاء عرض الصدر في تغريدة دعا فيها أتباعه أيضا إلى عدم التدخل ”لا إيجابا ولا سلبا“، بينما يحاول منافسوه في قوى "الإطار التنسيقي" ، تشكيل حكومة معا.

وبحسب المحلل السياسي عبد الجبار احمد، فإن مبادرة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وإعطاء مهلة للاطار التنسيقي بهدف تشكيل الحكومة من قبلهم ، جاءت في وقتها المناسب ، كمحاولة لفك ما يسمى بـ"الانسداد السياسي" وهي في الواقع احرجت الاطار وحصرته في زاوية محددة.

وأوضح احمد  "احراج الاطار التنسيقي تركز على إصرار الصدر على خياره بتشكيل حكومة أغلبية وطنية وعدم الاتجاه لتشكيل حكومة توافقية وبالتالي هذه المبادرة تعني تشكيل حكومة أغلبية في جميع الأحوال سواء كانت من قبل الاطار ويقاطعها التيار او من قبل التيار ولا يشترك بها الاطار".

 وأوضح المحلل السياسي العراقي ، بالقول " أرى بان الأطراف ضمن التحالف الثلاثي ستواجه صعوبة في تقبل الحوار مع الاطار التنسيقي بسبب الاتهامات التي اطلقت بحقهم من قبل بعض القوى المنضوية ضمن الاطار " ، مردفاً " ما سوف تشكل احراجاً للاطار التنسيقي امام المواطنين الذين سيتسائلون كيف توجهون الاتهامات لتحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكوردستاني وبعد ذلك تريدون الذهاب للتحالف معهم". 

وتواجه قوى "الإطار التنسيقي"، بالفعل حرجا بالغا؛ بسبب عدم توفر (220 نائبا)، لإكمال التصويت على رئيس الجمهورية، والبدء بإجراءات تشكيل الحكومة. ومنذ يوم أمس الأول ، بدأ الإطار التنسيقي، بعقد اجتماعات لمناقشة ”تحدي“ الصدر، غير أنه لم يتوصل إلى شيء.

وقال الإطار في بيان صدر عنه، مساء الجمعة، إنه "انطلاقا من المسؤولية الشرعية والوطنية والأخلاقية الملقاة على عاتقه لا يزال الإطار التنسيقي مستعدا للحوار الجاد والبناء، مع جميع الكتل والمستقلين للخروج من حالة الانسداد السياسي، كما تدعو قوى الإطار جميع المخلصين إلى تحمل المسؤولية ، وعدم الإصرار على معادلة كسر الإرادات التي من شأنها أن تزيد المشهد تعقيدا بدون جدوى، والمتضرر الوحيد منها هو الشعب العراقي".

وطرح "الإطار" مبادرة، نصت على " ضرورة إعلان الكتلة الأكثر عددا عن المرشح لمنصب رئيس الوزراء وفق الشروط والمعايير المطلوبة، كالكفاءة والنزاهة والاستقلالية، ويكون ذلك عبر لجنة مشتركة من الإطار التنسيقي والكتلة الصدرية".

وتتلخص رؤية "الإطار التنسيقي"، بضرورة تشكيل تحالف "شيعي" واحد مع الصدر، لتقديم مرشح رئاسة الوزراء، وهو ما يرفضه الصدر، الذي يرغب بالدفع بكل الأحزاب إلى خانة المعارضة ، وتحمل مسؤولية الحكومة المقبلة لوحده ، مع شركائه في تحالف "إنقاذ الوطن"، باعتبار هذا النوع من الحكومات هو الأفضل لإدارة المرحلة المقبلة.

ويتعين على قوى "الإطار التنسيقي" إجراء تفاهمات مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني، وتحالف "السيادة"، للدخول في الحكومة المقبلة ، وترك التحالف مع الصدر، وهو خيار يبدو بعيدًا، حيث صدر بيان مشترك من هذين التحالفين، رفضا فيه إجراء تفاهمات مع "التنسيقي" كما اكدا التزامهما بالتحالف القائم مع الصدر.

"التنسيقي" في ورطة

في هذا السياق، يرى الخبير في  الشأن العراقي، نزار حيدر، أن "قوى الإطار التنسيقي في ورطة، ولا يمكنه الخروج منها، إلا بالتوافق مع التيار الصدري ، وهو أمر يبدو بعيد المنال، بعد التصلب الذي أبداه الصدر طوال الأشهر الأخيرة الماضية"، مشيرًا إلى أن ”التيار يقف الآن عند مفترق طرق ، فإما أن ينجح الإطار في تشكيل الحكومة، فعندها يذهب التيار للمعارضة، وهو الاحتمال الذي كرره الصدر مرات كثيرة".

موضحاً ، أن "الإطار التنسيقي، إذا أخفق في مساعيه فعندها سيقود التيار جهود تشكيل الحكومة مع حلفائه بلا منازع أو مزعج"، مبينا أن " الصدر ، يريد أن يذهب أحد طرفي النزاع مع حلفائه لتشكيل الحكومة، ويذهب الطرف الثاني مع حلفائه لتشكيل المعارضة النيابية".

وأكد حيدر ، أن "تحالف إنقاذ الوطن، يعرف على وجه التحديد ما الذي يريده، بغض النظر عن صحة ذلك من عدمه، أما التحالف المقابل، الإطار التنسيقي، فلم يعلن عن نفسه لحد الآن، ولا يعرف ماذا يريد على وجه الدقة".

لكن على الجانب الآخر، اعتبر مراقبون أن الصدر وفّر لغريمه التقليدي زعيم تحالف دولة القانون، نوري المالكي، فرصة لم يكن يتوقعها ليقود بنفسه مفاوضات تشكيل الحكومة، خاصة أن لديه خبرات في استقطاب الكتل والمستقلين بتقديم إغراءات الحقائب والوظائف الحكومية ، لكن هذا السيناريو يستلزم تخلي حلفاء الصدر عنه، وهو خيار يبدو صعبا في ظل تمسك "السيادة" والديمقراطي الكوردستاني ، بتحالفهما ، ما يفتح الباب أمام سيناريوهات متعددة، قد تدخل البلاد في أزمات أخرى.

من جانبه ، يقول الباحث في الشأن السياسي نجم القصاب ، ان مبادرة الصدر باعطاء مهلة للاطار التنسيقي لتشكيل الحكومة لا تعني تخلي الصدر عن التحالف الثلاثي مطلقاً ، بل هي مناورة سياسية لالقاء الكرة في ملعب الاطار وايصال الرسالة بشكل أوضح بانه لن يتشارك في الحكومة معهم.

وأوضح القصاب  ان "التحالف الثلاثي هو التحالف السياسي والنيابي الأكثر تماسكاً خصوصاً مع ضمه ٣ قيادات رئيسية فقط وليست ٥٠ قيادة كما في الطرف الاخر وكذلك هو الأكثر تأثيراً في العملية السياسية لامتلاكه النصف + ١ في البرلمان ويستطيع تمرير او منع تمرير أي قرار".

وأوضح القصاب ، بان " الصدر منذ اللحظة الأولى قد قال بانه في حال لم يستطع تشكيل حكومة أغلبية وطنية فانه سوف يذهب الى المعارضة والتيار الصدري قد جرب المعارضة من قبل ولم يخسر المقاعد رغم ذلك وبالتالي فالمعارضة بالنسبة له ليست شيئاً سلبياً بل على العكس سيكون لها دور فاعل خصوصاً في ظل التحديات التي سوف تواجهها الحكومة المقبلة في ملفات الاقتصاد والطاقة والمياه والامن الغذائي وغيرها". 

 

 

باسنيوز

 

Top