السبب، الممارسة و النتيجة
بقلم: فاضل ميراني
سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني
اتشارك و معي كثيرون التصور، ان في تاريخنا السياسي الحديث في العراق، تكون ثمار الحكم مرتبطة بنسغ جذوره العمل في المعارضة، هذا بشكل عام، و اما في التعمق و التخصيص، فالعمل المعارض يكون مجردا من الروح و العقل ان كان انقيادا بلا فكرةٍ و مشروعٍ افضلين من الحكم القائم، او- وهذا امر لا يخفى- ان يكون غطاء لأمر ما، او وسيلة مجردة اذا ما فُحِصَت، للوصل للحكم او لشيء من الحكم.
الفرق في الاداء بين العمل المعارض و الحكم، فرق كبير، لكن كلا المكانين محكوم بضوابط و ثوابت، لا تغادر في النص وروح النص مضمار خدمة الوطن.
في تجربتنا الكردية و العراقية الطويلة في المعارضة و القريبة في ادارة جزء من الاقليم ثم الاقليم عدا المناطق الداخلة في المادة ١٤٠ من الدستور الحالي، ذهبنا في معجم الشراكة الى اقصى المديات، و كانت مدرسة الملا مصطفى البارزاني حاضرة دوما و تحديدا في ان لا تتبدل السيرة مع التحول من مناضلين ثوار الى مسؤولين يحاسبهم شعبهم عن ترجمة شعارات العمل السياسي الى واقع، و التجربة ليست سهلة و ليست سلسة، لكنها ليست من جنس المستحيلات.
كنا و لا زلنا نُخضع الخطوات المراد عملها لميزان الدراسة و الواقعية، و نُراجع الاداء شكلا و مضمونا، متحاشين شحوم الدعاية الاستهلاكية و الاستعراضات و تراشق التصريحات، فبنظرة واحدة لما بعد١٩٥٨، و حتى نيسان ٢٠٠٣، ستظهر لمن يريد الحقيقة منحنيات حادة نحو الاسفل طالت الطبقة المتوسطة و مراكز الخدمة و النهضة في بلد بثروتين بشرية و طبيعية، بسبب داخلي اكثر منه خارجي، و ذاتي اكثر منه موضوعي، وهي بأختصار العقلية التي تركن لتجريب ما لا يجوز تجريبه على شعب اي شعب، فكيف بشعب مثل العراق متعدد في كل شيء.
اكتب هذه الكلمات و نحن نعد ماتبقى من ايام للسنة الحالية، وهي سنة شهدت انتخابات نيابية بعد احداث ضخمة شعبيا في ٢٠١٨ دفعت بالقوى السياسية للتنبه للشارع.
٢٠٢٢ سيكون عاما تبلغ فيه مواليد سنا يمكنها من التصويت، قسم يعيش تحت خط الفقر، و قسم في مخيمات النزوح، واعداد في المهاجر او تروم الهجرة، وعدد يعيش متقبلا الوضع مسكونا برجاء تبدل الحال للافضل.
هذا الجيل و الذي يكبره ببضع سنوات و امام انفتاح معلوماتي، سيستغرب اذا ما طالع او سمع عن حركات بذاتها وقفت متهمة النظام السابق بجر الويلات على البلاد، لكن عين الحركات تلكأت في تحويل شعارتها لما فيه الخير الذي يستحقه بلد سقته الالوف دما و سجنا و تشريدا.
الحكم و المعارضة معادلة ان ظهرت نتيجتها مغلوطة فقد تجلب مستجدات لا قِبٓل لاحد على حلها.
اننا و لسنوات بعيدة وضعنا امام حاصلات النظام السابق ثلاثة عوامل اردته الى ما توقعناه مسبقا : السبب و النتيجة و الممارسة، والفطن هو من يضع عين هذه العوامل امامه، فهو الذي يتصدر او سيتصدر المشهد قريبا.
ولنتذكر ان السؤال الاكثر الحاحا و حقا هو الذي يقول: الا يكفي قرابة العشرين سنة زمنا و ثمنا لتعديل المسار؟
ارجو للجميع سنة خير.
صحيفة الزمان - العدد 7151 - 20-12-2021