العراق مقارنة بإيران وسوريا واسرائيل: انتخاباته غير تمثيلية ومحبطة
أجرى موقع "انترناشيونال بوليسي دايجست" الاميركي مقارنة بين الانتخابات في كل من العراق وسوريا وايران واسرائيل، طارحا تساؤلا في البداية عما إذا كانت الانتخابات في الانظمة السياسية القائمة، لها أثر فعلي.
وبينما اعتبر الموقع الأميركي في تقرير انه في الانظمة الديمقراطية عموما، فان الانتخابات تشكل فرصة للناخبين للحكم على قادتهم السياسيين وما إذا كانوا يريدون منهم الاستمرار في مناصبهم ام لا، فاذا كانوا غير راضين عن ادائهم، يمكنهم اخراجهم من السلطة واستبدالهم بمجموعة أخرى من السياسيين. وبذلك يبدو انه في الانظمة الاستبدادية لا تخدم الانتخابات الهدف نفسه، فالناخبون لا يمكنهم ازاحة الحاكم او النظام من خلال صناديق الاقتراع، ولهذا فإن السؤال هو ما الجدوى من تنظيم الانتخابات.
وفي هذا السياق، ذكر الموقع بالانتخابات التي جرت في اسرائيل وسوريا، والانتخابات المقبلة في كل من إيران والعراق. وتابع انه من بين الدول الاربع، يمكن تقييم العراق واسرائيل على انهما اكثر ديمقراطية من ايران وسوريا، فيما يتعلق بمعايير التنافس السياسي ومراقبة السلطة الحكومية وغيرها.
لكن الموقع لاحظ انه برغم ذلك، فإنه برغم ان العراق واسرائيل أكثر ديمقراطية، فإنه من غير الواضح ما إذا كانت الانتخابات فيهما تؤدي الى تغيير كبير، بينما في النظامين الآخرين الأكثر استبدادا، فان اعادة انتخابات بشار الاسد في سوريا، لم تكن أمرا غير متوقع، ومع ذلك فإن التغيير السياسي قد يتحقق في إيران.
ولهذا فإن السؤال هو كيف يمكن تفسير غياب التغيير السياسي في الانظمة الاكثر ديمقراطية في اسرائيل والعراق، واحتمال حدوث هذا التغيير في إيران؟
وبعدما اشار الى ان انتخابات مارس/آذار الماضي هي الانتخابات الرابعة التي تجري في اسرائيل خلال عامين، لأسباب من بينها أساسا طبيعة تركيبة النظام السياسي في اسرائيل التي صارت أكثر يمينية وقومية ولم يتمكن حزب واحد من تمثيل هذه النزعة بغالبية تخصه وإنما تتوزع هذه النزعة على احزاب أصغر مضطرة للتفاوض مع الاحزاب الكبيرة لتشكيل الحكومات، لكن بسبب الانقسامات والتوتر فيما بينها، فإن الجهود تنهار، مضيفا "قد لا يكون الأمر مختلفا بالنسبة لحكومة اسرائيل المقبلة".
وأوضح الموقع انه "تم تشكيل ائتلاف جديد من ثمانية أحزاب الأسبوع الماضي، واذا نال موافقة برلمانية في الكنيست، فستكون المرة الاولى منذ 12 عاما التي لا يكون فيها بنيامين نتنياهو على رأس الائتلاف"، وأضاف انه "نظرا لان عدد الأحزاب المعنية يتراوح من الوسط الى اليمين وتضم العديد من السياسيين الذين لا يثقون ببعضهم البعض، فسيكون من الصعب عليهم الاتفاق على الكثير".
وذكر الموقع الأميركي انه في العراق فان التحدي مختلف عن اسرائيل، مشيرا الى ان "الرابط بين القادة والمجتمع، تصبح أكثر ضعفا".
وتابع أنه "على الرغم من وجود العديد من الأحزاب السياسية والمنافسة الانتخابية، فإن العديد من الناخبين يشعرون بأنهم منفصلون عن العملية السياسية".
واوضح الموقع ان المفاوضات التي تتم لتشكيل حكومات ما بعد الانتخابات توفر مساحة صغيرة للمواطنين وينظر الى الحكومات في العراق بعد العام 2003 على أنها "غير تمثيلية"، مضيفا ان ذلك ادى الى زيادة الإحباط في المجتمع فيما يتعلق بنقص الفرص الاقتصادية والدخل وسوء الخدمات العامة وتزايد انعدام الأمن العام والفوضى. واشار الى ان ذلك بلغ ذروته مع اندلاع التظاهرات خلال عامي 2019 و 2020.
واضاف انه “نتيجة لهذا، عندما تولى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي السلطة في العام الماضي، اقترح تقديم الانتخابات".
أما حول سوريا، فقد أشار الموقع إلى انه في سوريا، فاز الرئيس بشار الأسد بنسبة 95 % من التصويت في انتخابات رفضتها المعارضة والعديد من الدول الغربية لأنها ليست حرة او نزيهة.
وتابع الموقع أنه "إذا لم يكن موقف الاسد موضع شك، فلماذا أجرى (الأسد) انتخابات؟".
واشار الى عدد من الأسباب من بينها ان المناخ السياسي السائد اليوم يهيمن عليه مبدأ الديمقراطية (اي حكم الشعب) حتى لو كانت ممارسته قاصرة. واوضح انه حتى في الانظمة الاستبدادية، فمن المهم للحكام اثبات ارتباطهم بالشعب، والانتخابات هي التي تمثل هذه الأداة.
وكسبب آخر، فإن الأسد كان حريصا على إظهار سيطرته على سوريا، خاصة بعد 10 سنوات من الحرب والتي سقط خلالها جزء كبير من البلاد في أيدي خصومه والجماعات المتطرفة مثل "داعش".
اما فيما يتعلق بإيران، فقد لفت الموقع إلى أنه بخلاف الحال في سوريا، فان الانتخابات فيها قد تقود الى تغيير، حتى لو كان على صعيد الأشخاص وليس المضمون.
وتابع أن هناك المحافظين والمعتدلين، وبعد ثمانية أعوام من حكم التيار المعتدل للرئيس حسن روحاني، فان شخصية محافظة يتوقع ان تفوز بالانتخابات الان.
واشار الى انه بعيدا عن قضايا السياسة الخارجية، فإنه يمكن الشعور بتأثير الرئيس المحافظ محليا ايضا، موضحا ان ذلك قد يتطلب اتخاذ موقف أكثر قوة ردا على الاحتجاج الشعبي والاستياء إزاء الوضع الاقتصادي المتدهور، كما أن الرئيس المحافظ سيوسع نفوذ تياره داخل مختلف المؤسسات الايرانية المنتخبة وغير المنتخبة، بما في ذلك البرلمان والقضاء والحرس الثوري والهيئات الرقابية مثل مجلس صيانة الدستور، مضيفا ان هذه السيطرة يمكن أن تكون مهمة من اجل تحديد اختيار المرشد الاعلى الجديد، إذا لزم الأمر.
وختم تقرير الموقع الاميركي بالتساؤل انه بالنظر إلى امكانية حدوث مثل هذا التغيير، فلماذا إذن تعتبر إيران دولة غير ديمقراطية؟.
واعتبر أن الأمر يتعلق بالمسار الذي يجري قبل الانتخابات نفسها والذي يحد من اختيار الناخبين. واوضح ان مجلس صيانة الدستور قام خلال الشهر الماضي بفحص جميع المرشحين للرئاسة، وأن احد الاعتبارات الرئيسية في هذه العملية هو ما إذا كان المرشح يدعم النظام أم لا حيث يتم استبعاد الذين ينظر اليهم على انهم غير جديرين بالثقة. وفي هذا الإطار، تم السماح لسبعة مرشحين فقط من بين أكثر من 500 مرشح بالتقدم لخوض الانتخابات.
شفق نیوز