• Friday, 22 November 2024
logo

ترسيخ مبدأ التسامحوالحفاظ على التعايش السلمي في كوردستان .

ترسيخ مبدأ التسامحوالحفاظ على التعايش السلمي في كوردستان .
لعل النموذج الاجتماعي و التعايش السلمي بين اطياف المجتمع الكوردستاني و اديانه في كوردستان الكبرى عامة و اقليم كوردستان العراق خاصة لشيء نادر في منطقة كشرق الاوسط المليء بالصراعات الطائيفية و الدينية و القومية و المناطقية و العقائيدية وربما يكون النموذج الوحيد الموجود بهذا الشكل على مستوى العالم والذي اصبح لزاما على المجتمع الدولي ليس حمايته فقط بل والدفاع عنه و دعمه و مساعدته لكي يبقى و يدوم في ظل الصراعات الموجودة في المنطقة و التي من شأنها تهديد و هدم كل شيئ .
افتتاح اول كنيسة ارمنية (ارثوذكسية) في العاصمة اربيل في 6-4-2019 يعود الى استمرار حكومة الاقليم كما كانت سابقا في ترسيخ مبدا التسامح و التعاون و نشر هذه الثقافة في المجنمعالكوردستاني و رئيس الحكومة و في مناسبات عديدة اكد انه على علماء و رجال الدين و خطباء المساجد ايصال رسالة الاسلام الانسانية الصحيحة الغير العنصرية الى الشعب و العمل على الحفاظ على هذا الاختلاف الديني و التعايش السلمي الموجود في كوردستان و حمايته من الفتن و النعرات العنصرية التي تثار باسم الدين على اختلافها و انه من واجبهم نقل الرسالة بامانة و تطرق اكثر من مرة انه هناك مذاهب و طرق عديدة داخل الاسلام و ان ماموجود في كوردستان هو الاسلام الانساني الذي يدعم التطور لخدمة الشعب و الانسانية و ان الحكومة و عبر مؤسساتها ستقف داعما لايصال الرسالة الصحيحة الى المجتمع و بالمقابل ستقف و بحزم امام كل المحاولات التي تهدف الى انتهاك هذا النسيج الاجتماعي و تشويه و تكفير الاديان باسم الاسلام.
ولو راجعنا التاريخ الكوردي و التاريخ القديم لنجد ان جذور هذا التعايش السلمي بين اطياف المجتمع الكوردستاني يعود لازمنة قديمة جدا وان صلة القرابة المعروفة لدى الكوردبا(الكريف) اي القريب باللغة العربية فهي موجودة فقط داخل المجتمع الكوردستاني وكانت هذه الرابطة موجودة قديما في بلاد المغرب بين اليهود و المغاربة ايضا و لكن في كوردستان كان بين الكورد المسلمين و الكوردالايزديين و بين الكورد و الارمن و بين الكورد و الاشوريين و هذه الرابطة كانت قوية لدرجة كان التعدي على احد يعتبر التعدي على الاخر ايضا و حافظ الكورد طوال هذه العقود على هذه الروابط الاجتماعية و التي جعلت من المجتمعالكوردستاني اكثر تماسكا و متجانسا.
وهناك الكثير من الاحداث التاريخية التي تثبت قوة التعايش السلمي في كوردستان و لعل ابرزها كان بدرخان بك قبل اكثر من 160 عاما يقول دائما ان الكورد و الارمن شعب واحد و ذهب حتى الى ان يسمح بالزواج بين الارمن و الكورد . و في معركة (قلعة الروخ) حصر بدرخان بك و بقي معه 25 حارسا فقط و كان جميعهم من الارمن وان دل ذلك على شيئ فأنها تدل على قوة الروابط الاجتماعية و التعايش السلمي في كوردستان . و كذلك في بداية تشرين الاول من عام 1880 طلب الشيخ عبيدالله النهري من القنصل الامريكي بضرورة اخراج الاشوريين من مدينة اورمية قبل ان يقوم بالسيطرة عليها لكي لا يتعرضوا للقتل و الاذى و بعدها تغضب مني امريكا و اوربا الا ان القنصل الامريكي تماطل في ذلك و ادى ذلك الى وصول الجيش الايراني الى اورمية و خسر الشيخ النهري المعركة بسبب هذا الموقف . و كذلك عندما كان الشيخ عبيدالله النهري في طريقه الى مدينة اورمية لتحريرها طلب من الارمن الساكنين في القرى و المدن التي تقع في طريقه برفع علم سماوي اللون لمعرفتهم و امر الى جيشه بعدم التعرض لهم و ان التعرض للارمن هي التعرض للشيخ النهري ايضا .وهناك الكثير و الكثير من الاحداث و المواقف التي تثبت قوة الروابط و التعايش السلمي داخل المجتمع الكوردستاني.
وبعد عام 1992 ركزت سلطات الاقليم كل جهودها للحفاظ على التماسك الاجتماعي بين اطيافه رغم التحديات الكبيرة و بعد عام 2003 و سقوط النظام البعثي في العراق عملت حكومة و رئاسة الاقليم على توسيع و تقوية هذا التعايش السلمي في كوردستان و اصبح الكل يشارك في القرارات و ادارة شؤن البلاد و توفير فرص متكافئة للجميع لشغل المناصب و الوظائف الحكومية وتوفير الخدمات و اوصت بالاجهزة الامنية بحماية امن و ممتلكات جميع سكان الاقليم دون فرق و هذا ماجعلت من الاقليم نموذجا راقيا للتعايش السلمي ليس في منطقة شرق الاوسط فقط بل في العالم باسره.
وفي زمننا هذا فنادرا ان تجد في بقعة واحدة من العالم فيها مسجد و كنيسة و مرقد و دور عبادة و يمارسون فيها طقوسهم الدينية بحرية الا ان في كوردستان هناك اكثر من مدينة و قرية توجد فيها هذا الاختلاف الدينيوانهم يمارسون طقوسهم بكل حرية و احترام دون ان يؤثر احد على الاخر كما هو الحال في قضاء شيخان و سنجار و تلكيف و منطقة بروارى في محافظة دهوك و قضاء عنكاوة في اربيل و مناطق و مدن عدة اخرى في كوردستان وان هذا التعايش السلمي لم يأتي من فراغ ابدا وانما جاء نتيجة العمل الكبير الذي قامت به سلطات الاقليم و الحب و القناعة و الامان و احترام الاخر و الثقة و الشعور بالمواطنة بين اطياف هذا المجتمع و الكل يعتبر كوردستان موطنه الاصلي.
رغم المحاولات العديدة من قبل السطات العراقية و حتى التركية و الايرانية و غيرها من الدول في خلق الفوضى و الكراهية و بث الفتن بين الاطياف المختلفة داخل المجتمع الكوردستاني الا ان كل هذه المحاولات بائت بالفشل بل وادت الى ان تقوى هذا التماسك و الروابط اكثر و معا يدافعوا عن حقوقهم وعن وطنهم كوردستان .
فلجأت انظمة هذه الدول الى صناعة منضمات ارهابية كتنظيم القاعدة و داعش و ميلشيات طائيفية لضرب هذا النموذج من التعايش السلمي و اجبار ابنائها على الخضوع لسياساتها او قتلها و تهجيرها و ان هذه السياسة ان كانت قد نجحت في بعض المناطق في سوريا و العراق الا انها فشلت في كوردستان فشلا ذريعا و زادت من قوة هذا التماسك و التعايش السلمي و بل ان اطياف هذا المجتمع وقفوا جنبا الى جنب ضد هذه التهديدات .
ولهذا اصبح هذا النموذج من التعايش السلمي داخل المجتمع الكوردستاني كورقة ضغط على المجتمع الدولي و اصبح لزاما عليه لكي يتحرك و يعمل على حمايته و الدفاع عنه و ان الضمان الوحيد لكي يبقى هذا النموذج النادر من التعايش السلمي في العالم باقيا هو دعمه لكي يبني كيانه السياسي و دولته الخاصة به اي دولة كوردستان في ظل التحديات الهائلة الموجودة في منطقة الشرق الاوسط .
Top