مضت اربع سنوات و كأنها اربعة عقود !!
منذ بداية عام 2014 قطعت بغداد الميزانية عن الاقليم و حرضت بعض الاطراف السياسية الكوردية ضد حكومة الاقليم و خلق مبررات لتصرف بغداد و بعدها دخل الاقليم في حرب مع داعش بعد ان استولت داعش على ثلث الاراضي العراقية و اسلحة و عتاد لاكثر من 6 فرق عسكرية من الجيش و الشرطة الاتحادية و نزوح مايقارب من مليوني نازح من مناطق متفرقة و لجأوا الى الاقليم و التي ارهقت و استنزفت الكثير من قوى و طاقات الحكومة!!! ليدخل بعدها في عام 2015 و اغلب الكتل السياسية قد استعدت لسحب البساط تحت اقدام الحزب الديمقراطي الكوردستاني و ازاحته عن قيادة الاقليم بحجة منصب رئاسة الاقليم دون النظر و الاهتمام الى الاحداث و الواقع الذي يمر فيه كوردستان من حرب و ازمات و خلقوا ازمات اخرى و افتعلوا الفتن و قاموا بالتظاهرات و حرقوا المقرات و المؤسسات الحكومية و كان هدفهم الاساسي هو زعزعة امن الاقليم و خلق ثغرات و فجوات داخل قوات البيشمركة بعد ان فشلوا سياسيا في فرض اجنداتهم على الساحة السياسية و عن طريق البرلمان و الانجاز الاكبر الذ يحسب لحكومة الاقليم في هذه السنة هي قرارها باعلان الاستقلال الاقتصادي عن بغداد و الذي سنعرف مدى قوة هذا القرار في المستقبل القريب . و هكذا و بمزيد من المشاكل و الازمات دخل اقليم كوردستان عام 2016 و لكن في هذا العام تغير الكثير من الاحداث و استطاعت قوات البيشمركة تحرير الكثير من المناطق و تقوية الجبهات امام داعش و اصبح هو يهاجم بدل ان كان في وضع الدفاع !! ولكن الازمات السياسية و قطع الميزانية و ضغط النازحين قد اثقلت كاهل الحكومة كثيرا ورئاسة الحكومة كانت مستمرة في مساعيها لحل المشاكل مع بغداد ولكن دون جدوى و في 16-10-2016 ابرمت الاقليم اتفاقا مع شركة ديلويت العالمية لتدقيق الحسابات و البيانات وشركة ديلويت (Deloitte) هي شركة امريكية مقرها نيويورك اسست عام 1845 و لها مكاتب في دول كثيرة وتعتبر واحدة من افضل 100 شركة في العالم و عدد موضفيها اكثر من (244,400) موظف و في اخر تقرير لها في نهاية عام 2016عن ارباحها فكانت (36.8) مليار دولار و ان تقاريرها و دراساتها لايعترض عليها احد لدقتها و تفاصيلها و مصداقيتها و هذا ماجعلت الحكومة ان تقدم على الاتفاق معها و تسليمها ملفي قطاعي النفط و الغاز لازال كل الشكوك و الاكاذيب عن هذين القطاعيين هنا فرض الحكومة واقعا اخر على المشككين في قطاعي النفط و الغاز و مصاريفهما و ارادات الاقليم منها ليفتح الباب بعد ذلك لشركات اخرى للاستثمار في الاقليم و خلق الثقة لديهم و هكذا ودع الاقليم عام 2016و الذي كان مفصليا من كل الجوانب!!
واضح ان الواقع السياسي بقي كما هو و الازمات كذلك و هكذا دخل الاقليم عام 2017 بكل هذه المشاكل و لكن برؤية و حنكة سياسية اخرىو ان قرار قيادة الاقليم باجراء الاستفتاء كانت نتيجة لتصرفات بغداد و خرقها للدستور مرارا و تكرارا وو انتهاجها لسياسات الحكومات السابقة و بعدما ماقام حكومة الاقليمباجراء الاستفتاء على استقلال اقليم كوردستانفي 25-9-2017وما تلاها من مواقف متشنجة و عدائية من بغداد و اصدارها حزمة من القرارات العقابية المجحفة بحق الشعب الكوردي و خاصة بعد احداث 16 اوكتوبر و محاولة بغداد و بعض الاجندات الاقليمية و الدولية بالسيطرة على اربيل و احتلالها لانهاء وجود اقليم كوردستان في العراق بعد ان تم احتلال اغلب المناطق الكوردستانية خارج ادارة اقليم كوردستان من قبل الحشد الشعبي و الاجندات الخارجية والتي تسمى بمناطق المتنازع عليها وفق المادة (140) من الدستور.و بالمقابل السياسة الهادئة و احتواء الازمات التي تبنتهاالاقليم تجاه التحديات الداخلية و الخارجية بعد كسر الحصار الدبلوماسي و سلسلة من الزيارات التي قام بها رئيس الحكومة حينها من زيارة باريس و من ثم برلين و المشاركة في مؤتمر دافوس و بعدها زيارة بغداد في 20-1-2018 و من ثم طهران و ليشارك الاقليم بعدها و بوفدين كبيرين في مؤتمر ميونخ للامن في المانيا في دورتها الرابعة و الخمسين لينقلب بعد ذلك الضغط الدولي شيئا فشيئا على بغداد حتى تم اجبارها لتدخل في المفاوضات الغير مباشرة مع الاقليم و ليتم بعدها الاعلان في اوائل اذار من السنة عن توصل بغداد واربيل لتفاهم مشترك و وضع خارطة طريق لحل المشاكل و الخلافات بين الطرفين و بذلك استطاعت حكومة الاقليم ابعاد الحرب و لو مؤقت عن الاقليم و حولت بوصلة الازمات صوب بغداد و ربما لن تستطيع ان تخرج منها ولعل اعلانحكومةالاقليمعناتفاقهامعشركةروسنفتالروسيةالعملاقةوتحديدافي 18-9-2017الاثرالكبيرلتغييرالاحداثفيمابعد.
لهذا تعتبر الاربع السنوات الماضية على انها اربعة عقود لان اشد المتفائلين لم يكن يتوقع انه بمقدور حكومة الاقليم تجاوز كل تلك الازمات و الضغوطات و التحديات الامنية و الاقتصادية و السياسية وانها ستخضع لارادة بغداد و خاصة بعد استقالة رئيس الاقليم السيد مسعود بارزاني و توزيع صلاحياته على الحكومة و البرلمان و مجلس القضاء و انسحاب اغلب الاطراف السياسية من الحكومة حينها اصبح مهمة رئيس الحكومة نيجيرفانبارزانى اصعب بكثير و كان المهمة الاصعب هو الحفاظ على فيدرالية اقليم كوردستان و الحكومة في ظل تلك الظروف الصعبة جدا و هذا مااستطاع القيام به رئيس الحكومة بعد سلسلة من المحاولات الدبلوماسية على الصعيدين الداخلي والخارجي و كسر القيود المفروض على دبلوماسية الاقليم و استطاع تدويل الاحداث لتنقلب الى ضغوطات على بغداد و اجبارها على وقف تهديداتها ضد كوردستان و ضرورة الالتزام بالدستور الذي نسفته بغداد نفسها!! و ليدخل بعدها الطرفان في الانتخابات و اثبتت النتائج قوة وسياسة الطرف الفائز فيها و التي جعلت من اربيل قبلة للاطراف السياسية لكي يتفاوضوا على تشكيل الحكومة الجديدة بعد ان حاولت كثير من الاطراف السياسيةومنها اطراف كوردية قبل الانتخابات النيابية التي اجريت في 12-5-2018 ان تجعل من بغداد مكة للسياسة و القرار السياسي و استغلال الظروف التي عصفت بالاقليم بعد حرب داعش و موجة النزوح و الازمة الاقتصادية و السياسية و المعارك مع الحشد و الضغوطات الكبيرة المفروضة على كوردستان من كل النواحي و لكن كل محاولاتهم بائت بالفشل ورجعت اربيل اقوى من قبل .
لعل الحدث البارز كان قرار الادارة الامريكية والذي جاء كالصاعقة على بعض الاطراف السياسية و حتى الاقليمية و الدولية ايضا بانشاء اكبر قنصلية لها في العالم و في عاصمة اقليم كوردستان / اربيل تحديدا و تم وضع حجر الاساس لها فعلا في يوم الجمعة المصادف 6-7-2018 و على مساحة تقدر 200 الف متر مربع و بتكلفة تقدر 600 مليون دولار امريكي وحينها جائت الردود سريعا فروسيا اعتبرتها بانها ستكون سفارة امريكا في المستقبل و ايران اعتبرتها تهديدا صارخا لها و الاطراف العراقية وصفتها بانها انتهاك لسيادة العراق و اضعاف لبغداد و تركيا سارعت لدعوة رئيس حكومة الاقليم السيد نيجيرفان بارزاني لزيارة تركيا رسميا و يأتي هذه الزيارة بعد اجراء الانتخابات الرئاسية و البرلمانية في تركيا و التي فاز بها اردوغان و حزبه !! من هنا يتضح انه و بعد مراثون طويل من الازمات التي عانت منها كوردستان و خرجت منها اقوى خاصة بعد احداث كركوك و فرضت نفسها كرقم صعب في المنطقة !! لهذا فان اهتمام المجتمع الدولي و خاصة امريكا و روسيا باربيل لم يأتي من فراغ وان اربيل ستكون مركزا للقرار السياسي في المنطقة خاصة بعد اعلان الادارة الامريكية عن استرتيجتها الجديدة تجاه ايران و المنطقة و أن لم تجنب بغداد نفسها عن الضغوطات الايرانية و هذا ملا تستطيع بغداد القيام به!! فان المتضرر الاول و الاكبر من هذه الاستراتيجية ستكون العراق !! لانه كلما ضغطت امريكا و المجتمع الدولي على ايران كلما ضغطت ايران على العراق و امتصتها لتجنب الضغوطات و العقوبات الدولية المفروضة عليها !! و لايخفى على احد ان ايران لا تستحوذ فقط على القرار السياسي العراقي و انما تستحوذ على اقتصاديه و اغلب ابار نفطه و احتكرت اسواقه و اجتاحت شركتها كل مفاصل الحياة في العراق!!!
كوردستان باتت اقوى بعد اربع سنوات كارثية لان الحزب الديمقراطي الكوردستاني اصبح اقوى فبعد احداث 16 اوكتوبر و ماتلتها من ازمات و صراعات وكان الاقليم على بعد لحظات من الانهيار و الزوال لولا حنكة و سياسة الديمقراطي الكوردستاني و بعد كل تلك الاحداث ضغط المجتمع الدولي و الدول الاقليمية و حتى بعض الاطراف الداخلية على البارتي للدخول في الانتخابات البرلمانية في العراقلاعطائها الشرعية . و التي اجريت في 12-5-2018 و دخل و اصبح الحزب الاول على مستوى العراق . و بعدها تحدى كل الازمات و القوى السياسية التي كانت تطلب تأجيل الانتخابات البرلمانية في الاقليم رغم ان اغلب مفاصل الحكومة و القرار السياسي كان بيد الديمقراطي الكوردستاني و لكنه اصر على اجرائها و فعلا تم اجراء الانتخابات في 30-9-2018 و سحق الديمقراطي كل منافسه و فاز ب 45 مقعدا و بقي الحزب الاول كوردستانيا ايضا و اصبح اقوى . من هنا يتضح ان الاربع السنوات الماضية رغم قساوتها و مرارتها و صعوبتها على الشعب الكوردي من كل الجوانب الا ان حكومة الاقليم ورئيسها و البارتي و بسياستهم استطاعوا تجاوز تلك المحنات و الحفاظ على الاقليم و بذلك اكتسب خبرة و قوة اكثر و كوردستان اصبحت اقوى الان .