لا اعرف ما الحاجة التي دعتني لكتابة هذا النص فعلى الرغم من يقيني التام بعدم اسهامه في تغيير واقع الحال حاله حال المئات بل الالاف التي كتبت قبله الا انه قد يسهم في تنفيس الكبت الذي تخزنه ذاكرتي المعرفية بسبب تردي الجو العام المعرفي الذي نعيشه فارضا علينا املاءاته وجاعلا منا نسخ مكررة ترفض مواكبة التطور الذي يشهده العالم في شتى المجالات بل تعيدنا سنوات ضوئية الى الخلف . ما اجمل تلك العبارة التي تقول ( اعطني خبزا ومسرحا اعطيك شعبا مثقفا ) وهنا نحن نمتلك الاثنين معا الخبز والمسرح الا ان مجتمعنا ابتعد عن الثقافة وان كنت قاسيا في هذا الوصف كون الاخير اي المسرح اصبح يقودنا الى اعماق الجهل والتخلف بفضل هيمنة ثلة من الراقصين والراقصات على خشبته وراحوا يقدمون لنا اعمالا هابطة عبر ما يعرف بالمسرح التجاري الذي بات يضاهي الكثير من (الديسكوات) المنتشرة في البلاد بعد تقديمه لعروض مسرحية راقصة ومثيرة للغرائز يقدمنها " فنانات" المستوى الاخير او حتى بنات الليل بعد رفض الكثير من بنات النهار تأدية تلك الادوار . النماذج الهابطة والادوار السطحية لم تعد تقتصر على المسرح فحسب بل باتت طاغية على المشهد الثقافي في البلاد بعد تراجع مستوى الجودة فيه لينعكس على مستوى الذائقة الثقافية ايضا والتي راحت تلتهم الاخضر واليابس وتبتلع كل ما يقف امامها دون مقارنته بما هو افضل، بل يتم مقارنته بالذي هو دون . الرواية احدى الاجناس الادبية التي تعاني اليوم هي الاخرى من تشوهات كبيرة وكثيرة بسبب الكم الهائل الذي يحاول ان يصبح نجما عبر دخوله عالم الادب من بابها ذو القدسية الفريدة في مجال الثقافة اذ بدأ الاخير بفقدان بريقه بسبب دخول نماذج وجدته الأقصر والإسهل للشهرة. مؤخرا ظهرت علينا الكثير من الكاتبات اللواتي اخترن هذا النوع للوصول الى عالم الشهرة محطمات الكثير من الاعراف والتقاليد بل حتى القواعد الادبية في الكتابة وهن يحاولن تقديم "مؤخراتهن" على نصوصهن الادبية بغية نيل النجاح الباهر حتى صار الادب (مهنة من لا مهنة له) ان القارئ للنصوص الروائية الجديدة سيجدها باهتة جدا لا تنفعها زيادة الالوان عبر اختيار عناوين جذابة مثيرة للجدل سيما تلك التي تكتبها الحسناوات اللواتي يثرن غريزة الجمهور منذ اول اطلالة لهن فيجعلهن بين احضانه اثناء قراءته لنصوصهن الباردة تلك, ورغم ذلك الا انها تعمل على تسخين الذائقة الغرائزية لذلك الجمهور الذي يتجه نحو السطحية ويصب جل اهتمامه على الشكل دون المعنى. ووفق هذا المنطلق فقد قُدمت الكثير من الاعمال الروائية الهابطة على اخرى عميقة تمتلك كل مقومات النجاح الا ان الاولى كتبتها انامل رقيقة داعبت اجساد المحكمين قبل عقولهم لتصبح في المرتبة الاولى فيما كان القعر من نصيب تلك التي كتبها اصحاب وصاحبات الوجوه السمر والانامل الخشنة , عزيزي القارئ لا شك انك قد قرأت الكثير من الاعمال الادبية التي كتبتها الحسناوات فعليك ان تتأكد ان هناك ايادِ خفية تدون الكثير من تلك النصوص بطريقة محترفة تجعلك تعتقد بأنها لصاحبة الاسم المدون على الغلاف بعد ان تعمد المحترفون من الكُتاب بوضع اخطاء لغوية وفنية متعمدة لأيهامك بأن النص كتب من قبل كاتبة مبتدئة , عزيزتي الكاتبة المبتدئة ان لم تكوني حسناء بل وفاتنة فلا تتعبي نفسك بالولوج الى عالم الكتابة سيما في مجال الراوية كونه سيكون طويلا جدا جدا وشاقا اكثر من ذلك قبل اثبات موهبتك وعلى مقولة المصريين ( خذيها من قصيرها ) واتركي الساحة لتلك النسوة اللواتي اسهمن في جعلن الادب يسير على خطى المسرح الذي بات عنوانا للتخلف والجهل بل للأسف والرذيلة ايضا , ومع كل ما ذكر لا يمنع وجود اسماء ادبية نسوية في ماجل الرواية والشعر وغيرها من الاجناس استطعن الحصول على مراتب عليا دون ان يقدمن شيء سوى نتاجاتهن الادبية , حاجتنا اليوم الى نقاد لا يجاملون حين يقولون للكاتبة (انت قمت بتحطيم بنية السرد التقليدي) بل يقولون لها ان نتاجك الاخير لا يصلح للنشر فعليك البحث عن مهنة اخرى او تطوير نفسك , كما ان هذا امر متوقف على دور النشر التي يجب ان تلتزم بمعايير عالية كي لا تساهم هي الاخرى في ايجاد ادب تجاري يقترب من شقيقه المسرح بسبب رغبتها في الحصول على المال بأية طريقة .