في الوقت الذي ودعت معظم مجتمعات المعمورة ثقافة وسلوك الرق ما تزال الكثير من مجتمعاتنا تمارس تلك السلوكيات بصور واشكال مختلفة وكأنها تعيش في زمن العصور الحجرية عبر تمسكها بمنظومات لم ولن تسهم في تطوير الأفراد والمجتمعات على حد سواء. المنظومتان الأكثر تأثيرا في المجتمع العراقي اليوم هما المؤسسة الدينية على اختلاف طوائفها ومذاهبها ، والمؤسسة العشائرية اللتان تلعبان دورا كبيرا في تحفيز الشارع وقيادته إلى مديات بعيدة في عمق كهوف التخلف والرجعية حتى جعلتا منه أداة من أدوات تنفيذ اجنداتهما عبر تبنيه نظريات لم يعد لها دور في عالم اليوم هدفها تسيد رجالات الدين و العشائر على المجتمع بغية تحقيق مصالح فئوية ضيقة لن تنفع أحدُ الا الراسخون في هاتين المؤسستين . ان رجالات الدين والعشائر لهما دور واضح في تكبيل حركة التقدم التي يحاول المجتمع الزحف أليها فيما تقوده فطرته المدنية إلى التحرر حيث يعمد هؤلا على وضع المواطن والمجتمع في أطر ضيقة تقزم إمكانياته وتسوقه وفق ما مرسوم في المنظومتين كي لا يتمرد عليهما ويصبح حرا.وفي ظل التطور السريع الذي يشهده العالم اليوم والذي بدوره ينسف جميع معايير الجودة في هاتين المنظومتين يقف رجالاتهما بحزم أمام كل بوادر الإصلاح المجتمعية التي يحاول المتنورون تطبيقها بغية خلاص المجتمعات من جور مؤسسات رجعية اوغلت في تخلف وجهل شريحة واسعة من المواطنين وجعلتهم نسخ تقليدية لا يمكن لها أن تتجاوز حدود المألوف في تلك البيئات وان كانت تمتلك الكثير من الإمكانيات لتقديم فكر حر نقي يأخذنا إلى نقطة الضوء الواضحة بعيدا عن حفر الظلام الدامس المرسومة بطريقة ممنهجة لا يمكن من خلالها الوصول إلى اي شكل من أشكال التطور الذي وصل إليه العالم اليوم. ومن خلال النظر إلى الكيفية التي يعيش بها أكثر مجتمعات الكوكب تطورا نجده قد أزاح كل أشكال الاستبداد وفرض أرادات لايمكنها ان تسهم إلا في ترسيخ سطوة السلطة الفئوية الضيقة لتكون المواطنة الصالحة المعيار الحقيقي للتقدم والازدهار لتلك المجتمعات فلا ينظر إلى الفرد إلا من خلال ما يقدمه لنفسه أو لمحيطه وبلده دون الاكتراث إلى موروثه العائلي او درجة تدينه على عكس مجتمعاتنا التي تتعامل مع الأفراد من خلال موروثات لاتغير في الواقع شيئا بل تزيد من تعقيده ناهيك عن درجة التدين التي أصبحت شهادة حسن سيرة وسلوك لكل من يمتهن هذه الوسيلة للتربح. ان مجتمعنا اليوم في أمس الحاجة لثورة حقيقة على ثوابت سطحية لاتسمن ولاتغني من جوع أمام الثورات الصناعية والتكنولوجية التي عززت تقدم الأمم واوصلتها إلى سطح القمر فيما لا نزال نراوح اماكننا بسبب تمسكنا بموروث تقليدي عبر تبجيلنا لأشخاص لا يمتلكون من العلم شيئا سوى أن اباهم كان صالحا ذات يوم او تزعم فصيل محدد بعد اغتنامه لظرف معينة فيفترض ان يكون الأبناء كذلك، ومن يضمن ان يكونوا بدرجة الخير التي كان ابوهم عليها هذا ان كان هناك خير في جعبتهم ؟ إضافة إلى تبجيلنا لأخرين يحفظون نصوصا وأحكام شرعية جامدة مر عليها عشرات القرون يمكن لموقع الكتروني ان يختزل دورهم بكل جدارة. ان الفرصة اليوم مؤاتية أكثر من أي وقت مضى لتحريك الجمود الحاصل في المجتمعات وإبعاد سلطة الدين والقبيلة بعيدا عن صناعة القرار بعد أن امتلكتا "لوبي" قوي ومؤثر في ترسيخ جذورهما في أعماق المجتمع عبر وصولهما إلى مراكز حساسة في المؤسسات الحكومية وبالتالي عملهما على إعادة توريث تلك السلطة إلى ابنائهم عند ذلك سيتم احتكار المنافسة من قبل هاتين السلطتين مع ابقاء الوضع على ما هو عليه اليوم او تراجعه أكثر لا سامح الله .