كُوباني والظلم الناعم: قوة البناء(٤-٤)
-تأثير البريطانيين، حيث لم يحبذ البريطانيون بأن يرتقي حال الكُرد سواء في كُردستان العراق أو سوريا، وذلك بسبب أنّ البريطانيين كانو منهمكيين لجذب تعاطف عربيّ والذين للتو كانوا خارجين من تحت سلطة العثمنليّة وذلك لكسب رضى باطنيّ من قبلهم ولكي تعزز مواقعهم في فلسطين، ولعل وعد بلفور دليل كبير على أنّ البريطانيين يقيسون مصلحتهم تبعاً للقضيّة الإسرائيلية وهم بهذا يحتاجون إلى العرب حتى لو كانت المسألة على حساب الكُرد!
-انشغال الفرنسيين بقضايا أبعد من قضيّة توزيع الحقوق للشعوب الغير عربيّة، مثل تعزيز العلاقة مع عرب المدن كدمشق وحلب في لحظة أنّ الكُرد البعض منهم لم يفكوا الرباط مع العثمنلية وذلك لكي يحافظوا على الأملاك في الشطر الثاني من الحدود والحفاظ على صلات القربى في الطرف الثاني الأمر الذي خلق لدى الفرنسيين شيء من الحذر في تعاطيهم مع قضيّة الحقوق الكُرديّة، ولعل تردد بعض النخب الكُرديّة في دعم ثورة شيخ سعيد كان علامة فارقة ودفعت بالفرنسيين لتشكيك بفك رباط بعض الكُرد مع العثمانيين.
و مع أنّ الفرنسيين في بداية تواجدهم في سوريا عُرف بالأكثر جرأة من حيث ممارسة القوة ضد السوريين، والوقوف بوجه "الرجل المريض" العثمنلي حيث رسم الحدود مع العثمانيين ووقعوا إتفاقيّة رسم الحدود وتحديد ملامح سيادة الدولة السوريّة، وكما قلنا إعطاء حق الإدارة الذاتية لثلاث مناطق كُرديّة إلا أنهم سرعان ما تريثوا في مسألة تطوير الإدارات مع أنّ في تلك المرحلة أصوات الرفض كانت قليلة مقارنة مع الأصوات التي نسمعها الآن بخصوص حق الكُرد. فقط كان الآشوريين يعترضون على حق الكُرد وبعض من العرب.
ما بعد الثلاثينيات إلى يوم جلاء آخر جندي فرنسي في أواسط الأربعينيات ساءت العلاقة الكُرديّة الفرنسيّة، وكان آل شاهين بك قد نسجوا العلاقة مع القوى الوطنيّة بدمشق بعد أن رفض الفرنسيين السماح للكُرد بتأسيس جيش كُردي وبعد أن ذهب قرار "الإدارة الذاتية في جرابلس وغيرها هباءً منثوراً، وتعمق الخلاف إلى درجة لم يدعوا الفرنسيين الكُرد إلى مؤتمر باريس في أواسط الثلاثينيات مع أنهم دعو كل النخب السوريّة فضلاً أن مشاريع الدساتير الفرنسيّة لم تتطرق إلى حق قضيّة الكُرد وكيفية التعاطي مع وجودهم.
ويبدو أنّ لحظة تواجد الفرنسيين في سوريا ليست كما كانت بعد أن انتشرت قواتها على سائر الأراضي السوريّة. وما إن أتوا إلى سوريا حتى فكرت بقضية الأقليات وبعد خروجها تركت من خلفها قضيّة كبيرة تتفاقم أزمتها.
ومنذ جلاء الفرنسيين إلى أواسط الخمسينيات لاحظ الكُرد تنامي النبرة العروبيّة إلى درجة أنهم أسسوا حزب قومي في ١٩٥٧ لمواجهة النبرات العروبيّة ورؤيّة أنفسهم من منطلق مختلف أي انتقل الكُرد لرؤيّة أنفسهم على أنّهم مجتمعات ومتطلبات العيش بات وبعد تنامي دور البارزانيين في أوساط الكُرد، باتوا يرون أنفسهم أصحاب الحق سياسيّاً. ما بعد الخمسينيات توجه أنظار الكُرد إلى البارزاني الخالد، وكان الوحيد الذي يجمع الهم السياسيّ الكُردي ليصبح مع السنوات الرمز الأول، وينتشر سمعة البارتي ليس في أوساط الكُرد فحسب إنّما لدى سائر المؤسسات السوريّة إلى درجة عندما كان يعتقل الأمن شخصيةً كُرديّة كان يسأله" أ أنت بارتي!؟"، وكل ذلك أتى بفضل البارزاني الخالد!
انتهى