• Friday, 22 November 2024
logo

ماذا لو أصبحت رئاسة الوزراء للكورد؟

ماذا لو أصبحت رئاسة الوزراء للكورد؟
لم أقل: ماذا لو أصبح رئيس وزراء العراق كورديا، لأن ذلك حصل سابقا ولم يغير من المعادلة شيئا، خذ مثلا: نورالدين محمود حيث أصبح رئيس وزراء العراق سنة 1952، وأحمد مختار بابان أصبح رئيس وزراء العراق لسنة 1958، ولكن الرجلين لم يتسلما هذا المنصب الرفيع لكونهما كورديين، بل لكونهما ينتمون الى جهة سياسية معينة لا تمثل الأمة الكوردية، أو ربما مستقلين اشتهرا في عملهما، فالأول كان فريقا أول في الجيش العراقي، والثاني كان قاضيا لمدة (17) سنة، ومحافظا لكربلاء، وتقلد وزارات عدة في العهد الملكي، ولهذا قلت: ماذا لو أصبحت رئاسة الوزراء للكورد؟ ولم أقل: ماذا لو أصبح رئيس وزراء العراق كورديا؟، لأن من يتولى هذا المنصب لا بد أن يكون من كوردستان لكي يشعر المواطن العراقي أن الذي يحكم العراق ليس عربيا قوميا - لأن القوميين العرب فشلوا، ودمروا البلد تدميرا من خلال الحروب العبثية- ولا مذهبيا طائفيا - لأن الطائفيين فشلوا، ومزقوا المجتمع تمزيقا من خلال بث أفكارهم المتطرفة والمتزمتة - ولا إسلاميا أيدلوجيا -لأن الإسلاميين فشلوا، وحولوا حياة الناس الى جحيم لا يطاق من خلال تركيزهم على أفكار لا تصلح لهذا الزمن المتقدم – بل الذي يحكم العراق كوردي مدني يريد بناء دولة مدنية ديمقراطية بعيدة عن الصبغة الدينية والطائفية والأيدلوجية والقومية.
لا جرم أن الأيديولوجين والطائفيين والقوميين والإسلاميين العرب سنة وشيعة سيرفضون هذا المقترح رفضا قاطعا، وتبقى فئة واحدة في العراق ربما ستقبل هذا المقترح برحابة صدر وهم المثقفون والمؤمنون بالدولة المدنية والديمقراطية والإنسانية والمواطنة، والحقيقة أن الغاية الرئيس والأساس من تشكيل الحكومات خدمة المواطنين، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة، بحيث يشعر المواطن بالسعادة والرفاهية والعيش الرغيد، وعندما يكون ذلك كذلك يعتز المواطن بالإنتماء إلى هذا الوطن، ومستعد للدفاع عنه بالروح والمال والدم ضد أي خطر يهدده ، ويتحول هذا المواطن وقتئذ إلى مواطن صالح يساعد حكومته ويخلص لها في جميع الأوقات، بحيث يصل الى مرحلة يستشيط غضبا إذا ما ألقى شخص ورقة منديل مستعملة على الأرض أمام عينيه، وكأنه ألقاها على صدره ووجهه، إذن العملية مترابطة ومتكاملة، حكومة تسهر وتعمل ليل نهار لخدمة مواطنيها، وفي مقابلها ستجد مواطنين يخلصون لها، وليس شرطا أن يصبح جميع المواطنين مخلصين لها، فهناك من يصلح هكذا، وفئات أخرى لن تصلح إلا بتطبيق القانون، فليس جميع الناس ملائكة، وليست جميع الحكومات مثالية كمثالية افلاطون ولا فاضلة كمدينة الفارابي، فقديما قال عثمان بن عفان(رض):" إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن"، ومعناه أن قوة الدولة لا النصائح الدينية ستجعل الكثيرين مواطنين صالحين يحترمون قوانين الدولة، الذي أريد أن أصل إليه أن الدول التي ينعم مواطنوها بالرفاهية والعيش الرغيد والسعادة لن يخونوا أوطانهم، بل هم أحرص الناس على حفظ بلادهم وحمايتها والدفاع عنها، لأن حكوماتهم حكومات مدنية ديمقراطية خدمية عملية عادلة نزيهة، وليست دينية أيدولوجية شعاراتية نظرية ظالمة فاسدة، كما هو الحال عندنا، وتلك الحكومات الناجحة لا مكان للفاسدين واللصوص والمشبوهين والمتهمين وذوي السمعة السيئة فيها، بل لو أن وزيرا أو مسؤولا أخطأ أو قصر أو اتهم بتهمة أو ما شابه ذلك قدم استقالته، لأنه لا يريد أن يعيش في موضع شبهة أمام مواطنيه، بينما نجد في حكوماتنا الفاسدين واللصوص والمتهمين والفاشلين وذوي السمعة السيئة، ولو سرقوا الوزارة لم يحرك أحد ساكنا، بل إنه أصلا جاء الى الوزارة ليبتلعها، وكم من وزارة بيعت، وكم من مناصب اشتريت، وكم من مقاعد للبرلمان عرضت للمزاد السري، ثم يريدون من المواطنين حب الوطن والإنتماء إليه والدفاع عنه، لا يمكن للمواطن أن يحب وطنا صار مرتعا للفاسدين، دعني أضرب بعض الأمثلة على مواقف المسؤولين في الدول المتطورة تجاه مواطنيهم، حتى ندرك مدى الإنحطاط السياسي في بلادنا، حيث نجد مسؤولا في الدول المتقدمة يستقيل لسبب بسيط، بينما نجد مسؤولينا يتورطون في قضايا فساد فاضحة واضحة وضوح الشمس في رائعة النهار ولا يستقيلون ولو تظاهر الشعب من جنوبه الى شماله ضده: خذ مثلا زير الدفاع الألماني كارل تيودور تسوغوتنبرغ قدم استقالته بعد أن تبين أنه رسالته للدكتوراه فيها استلال لم يشر الى المصادر والمراجع، فقررت جامعة بيريوت سحب الشهادة منه، بينما نجد في بلادنا من كتبت له رسالة دكتوراه كاملة وهو في بيته ينتظر وصولها له، بعد أن عقد صفقة مع كاتبها بثمن اتفقا عليه سابقا، هذا أولا. ثانيا وزير الطاقة البريطاني كريس هيون قدم استقالته بعد اتهم أنه تهرب من تحمل مخالفة مرورية، وتعرفون جيدا ما الذي يجري في بلادنا. ثالثا: وزير التجارة الأمريكي جون برايسون قدم استقالته بعد تسبّبه بحادثة سير. رابعا: رئيس وزراء رومانيا إميل بوك قدم استقالته استجابة لرغبة المواطنين الذين رفضوا سياسته التقشفية. خامسا: وزيرة خارجية فرنسا ميشال آليو ماري قدمت استقالتها لمجرد أنها قدمت التعاون مع نظام بن علي في تونس أثناء قضاءها إجازة هناك سنة 2010. سادسا: قدم وزير الإعمار الياباني إيمامورا استقالته بسبب كلمة قالها بحق شمال يابان بعد الزلزال المدمر سنة 2011، حيث قال:" إن الأمر كان سيصبح جيدا نوعا ما إذا ضربت الكارثتان الطبيعيتان توهوكو (شمال شرق اليابان)، لأن زلزالا في المناطق القريبة من طوكيو ربما يسبب ضررا ماديا أكبر حجما".. سابعا: قدم وزير خارجية تايلاند نوبادون باتاما استقالته بعد أن وقع على بيان كان مخالفا لدستور بلاده، وقد استقال احتراما للمحكمة الدستورية، وفي العراق تم خرق أكثر من خمسين مادة دستورية، وكأن شيئا لم يكن، ولا تزال حكومة بغداد تخرق الدستور باستمرار، ضاربة جميع الإعتراضات عرض الحائط، وهذا ينبيء أن وحدة العراق أكذوبة وخرافة، فالإلتزام بالدستور هو الضامن الوحيد لوحدته، وقد تجلى لكل ذي عينين أين موقع الدستور ومحله في الدولة العراقية.
ولو ذكرت جميع الذين قدموا استقالاتهم لاحتجت الى مقال آخر خاص بهذا الموضوع، ولكن ما ذكرته غيض من فيض، هذه الإستقالات إن دلت على شيء فإنما تدل على مدى تحضرهم وعلو مستواهم الثقافي وإخلاصهم ووفائهم وحبهم للوطن ولمواطنيهم، واحترامهم للدولة وقوانينها ودساتيرها، وعندما يصر المسؤول على البقاء في منصبه، ويرفض الإستقالة والاستجواب والمساءلة - مع فساده وفشله ومخالفاته - فهو دليل على أنه غارق في الفساد ومستغل لمنصبه لمآربه الشخصية والحزبية، ولا يحمل هم المواطنين ولا هم الوطن، بل همه أن يكّون نفسه من الناحية المالية والمعيشية خلال فترة وزارته، وأن يبقي لنفسه من باب الحيطة شيئا بعد الإنتهاء من هذه المسؤولية، كبناء فندق أو مطعم أو شركة أو مزرعة أو مصنع أو ما شابه ذلك، وعندما يُتهم وزير ما بالفساد سيعقد صفقة مع من اتهمه فيصبح نزيها، وعندما يرتكب مسؤول ما جريمة فسيدفع مبلغا ثم يصبح بريئا، ويُستجوب وزير صالح نزيه الى البرلمان لأنه لا يريد عقد صفقة مع الفاسدين فتسحب الثقة منه فيصبح متهما، وأحيانا لا يتفقون على مبلغ معين فيتقاتلون سرا، ويفتضحون جهرا، وقد رأينا بأم أعيننا هذه المهزلة أثناء استجواب خالد العبيدي وزير الدفاع العراقي، مهزلة حقيقية لا يعرف حقيقتها المواطن العراقي، لأنها تحدث وراء الكواليس، ثم يأتي أحدهم فيخطب في النزاهة والإصلاح وحب الوطن وضرورة الإنتماء ووحدة الوطن، هذه هي الحقيقة وإلا لم هذا الصراع والتنافس والمحاصصة على المناصب؟ فالجيمع متلهف للسلطة ولا أحد يحمل هموم الوطن والمواطنين، ألم يصل سعر الوزارة الى ملايين الدولارات؟ ألم يصل مقد البرلمان الى مليوني دولار؟.
وليكن معلوما أن الحوارات الجارية والتحالفات المشّكلة ليس الهدف منها خدمة المواطنين، بل الغاية خدمة أنفسهم فقط، ماذا قدمت هذه الطبقة السياسية الفاسدة منذ 2003 للموطن العراقي؟ أين ذهبت ثروات البلد، أين ذهبت إمكانيات البلد؟ أين احتياطات البلد؟ أين الأموال الطائلة التي صرفت للكهرباء؟ أين الماء؟ أين السدود؟ أين الطرق؟ أين الزراعة؟ أين الأنهار وأين تنقيتها وقد غدت متعفنة وآسنة؟ يتفطر قلب الإنسان ألما وأسى وحسرة عندما يرى نهري دجلة والفرات، أين موقعنا في التربية والتعليم؟ أين جامعاتنا؟ أين الإعمار؟ أين النظافة؟ أين الجمال والأناقة؟ أين السياحة؟ أين السيادة؟ أين الوحدة؟ أين موقع المواطن العراقي في العالم؟ حان وقت رحيل هذه الطبقة السياسية الفاسدة الى الأبد، ولا يمكن لهذه الطبقة أن تستعيد ثقة المواطنين، ولقد رأينا فضاحة نسبة المشاركة في الإنتخابات النيباية الأخيرة، فهو دليل على أن المواطن العراقي قد يئس من هذه الوجوه كما يئس الكفار من أصحاب القبور.
دعني أعود الى أصل المقال، ما كتبته مقدمة مهمة لكي نحاول تقديم مقترح لعله ينقذ العراق من هذه العقليات التي حكمت العراق عبر التاريخ، معلوم أنه منذ تأسيس الدولة العراقية لم يأت رئيس وزراء عراقي يحمل هموم المواطنين على اختلاف قومياتهم ودياناتهم ومذاهبهم، يأتي أحدهم عادلا لقوميته، فيهمش بقية القوميات وخاصة الكورد، ويأتي آخر فيعلن الحرب على الكورد، ويأتي ثالث ليهتم بمن ينتمي الى حزبه كما رأينا ذلك في حزب البعث العربي الإشتراكي، فظهرت سياسات التبعيث والتعريب، ثم جاءت طبقة سياسية أخرى بعد سقوط البعث، وهي الطبقة الإسلاموية(الإسلام السياسي الشيعي) متمثلا بحزب الدعوة، فركزت على الإيدلوجيا الدينية، وكان همها الأول والأخير تطوير المذهب ونشره، وتشريع قوانين في صالحه(قانون العطل الدينية والمذهبية، قانون الحشد الشعبي، قانون الأحوال الشخصية للمذهب الجعفري، وميزانيات للعتبات المقدسة، وإعمار العتبات المقدسة، بمعنى آخر تحويل الدولة من (التعريب السياسي) الذي بدأ به البعث الى الأدلجة الدينية (التشيع السياسي) هذه السياسة التمييزية والأيدلوجية مزقت وحدة بلد الإجتماعية، فالكورد شعروا بالغربة في الوطن بسبب التعريب، والسنة شعروا بالغربة في الوطن بسبب التشيع، وأتباع الديانات الأخرى شعروا بالغربة بسبب التطهير الديني والقضاء عليهم، ولهذا بدأت الهجرة الى خارج الوطن لأن الأيدلوجية الدينية أفيون أتباعها، ويتجلى ذلك من خلال أسماءها وشعاراتها وخطاباتها ورسائلها وتوجهاتها وعلاقاتها، فنجد أتباع هذه الأيدولوجية الدينية يتعاملون مع غيرهم تعاملا متطرفا، فمن لم يكن معهم، فهو على باطل، ومن كان على باطل يستحق الزوال، ولذلك تعد هذه الأيدلوجية الدينية أكبر تهديد للسلم المجتمعي في أي بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب كالعراق مثلا.
لقد فشل السنة والشيعة في حكم البلاد، ولكن العراقيين لم يجربوا الكورد خلال مائة عام، فالإنسان الكوردي لن يصبح قوميا ولا أيدلوجيا عندما يصبح رئيسا للوزراء، من يجرأ أن يتهم المرحوم مام جلال الطالباني بأنه كان قوميا، بل كان رئيسا مدنيا لجميع العراقيين، وكذلك السيد هوشيار الزيباري الذي كان وزيرا للخارجية العراقية، من كان يصدق أنه كوردي لولا اسمه، فقد كان يعمل للعراق، ولجميع العراقيين من غير تمييز، بل كنا نتهمه أنه لا يعير اهتماما بكوردستان وبقومه، ولقد استطاع الرجل أن يعطي وجها حضاريا للدبلوماسية العراقية، وعندما ذهبت للجعفري، ذهب ذلك الوجه الحضاري للوزارة، وتحولت الوزارة الى وسيلة لخدمة أيدلوجية معينة، وهكذا بقية الذين تسنموا مناصب مهمة في الدولة العراقية، حيث كانت الوطنية فوق جميع الأطر الأخرى، بخلاف المسؤولين الآخرين، فلم ينجو من الأطر القومية والأيدلوجية، فالإنسان الكوردي مدني يحب السلام والتطور والرفاهية والعيش الرغيد، وغير مكترث بالتصنيفات القومية والمذهبية والدينية، وكوردستان العراق نموذج رائع في التطور المدني والحضاري والثقافي والتعايش السلمي بين القوميات والأديان والمذاهب، ولقد تجاوزنا مرحلة مهمة من تاريخ نضالنا، حيث نجد الآن دعوة صريحة من قادتنا الى تأسيس دولة وطنية بدل الدولة القومية، لوجود قوميات أخرى، والى تأسيس دولة مدنية لإقصاء الدولة الدينية والأيدلوجية، ودولة ديمقراطية لإبعاد شبح الإستبداد الذي عانينا منه كثيرا، وقد ركز السيد مسعود البارزاني على هذه الركائز الرئيسة وخاصة بعد إجراء عملية الإستفتاء التاريخية، وهي بناء دولة وطنية لا قومية، ومدنية لا دينية، وديمقراطية لا استبدادية، وعادلة لا ظالمة، وخدمية لا تخديمية.
ليس ما اقترحه نظرية مجردة، فعندما نقارن بين كوردستان والمحافظات العراقية أو نقول عندما نقارن بين بغداد وأربيل نجد الفرق واسعا والبون شاسعا، هذا ما يقوله الزائرون لأربيل من جميع دول العالم، ولو لم تقطع الموازنة عن كوردستان سنة 2014 من قبل حكومة المالكي، ولا زالت مقطوعة، لكانت أربيل الآن في عداد المدن المتطورة جدا، وبالرغم من قطع الموازنة، فقدت اعتمدت حكومة كوردستان برئاسة السيد نيجيرفان البارزاني على نفسها، وتقدمت كثيرا من الناحية العمرانية والإدارية والخدمية، ولولا حرب داعش وقطع الموازنة وانخفاض أسعار النفط بصورة رهيبة وأزمة النازحين الذين اكتظت كوردستان بهم، لكنا الآن في مرحلة جدا متطورة من جميع مناحي الحياة، ولكن مع ذلك واجهت حكومة السيد نيجرفان البارزاني هذه التحديات جميعها وصمدت وتغلبت عليها بحكمة وحنكة وصبر وتحمل وتفان، ولو كانت أي دولة أخرى واجهت هذه التحديات التي واجهتها حكومة كوردستان لانهارت تماما، وخاصة حكومة بغداد، فالأخيرة –حكومة العبادي-بمجرد اقتراب داعش من أسوار بغداد كادت تلوذ بالفرار الى الخارج، لولا الفتوى التي أطلقها السيستاني بوجوب محاربة داعش، وعلى أساس تلك الفتوى تشكل الحشد الشعبي.
انتهت الإنتخابات ولا يزال الفرز اليدوي مستمرا لكشف التزوير في صناديق الإنتخابات، وهناك مظاهرات شعبية ضخمة في جنوب العراق، وخاصة في البصرة -العمود الفقري لإقتصاد العراق- وهي مظاهرات شعبية تحمل رسالة واضحة مغزاها أن هذه الطبقة السياسية التي حكمت العراق بعد سقوط النظام فشلت، وقد حان رحيلها، وستستمر هذه المظاهرات حتى تحقق أهدافها لأنها تشبه الثورة الشعبانية، ومن المعيب جدا أن يقوم بعض الساسة بتوزيع التهم على المتظاهرين حيث اتهموهم بالدعشنة والتبعيث، والأدهى من ذلك أن يقوم العبادي بتوزيع ثروات العراق على محافظة دون أخرى مع أن ذلك ليس من صلاحيته، لا إرضاء للمتظاهرين، بل خوفا على موقعه السياسي ومستقبله الوزاري، ولماذا لم يتم توزيع تلك الثروة عندما كانوا بحاجة إليها، ولماذا يطلق العبادي دعوة الى تعيين عدد غفير من المتظاهرين في دوائر الدولة، ولماذا لم يتم تعيينهم عندما كانوا يصرخون ويعانون من البطالة، أليس ذلك من أجل مكسب سياسي، ولكن أعتقد أن هذه الدعوات والقرارت لا تسمن ولا تغني من جوع، فالمتظاهرون تجاوزا هذه الأطر الضيقة.
اعتقد أنه قد حان للعراقيين أن يخرجوا من عباءة القومية والطائفية، ويدخلوا في عالم فسيح نحو المدنية والديمقراطية، فلا يكترثوا بمن سيكون رئيسا للوزراء، المهم أن يأتي هذا الشخص ليخدم المواطنين، وأتصور أن الوقت قد حان وهو مناسب لإعطاء الفرصة للكورد لتولي رئاسة الوزراء، فقد أثبتت تجربة كوردستان للعالم نجاحها على جميع الأصعدة، لا يتبادرن الى الذهن أن تجربة كوردستان مثالية لا عيوب فيها، فهي ليست مثالية وفيها أخطاء ونواقص وفساد وفي دوائرها ووزارتها فاسدون، ولكن النسبة ضئيلة، وهناك جهود جبارة تبذل لمحابة الفساد والفاسدين، فالتقدم ملحوظ، وهذه فرصة سانحة ينبغي عدم التفريط فيها، وخاصة أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني أصبح الأول على العراق في الإنتخابات النيابية الأخيرة، إذا أردنا أن ننقذ البلد من الهاوية والسقوط فدعنا نفسح المجال للكورد لتولي رئاسة الوزراء، فقد فشل السنة والشيعة وبقي الكورد، ولم تتح لهم الفرصة في تسنم رئاسة الوزراء، وإخال أن قبول ذلك سيكون صعبا، لأن هدف الرافضين لهذا المقترح مصلحتهم الخاصة في التلهف وراء السلطة، وليس مصلحة المواطين الذين عانوا بما فيه الكفاية.
Top