• Friday, 22 November 2024
logo

قراءة في كتاب : النسق القراني ومشروع الانسان نحوة قراءة راشدة في اصول الاصول للدكتور.جاسم السلطان الحلقة (1)

قراءة في كتاب  :  النسق القراني ومشروع الانسان نحوة قراءة راشدة في اصول الاصول للدكتور.جاسم السلطان  الحلقة (1)
عقارب الساعة لوحدها لا تسمى ساعة ولكن تكتسب معناها في نظام الساعة لا خارجه ولا معنى للجزء من دون سياقه الكلي .
ان وصف القرون الوسطى بالظلام في الغرب ووصف الجاهلية قبل الاسلام في جزيرة العرب كانا بسبب اختلال وخلل في منهج الفكر والتلقي في مسلماته ونتائجه فاورث جهالة استمرت مئات السنين وسببا في ابتعادهم وعدم قبولهم للحق بعدما استبان لهم .
لهذا يعتبر فساد المنهج آفة الآفات في كل عصر واختلالها طريق الهوان الانساني والحل يكمن في مسالة الوعي بالاتجاه الفكري والفهم السوي لغايات الدين والحياة تمهد الطريق لوعي ذاتي لتسامي الانسان .
حين افتقدنا النظرة لنسق قيم الدين، واختلت مفاهيمه الكبرى، واختلطت دوائر فعل النص؛ فقد الدين فاعليته، وأصبح جزء من المشكلة بدلا من أن يكون جزء من الحل، حيث أن الاستدعاء الفردي للنصوص من غير النظام الكلي الذي تشتغل عليه النصوص هو سبب أساسي في إشاعة الاضطراب في كل أوجه الحياة داخل البيئة الإسلامية إلى حد التناقض المفضي للهلاك، فما كان صالحا من بساطة الرؤية في البدايات، لم يعد مجديا في عصر التعقيد والبيئات المفتوحة.
من خلال هذا الطرح، نطمح إلى أن نعرض رؤية للدين من زاوية النسق القيمي العميق، بحيث تتساند القيم في صناعة التصور دون تشتت تضيع معه الصورة الكلية. وما نتمناه أن يرى القارئ قيمة النسق، وأن يجده حريا بالتبني، بديلا عن النظرة المجزأة للدين؛ لتختفي تلك الاستدعاءات المجتزَأة، والتي وصفها القرآن بـ “أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض”، و”الذين جعلوا القرآن عضين”، فالحالة التجزيئية أشبه بشخص يشتري قطع السيارة من أصغر جزء إلى أكبر جزء بطريقة منفردة، ويعتقد أن لديه سيارة. إن الفرق شاسع بين السيارة في كلها المركب، وبين أجزائها عندما تكون منفصلة، فهي لا تسمى سيارة إلا إذا شُكلت وحدة واحدة، أما أجزاؤها فهي لا تعدو أن تكون أجزاء وقطع.
إن استبدال المنظور الشائع والمجزأ بمنظور كلي متماسك ليس بالأمر اليسير، لكنه المستقبل، وبدونه سيكون فشل محقق.
ان تعلم التفكير في الأنساق ليس أمرا هينا في بيئات ألفت الأستدعاء المجزأ للنصوص الدينية وأختلت فيها المفاهيم اختلالا كبيرا حتى انقلبت للضد فمثلا لو نظرنا في مفهوم واحد مثل الجهاد الذي وظيفته في المجتمع هو المحافظة على المجتمع من العدوان الخارجي والتكفل بحرية الانسان في كل شئ كيف تحول الى سلاح لقتل الاخر انه انتقام الافكار لذاتها فعندما يخون مجتمع ما قيمه ولا يحافظ على مضمونها ونطاق عملها والنسق الذي تعمل فيه تنتقم هي منه بطريقتها وتخلق أضدادها وهكذا تنهار المجتمعات
Top