دبلوماسية الوساطة لماكرون بين بغداد و اربيل!!!
يسعى ماكرون - الذي استقبل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في 29 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي - إلى لعب دور الوساطة بين أربيل وبغداد، وتسهيل الحوار بينهما مستفيدًا من العلاقات الجيدة التي تربط باريس بمختلف الأطراف, واعتبر الرئيس الفرنسي أن وجود عراق قوي ومتعدد يعترف بكل مكوناته هو شرط للاستقرار في الشرق الأوسط على المدى القريب و البعيد، ويرى أن الجيل الجديد من القادة الكورد الذي يمثله نيجرفان بارزاني ابن شقيق الرئيس السابق للإقليم مسعود بارزاني وقوباد طالباني نجل الرئيس العراقي السابق جلال طالباني الذي توفي في أكتوبر/تشرين الأول، يتحمل مسؤولية تاريخية، وأضاف "فرنسا ستكون في تصرف الأطراف لإنجاح هذا الحوار الوطني البناء".
الان, يسعى ماكرون - الذي استقبل في باريس رئيس وزراء إقليم كوردستان نيجرفان بارزاني ونائبه قوباد طالباني،- إلى لعب دور الوساطة بين الطرفين بشكل محايد خاصة التشجيع على التنازلات من الطرفين، حيث صرح البارزاني في اللقاء أن إربيل مستعدة لبدء مفاوضات لتسوية كل المشاكل مع بغداد. اجتمع الوفد الكوردي مع الرئيس الفرنسي ماكرون لبحث ملفات مهمة منها ازمة الاستفتاء ، هنا بإمكان فرنسا أن تؤدي دورا مهما كوسيط في تقارب وجهات النظر بين بغداد وأربيل و تشجيع على التنازلات من الجانبين. ان هذه الخطوة ذات أهمية كبيرة كونها تأتي في مرحلة حساسة يمر بها العراق و الإقليم على الصعيد الدبلوماسي و السياسي والاقتصادي.
الاهمية على الصعيد الدبلوماسي تكمن في ان هذه الزيارة هي أول لقاء دبلوماسي لمسؤولي الإقليم مع مسؤول رفيع المستوى عقب إجراء استفتاء الاستقلال في 25 أيلول ، دبلوماسية ماكرون الجديدة لحل او تخفيف الازمة بين بغداد و اربيل لها أهمية كبيرة بالنسبة للطرفين لتجاوز الازمة من خلال المفاوضات استنادا على الدستور العراقي 2005.
ايضا هناك اهمية سياسية لهذه الزيارة, فعند تحليل تصريحات ماكرون يتبين لنا انه يحاول ان يضغط على العبادي لتقديم التنازلات مقابل تنازلات الاقليم فبينما كرر نيجرفان بارزاني من طرفه خلال اللقاء ان الكورد “يحترمون” قرار المحكمة الاتحادية العراقية التي اعتبرت ان استفتاء ايلول/سبتمبر مناف للدستور، نافياً “وجود اي مشكلة مع الحكومة الاتحادية حول سيطرة (بغداد) على الحدود و حل كل المشاكل العالقة بينهما على اساس الدستور خاصة ان السيد البارزاني صرح من جانبه أن السلطات الكوردية مستعدة لبدء مفاوضات لتسوية كل المشاكل مع بغداد بالاستناد الى الدستور , ومن خلال اللقاء صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انه ينبغي حل كل المجموعات المسلحة بما فيها قوات الحشد الشعبي , وهذا جزء من ورقة ضغط على العبادي لتقديم التنازلات مساوية لتنازلات الاقليم.
الاهمية على المستوى الاقتصادي، دبلوماسية ماكرون الجديدة تكمن في التعامل مع كل الأطراف، وتمنح فرنسا دور الحكَم او الوسيط زاء الازمات مثل الازمة بين بغداد و الاقليم, و من السهل على فرنسا لعب هذا الدور، خصوصًا أن صورتها في الخارج تحسنت بشكل كبير بعد وصول ماكرون للحكم، مصلحة فرنسا من ذلك هو حاجة فرنسا إلى أسواق اقتصادية جديدة وإلى دعم اقتصادها، وهو ما يفسر سعيها لأن تكون لاعبًا أساسيًا على الساحة العراقية، ليكون لها حصتها في المصالح على الخارطة السياسية في العراق الجديد. بالتالي ماكرون لكي يحقق كل ذلك, يسعى الى رمي الكرة في ملعب العبادي لحل كل المشاكل الاقتصادية العالقة مع اربيل وفق الدستور مثل حصة الاقليم من الموازنة الاتحادية و السيطرة على المنافذ الحدودية.
في المستقبل القريب ماكرون من خلال دبلوماسيته الجديدة, سوف يؤكد على تقديم التنازلات من الطرفين لحل الازمة، و بما ان السيد نيجرفان قدم تنازلات خلال اللقاء في باريس بينما العبادي عند لقاءه بماكرن كان لديه تحفظ وشروط لبدأ الجلوس على طاولة المفاوضات مع الاقليم, و هنا نستطيع القول ماكرون رمى الكرة في ملعب العبادي كخطوة لانفراج الازمة.