معضلة تنفيذ الدستور العراقي بين اربيل و بغداد
تبين في خطاب رئيس حكومة اقليم كوردستان السيد (نيجيرفان بارزاني) الذي ادلاه بعد اجتماع لمجلس الوزراء في 6-11-2017 ان الجهة التي لم تلتزم بالدستور و خرقه مرارا و تكرارا و نسف العملية السياسية في العراق و همش مبدأ الشراكة الذي بني علية العراق الجديد هي بغداد و ليست اربيل كما تدعي ساسة الحكم في بغداد و ان الاقليم صرح اكثر من مرة بانه مستعد للحوار و التفاوض مع بغداد في حل المشاكل العالقة من الميزانية و الرواتب و تخصيصات و تجهيزات قوات البيشمركة و ملف النفط و الغاز و حل مشكلة المناطق المتنازع عليها و صرف مستحقات الاقليم من المصاريف السيادية وفق الدستور الا ان بغداد بعد ان اصابها الغرور بعد احداث كركوك لم تبدي اي استعداد للتفاوض و بل تفرض شروطا مسبقة و تعجيزية و مخالفة تماما للدستور للجلوس مع الاقليم و التفاوض لحل المشاكل.
هنا يجب ان يعلم الكل انه وفق المادة 117 من الدستور العراق قد اقر و اعترف باقليم كوردستان بكل مؤسساته و على حدوده الادارية اقليما فدراليا اتحاديا مع العراق و وفق المادة 121 زاول الاقليم صلاحياته بشكل دستوري و قانوني وان حدوده كان ستتغير اذا ماتم تنفيذ المادة 140 من الدستور ذاته و لكن مع الاسف لم تنفذ لحد الان رغم ان تنفيذها كان وفق سقف زمني محدد اقصاها كان في 31-12-2007 الا ان بغداد لم تلتزم بذلك قط. والمشكلة الاكبر في العراق انه المحكمة الاتحادية التي تم تشكيلها بقرار بول بريمر الحاكم المدني الامريكي في العراق لازال هو نفسه و لم يتم تغيره لحد الان و ان رئيس المحكمة الاتحادية الذي هو مدحت المحمود و اعضاء المحكمة الاخرين لم يتم التصويت عليهم في مجلس النواب و المصادقة على تعينهم كما ذكر في المادة 61 من الدستور و كان مهمتها الفصل في الاشكالات بين مؤسسات الدولة و بين الاقليم و بغداد وفق الدستور ولكن هذه المحكمة اصبحت مسيسة 100% و كل قراراتها هي لصالح مكون معين الذي هو المكون الشيعي.
لو راجعنا الدستور العراقي و دققنا في اغلب مواده لتبين انه بغداد قد نسيت تمام انه هناك دستور يجب الالتزام به و ان الالتزام به يحفظ للعراق وحدته وفق المادة 1 وكذلك المواد ( 4-7-15-17-19-21-18- 34- 41-42 – 43-) المتعلقة بالحرية و التعليم و التفكير و الجنسية و الدين و المذهب و حرمة المساكن و اللغة الرسمية و منع التحريض على العنف و الافكار الارهابية و الطائيفية والتطهير العرقي كل هذه المواد لم تلتزم بغداد بها بل تبنة هذه الافكار بشكل ممنهج ضد المكونات الاخرى.
و كذلك المادة 9 من الدستور المتعلق بالقوات المسلحة و كيفية انشائها و منع انشاء مليشيات خارجها و المادة 114 المتعلقة بادارة الكمارك و التي هي من صلاحيات الاقليم و بالتنسيق مع بغداد و كذلك المادة 105 التي تفرض بضرورة انشاء هيئة قضائية لضمان المشاركة العادلة للاقليم في مؤسسات الدولة العراقية هذا اذا ماعلمنا انه و وفق المادة 141 من الدستور العراق قد اعترف بجميع القوانين و القرارات و العقود التي تم من قبل اقليم كوردستان من عام 1992 الى عام 2003 كل هذه المواد قد خرقها بغداد و لم تلتزم بها و نراهم و عبر الاعلام ينادون بضرورة فرض سيادة القانون و تطبيق الدستور و الفرد العراقي قبل الكوري حار من هكذا تصريحات و لايعلم عن اي دستور يتحدثون .
ماتم ذكره و كثير من المخالفات و عدم الالتزام بالاتفاقات و الاحداث الاخرى هي التي دفعت بالقادة الكورد في اقليم كوردستان بالبحث عن طريقة لايجاد مخرج و حل يحمي الكورد و كوردستان من بطش و غرور بغداد و خاصة بعدما تم القضاء على داعش بشكل شبه كامل وبالفعل تم الاتفاق على اجراء الاستفتاء في (25-9-2017)ومعرفة مايريده الشعب الكوردي في اقليم كوردستان و المناطق الاخرى الكوردستانية خارج ادارة الاقليم و رغم كل التهديدات و الضغوطات و الاجراءات ضد الاقليم لعدم اجرائه ولكن القيادة الكوردية كانت تعلم ان هناك فتنة و نواية سيئة من قبل بغداد و دول اقليمية بمهاجة الاقليم و اسقاط نظامه و اعادته كمحافظات تابعة لبغداد ولهذا رفض كل الضغوطات و تم اجراء الاستفتاء في موعده المحدد و كانت نسبة التصويت لصالح الاستقلال اكثر من (92%) .
لايمكن اغفال الجانب الاهم من تأمر بغداد و انقرة و طهران على اربيل هي الازمة الاقتصادية و المالية التي يعاني منها هذه الدول و كانت تسعى باتفاقاتها المشبوهة مع بعض الشركات السيطرة على مقدرات كوردستان لتخفف من ازماتها هذا الى جانب محاربتها للقضية الكوردية و خوفها من يؤدي هذه القضية الى تفتيت دولهم واعادة توازن القوى في المنطقة و لكن جل محاولاتهم بالفشل .
ماجرى بعد احداث كركوك و هجوم الحشد و الحرس الثوري الايراني و جانب من المخابرات التركية و بمساعدة و خيانة طرف من الحزب الاتحاد الوطني عسكريا و بعض الاحزاب و الاطراف الكوردية سياسيا على كوردستان جعلت الاقليم في موقف محرج و صعب جدا و تنازل رئيس الاقليم عن صلحياته لصالح رئيس الوزراء و مجلس القضاء و رئاسة البرلمان و رفض التجدي لبقائه في المنصب و هذا ماجعل من مسؤلية رئيس الحكومة اكبر و اصعب و عليه مواجهة التهديدات و الازمات و على رئسها الحفاظ على اقليم كوردستان كاقليم فدرالي و منع تقسيمه و العمل على اجتياز هذه المرحلة الخطيرة و الحساسة باقل الاضرار هذا اذا علمنا ان المنطقة باسرها متجهة نحو صراعات و تغييرات هائلة يجب الاستعداد لها لذا اصبح لزاما على الشعب الكوردي الذي عانة كل المعاناة سابقا ان يقف خلف الحكومة و رئيسها و مساندتها لتخطي هذه المرحلة التي توصف انها ياما ان تكون او لاتكون لان التهديدات و الحرب هي على الكورد و كوردستان و ليست على حزب و طائفة معينة .