• Friday, 01 November 2024
logo

ضرب مركزية الروح القومية

ضرب مركزية الروح القومية
لا يخول الدستور العراقي أي طرف سياسي أو نظام حكم باستخدام الجيش لتغيير حدود الأقاليم وأيضاً تغيير خريطة المشهد السياسي والحزبي، ما يعني الذي يتحدث عن الدستور وأن الاستفتاء أجري دون تخويل الدستور للكرستانيين بإجراء هذه الخطوة، هو يخرق الدستور ويساهم في إخلال الأمن وضرب العملية السياسية في العراق وكردستان.
ربما كل الدساتير تخول أو تجد فيها ثغرة أو منفذ حتى تقوم بعمل ما لصالحك ضد منافسيك مثلما يحكى عّن المادة 155 في كاتالونيا مثلا إلا أن الدستور العراقي وفِي كثير من مواده يعطي الحق للإقليم بممارسة الحياة السياسية، وإجراء ما هو مناسب لكردستان.
فضلا أن حق التعبير عن النفس بالشكل الذي يرى مناسبا هو حق طبيعي وشرعي مدون في ديباجة كل دساتير العالم دون استثناء حتى في دساتير أعتى أنظمة الاستبداد لأن هذا الحق مدون في العهود الدولية فيما يخص حقوق الانسان.
الواضح وهذا ما لامسته خلال حديثنا مع عدد من مثقفي الشيعة في بيروت أن الهدف من كل العملية هو شخص الرئيس واستهدافه، ولعل السبب هو أن الكل، نقصد هنا المحيط، لا يريد من الكردي أن يكون حرا وسيد نفسه.
الرئيس هو، وحتى لا نغض الطرف عن نضالات القادة الآخرين، يمثل الْيَوْمَ رمزية النضال القومي ومركزية قضيته ما يثير خوف الآخرين على أهمية الرئيس والدور الذي يلعبه وسيلغيه في إنعاش الروح القومية وتوجيهها نحو تعزيز الكرامة من خلال الاستقلال.
بدا واضحا أن الهدف هو أبعد من مسألة النفط في كركوك بقدر من كون الهدف هو سحب حرية الكرد في إدارة ذاتهم ولا يقف الهدف إلى هذا الحد إنما يمتد لحدوث تغيير كلي في الوعي السياسي الكردي حتى يبقون ويقبلون الوصاية ولا يكونوا أحرارا.
ليس كما يقال إن الاصرار على اجراء الاستفتاء هو خطأ تاريخي وقع فيه الكرد بقدر من الاستفتاء هو كان علامة فارقة في التاريخ وأدى وظيفة في عدد من النواحي:
من الجانب الكردي، كشف أن الروح القومية لدى الكردي في أوج انتعاشها.
من جانب كردستان، تبين أن كردستان وبالرغم من كونها كبلد مستقر وينعم بالسلام وهي بمثابة منصة للعراق وحتى لدول الطوق في مسائل الإنماء الاقتصادي وتنمية الديمقراطية والحداثة العمرانية.
في جانب الشراكة، أن الاستفتاء كشف مدى تربص الشركاء بحال الكرد وبدا أنهم يعدون العدة لمهاجمة الكرد وسحب صلاحيات الحكم المحلي منهم من قبل النظام الاتحادي مستغلا أراض كردستان التي تصنف من ضمن "المناطق المتنازع عليها"، ولذلك فالاستفتاء أتى متأخرا، ولو كان قبل أشهر لكان الوضع مختلف.
الاستنجاد بالميليشيات خارج إطار جيش الدولة هي نقطة ضعف كبيرة لدى حكومة بغداد ما يضع الكل في حالة كون العراق صار أمام محطة أخرى وهي محطة وجهها الواضح الدولة اللاوطنية والتي تسار من قبل كيانات وهي خاضعة لقرار الدول الأخرى ما يزيد من حجة الكردستانيين بأنه لا يوجد في العراق شريك لبناء الدولة!
حكمة المقال تفيد بأنه"ما من دولة تستطيع أن تضرب بمركزية النضال القومي وتنجح في هذا المجال حتى لو كانت أدواته من أبناء القضية نفسها"!
Top