إستفتاء كوردستان
سنة (1920) بعد انهيار الامبراطورية العثمانية أمام الحلفاء في الحرب العالمية الأولى، حيث تم الاتفاق في تلك المعاهدة على حصول كوردستان على الاستقلال حسب البندين (62-63) من الفقرة الثالثة، والسماح لولاية الموصل بالانضمام إلى كوردستان استنادا إلى البند (62) وكان نص هذا البند:" إذا حدث خلال سنة من تصديق هذه الاتفاقية أن تقدم الكورد القاطنون في المنطقة التي حددتها المادة (62) إلى عصبة الأمم قائلين إن غالبية سكان هذه المنطقة ينشدون الاستقلال عن تركيا، وفي حالة اعتراف عصبة الأمم بأن هؤلاء السكان أكفاء للعيش في حياة مستقلة وتوصيتها بمنح هذا الاستقلال، فإن تركيا تتعهد بقبول هذه التوصية وتتخلى عن كل حق في هذه المنطقة. وستكون الإجراءات التفصيلية لتخلي تركيا عن هذه الحقوق موضوعا لاتفاقية منفصلة تعقد بين كبار الحلفاء وبين تركيا". إلا أن حكومة أتاتورك رفض المعاهدة لكونها اجحافا بحق تركيا، ثم حلت معاهدة لوزان The Treaty of Lausanne لسنة (1923) محل معاهدة(سيفر)، فكانت النهاية للدولة الكوردية، وقد خذلت الدول الغربية الأمة الكوردية حفاظا على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، وبقي الكورد ضحية هذه المعاهدات المشؤومة على مر التاريخ.
دعنا نركز على العراق فقط في مقالنا هذا، إن هذا الاتحاد القسري-بين الأمة الكوردية والأمة العربية في العراق- أشبه بالجمع بين التناقضات، لأن بين الشعب الكوردي والشعب العربي اختلافات جذرية كاللغة والثقافة والتاريخ والحضارة والتفكير وطريقة فهم الدين، وكل اتحاد يتم بهذه الطريقة وبهذه الصورة فإنه سينهار، إما بالسلم وإما بالحرب، ففي الحالة الأولى على سبيل المثال انهار الاتحاد بين تشيكو وسلوفاكيا الذي استمر (75) سنة، في سنة (1993) بدأت عملية الانفصال، ولم تنته فعليا إلا في عام(2000)، ثم دخلت الدولتان كلتاهما في الاتحاد الأوربي سنة (2004) بشكل مشترك، ومثال الحالة الثانية انفصال اريتيريا عن اثيوبيا، حيث استمر الصراع لمدة (30) سنة، حتى استقلت اريتيريا سنة(1993)، وهناك أمثلة عديدة سنتحدث عنها لاحقا.
نحن الكورد لم نجنِ من وجودنا في العراق إلا الحرب والدمار والقتل والمقابر الجماعية والأنفال والأسلحة الكيماوية والتهجير والتعريب والتبعيث، بل إننا نحمل الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي الهجوم المباغت على كوردستان من قبل الدواعش الإرهابيين وارتكابهم أبشع الجرائم، لأنها- أي حكومة المالكي- هي التي تسببت بسقوط الموصل، وهي التي سلمت جميع أنواع الأسلحة المتطورة بقيمة تقدر بالمليارات من الدولارات، وتم استعمال هذه الأسلحة المتطورة ضد أبناء كوردستان، فلو كنا مستقلين لكان بإمكاننا تحصين كوردستان من أطماع داعش, وهذه السياسة الخاطئة من قبل بغداد لا تزال مستمرة من خلال قطع الموازنة منذ 2014, والأدهى من ذلك أن البيشمركة الأبطال كانوا يقاتلون داعش، وبغداد ترفض تسليم الأسلحة والعتاد التي كانت تأتي من الخارج للبيشمركة، وهناك أمثلة عديدة لا مجال لحصرها.
نحن وصلنا إلى مرحلة لا يمكن الرجوع عن هذا القرار التاريخي الذي يحدد مصير شعب كوردستان، وهذا القرار التاريخي ليس ملكا لحزب معين بل هو قرار شعبي جماهيري، ومن أجل ذلك لا بد أن يتخذ الشعب قراره المصيري، كبقية شعوب العالم، وما أكثر الدول التي استقلت عن طريق الاستفتاء الشعبي، وسأذكر أمثلة عديدة حتى لا يظن ظان أن الاستفتاء بدعة بل هو حق طبيعي للشعوب.
الذي أريد أن أصل إليه أن الاستقلال والانفصال أمر طبيعي، فليس بدعة ولا جريمة، لأن الشعب هو الذي يقرر ويحدد مصيره، فليس في الكون قوة ولا إرادة تستطيع الوقوف أمام إرادة الشعوب، ومهما وقفت وطال وقوف تلك القوى وتلك الإرادات فإنه سيأتي يوم يزيح الشعب تلك العقبات والعراقيل عن طريق اختياره وإرادته ومصيره، ولقد رأينا نماذج عديدة من الدول التي نالت استقلالها رغم العقبات والصعوبات، لكن في النهاية تبقى رغبة الشعب أقوى الإرادات.
ليس اللجوء إلى الاستفتاء انتقاما من بغداد كما يظن البعض، وليس تقسيما للعراق كما يردده الكثيرون، بل الغاية منه معرفة رأي الشعب الكوردستاني بخصوص مصيره، هل يريد البقاء مع العراق، أم يريد الاستقلال، لا ريب أن إستفتاء كوردستان لن يكون محل قبول من قبل الأحزاب العراقية جميعها، فالأحزاب السنية سترفض ذلك لأنها لا تزال تعيش في خيال ماضيها المجيد، وهو العودة إلى العراق القوي المركزي، كما كان الأمر في عهود ما قبل سقوط نظام البعث البائد، ولا يدركون أن الواقع قد تغير، والأحداث تطورت، والأمور اختلفت، وميزان القوى اختلت، دول كادت تختفي، وأخرى مهيأة للتقسيم، وبعضها غارقة في مشاكلها الداخلية، ولا ننس النقطة الأساسية أن الاقتصاد القوي يتحكم في قرارات كثير من الدول، ومعلوم أن كوردستان الحالية تختلف عن كوردستان ما قبل السقوط، فلولا اكتشاف الثروات الطبيعية الثرية في كوردستان لربما لم نستطع أن نقف بوجه التحديات الخطيرة التي جابهتنا في هذه الفترة العصيبة، فقد استطاعت حكومة كوردستان جلب أعظم الشركات العالمية من أمريكا والدول الأوربية وآخرها التعاقد مع أضخم شركة روسية (روزنفت)، أما الأحزاب الشيعية فهي سترفض لسبب تافه، وهو أن السنة حكموا العراق لعقود ولم ينقسم البلد، فكيف نسمح بتقسيمه خلال حكمنا الذي لم يتجاوز عقدين اثنين، وهذا ما قاله لنا السيد عمار الحكيم في اجتماع كتلنا معه في بغداد، ولقد قلت لسبب تافه، لأنه لا يمكن الوقوف بوجه إرادة الشعب الكوردستاني بحجة الحفاظ على وحدة العراق، هذا العراق الذي أسسه الاستعمار الغربي من أجل تحقيق مصالحه الاستراتيجية، فإذا كنتم مسلمين حقا، هل يجوز شرعا التضييق على حريات الناس، من أعطاكم هذا الحق لتقفوا أمام إرادة شعب كوردستان؟، ثم قد فجرتم أسماعنا بالحديث عن مخاطر الاستمعار ومؤامراته وخطره على الإسلام والمسلمين، وأنهم يريدون تقسيم بلاد المسلمين، قل لي بربكم أليس الاستمعار الكافر –حسب تعبيركم- هو الذي صنع دولة العراق وجمع بين أمتين مختلتفين تمام الاختلاف في بلد واحد، فلماذا تقدسمون شيئا صنعه الاستعمار؟ ينبغي أن ترفضوا هذه الدولة التي صنعها الاستمعار، فلماذا حلال لكم وحرام لنا؟، أليس هذا تناقضا واضحا في مواقفكم؟.
ثم لماذ حلال للدول العربية والإسلامية أن تستقل، وحرام على الأمة الكوردية أن يكون لها دولة مستقلة؟ ثم إذا كنتم قلقين حول مستقبل الامة العربية، فنحن لسنا جزءا منها، وإن كنتم قلقين على مستقبل الأمة الإسلامية، فليس هناك شيء اسمه الأمة الإسلامية، بل هناك دول إسلامية تحافظ على سلامة أمنها الوطني والقومي، ثم عندما استقلت الدول العربية عن الإمبراطورية العثمانية رمز الخلافة الإسلامية - حسب نظر الإسلاميين- لماذا لم يتحدث أحد عن خطر التقسيم، وعندما استقلت بنجلاديش عن باكستان وجنوب السودان عن السودان لم يتحدث أحد عن خطر التقسيم، لماذا الخطر يكمن فقط في استقلال كوردستان؟ هذه الأزدواجية تمت تعريتها، وأدرك الشعب الكوردستاني أن الوقت قد حان لكي يكون له قرار حول مصيره.
رضينا بقدرنا أن نكون مع العراق، ماذا جنينا من العراق، من أين أتت هذه المقابر الجماعية والأنفال والتهجير القسري والتعريب القومي والتبعيث الشوفيني، وفاجعة حلبجة وبارزان وباليسان وبادينان وهورامان وكرميان، ثم قلنا دعنا ننسى صفحات هذا التاريخ المظلم، حيث سقط نظام البعث، وكان بإمكاننا أن نعلن دولتنا مباشرة بعد ذلك، حيث انهارت الحكومة والمؤسسات والجيش والشرطة وكل شيء، وكان الذين يحكمون بغداد الآن يعيشون في الخارج لا يملكون شيئا، وقد ساعدهم الكورد في وصولهم إلى بغداد، واتفقنا قبل السقوط وبعده على أن نكون إخوة وشركاء حقيقيين في هذا الوطن، وفي العراق الجديد، ولكن حصل العكس تماما تم تهديد الكورد بإبادة أخرى جماعية، وتم قطع الموازنة سنة 2014 ولا يزال القرار ساريا، ونسي هؤلاء ذلك التاريخ الذي لم يمض عليه وقت طويل، تاريخ اتفاقنا ومساعدتنا وتعاوننا ومشاركتنا في بناء الدولة وكتابة الدستور الدائم وأمور أخرى لا مجال لذكرها.
وبالرغم من هذه المعاناة الطويلة إلا أن القيادة الكوردية أبدت رغبتها باستمرار في الحوار مع بغداد، لكن بغداد تريد أن تقزم كوردستان، وتتعامل معها كمحافظات، وهذا مخالف للدستور، والحقيقة أن هذه الطبقة السياسية التي حكمت بغداد بعد السقوط فاشلة بمعنى الكلمة، فهي لم تقدم شيئا لمحافظاتها الجنوبية (الشيعية)، فماذا نتوقع منها أن تقدم للمحافظات الغريبة (السنية)، ناهيك عن كوردستان، بل إنها تآمرت على كوردستان بمعنى الكلمة، حيث قطعت الموازنة لتركيع الكورد وإجبارهم للعودة إلى بغداد صاغرين، والأمر الآخر تحرض الشارع الكوردستاني على حكومة كوردستان، من خلال قطع الرواتب، والأخطر من هذا عدم تسليح البيشمركة وهم جزء من منظمة وزارة الدفاع العراقية وهم في حالة حرب مع داعش، بل كانت الأسلحة المتطورة تأتي من الخارج خصيصا للبيشمركة، لكنها كانت لا تسلم بل تسلم لقوات الحشد الشعبي.
إن الاستفتاء ضروري من أجل أن نعرف رغبة شعبنا، والأمر الآخر أن الاستفتاء يعطي الشرعية للاستقلال، وذلك حتى لا يقال غدا أن الاستقلال قرار سياسي اتخذ من قبل القيادة ثم فرض على الشعب فرضا، وأنه ليس قرارا شعبيا جماهيريا، ثم ليس شرطا أن يكون لكل استقلال استفتاء، فكثير من الدول استقلت ولم تلجأ إلى الاستفتاء، ولكن في تقديري الاستفتاء أولى وأصدق للشرعنة والمصداقية وهو التطبيق الحقيقي لمبادئ الديمقراطية، ودعنا نذكر الأمثلة حول ما ذكرناه حتى تتجلى الصورة لدى القاريء الكريم:
1) فقد استقلت(57) دولة عن بريطانيا العظمى، ولعل آخرها ستكون اسكوتلندا، فقد أجرى الشعب الأسكوتلندي الإستفتاء سنة 2014، لكن الأغلبية اختاروا البقاء في بريطانيا، ورفضوا الانفصال، لكنهم سيعودون إلى الإستفتاء من جديد في نهاية سنة2018 ، فقد أعلنت رئيسة وزراء اسكتلندا، نيكولا ستورغن، أنها طلبت رسمياً من الحكومة البريطانية:"إمكانية إجراء استفتاء ثانٍ على الاستقلال", هذا الإستفتاء يأتي كمحاولة ثانية للانفصال عن بريطانيا بعد اتحاد جمع بين بريطانيا وأسكوتلندا سنة 1707، أي أن عمر الاتحاد بينهما ثلاثة قرون وعشر سنوات، ولا شك أن هذا الاستفتاء سيتكرر مرات ومرات حتى يتحقق الاستقلال، وذلك لسبب واحد وهو أنه مطلب شعبي.
2) انفصال أمريكا عن بريطانيا سنة (1776) بعد حرب دموية دامت لثماني سنوات، بدأت الحرب سنة(1775) وانتهت في سنة(1783)، عند توقيع معاهدة باريس بين بريطانيا والولايات المتحدة التي اعترفت فيها بريطانيا باستقلال الولايات المتحدة.
3) تيمور الشرقية East Timor التي كانت مستعمرة برتغالية حتى سنة (1975) ثم أعلنت استقلالها، لكنها بعد ذلك وقعت تحت سيطرة أندنوسيا، في سنة (1999) وافق الرئيس الأندنوسي(يوسف حبيبي) بإجراء الاستفتاء في تيمور الشرقية وبإشراف الأمم المتحدة، وقد شارك الشعب التيموري بقوة في الاستفتاء، حيث صوت 5-78% للإستقلال، فأصبحت دولة مستقلة سنة(2002)، أليس حريا بالذين يحكمون بغداد أن ينحوا منحى الرئيس الأندنوسي، وقد قلت للدكتور حيدر العبادي رئيس وزراء العراق: لماذ لا تقوم بهذه المبادرة، بأن تستيقظ في الصباح وتعلن رسميا أن من حق كوردستان إجراء الاستفتاء، وسيكون ذلك تاريخا مشرفا لك، والحقيقية أن الرجل لا يجرأ على ذلك، لأنه انتحار سياسي في وسط التحالف الوطني الشيعي، وأعتقد أننا إذا انتظرنا بغداد لكي تسمح لنا بإجراء الاستفتاء، فهذا مستحيل، فقد كانوا في المعارضة يرفضون، فكيف وهم في السلطة الآن، ونحن لا ننتظر من بغداد أن يسمح لنا، لأن الاستفتاء حق طبيعي للشعوب، وليس ثمة مادة دستورية تمنع ذلك، ونحن عندما نتحاور مع بغداد لا لكي ترضى، بل لكي تعلم، فلو رضيت كان أولى، وعندما لا ترضى فلا يعني أننا لن نقدم على هذه الخطوة التاريخية، ثم ليس شرطا أن نعلن دولتنا مباشرة بعد الاستفتاء، ولكن لا بد من إعلانه، وأتصور أن ذلك سيكون قريبا، ولن تتأخر كما حصل في بعض الدول، فهو أشبه بعقد الزواج بين بنت وولد جمع بينها الحب النقي، فلن يتأخر حفل الزفاف، وأتصور أن شعب كوردستان لن يقبل باستفتاء لا يعطي ثماره الحقيقية، كما لا قيمة لعقد زواج لا يكون بعده حفل الزفاف.
4) باكستان وبنكلاديش، انفصلت باكستان عن الهند سنة(1947)، ثم انفصلت بنكلاديش عن باكستان سنة(1971).
5) عندما انهار الاتحاد السوفيتي سنة (1991)، أصبح (15) دولة، وهي(بيلا روسيا، أوكرانيا، استونيا، لاتفيا، ليتوانيا، كازاخستان، تركمنستان، أوربكستان، أرمينيا، أذربيجان، جورجيا، مولدوفا، طاجكستان، قيرغستان، وروسيا الاتحادية).
6) يوغسلافيا، تفكك الاتحاد اليوغسلافي وانفصلت سلوفينيا وكرواتيا والبوسنة ومقدونيا، باستثناء صربيا والجبل الأسود اللتين بقيتا ضمن جمهورية يوغسلافيا الفدرالية التي أعلنت (1992)، وفي عام (1998) بدأت جمهورية الجبل الأسود Montenegro تحاول الاستقلال، بيد أن بلغراد والاتحاد الأوروبي أجبرتها على الموافقة عام (2003) على الدخول في تجربة للمصالحة أطلق عليها اسم اتحاد صربيا والجبل الأسود، لكن هذه التجربة انتهت باستفتاء شعبي من أجل الاستقلال، وقد نالوا الاستقلال سنة(2006) وكانت نسبة التصويت للاستقلال 5-55%، أما كوسوفو فكانت تابعة لصربيا، بدأت المطالبة بالانفصال سنة(1990) واستمرت المحاولات لمدة(7) سنوات، وفي سنة(2008) أصبحت دولة مستقلة، واعترف بها(108) بها.
7) سنغافورة انفصلت عن دول الكومنويلث البريطاني سنة (1963) لتندمج مع ماليزيا بعد أشهر في السنة نفسها، حصل هذا الاندماج بعد الاستفتاء سنة(1962)، ثم في سنة (1965) يقرر البرلمان الماليزي طرد سنغافورة من الاتحاد الماليزي، ليكون (لي كوان يو) أول رئيس للوزراء سنغافورة، ويوسف بن إسحاق رئيسا للجمهورية يقول(لي كوان يو) وهو المؤسس الحقيقي لنهضة سنغافورة في مذكراته:" لما كان من حق الشعب غير القابل للتصرف أن يكون حراً و مستقلاً، أُعْلن هنا، أنا (لي كوان يو) Harry Lee Kuan Yew رئيس وزراء سنغافورة، و أُصرّح باسم الشعب، و باسم حكومة سنغافورة، أن سنغافورة ستصبح منذ اليوم آب من عام 1965 دولة مستقلة، وديمقراطية ذات سيادة، قائمة على مبادئ الحرية والعدالة، و تسعى دوماً لخير شعبها وسعادته، في مجتمعٍ أكثر عدالة ومساواة".
8) ومن الدول التي استقلت وانفصلت عن بعضها البعض، السويد والنرويج سنة (1905) بعد الاستفتاء الوطني، ودنمارك والنرويج سنة(1814) ثم مرة أخرى دنمارك وآيسلاند سنة(1944)، والسنغال من اتحاد مالي سنة(1960) وجامايكا من جزر الهند الغربية سنة(1991).
9) جنوب السودان، حيث لجأ الشعب الى الاستفتاء من أجل تحديد مصيرهم، فقد صوت الشعب بنسبة 83-98% من أجل الانفصال عن السودان، وقد أصبحت دولة مستقلة سنة(2011).
وعليه، ستكون هناك ثلاث استفتاءات في المستقبل، أولهما استفتاء كوردستان في (25-9-2017) واستفتاء إقليم كاتالونيا الإسبانية في الأول من تشرين الأول أي (1-10-2017) أما استفتاء أسكوتلندا فسيكون في نهاية سنة(2018) ومطلع العام(2019)، وفيما يخص استفتاء إقليم كاتالونيا Catalonia ، فإن إسبانيا تعارض استقلال هذا الإقليم بشدة، في سنة(2014) قامت كاتالونيا بتنظيم استفتاء غير ملزم أي رمزي في عهد الرئيس أرتور ماس Artur Mas I Gavarro، لكنه المحكمة الدستورية الإسبانية رفضت ذلك بشدة، لأن هذه الخطوة تهدد وحدة إسبانيا، وقد حوكم رئيس كاتالونيا، ومنع من تولي الرئاسة لسنتين، إلا أن الرئيس الحالي كارلس بودجمون Carles Puigdemont مصر على إجراء الاستفتاء هذه المرة في الأول من تشرين الأول في نهاية هذا العام، وأن يكون الاستفتاء هذه المرة ملزما، وعندما تنجح كاتالونيا في تحقيق الاستقلال بعد الاستفتاء، فهذا بكل تأكيد سيدفع إقليم الباسك The Basque Country الى الاستقلال، وحينئذ تتفتت الدولة الإسبانية.
فيما يخص استفتاء كوردستان، فهو قرار لا رجعة فيه، وقد سبق أن قمنا باستفتاء شعبي آخر غير ملزم وغير رسمي في سنة (2005) وكانت النتيجة 8-98% وهي كانت نتيجة باهرة تعبر عن رغبة شعب كوردستان الحقيقية في الاستقلال، والاستفتاء القادم في تقديري لكونه رسميا وملزما سيواجه صعوبات وعقبات خارجية وداخلية، ولكن أتصور أنه لا بد أن نتعامل مع ذلك بصورة طبيعية وواقعية، وأن نركز على التحشيد الداخلي، وتثقيف شعبنا، بأن الاستفتاء قضية وطنية مصيرية ليست متعلقة بحزب معين أو جهة محددة، وهي فرصة ذهبية تاريخية لن تتكرر، بل أكاد أجزم أن الاستقلال سيضع حدا نهائيا لجميع مشاكلنا ومعاناتنا وأزماتنا الداخلية والخارجية على حد سواء.