مشروع الصدريين لما بعد تحرير الموصل
أما موضوع مقالنا فهو ذلك المشروع الذي قدمه السيد مقتدى الصدر في 20 شباط 2017، الذي يبلغ تسعا وعشرين نقطة، حيث يأتي هذا المشروع ليكون مشروعا مضادا لمشروع الأغلبية السياسية لدولة القانون، ومنافسا لمشروع الأغلبية الوطنية للمجلس الأعلى الإسلامي، والحقيقة أن هذا المشروع أفضل من ذينك المشروعين أعني مشروع دولة القانون ومشروع المجلس الأعلى، لكونه يحمل طابعا وطنيا مدنيا توافقيا، وفيه حديث صريح وواضح، ولا يعني أن هذا المشروع غير قايل للنقد، فلدينا ملاحظات عليه، وينبغي للأطراف السياسية أن تساند هذا المشورع وتثريه بملاحظاتها، حتى يكون مشروعا وطنيا قويا، لأن الهدف من المشروع إنقاذ العراق من هذه الأزمة التي عصفت به، والضائقة السياسية التي جعلت العملية السياسية تسير بصورة عرجاء عوجاء، ولا جرم أن استمرار العملية السياسية بهذه الطريقة المزرية ستدفع الشركاء السياسيين إلى إعادة النظر في مواقفهم ومشاركتهم في العملية السياسية، ولربما تدفع بعض الفرقاء إلى تقديم مشاريع أخرى، كمشروع فدرلة المحافظات السنية، أي تشكيل الأقاليم، وهو ما يطرحه أغلبية السنة في خطابهم السياسي لمرحلة ما بعد داعش، وقد تدفع الكورد إلى طرح الكونفدرالية، أي الاستقلال بصورة توافقية بين بغداد وأربيل، وقد ذكر الرئيس البارزاني أن موضوع الاستقلال شأني داخلي بين بغداد وأربيل، لا علاقه له لا بتركيا ولا بإيران، وقد تم الاتفاق في أربيل على تشكيل لجنة سياسية لمناقشة هذا الملف بصورة صريحة وجريئة، لذلك أعتقد أن مشروع الأغلبية السياسية الذي طرح من قبل دولة القانون سيمزق وحدة العراق، وينسف العملية السياسية نسفا، وفي هذه الحالة لن يشارك الحزب الديمقراطي الكوردستاني في الانتخابات القادمة لسنة 2018، لأنه لا يمكن قبول أي مشروع يكون بديلا للتوافق السياسي، لأن العراق بلد المكونات والأديان والمذاهب والقوميات، فكيف يعقل أن يتم القضاء على هذا الفسيفساء الرائع بحجة تشكيل حكومة قوية، وهي حجة واهية لأن المقصود تشكيل حكومة طائفية مذهبية، مع تطعيمها بإشراك بعض الأفراد من المكونات المختلفة، وهم معروفون لدى الشارع العراقي بولائهم المطلق لدولة القانون، أما مشروع الأغلبية الوطنية فهو يمكن قبوله ومناقشته وإثراءه بملاحظتنا، لكنه في الحقيقة لن يكتب له النجاح، لوجود معارضة قوية له، ثم إن المجلس الأعلى الإسلامي بدأ يفقد ثقله السياسي والجماهيري، فلعله يحاول من خلال هذا المشروع وغيره من المشاريع وخاصة ورقة التسوية التاريخية أن يعيد قوته وثقله ووجماهيره.
أما مشروع مقتدى الصدر فهو ربما يحفظ العراق من التقسيم، لأن أكثرية السنة والكورد رحبوا به، والحقيقة أن هناك تحالفين مضادين لمرحلة ما قبل الانتخابات القادمة، تحالف الأغلبية السياسية بزعامة المالكي، وتحالف الدولة المدنية، وهم الذين يعارضون مشروع المالكي، ومشروع مقتدى الصدر يؤيد تحالف الدولة المدنية، وهو يلائم طبيعة المجتمع العراقي، ومن الداعمين لهذا المشروع المرجع الديني علي السيستاني.
دعنا لا ننسى أن مقتدى الصدر غير موقفه بعد سنة 2007، وإلا فإن موقفه كان مخالفا ومناقضا لما هو عليه الآن، ولعل الرجل توصل إلى هذه القناعة بعد أن تكشفت له الحقائق، وهو يريد من مشروعه تحقيق الاستقلال السياسي والديني والمرجعي، ولهذا يساند مرجعية النجف فقط، وأن تكون مدينة النجف هي عاصمة المرجعية الدينية العراقية، ويرفض التدخل الخارجي بشتى ألوانه.
نأتي لمشروع الصدريين على صورة نقاط، مع التعليق إن اقتضت الحاجة:
قال السيد مقتدى الصدر في مقدمة المشروع: نضع بين أيديكم بعض الأمور المهمة، والتي نراها كحلول أولية لمسألة احتواء الوضع الأمني والخدمي والإنساني لما بعد تحرير المناطق المغتصبة عموماً وتحرير الموصل خصوصاً، ولإبعاد كل المخاطر المحتملة والتي يسعى لها أعداء الوطن من أجل جر العراق الى الهاوية، ولذا يجب تضافر الجهود من أجل تحقيقها.
والمبادرة تتكون من عدة نقاط وكما يلي :
أولاً: المبادرة إلى فتح صندوق دولي لدعم حملة الإعمار في جميع المناطق المتضررة في داخل العراق ولا يقتصر الإعمار على المناطق المحررة فحسب، على أن يكون ذلك بإشراف حكومي من خلال المؤسسات المختصة. هذه النقطة أقلقت السنة، لأن الأولية لا بد أن تكون لإعمار المناطق المحررة لا المتضررة، وذلك من أجل عودة النازحين، فلو قلنا جميع المناطق المتضررة فإن العراق من جنوبه إلى شماله متضرر، وهذه العملية تستغرق سنين طوال، وسيكون ذلك عائقا في طريق عودة النازحين إلى مناطقهم.
ثانياً: ضرورة إيصال المساعدات الضرورية بصورة عاجلة وفورية لإغاثة المتضررين في المناطق المنكوبة بواسطة الجيش العراقي. هذه الفقرة ذكرت الجيش العراقي فقط لأن بعض الفصائل المسلحة تورطت في الفساد بصورة فاضحة، ولم تصل المساعدات إلى المتضررين.
ثالثاً: ضرورة تشكيل خلية دولية تُعنى بحقوق الإنسان والأقليات تكون مهمتها الإشراف على إزالة الانتهاكات والتعديات الطائفية والعِرقية بالتنسيق مع الجهات الحكومية والبرلمانية المختصة. هذه الفقرة دليل على وجود انتهاكات وتجاوزات خطيرة بحق المدنيين، ومعلوم أن بعض المليشيات المسلحة ارتكبت جرائم يندى لها جبين الإنسانية.
رابعاً: ضرورة تشكيل لجنة إغاثة عراقية وبالتعاون مع الجهات الإنسانية كالهلال الأحمر وغيره للوصول إلى أماكن المعاناة الحقيقية.
خامساً: ضرورة تمكين الجيش العراقي والقوات الأمنية حصراً من مهمة مسك الأرض في المناطق المحررة والمناطق المتنازع عليها.
في هذه النقطة يعطي المشروع الأهمية للجيش العراقي، ولم يشر إلى الحشد الشعبي، لأن هناك تخوفا في الشارع الشيعي ناهيك عن الشارع السني والكوردي، من ازدياد نفوذ الحشد الشعبي، وخاصة أن المتحدث باسم كتائب الخراساني وهو أحد قادة الحشد الشعبي قال: نحن لا نلتزم بقرارات رئيس الوزراء، ويأتي آخر فيدعو إلى أهمية حضور الحشد في الجامعات بقوة، وذكر رئيس الوزراء حيد العبادي أن ستين بالمائة 60% من الحشد الشعبي فضائيون، تم تجهيزم للانتخابات القادمة، ولذلك يركز مقتدى الصدر على الجيش العراقي في مرحلة ما بعد داعش، وليكن معلوما أن الحشد الشعبي الذي تم تأسيسه لمرحلة صعبة مؤقتة لمواجهة داعش تحول من حشد شعبي عسكري إلى حشد سياسي، وسيكون له حضور قوي في الانتخابات، ربما سيصبح أكبر كتلة في مجلس النواب العراقي، وسيشكل حكومة دينية أيدلوجية، وهذه هي الأغلبية السياسية في صورتها الخفية، وحينئذ لا يمكن لمؤيدي الدولة المدنية أن يعيشوا في ظل هذه الدولة، وتبقي جميع الخيارات مفتوحة.
سادساً: ضرورة فتح حوار جاد وفاعل مع الأطراف في كردستان من أجل الوصول إلى حلول تنفع واقع العراق وشعبه ولا مانع أن يكون برعاية أممية.
يدرك مقتدى الصدر عمق الخلافات بين بغداد وأربيل، وهي في الحقيقة تشبه الخلافات بين دولتين مستقلتين، لذلك دعا إلى حوار جدي وفاعل مع كردستان، وعندما طلب إشرافا أمميا لأن هناك انعدام الثقة بين بغداد وأربيل، وليكن معلوما للقاريء الكريم أن أربيل مستعدة دائما للحوار، وما زيارة هذه الوفود الكوردستانية إلى بغداد إلا دليل على جدية أربيل لحلحلة المشاكل، وعندما جاء السيد نيجيرفان البارزاني رئيس حكومة كوردستان إلى بغداد، قال: جئنا إلى بغداد من أجل الحل، ولكن تبين لنا بمرور الزمن أن هناك إرادة قوية تمنع الاتفاق بين الطرفين، ولهذا ربما طالب مقتدى الصدر إشرافا أمميا، ولا ريب أن كوردستان ترحب بهذه الدعوة، وهي لا تتردد في ذلك، من أجل مساعدة شعب كوردستان، وتحقيق مصلته.
سابعاً: السعي الحثيث على المستوى الدولي من أجل إنهاء أزمة التدخلات التركية عبر الطرق الدبلوماسية والسياقات الدستورية القانونية للدولة، وفي حال فشل ذلك يتحول العمل في هذا الملف إلى سياق آخر.
أشار مقتدى الصدر صراحة إلى التدخل التركي، وأنه لا بد من إنهاء الأزمة بالطرق الدبلوماسية، ولم يشر إلى الحل العسكري، كما يحب أن يستعمل هذا المصطلح بعض قادة الحشد الشعبي، لكن كان ينبغي لمقتدى الصدر أن يشير إلى التغلغل الإيراني في العراق، لأنه سبق أن أتباعه في مظاهرات ساحة التحرير في بغداد رددوا شعار (إيران برة برة) ولعل ثمة أسبابا منطقية في نفس مقتدى الصدر دفعته إلى عدم التطرق إلى ذلك.
ثامناً: ضرورة العمل على وضع استراتيجية متكاملة لإيجاد فرص عمل لجميع المجاهدين الأبطال الذين كانت لهم بصمةٌ واضحة في عمليات التحرير.
تاسعاً: السعي الحثيث والجاد من أجل دمج العناصر المنضبطة في الحشد الشعبي مع القوات الأمنية بما يحفظ للقوات الأمنية استقلالها وقوتها وسيادتها من خلال إقرار نظام خاص بها.
يدعو مقتدى الصدر في هذه الفقرة بصورة ضمنية غير صريحة إلى حل الحشد الشعبي، من خلال دمجه مع القوات الأمنية، لأنه أصبح له هيئة مستقلة، وتحت إمرة رئيس الوزراء، بموجب قانون الحشد الشعبي الذي صوت عليه الشيعة فقط، مما أغضب السنة، فلعل مقتدى الصدر يريد إرضاء السنة قبل الانتخابات، حتى تعود اللحمة الوطنية التي مزقت بسبب هذا القانون.
عاشراً: على الحكومة العراقية المطالبة بخروج جميع القوات المحتلة بل والصديقة - إن جاز التعبير - من الأراضي العراقية للحفاظ على هيبة الدولة وسيادتها.
في هذه النقطة دعوة جلية لخروج جميع القوات الأجنبية بلا استثناء، لأن وجود بعض القوات أسقطت هيبة الدولة، وخرقت السيادة العراقية، ولا شك أن العراق عبارة عن سلطة مؤقتة، وليس دولة حقيقية بالمفهوم السياسي، حيث هناك خروقات أمنية مستمرة، وتدخلات خارجية واضحة، ومليشيات مسلحة في شوارع العاصمة، ونزاعات عشائرية في الجنوب، وتأتي المهزلة عندما لا يستطيع رئيس الوزراء دخول جامعة الكوت إلا بالقوة، حيث تمت إهانته بصورة غير لائقة.
حادي عشر: العمل على فتح حوارات تتولاها الجهات الشعبية من الوجهاء وشيوخ العشائر والنخب الاجتماعية لإزالة التوترات الفئوية والطائفية وغيرها. هذه الفقرة تشبه الفقرة الثالثة، إلا أنه هنا أضاف إشراك الجهات الشعبية وخاصة شيوخ العشائر.
ثاني عشر: ضرورة إدامة الحوار السياسي الجاد والفاعل من أجل الحفاظ على وحدة العراق وأمنه وسيادته لا على الصعيد السياسي فحسب بل الأعم من ذلك.
ثالث عشر: ضرورة تأمين الحدود العراقية كافة بواسطة الجيش العراقي وقوات حرس الحدود حصراً.
رابع عشر: فتح دورات تربوية وتثقيفية في المناطق المحررة لإزالة القلق والخوف وإبعاد الأفكار التشددية وخطر الطائفية ووضع برنامج متكامل تعليمياً وثقافياً واجتماعياً لإزالة الفكر التشددي والقضاء عليه.
خامس عشر: فتح حوار شامل للمصالحة الوطنية وفقاً للشروط التالية :
أ ـ أن لا يكون الحوار محدداً بالطبقة السياسية بل يكون حواراً للمصالحة الشعبية والوطنية يشمل جميع الأديان والمذاهب والأقليات والتوجهات برعاية عُلمائية. في هذه النقطة، وضع مقتدى الصدر شرطا جديدا للحوار، وهو أن يكون هذا الحوار برعاية علمائية، السؤال هو، من هم أولئك العلماء؟ لذلك هذه الإضافة أو الضميمة ليست ضرورية، بل إن العلماء منقسمون، وهم أحيانا سبب التشظي المجتمعي في العراق، ولقد رأينا ولا زلنا نرى الصراع بين هيئة علماء المسلمين السنة خارج العراق وبين علماء السنة في داخل العراق، فالأولى أن يكون ذلك كله بإشراف أممي، حتى لا يتعقد الحوار، ولا يصل إلى درجة اليأس والقنوط.
ب ـ أن لا يشمل البعث والإرهاب.
جـ ـ أن لا يكون قائماً على أسس سياسية انتخابية بل أسس تضمن السِلم الأهلي والاجتماعي.
سادس عشر: جمع السلاح المتناثر في العراق وتسليمه إلى الدولة من خلال آليات واضحة وصارمة مع الحفاظ على هيبة الجهاد والمقاومة. هنا دعوة صريحة لحصر السلاح بيد الدولة، لأن هناك فوضى في انتشار السلاح بيد من هب ودب، ولا أحد يستطيع أن يضع حدا لهذه الظاهرة الخطيرة، وما أكثر المليشيات المسلحة في عموم العراق، وهي ظاهرة أسقطت هيبة الدولة، وجعلت المجتمع العراقي في حالة من الرعب.
سابع عشر: ضرورة العمل على تصفية السلك الأمني كافة من العناصر غير المنضبطة ووضع قوانين صارمة تعيد للجيش والمؤسسات الأمنية الأخرى هيبتها واستقلالها. هذه الفقرة تأكيد لما سبق من النقاط المهمة حول تطهير المؤسسة العسكرية من العناصر الغريبة وغير المرغوبة، وهي دعوة جريئة لردع المليشيات الوقحة حسب تعبيره.
ثامن عشر: ضرورة أن يتولى القضاء العراقي النزيه محاسبة المتعاونين مع (داعش) بما يضمن الابتعاد عن العقوبات الجزافية ومساوئ المخبر السري.
تاسع عشر: على الحكومة ووزارة العدل خصوصاً تدقيق النظر في ملف المعتقلين الأبرياء ومحاسبة الإرهابيين والمفسدين والمعتدين مع ضرورة عدم التمييز بين طائفة وأخرى. في هاتين الفقرتين دعوة لإبعاد القضاء عن السياسة، لأن هناك تسييسا للقضاء العراقي، ولهذا على سبيل المثال يلجأ المواطن العراقي إلى المحاكم العشائرية بدل المحاكم الحكومية، والمصيبة أنه حتى المحكمة الفيدرالية لم تنجو من السياسة، فكم من قراراتها كانت سياسية محضة، بعيدة البعد كله عن الحقيقة والمنطق والعقل.
عشرون: غلق جميع مقرات الفصائل المسلحة أو تحويلها إلى مؤسسات ثقافية مدنية أو اجتماعية أو إنسانية. في هذه النقطة دعوة هادئة من أجل القضاء على مظاهر التسلح، وتحويل هذه المقرات المنتشرة في عموم العراق إلى مراكز للتثقيف، وهذه الفقرة قاصمة ظهر المليشيات المسلحة المنتشرة في العراق.
واحد وعشرون: لا شك إن الوضع السياسي في المناطق المحررة بحاجة إلى وقفة جادة لإنهاء كل الصراعات وإبعاد المتعاونين مع الإرهاب من خلال ما يلي:
أ ـ تشكيل لجان أهلية عشائرية تُعنى بالخدمة الشعبية.
ب ـ السعي لإجراء انتخابات أولية محلية.
جـ ـ إشراف أممي على العملية السياسية في تلك المناطق.
ثاني والعشرون: فتح الأبواب أمام الشركات الأجنبية والاستثمارية من أجل إعادة البنى التحتية وفقاً لقانون الاستثمار الوطني.
ثالث والعشرون: ضرورة عدم التدخل في شؤون الدول المجاورة من جميع النواحي كما إن تدخل تلك الدول مرفوض أيضاً.
رابع والعشرون: إرسال وفود عشائرية من وسط وجنوب العراق إلى المناطق المحررة وبالعكس للعمل على رفع الاحتقان الطائفي.
خامس والعشرون: ضرورة العمل على إقرار استراتيجية واضحة للإعلام الوطني بجميع مستوياته بما يضمن بث الروح الوطنية بين جميع أبناء الشعب العراقي. ليس ثمة إعلام عراقي وطني، فهو إما إعلام طائفي أو حزبي فحتى الإعلام الذي هو باسم الحكومة ليس مهنيا وطنيا، بل إنه يؤيد جهة دون أخرى.
سادس والعشرون: ضرورة إتمام التحقيق في قضية سقوط الموصل ومجزرة سبايكر وإعلان النتائج للرأي العام بل وغيرها من القضايا. هذه النقطة بالذات وبعض النقاط الأخرى دفعت دولة القانون إلى رفض هذا المشروع رفضا كليا، وأنه يمكن مناقشة هذا المشروع إذا عاد التيار الصدري إلى التحالف الوطني، لأن التيار الصدري يغرد خارج السرب، وأتصور أن التيار الصدري خرج من التحالف الوطني، ولن يعود إليه، كلما أراد الصدريون إحراج دولة القانون تطرقوا إلى مجزرة سبايكر وسقوط الموصل، لأن المالكي هو الذي تسبب بمقتل 1700 شاب بيد داعش في معسكر سبايكر قرب محافظة تكريت، وهو الذي كان وراء سقوط الموصل حسب تقرير لجنة سقوط الموصل النيابية.
سابع والعشرون: ضرورة إيجاد آلية حكومية لتوثيق جرائم الإرهاب.
ثامن والعشرون: العمل الدؤوب على انسيابية عودة النازحين إلى مناطقهم المحررة ورفع جميع العقبات التي تحول دون ذلك.
تاسع والعشرون: إقتراح تأسيس مجلس أعلى لشؤون الأقليات في العراق.
وفي الختام، عند المقارنة بين المشاريع الثلاثة (مشروع الأغلبية السياسية، ومشروع الأغلبية الوطنية، ومشروع الصدريين) نجد أن المشروع الأخير أقرب إلى الواقع، وأنسب للحالة العراقية، ويتطابق مع طبيعة المجتمع العراقي، وإن كانت هذه المشاريع جميعا مقدمة من قبل الطبقة السياسية الشيعية، فالطبقة السياسية السنية لها مشاريعها ورؤيتها، والكورد لهم مشاريعهم ورؤيتهم، والحقيقة أن هذه المشاريع مشاريع انتخابية، سرعان ما تتهاوى وتصبح حبرا على ورق، وهذا ما وجدناه خلال هذه السنين التي تكفي لبناء دولة قوية حقيقة تخدم المواطن، لذلك أتصور أن ثمة خوفا حقيقيا من قبل الطبقة السياسية الحاكمة في العراق من الانتخابات القادمة، فلعلها تسحق سحقا، وحينئذ يمكن أن نبني دولة مدنية حقيقة تسعد المواطن العراقي، ولربما ينتخبون من جديد، ووقتئذ تستمر معاناة المواطن العراقي، وهو يستحق ذلك، لأنه هو الذي اختار هذه الطبقة لإدارة البلد مرة أخرى، فلا يلومن إلا نفسه.