التسوية التاريخية للعرب السنة في العراق
ولندخل في تفاصيل هذه الورقة، ففي الفصل الأول، ثانيا: أهداف التسوية التاريخية، طرحت الورقة موضوعا مهما حول فسح المجال واسعا أمام كل الأطراف التي عارضت أو التي لا تزال تعارض العملية السياسية من أجل الوصول إلى حلول توافقية تنهي الصراع معها، ورفع كل القيود القانونية والموانع السياسية أمامها من أجل دمجها بالعملية السياسية أو تبني أية صيغة يمكن من خلالها ضمان حقوق كل الأطراف. أعتقد أن هذه النقطة مهمة للغاية من أجل جمع شتات السنة، لأن كثيرا من قادة السنة تم استهدافهم من قبل دولة القانون بزعامة المالكي أمثال رافع العيساوي وطارق الهاشمي، والبعض الآخر لا يسمح له بدخول العملية السياسية، وآخرون يعيشون في الخارج معارضين للعملية السياسية أمثال خميس الخنجر وسعد البزاز ووضاح الصديد وآل الضاري وغيرهم كثير، ولهذا تم اختيار بعض المعارضين قادة في التحالف السني في مؤتمر تركيا الأخير أمثال وضاح الصديد ورافع العيساوي وغيرهم، فكلما ضعف دور السنة السياسي كلما قوي دور الشيعة السياسي، وبسبب اختلال التوازن السياسي والمجتمعي فرضت بعض القوانين وشرعت، وهي في حقيقتها قوانين مذهبية، الهدف من تشريعها هو الاستهداف المذهبي والسياسي، وإضفاء صبغة أيدولوجية على تلك القوانين، ومثال ذلك أن الورقة طرحت في النقطة الرابعة من الفصل نفسه، تجميد القضايا الخلافية كقانون الحشد الشعبي حتى يحصل التوافق بين المكونات، وهذه هي المرحلة الأولى من التسوية التاريخية، في المرحلة الثانية أي الفصل الثاني طالبت الورقة بإنهاء المليشيات الشيعية المسلحة بما في ذلك الحشد الشعبي، وأن يكون حصر السلاح بيد الدولة، لأن الورقة قسمت التسوية إلى مرحلتين، ثم وضعت سقفا زمنيا للمرحلة الأولى وهي ستة أشهر، تسلم الورقة لمبعوث الأمم المتحدة، كل ذلك من أجل إطلاق وثيقة الصلح التاريخي بين أطياف الشعب العراقي.
في الفصل الثاني ركزت الورقة على موضوع وحدة العراق، وبناء الدولة الديمقراطية والمدنية، طالبت الورقة بتعديل الدستور تعديلا جوهريا، والحقيقة أن التأكيد على وحدة العراق أشبه بالحديث عن إمكانية عودة صدام حسين، لأن أسس الوحدة انهارت ولا يمكن بناءها من جديد، أما التعديل الدستوري فهو مقبول إذا كان يقتصر على بعض الفقرات والمواد المحددة، ولكن أن يكون التعديل جوهريا فهو مستحيل، يمكن معالجة ذلك إذا أصبح العراق مقسما، أما الحديث عن تعديل الدستور بصورة جوهرية في عراق موحد فهو مرفوض من قبل الكورد وكثير من الأحزاب السياسية الكبيرة، لذلك فالأمر بحاجة إلى توافقات وتفاهمات، وهي عملية معقدة تعيدنا إلى نقطة الصفر، ثم إن الطبقة السياسية السنية هي التي تتحمل مسؤولية فشلها، ومسؤولية عدم مشاركتها في العملية السياسية، ولوشاركت بقوة لما آل بهم الأمر إلى هذا المصير المؤلم، ولو سمعوا مقترح رئيس إقليم كوردستان السيد مسعود البارزاني بتشكيل أقاليم لهم لما وصل بهم الحال إلى حالة مأساوية يرثى لها، فقد كانوا يتذرعون بشعاراتهم الفارغة التي عفى عليها الزمن وشرب، وكانوا يتصورون أن الفدرلة (الاتحاد) تعني التقسيم، وها هم الآن يتمنون أن تعود بهم الأيام لكي يعلنوا النظام الفدرالي لمحافظاتهم المنكوبة والمهدمة، أسوة بإقليم كوردستان، ولكن هيهات فقد فات الأوان، حيث الدمار والخراب والفساد والنزوح والتهجير والتهميش والإقصاء هو حصاد الطبقة السياسية السنية العربية بسبب سياستهم الخاطئة وقرائتهم المغلوطة للمشهد العراقي، وقد تحدث رئيس مجلس النواب العراقي الدكتور سليم الجبوري للكتل الكوردستانية عن هذه الحقيقة بمرارة، عندما رفضوا في البداية النظام الفيدرالي، ولو قبلوا به لكان في صالحهم، ولما وصل بهم الحال إلى هذه المأساة.
وفي الفصل نفسه أكدت الورقة على هوية العراق العربية والإسلامية، حيث تقول هذه الفقرة: تلتزم أطراف التسوية التاريخية بتثبيت هوية العراق القائمة على قواعد المواطنة المتساوية من دون تمييز ديني أو طائفي أو عرقي والمدنية، والتأكيد على هوية العراق العربية والإسلامية. لا شك أن هذه الفقرة تناقض الدستور العراقي الذي يؤكد على أن العراق بلد المكونات، فتحديد هوية قومية أو دينية أو مذهبية مخالف للدستور العراقي، ولقد بذل رئيس إقليم كوردستان السيد مسعود البارزاني جهودا جهيدة من أجل رفض هوية العراق العربية، لأن العراق يتكون من قوميات مختلفة، والكورد هم القومية الثانية الرئيسة، فجعل هوية العراق عربية دعوة صريحة لمحو القومية الكوردية، وهكذا الحال فيما يخص هوية العراق الإسلامية، فالعراق بلد الأديان المختلفة، فعدم تحديد الهوية الدينية للعراق لا يعني أن الإسلام في خطر، بل بكل تأكيد ستعطي رسالة جميلة وسمحة لأتباع الديانات الأخرى بأن المسلمين مع كونهم يمثلون الأغلبية في البلد لكنهم يؤمنون الإيمان الحقيقي بمبدأ التعايش الديني في العراق.
القسم الثاني: عنونت الورقة هذا القسم بعنوان أسس المحافظة على وحدة العراق.
تناولت الورقة هذا الموضوع بأهمية بالغة، حيث ركزت في الفقرة الأولى على مشكلة الحدود، حيث طالبت بتثبيتها، ومن ثم طالبت أطراف التسوية التاريخية بالالتزام بما لا يدع شكا بوحدة العراق أرضا وشعبا وثروات ومؤسسات وسيادة وطنية. لا ريب أن مرحلة ما بعد داعش ستكون صعبة ومعقدة وخطيرة، ومشكلتنا الحقيقية ستكون مع المحافظات السنية(الغربية) فيما يخص تثبيت الحدود، فإذا كان الشيعة يعارضون بشدة تطبيق المادة 140، مع أن هذه المشكلة لا علاقة لها بمحافظاتهم مقارنة بمحافظات السنة، فإن السنة سيكونون عقبة كأداء وحجر عثرة في طريق تطبيق هذه المادة، إلا إذا تغلب رأي حكماء السنة على رأي متطرفيهم، ففي الفقرة الثانية من القسم الثاني تغلب رأي المتطرفين على رأي الحكماء، حيث طالبت هذه الورقة بتثبيت حدود محافظات السنة مع إقليم كوردستان، تقول الفقرة: تلتزم أطراف التسوية بتثبيت حدود المحافظات وحدود إقليم كوردستان على أساس ما كانت عليه في 19-3-2003، وذلك ضمانا لسلامة وحدة العراق، وإبعادا له عن خطر التقسيم. وهذه دعوة خطيرة وإهانة لدماء الشهداء من البيشمركة الأبطال الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل الوطن، واعتراف صريح من قبل السنة بأحقية صدام حسين في تطبيق سياسة التعريب الشوفينية بحق مناطق كوردستان، ولهذا لا يمكن للكورد أن يتخلوا عن مناطقهم التي عربت سابقا في عهد نظام البعث، وهي مناطق كوردستانية تاريخيا، وهي حدود رسمناها بالدم، فما رسم بالدم لا يمسح إلا بالدم، وكم انتظرنا حكومة بغداد لتطبيع الوضع، وتطبيق المادة الدستورية 140، لكنها على مدى اثنتي عشرة سنة عطلت المادة، ونحن باستمرار أكدنا لهم نحن مع تطبيق القانون، ولكن تبين لنا أن تطبيق هذه المادة من قبل بغداد أمر مستحيل، حتى جاءت قوات البيشمركة فطبقتها تطبقيا حقيقيا، وكفى الله المؤمنين القتال.
وفي الفقرة الثالثة حديث صريح عن المنافذ الحدودية لكوردستان، حيث تقول: تلتزم أطراف التسوية بسياسة وطنية لإدارة المنافذ الحدودية العراقية، وبأنواعها كافة من قبل الحكومة المركزية حصرا، وباعتبارها وجها من وجوه السيادة الوطنية، والتعامل مع أية أية خروقات بهذا الشأن وفق القانون.
طالبت الورقة في القسم الثاني، ثانيا، الفقرة الأولى والثانية، بتأجيل الحديث عن تشكيل الأقاليم إلى ما بعد إقرار هذه التسوية التاريخية، ثم تحدثت عن محافظة كركوك، في كونها محافظة عراقية، ورفض ضمها إلى أي إقليم، وهذه رسالة واضحة لكوردستان، حيث تقول الفقرة الثانية: تلتزم أطراف التسوية بالتعامل الدائم مع محافظة كركوك على أساس كونها محافظة عراقية على مدى التاريخ، ولا تخضع إلى أية تأويلات عرقية أو طائفية أو غيرها، وعلى هذا الأساس فإن هذه المحافظة لن تكون تابعة، جزءا أو كلا لأي إقليم أو محافظة أخرى. يبدو أن السنة العرب في العراق لا يزالون يفكرون بعقلية الحاكم، وبعقلية النظام البعثي السابق، وكأن هؤلاء في غفلة عن الحقائق التاريخية بخصوص كركوك، ولا يدركون أن مدينة كركوك كوردستانية، وهذه العقلية لا تختلف عن عقلية البعثيين، لذلك لا نستغرب مثل هذه المواقف المؤسفة.
الفصل الثالث: تحاول هذه الورقة – فيما يبدو - تجريم من كان سببا في تغيير نظام صدام حسين، حيث تقول: تتحمل كافة الأطراف السياسية والاجتماعية المسؤولية القانونية والأخلاقية بعد 2003 عن تمكين وتقديم الدعم لدولتي أمريكا وبريطانيا وحلفائهم، من أجل احتلال العراق، وما نتج عنه من تدمير هائل في بناه التحتية، وتعريض نسيجه الاجتماعي للتفكك ونهب الأموال وثروات البلد ونشوء المليشيات المسلحة وعصابات الخطف والابتزاز والتواطؤ على فتح الباب واسعا أمام تدخل دول الجوار في شؤون العراق الداخلية، وتكون المسؤولية تضامنية وشخصية وفق ما نصت عليه الأعراف والقوانين الدولية التي عالجت مثل هكذا قضايا. هذه الفقرة خطيرة للغاية فهي صريحة واضحة في كون أصحاب هذه الورقة يتباكون على سقوط هذا النظام الإجرامي، وهم في الوقت نفسه يحملون من رحبوا بتغيير النظام كل ما حدث من فساد وخراب ودمار بعد 2003، علما أن عدم استقرار العراق وخرابه ودماره يتحمله أيضا من رفض العملية السياسية بعد 2003، ولجأ إلى الإرهاب والعنف والقتل والتخريب والتدمير، ولو شارك السنة جميعا في العملية السياسية لكان الوضع مختلفا، ولو تخلوا عن شعاراتهم الوحدوية والقومية والعروبية والبعثية والإسلاموية لكان الواقع أفضل، وليكن معلوما لدى القاري الكريم أن الكورد ليسوا طرفا في هذا الصراع الأيدولجي بين السنة والشيعة، فالطرفان يتحملان مسؤولية ما حدث بعد 2003، فالسنة قاطعوا العملية السياسية بعد 2003، وكانوا في صدمة من أمرهم، حيث لم يكونوا يتصورون أن نظام البعث سيسقط بهذه السهولة، وأن المقاومة ستستمر، واستمرت المقاومة حتى تحولت محافظات السنة إلى مدن الأشباح، وشارك الشيعة في العملية السياسية بصورة قوية، ولم يكونوا يتصورون أن نظام صدام حسين سينهار، وكانوا يحلمون بأن يأتي يوم، ويصبح واحد منهم مدير مدرسة في كربلاء أو النجف، فكيف إذا وقعت السلطة بيدهم، ولهذا نظروا إلى الدولة كغنيمة، فبدأوا بتعويض ما فاتهم من هذه السنين الطوال، من الناحية المذهبية والفكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وكانت فرحتهم أكثر عندما وجدوا أن السنة قاطعوا العملية السياسية، لأن الساحة أصبحت لهم، وفيما يخص الكورد، فقد كان الشيعة لا يصدقون عودة الكورد إلى بغداد، بل كانوا يتصورون أن الكورد ذاهبون إلى الاستقلال، ولهذا تساهلوا معهم، لسببين، أولا فرحتهم بعودة الكورد إلى بغداد، ثانيا، سكوت الكورد حول مشاريعهم الأيدولوجية، لأن تركيز الكورد كان منصبا على تحقيق مطالب شعب كوردستان، فليس من الحكمة أن يتدخل الكورد في قضايا مذهبية لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
كلمة أخيرة
هذه الورقة كتبت بصورة دقيقة وهادئة، ومن قبل خبراء وأكاديمين وقانونيين وسياسيين معروفين، وهي ورقة مهمة للغاية تبين بوضوح رؤية السنة لمستقبل العراق السياسي لمرحلة ما بعد داعش، ولمرحلة ما قبل الشروع في حوار جدي مع الأطراف السياسية العراقية الأخرى، وخاصة التحالف الوطني الشيعي، لأنه الحاكم الفعلي للعراق، لكنها في الوقت نفسه ورقة متعالية وصارمة، وفيها روح قومية وعروبية، لذا من المستحيل أن يوافق التحالف الوطني على هذه الورقة، ومن المستحيل أن يوافق الكورد على هذه الورقة، ولعلها كتبت بهذه الصورة لكي يكون هناك فسحة للتنازل عن بعض البنود أثناء الحوار الجدي بين الأطراف، لأنه أحيانا ترفع سقوف المطالب لكي يتحقق أكثر ما فيها، والذي يبدو لي أن هذه الورقة كتب أكثر بنودها من هم خارج العملية السياسية، وتأثيرات المشاركين في العملية السياسية علي هذه الورقة ضئيلة وقليلة، وذلك لأن أكثر بنودها تتعلق بمن هو خارج العملية السياسية، ومن هنا تكتسب هذه الورقة ثقلها السياسي والمجتمعي في العراق، ولا بد لهذه الورقة أن تركز على معاناة ومشاكل سنة الخارج، فالذين هم داخل العملية السياسية لا يحتاجون إليها بالقدر الذي يحتاج إليها سنة المعارضة والخارج، والحقيقية أن التسوية التاريخية هي في الأساس لمن هو خارج العملية السياسية بالدرجة الأولى من أجل عودتهم إلى محافظاتهم للمشاركة الحقيقية في العملية السياسية، وهي من أجل من هو داخل العملية السياسية بالدرجة الثانية لكي لا يشعر بالتهميش والإقصاء والدونية، كما لوحظ من خلال سن بعض القوانين والتشريعات وتشكيل بعض المؤسسات والهيئات التي تحمل صبغة أيدولوجية، وكذلك اتخاذ بعض المواقف السياسية من قبل وزارة الخارجية العراقية، وهي تحمل في طياتها أبعادا أيدولوجية، وما أكثر الأمثلة على ذلك، آخرها دعوة إبراهيم الجعفري وزير خارجية العراق بحق عودة نظام بشار الأسد إلى الجامعة العربية، والذي دفع الجعفري إلى اتخاذ هذا الموقف المخجل والمؤسف تفكيره الأيدولوجي الديني الضحل, فالرجل يفكر ايدولوجيا وليس سياسيا وطنيا، وإلا كيف طابت نفسه بأن يسمح بعودة نظام يقتل النساء والعجائز والأطفال الرضع والشيوخ الركع والبهائم الرتع.
لا يمكن لهذه المشاريع أن تنجح في العراق ما دامت التدخلات الخارجية مستمرة على الساحة السياسية، وما دامت هذه المشاريع تكتب خارج أرض العراق، وما دات هذه المشاريع لا تراعي مطالب المكونات الأخرى، ولا تراعي مشاعر أتباع الديانات الأخرى، فهي مشاريع ذات صبغة معينة، فمشروع التحالف الوطني ذو صبغة دينية، ولا يمكن الوثوق بهذا المشروع إلا إذا تم حل الحشد الشعبي، لأن وجود الحشد الشعبي بهذه الصورة وبهذا الشكل عائق أساس أمام التسوية التاريخية، وهذا مطلب السنة كما ورد في ورقتهم، ومشروع السنة ذو صبغة قومية عروبية، لا يمكن الوثوق به إلا إذا تخلوا عن هذه الأفكار التي عفى عليها الزمن وشرب، وكلا المشروعين مرفوضان عند الكورد، لأن ورقة التسوية التاريخية عند الكورد تبدأ بالاعتراف بحق كوردستان الشرعي في الاستقلال، وتنتهي أيضا بالاعتراف بحق الشعب الكوردي الطبيعي في الاستقلال، ومن المؤسف أن كلا المشروعين لم يتطرقا إلى ذلك، وهو حق طبيعي للأمة الكوردية، وقد طالب الكورد قادة التحالف الوطني الشيعي عندما زاروا كوردستان بإضافة هذه الفقرة المتعلقة بمصير شعب كوردستان، فكل مشروع يطرحه أي طرف عراقي ولا يشير إلى هذا الحق الطبيعي للشعب الكوردي فهو مشروع مرفوض جملة وتفصيلا، ولا يعني أن الكورد لا يريدون للتسوية التاريخية أن تحقق نجاحا وتقدما، على العكس فالتسوية التاريخية ضرورة مجتمعية وسياسية لجميع شرائح المجتمع العراقي للخروج من هذه العاصفة والضائقة، ولكن فيما يخص الجانب الكوردي فالشرط الرئيس هو الاعتراف الصريح والواضح بحق الكورد في تقرير مصيره.
وعند المقارنة بين الورقتين أعني ورقة التسوية التاريخية للتحالف الوطني وورقة التسوية التاريخية للسنة، نجد أن الأولى أكثر منطقيا ومعقولية من الثانية، فورقة التسوية التاريخية للسنة مشروع خطير يهدد مستقبل كوردستان السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعسكري، وهذه الروح الاستعلائية لدى السنة باقية في نفوسهم، ولا يتخلون عنها، وسيستمرون على هذا النهج الأعوج، وهم دائما يقولون في قرارة أنفسهم لا يمكن أن يحكم العراق إلا السنة، ولا يمكن للعراق أن يقبل مشروع الفدرة والكونفدرة والتقسيم، وهذه الورقة أعني ورقة التسوية التاريخية خرجت من رحم هذه الروح الاستعلائية الاستكبارية، لذلك ستولد هذه الورقة عرجاء عوجاء مشلولة، إن لم تتحول إلى جثة هامدة، مثل هذه المشاريع المركزية القومجية العروبية انتهت، وهي التي جلبت للعراق الويلات والكوراث والمصائب والرزايا، وليس للعراق فحسب بل للعالم العربي أيضا، فكفى الحديث عنها، ودعنا نركز على الواقع، ونبني وطنا بلا شعارات تافهة، وطنا يشعر المواطن بالراحة والسعادة والعيش الرغيد، ويحس بكرامته وإنسانيته، وطنا يحكمه القانون، لكي يكون الانتماء للوطن فقط وليس للأحزاب والشخصيات الدينية والسياسية، ولا للأديان والقوميات والطوائف والمذاهب.