• Friday, 22 November 2024
logo

أعرف لماذا يعادون البارزاني؟

أعرف لماذا يعادون البارزاني؟
أعرف لماذا يعادون البارزاني؟
د.عرفات كرم ستوني
من الطبيعي أن تتعرض الشخصيات القومية والوطنية إلى التشويه الإعلامي الشرس من قبل بعض الدول، وبعض الجهات الداخلية من أبناء الوطن، وما حصل مؤخرا من حملة غير حضارية من قبل فضائية حركة التغيير خير دليل على ذلك، ولقد كان جواب البارزاني كالقنبلة في وجه تلك الحركة عندما قال: لا أريد من أحد أن يدافع عني، ولا أريد النزول إلى هذا المستوي من الانحطاط الإعلامي، ولقد كانت هذه الكلمات القليلة من البارزاني بردا وسلاما لقلوب الناس وهم منشغلون بشهر رمضان المبارك، شهر الخير والطاعة والأمان والاخوة والمحبة، لذلك لن أقوم بالدفاع عن البارزاني، التزاما بطلبه، ولكني مضطر لبيان بعض الحقائق حول البارزاني، حتى يكون القاريء على بينة، وحتى لا ينخدع ببعض أكاذيب بعض الجهات الطائشة والأقلام الكاذبة.
إني لا أكتب عن الشخصيات السياسية إلا نقدا، لأنه قلما تجد سياسيا نزيها، فأصبح في العقل الجمعي في العراق وكردستان أن كل سياسي فاسد، وليس ذلك صحيحا، نعم ثمة سياسيون فاسدون غير نزيهين في العراق وكردستان، ولكن ليس كل سياسي فاسدا، وعندما أتناول شخصية مثل البارزاني أتناوله بكل إخلاص وقناعة، أن الرجل ظلم بحقه كثيرا، شوهت صورته، وافتري عليه، وقيل في حقه ما لا يقبله عقل صحيح، ولا يرضى به إنسان ذو ضمير حي، ولا ننسى دور بعض الكتاب العراقيين والكورد الفاسدين من الذين باعوا دينهم ودنياهم وأخلاقهم وضمائرهم في سبيل الحصول على منصب أو شهرة أو مبلغ من المال، حيث قامت هذه الشلة القذرة بتسخير أقلامهم للطعن في شخصية البارزاني وتشويه صورته ونسف تاريخه، وطمس مواقفه الوطنية، ولكن يعلم شعب كردستان جيدا، أن هذه الإقلام مأجورة وخائنة للوطن والتاريخ، فليس البارزاني هو الشخصية الوطنية الوحيدة التي تتعرض لهذه الحملات الخبيثة، ولن تكون الشخصية الأخيرة، والتاريخ مليء بهذه النماذج، حيث نجد دائما في صفحات تاريخ الأمم والشعوب أن طابورا خامسا يعمل باستمرار في الحط من قيمة الشخصيات الوطنية، والطعن في أخلاصها ومواقفها، لكن تبقى الشخصيات الوطنية في العقل الجمعي للشعوب نزيهة وعظيمة وقوية ومخلصة، وتذهب تلك الأقلام الخائنة إلى مزبلة التاريخ، وما أكثر الأمثلة على ذلك، فالمقال لا يسمح لنا بذكر الأمثلة.
لقد كرس البارزاني حياته كلها في خدمة هذا الوطن، لم يرض أن يعيش مهانا ذليلا، بل فضل العيش في الغربة على العيش في أحضان أعداءه، ومعلوم مرارة العيش في الغربة، وكان بإمكانه أن يعيش حياة سعيدة غنية ثرية، وكان أعداءه يتمنون ذلك، لكنه رفضها وفضل العيش مع البيشمركة في الجبال، لأن أحب وصف له وأفضل شيء يفتخر به هو كونه من البيشمركة، عرفت هذه العائلة بتضحياتها الجسام عبر التاريخ، ولا أحد يستطيع إنكار ذلك، ولست بصدد الحديث عن ذلك، لأن ذلك يحتاج منا إلى مجلدات كبار.
إذن لماذا العداء للبارزاني؟
أعتقد أن سبب هذا العداء والحقد والبغض والضغينة يعود إلى كون البارزاني يؤمن بهذه المباديء التي سأوجزها، والمواقف التي تبناها في حياته، والمشاريع التي سينجزها، ويمكن إيجازها على شكل نقاط للتوضيح:
• يؤمن البارزاني أن التعايش السلمي بين الأديان والمذاهب والقوميات أساس الحياة الرغيدة، وركيزة الاستقرار السياسي، لذلك لا يسمح بالتمييز الديني والمذهبي والعرقي في كردستان، ونجد تطبيقات هذه القناعة في كردستان، بخلاف العراق، لهذا تجد من بين النازحين الموجودين في كردستان (المسيحيين والإيزيديين والشبك والسنة والشيعة والصائبة)، ورأينا كيف كان حال بعض الطوئف في بغداد والمحافظات الأخرى العراقية، مما اضطروا إلى الفرار منها إلى كردستان، حيث الأمان والاستقرار والتعايش والسلام، ومعلوم أن هذه السياسية الصائبة تحرج بعض الدول في المنطقة، وعلى رأسها بغداد.
• يؤمن البارزاني أن الديمقراطية هي الحل الأنجع لمشكلة الدول في النظام السياسي، والفيدرالية هي الحل الأمثل للعراق. بكل تأكيد هذه السياسية الصائبة تقلق بعض الدول التي لا تؤمن لا بالديمقراطية ولا بالفيدرالية.
• يؤمن البارزاني أن نظام الفيدرالية فشل في العراق، ولا بد من اللجوء إلى خيارات أخرى، كالكونفدرالية أو الاستقلال السياسي، بطيعة الحال هذه القناعة تعد خطرا لبعض الدول التي ليس في قاموسها هذه المبادئ الأساسية.
• يؤمن البارزاني أن تقرير المصير من حق الشعوب self-determination وهو مبدأ يسانده القانون الدولي والأمم المتحدة، ومن حق الأمة الكردية أن يكون لها كيان مستقل، ونجد من بين السياسيين الكورد من لا يؤمن بهذا الحق، بل يحارب ذلك، ويهدد من يهدد وحدة العراق كبعض النواب من حركة التغيير، ولهذا صرحت دولة القانون أن حركة التغيير من أقرب الحركات إلى بغداد، بسبب موقفها الداعم لوحدة العراق، والرافض لاستقلال كردستان.
• يؤمن البارزاني أن استقلال كردستان سيكون عامل استقرار للمنطقة، ولن يكون عامل تهديد لأي دولة، لذلك لا بد أن تكون هناك علاقات أخوية ومصالح متابدلة واحترام متبادل بين كردستان والدول الجارة.
• يؤمن البارزاني أن المشاكل العالقة بين بغداد وأربيل لا بد أن تحل بالطرق السلمية والحوار، وأن بقاءها عالقة سيبب أزمات للطرفين، وإذا بقيت هذه المشاكل عالقة دون حل، فالأولى اللجوء إلى حوار بناء من أجل أن نصبح دولتين جارتين نعيش بأمان وسلام.
• يؤمن البارزاني أن تنظيم داعش الإرهابي أخطر تهديد للعالم، وأن الذي سمح أو أدخل داعش إلى العراق هو نوري المالكي، وأنه سبب سقوط الموصل، ولكون تنظيم داعش خطرا كبيرا، يقوم هو بالإشراف على جبهات القتال من أجل الدفاع عن كردستان.
• يؤمن البارزاني أنه لا مكان للحشد الشعبي في كردستان، وهذا الذي سبب له عداء من قبل قادة الحشد، ومن قبل الدولة التي تتفق معها أيدولوجيا، ولقد سمعنا تهديدات بعض قادتهم باستمرار لكنها أشبه بسراب، ومن جملة ما أكده البارزاني للأخوة في الاتحاد الوطني الكردستاني خطورة وجود الحشد الشعبي قرب كركوك، ولا يسمح لهم بدخول تلك المنطقة، ولهذا نجد يوميا مشاكل تحدث بين الحشد الشعبي وقوات البيشمركة في طوز، وهي مناطق كردستانية وفق حقائق التاريخ والجغرافيا.
• يؤمن البارزاني أن مشكلة الكورد مشكلة قومية وطنية تاريخية، وليست مشكلة دينية مذهبية طائفية، لذلك لن تصبح كردستان طرفا في أي صراع أيدولوجي، وبسبب هذا الموقف الثابت للبارزاني قامت دولة إقليمية بالعداء الصارخ للبارزاني من خلال حملة إعلامية شرسة، وعن طريق وكلائها المعتمدين في كردستان، وذلك عبر بعض القنوات الكردية وبعض المواقع والجرائد والمجلات المعروفة، وهي سيئة الصيت في كردستان.
• يؤمن البارزاني أن الاقتتال الداخلي جريمة، ولن يقتل كردي بيد كردي، وهناك من يحرض على هذه الأعمال القذرة، ويريد استجرار الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى ذلك.
• يؤمن البارزاني أن الفساد الإداري يهدد مستقل كردستان، وأنه لا بد من استئصال هذا الورم الخطير، بدءأ من عائلته ومن ثم من حزبه، وأخيرا في الحكومة.
• يؤمن البارزاني بأن البرلمان لا بد أن يكون له دور فعال في القضايا التشريعية والمصيرية، وأن لا تتحول هذه المؤسسة التشريعية العليا إلى أداة حزبية لتحقيق مصالح حزبية ضيقة، وأن الذي يرأس البرلمان لا بد أن يكون شخصا متزنا مقبولا، لا شابا طائشا لا يعرف البرتوكول ولا الأتكيت السياسي، ولا يراعي الاتفاقات السياسية والمصالح العليا للبلد.
• يؤمن البارزاني أنه ليس ثمة أقلية ولا أغلبية، لا بد من مراعاة شرائح مجتمع كردستان، وأن الكل شركاء في هذا الوطن، وأن القانون فوق الجميع.
• يؤمن البارزاني أن التوافق السياسي هو الحل الأمثل للاستقرار السياسي في العراق وفي كردستان، والذي أوصل العراق إلى هذه الهاوية عدم مراعاة الاتفاق السياسي، والذي أوصل كردستان إلى هذه الأزمة فرض إرادة الأقلية على الأغلبية، وعدم مراعاة حق الشعب الانتخابي.
• يؤمن البارزاني أن مشكلة الكورد في أي جزء من كردستان لا بد من حلها سلميا، وأنه مستعد للمساعدة، ولقد قدم البارزاني الكثير الكثير للكورد في أي مكان وجدوا، وهو لا يريد منهم شكرا ولا ثناء، بل الذي يريده الاستقرار للشعب الكردي الذي عانى كثيرا.
• يؤمن البارزاني أن مشكلة الحزب العمال الكردستاني في تركيا لن تحل عن طريق الحرب، بل لا بد من العودة إلى طاولة الحوار، وبسبب هذه السياسة التي اتبعها البارزاني كانت تركيا تهدد كردستان، وتهدد البارزاني، وفي الوقت نفسه كان الحزب العمال الكردستاني يعادي البارزاني، ولكن بمرور الزمن أصبحت تركيا مقتنعة بمقترح البارزاني وطلبت مساعدته شخصيا، وهكذا اقتنع العمال الكردستاني، ولقد قطعت عملية السلام مراحل متطورة، لكن العملية انهارت، لأن البعض - دولا وأحزابا وأفرادا- تضرر بعملية السلام.
• يؤمن البارزاني أن التطور العمراني والتكنولوجي شرط في تقدم كردستان، ولذلك مع امكانيات كردستان القليلة مقارنة ببغداد، فلنقارن بين المدينتين؟ وهذا الكلام لا أقوله أنا شخصيا، بل هو نظرة من يزور أربيل من الغرباء، وخاصة من الاخوة العراقيين في محافظات الجنوب.
• يؤمن البارزاني أنه بالرغم من التحديات الصعبة التي تواجه كردستان، لكن لا بد للحياة أن تستمر، نعم هناك أزمة مالية خانقة، وحرب داعش، وأزمة النازحين، لكن مع ذلك نجد أن الحياة مستمرة وإن كانت صعبة، ولو كانت أي دولة أخرى مكان كردستان لأنهارت فورا.
أتصور أنه بسبب هذه المواقف وهذه السياسة وهذا الإيمان الراسخ نجد دولا وأحزابا عراقية وكوردية تعادي البارزاني، لأن هذه المواقف من سمات القيادات الوطنية، من الذين يحملون الحس الوطني والشعور القومي، فهم سيقودون أمتهم إلى بر الأمان، ولذلك تحاول بعض الدول ليل نهار تشويه صورة البارزاني، والحط من قيمته، والتقليل من دوره، حتى لا يقتنع الشعب الكردي بشخصيته، ومشروعه الوطني، ليس بصورة مباشرة، ولكن عن طريق بعض القنوات المأجورة، والأقلام المعروفة، كل ذلك من أجل القضاء على حلم الدولة الكردية، ولكني على قناعة أن الشعب الكردي يعرف جيدا من الذي هو البارزاني؟ ولهذا تخشى الأحزاب الكردية من اختيار رئيس الإقليم من قبل الشعب، ويصرون على انتخابه عن طريق البرلمان لكي يقتلوا رغبة الشعب الحقيقية، ومعلوم أن الرئيس الذي يختاره الشعب أقوى وأفضل مصداقية، من الرئيس الذي ينتخب بين أعداد معينة من النواب، وبكل تأكيد شعب كردستان سيصر على انتخاب البارزاني رئيسا لكردستان، من أجل أن يكمل مشروعه الوطني، ويحقق حلم كل كردي شريف، وهو دولة كردستان مستقلة آمنة مستقرة حيث الرفاهية والعيش الرغيد والتعايش والسلام.
Top