قانون الحشد الشعبي
د.عرفات كرم ستوني
يعد قانون الحشد الشعبي أول قانون مقلق ومثير للجدل يتم التصويت عليه بهذه العجالة في هذه الدورة النيابية، ويتم التصويت عليه بأغلبية أصوات نواب التحالف الوطني دون مراعاة الكتل النيابية الأخرى وخاصة الكتل السنية، حيث هدد نواب التحالف الوطني الكتل السنية أنه إذا لم يصلوا إلى نتيجة نهائية حول هذا القانون، فإن القانون سيتم التصويت عليه بالأغلبية الجاهزة، مع أن الأمين العام لمجلس الوزراء وكالة مهدي محسن العلاق وجه كتابا الى الدائرة الإعلامية لمجلس النواب بتأريخ يوم السبت الموافق 26-11-2016 بإعادة القانون لمراجعته، وذلك عندما أدرك رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي أن الكتل السنية انسحبت من الجلسة، لأن هذا الانسحاب ليس في صالح العملية السياسية، ولا في مصلحة الحكومة، ولكن التحالف الوطني، وسنة المالكي وبعض أكراد المالكي أصروا على التصويت،، حتى وصل الأمر ببعض نواب التحالف الوطني إلى إطلاق تصريحات نارية شديدة اللهجة وتوزيع تهم خطيرة، خذ مثلا تصريح النائب حنين قدو عن التحالف الوطني، حيث صرح للسومرية نيوز قائلا: إن القانون سيمرر في جلسة البرلمان ليوم غد السبت دون الإصغاء للأصوات النشاز، والمغردة خارج السرب...ثم قال: كل الأصوات المعارضة لتمريره تتبع أجندات وأوامر خارجية لها مواقف معروفة مسبقا من الحشد الشعبي...وأبدى القدو عن أسفه من وجود بعض القيادات السياسية التي ما زالت حتى اللحظة تستلم التعليمات من تركيا والسعودية وقطر...إنها تعمل وفق أجندات تلك الدول لإضعاف العملية السياسية ونسفها بشكل كامل.
ولعل سبب هذه العجالة في تشريع هذا القانون يرتد إلى الضغط الإقليمي الواضح، فالحشد الشعبي قوة عسكرية أيدولجية، تشكل بموجب فتوى دينية مذهبية أطلقها السيد علي السيستاني لحالة مؤقتة لمحاربة داعش، وبعد التحرير لا بد أن ينحل هذا التكشيل فورا، ويخير أفراد الحشد الشعبي إما بالانضمام إلى الجيش العراقي بعد تحقق الشروط اللازمة، وإما أن يعود إلى بيوتهم مع كافة الامتيازات والحقوق، وهكذا فيما يخص الشهداء، لأنهم حقيقة قدموا تضحيات كبيرة، ولا أحد ينكر ذلك، ويرى محللون أن حل هذا التشكيل العسكري المؤقت بعد تحرير الموصل ربما سيكون ضربة قوية لمصالح إيران، لذلك ربما أصرت إيران على تشريعه والتصويت عليه بهذه السرعة وبهذه الصورة عن طريق التحالف الوطني، ومعلوم أن الكتل السنية لم تتفق بخصوص هذا القانون، بعد اجتماعاتهم الكثيفة، وذلك لأن تشريع هذا القانون تهديد للمكون السني، لكونه يهمش دور المؤسسات العسكرية الوطنية، ثم إن الحشد الشعبي حشد أيدولوجي، وقد حاولوا تطعيم الحشد الشعبي طعما وطنيا، حيث أعطوا بعض المناصب الهامشية لبعض أفراد السنة المعروفين بولاءهم للتحالف الوطني، وهم أفراد معروفون صوتوا لقانون الحشد الشعبي من أجل أن يحتفظوا بحشودهم التي شكلوها لأنفسهم، مع أن عدد أفراد تلك الحشود غير معلومة، وأكثرهم فضائيون وهوائيون، وسيكون رئيس هيئة الحشد الشعبي شيعيا حصرا وأبدا، ونائبه سيكون سنيا مواليا لهم، وقد طرحت أسماء لمنصب نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي من بينها يزن نجل النائب مشعان الجبوري، النائب السني المعروف بتقلباته السياسية، لكون نجله الآن أحد قادة الحشد الشعبي، وكذلك أعطوا نسبة للمكونات الأخرى وهي نسبة ضئيلة لا تمثل شيئا، وإنما هي فقط لإضفاء الشرعية الوطنية عليه، وهناك محاولات لإعطاء نسبة للكورد، والحقيقة أن هؤلاء الكورد الذين يقبلون بالانضمام الى صفوف الحشد الشعبي، بدل الانضمام الى صفوف البيشمركة هم إما انتهازيون يريدون تحقيق مصالحهم الضيقة على حساب قوميتهم ووطنهم، أو من الذين يفضلون المذهب على القومية، وهؤلاء لا يصلحون للانضمام إلى قوات البيشركة، لأن البيشمركة قوة وطنية، وليست قوة أيدولوجية، ولا مكان للإنسان الطائفي بين صفوف البيشمركة، ولذا نجد من بين قوات البيشمركة من مختلف الطوائف والقوميات والأديان عبر التاريخ، ولا أحد يسأل عن هويته، لأن هوية البيشمركة الأساسية هي الدفاع عن كوردستان ضد من يريد بها شرا، وأفضل مثال على ذلك حرب البيشمركة ضد الدواعش الإرهابيين.
ومن الأسباب التي دفعت السنة إلى عدم التصويت على هذا القانون، هو أن التحالف الوطني رفض مشروع قانون الحرس الوطني الذي كان السنة يريدون تشريعه بقوة، مع موافقة مجلس الوزراء على تشريعه، وأيد هذا المشروع كل من الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية، وكانت حجة التحالف الوطني أن هذا القانون سيمزق البلد، مع أن قانون الحشد الشعبي هو الذي مزق البلد عمليا، وليس قانون الحرس الوطني الذي ينص على أن لكل محافظة حراسها من أهلها، فالحرس الوطني قوة وطنية محلية تدافع عن أرض العراق، بينما الحشد الشعبي قوة عسكرية أيدولوجية عابرة للحدود، بدليل أن بعض قادة فصائل الحشد الشعبي يؤكدون باستمرار أن الحشد الشعبي سيتوجه إلى سوريا بعد تحرير الموصل، ولربما إلى اليمن ولبنان والبحرين والمنطقة الشرقية من السعودية، ولربما إلى بعض مناطق كوردستان التي يشكل الشيعة فيها نسبة جيدة، هذه الأماكن جميعها فيها صراع طائفي بين السنة والشيعة باستثناء كوردستان، وهناك فصائل مسلحة عراقية شيعية تقاتل في سوريا دفاعا عن بشار الأسد، وقبل أيام زار وفد سوري رفيع المستوى بغداد للتنسيق مع قادة الحشد الشعبي وبحضور إيران من أجل مشاركتهم في سوريا، ولهذا وجدنا نوري المالكي في خطابه المتحمس في مؤتمر الصحوة الإسلامية في بغداد يقول: إن عمليات قادمون يا نينوى تعني في وجهها الآخر قادمون يا رقة، قادمون يا حلب، قادمون يا يمن، قادمون في كل المناطق التي يقاتل فيها المسلمون الذين يريدون الارتداد عن الفكر الاسلامي. ولا يخفى أنه يقصد بالإسلام الإسلام الشيعي، ولهذا طالب كل من رئيس كتلة متحدون بزعامة أسامة النجيفي، ورئيس المشروع العربي خميس الخنجر الحكومة العراقية بسحب المليشيات الشيعية العراقية من سوريا والتي تقاتل دفاعا عن بشار الأسد.
لعل مخاوف السنة ومن لم يصوت على هذا القانون تأتي من خلال النفوذ الإيراني في الحشد الشعبي، وليس هذا فحسب بل من خلال تصريحات بعض قادة الحشد في كونهم يأتمرون بأمر المرشد الأعلى علي الخامنئي، وبعضهم صرح أنه سيقاتل ضد العراق إذا صارت حرب بين إيران والعراق، لأنه سيأتمر بأمر الإمام المعصوم، ولهذا وجدنا بعضهم كانوا يقاتلون ضد العراق خلال الحرب العراقية الإيرانية، هذه المواقف والتصريحات تعطي صورة واضحة للمكون السني أن الحشد الشعبي ليس قوة وطنية، بل قوة أيدولوجية محضة، ولهذا يرى محللون أن الحشد الشعبي خطة إيرانية أعلن عنها الجنرال محسن رفيقدوست، القائد السابق للحرس الثوري الإيراني، وقد أعلن عن دعم بلاده للحشد في تسليحه وتدريبه ونقل الخبرات إليه، ولكي نفهم هذه العلاقة التاريخية الوطيدة، والصلة الإيدلوجية المتينة، نقرأ تصريحات أحد قادة الحشد الشعبي حامد الجزائري الذي أجرت معه وكالة ميزان الإيرانية لقاء، حيث كان الرجل صريحا وواضحا وسأنقله مع طوله ولكن بصورة مختصرة ووجيزة حيث قال: الحشد الشعبي العراقي ترعرع وتربى في أحضان إيران، وأغلب قيادات الحشد الشعبي هم من العراقيين الذين شاركوا في الحرب العراقية – الإيرانية بجانب الحرس الثوري الإيراني ضد صدام حسين...ثم قال: طالما هناك أتباع للولي الفقيه خامنئي في العراق وسوريا يحق لإيران وللحرس الثوري التدخل العسكري هناك معتبرا ذلك الدفاع عن الأمة الواحدة، وهي أمة ولاية الفقيه بالمنطقة ... ثم قال: نحن نعتبر تضحياتنا هي دفاع عن إيران، ودماء العراقيين التي سالت وسفكت خلال هذه الحرب لم تخرج عن دائرة الدفاع عن الجمهورية السلامية الإيرانية...ثم قال: نحن في الحشد الشعبي نعتقد بأننا ننتمي إلى أمة واحدة، وهي أمة ولاية الفقيه ولا فرق بين القتال بسوريا أو العراق وإيران، ولهذا تجد قواتنا هي قوات شيعية متعددة الجنسيات من لبنان وأفغانستان والعراق وإيران وباكستان وغيرها من الدول موجودة في القوات الشيعية التي تقاتل في العراق وسوريا... ثم تحدث عن وجود قاسم سليماني في العراق قائلا: نحن نعتقد بأن هذا الرجل شخص غير عادي، ونعتبره ممثلا عن أمة الإسلام، وهي أمة ولاية الفقيه ومفاوضا عن خامنئي في العراق، وأصبح سليماني يشكل مصدرا معنويا ودافعا حماسيا لعمليات الحشد الشعبي في العراق... نحن كحشد شعبي مخلصون للجنرال قاسم سليماني لأنه لا يوجد أي شخص يمتلك جرأة وثبات وشجاعة ومعنويات الجنرال سليماني، ولهذا سلم حيدر العبادي جميع الملفات العسكرية والأمنية وقيادة العمليات العسكرية بيد الجنرال قاسم سليماني وباتت مكانة سليماني توازي مكانة العبادي بالحكم في العراق... ثم قال في النهاية: الشعب العراقي يرى بأن من واجبه الشرعي الدفاع والتضحية من أجل شخص الجنرال قاسم سليماني، لأنه بوجود سليماني فقط نستطيع الاستقرار في الدفاع عن مقدسات الشيعة بالمنطقة.
السؤال الذي يطرح نفسه كيف يمكن للمكونات العراقية أن تقتنع بأن الحشد الشعبي قوة وطنية ستدافع عن العراق، والحقيقة أن الحشد الشعبي قوة عسكرية مهمتها في العراق الدفاع عن السلطة الشيعية في العراق إلى الأبد، وذلك حتى لا تجرأ أي قوة في التفكير في تغيير هذه السلطة، فهي قوة رادعة وطارئة لمن تسول له نفسه في المساس بهذه السلطة، فالحشد الشعبي حامي الوجود الشيعي السياسي.
والذي يبدو لي أنه سيكون لهذا القانون تداعيات خطيرة على مستقبل العراق السياسي، والخطر الأكبر سيكون على إقليم كوردستان، لأن هناك كتلا كوردستانية حشدت لتشريع هذا القانون، وصوتت له، من أجل تحقيق مكاسب سياسية ضحلة، ومآرب حزبية ضيقة على حساب الوطن، وخاصة في مدينة كركوك، حيث تتصور هذه الكتل وخاصة كتلة التغيير والاتحاد الوطني الكوردستاني باستثناء شق مركز القرار أنها ملتزمة بتحالفها مع المالكي، ومعلوم أن المالكي من أشد الداعمين لهذا القانون، بل يتصور نفسه أنه هو صاحب هذه الفكرة، فكرة تأسيس الحشد الشعبي، نعم ربما كان يحلم بتأسيس قوة أيدولوجية كهذه، ولكنه لم يكن يستطيع تحقيق حلمه، حتى أفتى السيد السيستاني بتلك الفتوى المعروفة، ثم حولها الساسة الشيعة إلى حالة دائمة، بعد أن صوتوا عليه في مجلس النواب العراقي، إذن أحد الأسباب التي دفعت تلك الكتل الكوردستانية إلى التصويت على قانون الحشد الشعبي الالتزام بتحالفاتها مع المالكي، السبب الآخر والأهم هو محاولة تلك الكتل الاستعانة بالحشد الشعبي ضد الحزب الديمقراطي الكوردستاني، من أجل تسليم نفط كركوك لبغداد على طبق من ذهب، كل ذلك من أجل إفشال فلسفة الاستقلال النفطي لكوردستان، ولكي تخضع حكومة إقليم كوردستان لبغداد، ولا ريب أن حكومة كردستان ستقدم الغالي والنفيس من أجل المضي في إنجاح واستمرار الاستقلال النفطي، ولن تخضع لبغداد أبدا، ولو كلفها انهيارها ونهايتها وموتها، هذه المواقف المؤسفة لتلك الكتل الكوردستانية لا تخدم مصلحة الشعب الكوردستاني، ومثل هذه المواقف جرأت قيس الحزعلي زعيم عصائب أهل الحق وأمثاله في التهجم والتطاول على كوردستان والبيشمركة وقادتها الأبطال، لأنهم يستغلون هذه الخلافات بين الكتل الكوردستانية من أجل خلق الفوضى والاضطراب بين شرائح المجتمع الكوردستاني، وليكن معلوما لدى تلك الكتل أن الحشد الشعبي قوة عسكرية أديولوجية، معيارها الأساس، إن لم تكن معي فأنت ضدي، فلا يمكن الوثوق بالقوى الإيدلوجية، ولا يفهمن أحد أنني ضد الحشد الشعبي، فقد قدموا تضحيات عظيمة، وقدموا شهداء، وحرروا مدنا، ولكن لا أريد من أي سياسي صوت لهذا القانون أن يتحدث عن الدولة المدنية والتسوية التاريخية والتوافق السياسي ومراعاة حقوق الأقليات والمكونات ودولة المواطن، والسيادة العراقية، ورفض التدخل الخارجي وما شابه ذلك من هذه العبارات والكلمات الفارغة، لأن هذا القانون أنهى ذلك كله.
والغريب أن الذين كتبوا هذا القانون يستندون إلى مواد دستورية، حيث ذكروا أن قانون الحشد الشعبي يضمن المادة التاسعة (9) من الدستور العراقي: ولنعد إلى تلك المادة، ماذا تقول؟ تقول المادة:
أولاً :ـ أـ تتكون القوات المسلحة العراقية، والأجهزة الامنية من مكونات الشعب العراقي، بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييزٍ أو إقصاء، وتخضع لقيادة السلطة المدنية، وتدافع عن العراق، ولا تكون أداةً لقمع الشعب العراقي، ولا تتدخل في الشؤون السياسية، ولا دور لها في تداول السلطة.
ودعني أبين تناقضات هذا القانون مع هذه المادة الدستورية، أولا: ليس في الحشد الشعبي أي توازن، وفيه تمييز واضح، وإقصاء ظاهر، تجلى ذلك جليا أثناء التصويت، عندما صوت التحالف الوطني دون مراعاة اعتراضات الكتل الأخرى، ثم ما يخص التوازن، فليس ثمة أي توازن، بل هناك تمييز واضح بين النسب الموزعة بين المكونات المجتمعية، ثانيا: لا تخضع للسلطة المدنية، بل تخضع لقادة الفصائل المنضوية تحت هذا المسمى، ثم إن الحشد بموجب القانون سيكون تحت إمرة رئيس الوزراء، وهذا ليس صحيحا، بل لا قيمة لرئيس الوزراء، هل يتصور أحد أن قادة تلك الفصائل سيأتمرون بأمر رئيس الوزراء، وليكن معلوما أن قادة الحشد أكثر هيبة وسلطة وقوة وقدرة وصلاحية ونفوذا من رئيس الوزراء، لذلك كتبت هذه الفقرة من أجل أن لا يعترض معترض أثناء التصويت، ثم إنه لا يدافع عن العراق، بل يدافع عن طائفة معينة، بدليل أن فصائل من هذا الحشد يقاتلون في سوريا دفاعا عن بشار الأسد، ولن يجرأ رئيس الوزراء أن يسحب أي فصيل من الحشد الشعبي في سوريا بالرغم من دعوات كثير من قادة الكتل السياسية بسحب تلك الفصائل من سوريا، ثالثا: فصائل من هذا الحشد كانوا أداة قمع لأبناء الشعب العراقي، حيث ارتكبت جرائم في مناطق السنة وخاصة في ديالى والفلوجة، رابعا: هذه الفصائل تدخلت في السياسة وستتدخل باستمرار، والدليل أن بعض الفصائل صرحت أنها تفضل سيطرة داعش بدل سيطرة البيشمركة على بعض المناطق، وقد رأينا موقف إحدى فصائل الحشد الشعبي وهي فصيلة عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي واضحا عندما حرر البيشمركة مدينة سنجار، قال: إن مدينة سنجار وقعت تحت احتلال أشد من احتلال داعش، وسنحررها من هذا الاحتلال، ترى هل يقول مثل هذا الكلام من ينتمي إلى العراق؟ ويحمل شعورا وطنيا، بل مثل هذا الكلام تدخل في السياسة، ولقد كان جواب الرئيس بارزاني قاسيا حيث قال: إن الطريق إلى تحرير سنجار يمر عبر مدينة البعاج، لذلك استناد هؤلاء إلى هذه المادة الدستورية لا معنى له، ولو لم يذكروا هذه المادة لكان أفضل.
وبعد أن تم التصويت على هذا القانون، لاحظ السيد مقتدى الصدر غضب أكثر الكتل غير الشيعية، فقدم ورقة فيها شروط قاسية لمن يريد أن يكون ضمن الحشد الشعبي، وهي كثيرة لا مجال لسردها، نوجزها كالآتي: أولا قسم ورقته إلى أقسام، أولا: شروط الالتحاق، وهي أربعة عشر شرطا، ثم وضع شروط التشكيل، وهي أحد عشر شرطا، ثم آلية التحويل والالتحاق أو الدمج، وهي أيضا أحد عشر شرطا، ثم كتب ملاحظات عامة، والهدف من هذه الورقة إعطاء صورة حضارية لجماعته، أنها تريد حشدا وطنيا، لا مذهبيا، هذا أولا، ثانيا، للوقوف ضد بعض الفصائل لكي لا ينتمي أفرادها للحشد لكونهم ارتكبوا جرائم، ولكون ولائهم ليس للوطن، ولهذا وصف السيد مقتدى الصدر بعض تلك الفصائل بالمليشيات الوقحة.
والذي أريد أن أصل إليه، أن التحالف الوطني الشيعي ارتكب خطأ تاريخيا بتشريع هذا القانون، وارتكب خطأ آخر عندما صوت للقانون مع عدم الاكتراث بمعارضة الأطراف الأخرى، والأدهى من ذلك أنه ارتكب خطأ فادحا بحق كوردستان عندما حدد موازنة كاملة للحشد الشعبي الذي تشكل حديثا، مع تحديد عدد أفراده، وهمش قوات البيشمركة الذين حطموا أسطورة داعش، وهي قوة عسكرية تاريخية مفخرة العالم أجمع، وعليه، فليكّف التحالف الوطني عن الحديث مرة أخرى عن التسوية التاريخية، والعدالة الاجتماعية، والمواطنة الحقيقية، وحقوق المكونات، والتعايش السلمي والتسامح، وتطبيق القانون، والاخوة الإسلامية، والوحدة الوطنية، واللحمة العراقية، أعتقد أن هذه المفردات أصبحت خاوية على عروشها.