• Friday, 01 November 2024
logo

مهزلة الأستجوابات في البرلمان العراق

مهزلة الأستجوابات في البرلمان العراق
من حق النائب أن يستجوب رئيس الوزراء أو أحد الوزراء بعد موافقة خمسة و عشرين نائبا، لأن ذلك من مهام الناب بموجب الدستور العراق في المادة(61) سابعا(ج)، فهو يقوم بالدور الرقابي لتقيم أداء الحكومة أو الوزراء، والأستجوب يعني المحاسبة لأنه يحمل أتهاماً برلمانيا و ليس قضائيا، وقد عالج هذه المسألة النظام الداخلي بمجلس النواب العراقي المادة (56-57-58-59-60-61).
لا شك أن الوسيلة الأنجح لمعرفة أداء الحكومة أداء وزارة هي السؤال، وقد ورد في المادة(61) سابعا(م) لعضو مجلس النواب أن يوجه الى رئيس مجلس الوزراء والوزراء أسئلة في أي موضوع يدخل في أختصاصهم ولكل منهم الأجابة عن أسئلة الأعضاء، و للسائل وحده حق التعقيب على الأجابة، ثم يمكن اللجوء الى وسيلة أخرى وهي صراع موضوع عام للمنافسة كما ورد في المادة(61) سابعا(ب) لأستيضاح سياسة و أداء مجلس الوزراء أو أحدى الوزارات، وقد عالج النظام الداخلي لمجلس النواب هذه المواد الدستورية في المادة(50) في الفصل العاشر الى(55).
وقد جاء قرار المحكمة الأتحادية العليا المرقم 35 /2012 فث 2/5/2012 و (28) في 30/5/2014 بأنه لحظورة وسيلة الأستجواب من وسائل و رقابة السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية وجب وجب أن يكون الأستجواب مستوفيا للشروط المتوصف عليها أن الدستور في النظام الداخلي لمجلس النواب و بعكسه يكون من باب السؤال أو الأستيضاح.
لدينا مثالات حول حقيقة هذه الأستجوابات في البرلمان العراقي، الأول حول وزير الدفاع العراقي المنتمي الى كتلة متحدون بزعامة أسامة النجيفي، حيث كان ضحية صفقات سياسية بين سليم الجبوري و جماعته وبين المؤيدين لوزير الدفاع من المعارضين لسليم الجبوري، و لمثال الثاني حول وزير الحالية هوشيار زيباري.
عندما أصبح الدكتور حيدر العبادي رئيساً للوزراء قلت آنذاك إن أكبر مشكلة ستواجهه في مسيرته تحديات نوري المالكي، لأنه من الصعب على الرجل تقبل الحالة الجديدة، و خاصة بعد فوزه الساحق، مع قناعتي التامة، بإن أيادي التزوير طالت صناديق الأنتخابات لصالح و صالح مرشحيه، لذلك بدأ المالكي و بمساندة قوية و دعم لا ينظر له من أيران لا نجاح شروعه الطائفي، والذي لا نشك أن يصب في مصلحة المشروع الأيراني الأيدلوجي، كان المالكي على قناعة أن بات من المستحيل أن يعود الى السلطة، و خاصة أن تم الأطاحة به كتائب لرئيس الجمهورية، لذلك قام عن طريق نواب في كتلة دولة القانون بأستهداف الحكومة، وأستهداف كل من يقف عانقاً في طريق طموحات السياسية، من المعلوم أن رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري المنتمي الى الحزب الأسلامي رجل ضعيف سياسيا ولكنه ذو خبرة في الحفاظ على منصبه ففي بداية الأمر شعر الجبوري أن المالكي قد أنتهى، وبدأ بالتوجه نحو حيدر العبادي للتحالف معه و ساندته بكل قوة، لكنه أدرك في النهاية و خاصة بعد أن أهتز كرسيه، أن المالكي لا يزال قوياً وأنه يملك القوة والتردة و لمساندين لتفعيل مشروعه الطائفي و تحريكه، ومن هنا ظهرت جبهة الأصلاح في مجلس النواب العراق، وأغلبية الأعضاء من دولة القانون وعلى رئسهم النائب هيثم الجبوري الطفل المدلل للمالكي وهو الذي كان يمل ليل نهار من أجل أستجواب هوشيار زيباري لكونه قياديا في الحزب الديمقراطي الكردستاني و هو خال رئيس الأقليم، فالأستهداف كان سياسيا، بأمتياز ولم يكن أستهدافاً مهيناً حرفيا، وسأعود الى هذه النقطة، عندما أدرك الجبوري أن منصبه على شفا جرف، تراجع عن مساندته للعبادي وبدأ بجملة شديدة، على الحكومة، وخرجت الظاهرات وهي نتجة نحو مجلس النواب العراقي وتحول المجلس الى ساحة مفتوحة للمتظاهرين، لا ننسى الصراعات السياسية الشديدة بين المالكي و مقتدى الصدر، لكان وجود أيران ضامن لحلها بصورة سريعة إما ترغيباً أو ترهيبا، وقد هدأت الصراعات بعض الشئ بين الرجلين بعد محاولات أيران المستمر، لكن هذه المرة كانت محاولات ترهيبية لمقتدى الصدر.
أدرك سليم الجبوري أن عودته مستحيلة، فالحل هو العودة نوري المالكي، فقان بزياره وأخيرا تاب سليم الجبوري، وأعطى وعده للرجل بمساندة مشروعة شريطة بقاءه رئيسا لمجلس النواب الى نهاية الدورة، و لهذا نجد أمثلة واضحة تبين مدى خضوع الجبوري لرغبات المالكي و طموحاته السياسية والطائفية، حيث تمت أقالة محافظ النينوى أثيل النجيفي، أنتقاما من أسامة النجيفي زعيم كتلة متحدون، الحضم اللدود للمالكي، و تمت أقالة وزير الدفاع خالد العبيدي المنتهي الى كتلة النجيفي، ونجد في الوقت موافقة سليم الجبوري الهشة والضعيفة فيما يخص استجواب وزير المالية هوشيار زيباري، حيث طالبناه بتأجيل هذا الموضوع وقد وعدنا لكنه لم يف بوعده، وأن كان هوشيار زيباري مصراً على الحضور للجلسة حتى لا يظهر في موقف ضعيف، و ضعفه ضعف الحزب الديمقراطي الكردستاني، حصل الأستجواب بصورة طبيعية و حضارية، كان هوشيار زيباري في قمة السيطرة على الموقف، وأنتهى الأستجواب و بعد سبعة ايام طالب المستجوب هيثم الجبوري بالتصويت على القناعة من دونها، و قد طالبنا سليم الجبوري يتأجل هذا التصويت حتى تفسح المجال للنواب للتفكير في أجوبة هوشيار زيباري، لكن سليم الجبوري، و خوفاً من تهديدات جبهة الأصلاح، أحال الموضوع لقناعة المجلس، و للمرة الثانية لم يف سليم الجبوري بوعده عندما وافق على التأجيل، و لذلك حصلت مشادات كلانية بين بعض نواب و نواب دولة القانون و خرجنا القاعة، و قد رفع سليم الجبوري الجلسة، لكنه أعاد الجلسة و جلس وبضغط من بعض النواب الذين كانوا يريدون الأطاحة بوزير الحالية، لذلك نحن في كتلتنا بينا أن هذه الجلسة 27/8/2016 ليست دستورية ولا قانونية، والسيد هوشيار زيباري طعنة في الجلسة أمام المحكمة الأتحادية، و بعد مضى ف فترة، وخلال استراحة العيد كانت هناك محاولات من قبلنا عن جمع الأصعدة و كذلك من قبل هوشيار زيباري للطعن في تلك الجلسة وأعاد التصويت من جديد، وقد جمعنا 102 توقيعاً من أجل أعاد التصويت و بعد العيد الأضحى و في يوم 21/9/2016 في عقدت الجلسة وكان موضوع هوشيار زيباري في برنامج الجلسة، لكن للمرة الثالثة مع وعوده سليم الجبوري المستمر، لم يقف بوعده و تواطأ مع المالكي من أجل الأطاحة بوزير الحالية، وقد صوت 158 نائبا على الأقالة و 77 نائبا على بقاء و (14) نائباَ تحفظوا والمؤسف في هذا ألأمر موقف الكتل الكردستانية و خاصة جب وجدنا ما يندي له الجبين ليس هناك تحالف كردستاني، ولا توحيد للخطاب السياسي الكردي في مجلس النواب العراقي، نحن في كتلتنا قدمنا تنازلات و منحنا مناصب وهي من حقنا للأطراف الكردية الأخرى في سبيل توحيد البيت الكردي، لكن يبدو أن هؤلاء لم يراعوا الأتفاقات السياسية ولا تضحياتنا، خذ مثلا عندما كان النائب الثاني لمجلس النواب العراقي آرام شيخ محمد مثلا مهدداً بأزاحته عن منصبه من قبل جبهة الأصلاح، وقفنا معه، و فتحنا بجهة قوية ضد كل من يحاول المساس به، فالشعور القومي هو الذي كان همنا في كتلتنا، لكن جاء دور الأطاحة وزير المالية هوشيار زيباري و جدنا مواقفهم مخزية، حيث صوت نواب حركة التغير و الجماعة الأسلامية والأتحاد الأسلامي وأكثر أعضاء الوطني الكردستاني، فيما يخص حركة التغير والجماعة الأسلامية فلا تثريب ولا لوم لأن عدائهم و حقدهم تجاه البارتي واضح، أما الأتحاد الأسلامي فقد كان موقفا في لحظة التصويت مخيباً للآمال بأستثناء نائبة واحدة من دهوك، لكن الطامة الكبرى تأتي من نواب الأتحاد الوطني الكردستاني، حيث وجدنا أنشقاقهم جليا، مع جميع نواب الأتحاد الوطني أكدو لنا أن القيادة أكدت أنه لا بد أن تصوتوا لبقاء هوشيار زيباري لكن تبين لنا أثناء عملية التصويت عدم ألتزام كثير من الأتحاد الوطني بقرارات القيادة، بأستثناء نواب مركز القرار في الأتحاد الوطني، حيث كان موقفهم وطنيا واضحا، والذي دفعني الى أن أرد بلهجة قاسية على آلا طالباني رئيسة كتلة الأتحاد الوطني في قناة الشرقية، مما جلعها تتخبط وتهدد، مشكلة هذه النائبة أنها غير ثابتة على مواقفها، فأتذكر عندما جاءت الى البناء وأكدت لنا أن هوشيار زيباري خط أحمر، ونحن معه، والقيادة أكدت لنا، أنه لا بد من الوقوف مع هوشيار زيباري، ثم تبين لنا من خلال النواب العرب أن آلا طالباني تحرض وتعمل ليل ونهار من أجل الأطاحة بوزير الحالية، وعند التصويت تكشفت الحقيقة، حيث لم تكتف بالتصويت فقط، بل كتبت (نعم) لأقالة هوشيار زيباري و كشفت ورقتها أمام النواب، وهي تبتسم، مما دفع نواب جبهة الأصلاح الى مباركتها في خطواتها الجريئة، أترك التعليق للقارئ الكريم.
لذلك أقول، هذه مؤامرة قادها المالكي و سكت معصوم رئيس الجمهورية و ضعف آرام شيخ محمد للأطاحة لحكومة العبادي، و مهد لها سليم الجبوري للبقاء في منصبه، واشرفت عليها إيران للقضاء على مشروع أستقلال كردستان، لكن ليكن معلوما أن أقالة هوشيار زيباري كانت آخر حلقة بين بغداد وأربيل، والضربة الي لا تقتلك تقويك، فالبارتي لا يضعف بمثل هذه الأساليب، بل نحن سنكون اقوى في نظر الجميع فالزيباري الذي خدم العراق وأعطى صورة للدبلوماسية العراقية أن في المحفل الدولي، يطاح به لهذه الصورة غير الحضارية لا شك أن أقالة هوشيار زيباري، إقالة سياسية وليست هبنة ولا قانونية ولا دستورية ، ومع وجود طعن من قبل وزير المالية في المحكمة الأتحادية حول عدم مشروعية جلسة 27/8/2016 إلا أنني أتصور أن قرار المحكمة الأتحادية لن يكون في صالح زيباري، ومع أن الأقتراع السري في مجلس النواب العراقي بدعة جديدة، لم يشر الدستور العراقي اليه، ولا ورد في النظام الداخلي لمجلس النواب، إلا أن المجلس سيد نفسه، والمحكمة الأتحادية ستعطى الصلاحية للمجلس، ولا ننسى أن المحكمة الأتحادية ليست مستقلة، فهي لا تزال تحت إشراف المالكي.
وفي النهاية المقال سأشير الى بعض المسائل المهمة للتأريخ وأحتراما لأكاديميتي.
1- لم نستطيع في كتلتنا أن نبنى علاقات جيدة مع الكتل النيابية والسياسية الأخرى، مع تأكيد القيادة المستمرة على ضرورة الأهتمام ببناء العلاقات.
2- التنسيق الضعيف بين نواب كتلتنا، حيث أهتم كل نائب بنفسه ليكون بطلً على الشاشة و خاصة القنوات الكردية، ولم يهتم بتطوير حزبه، وعدم الأهتمام بالأعلام العربي مع ضرورة.
3- لجوء بعض نوابنا الى الأساليب غير الحضارية مع الآخرين، لكن يظهر بطلا في الشارع الكردي، ولا يدري المسكين، أن هذا الأسلوب يضر مصلحة الحزب، كما حصل ذلك في جلسة 27/8/2016.
4- كان النواب يشكون لنا من عدم أهتمام زيباري عطالهم، وعدم أستقبالهم وكذلك عدم الرد على أتصالاتهم، ومع أنه هناك مبالعة واضحة، لكن ربما هذه حجج و ذرائع للتبرير عن موقفه ضد زيباري.
5- موقف الكتل الكردستانية المخيب للآمال، وقد أتفقوا جيمعاً بأستثناء بعض النواب وخاصة من الأتحاد الوطني الكردستاني على سحب الثقة، وهذه قناعتي خيانة وطنية ستبقى و حمة عار في جبين أولئك النواب على صدار التأريخ، ولأول مرة بعد سقوط صدام نجد نواباً من بعض جلدتنا يخونوك قومهم دون حياء ولا خجل والشعب الكردستاني ساخط منهم، علماً أن البارتي قدم الغالي والنفيس في سبيل وحدة الصف الكردستاني.
6- أنتهت صفحة هوشيار زيباري، ولكن سنفتح صفحات جديدة مع بغداد، و مع جميع الذين صوتوا ضد هوشيار و خاصة من النواب الكرد، و لسنا ندافع عن هوشيار فلدينا من الكفاءات العديدة التي هي جاهزة للأنطلاق، ولكننا ندافع عن الحق الكردي والبيت الكردي، والأتفاقات السياسية، وما شابه ذلك.
7- أعتقد أن هذه الأقالة ستكون دافعاً لنا لكي نتخذ موقفا واضحا في المراحل القادمة و خاصة فيما يخص أستقلال كردستان أن مغزى الأقالة يعني إذهبوا الى كردستان فلا سكان لكم في بغداد، فبغداد موطنهم من يؤمن بوحدة العراق، ومن لا يؤمن ب فلا مكان له هنا.
Top