من حق الكورد أن يعرفوا تفاصيل مرحلة ما بعد تحرير مدينة الموصل، ليس من المنطقي أن يشارك الكورد عسكريا في تحرير المدينة، وبعد تحريرها يم تهميشهم سياسيا وإداريا، لأن الكورد في مدينة الموصل يمثلون القومية الثانية بعد العرب، ومعلوم أَت هذه المدينة تعد ثاني أكبر مدينة في العراق، وهي أشبه بعراق صغير، حيث فيها قوميات وديانات و مذاهب متعددة، لذلك لا بد من مراعاة حقوق المكونات فيها، كما ورد في المادة(3) من الدستور العراقي الدائم. إن تحرير مدينة الموصل ضروري، لأن وجود الدواعش فيها تهديد خطير ومستمر لأقليم كوردستان، ولكن في تصوري أن مرحلة ما بعد تحرير المدينة ستكون مرحلة صعبة جدا للكورد من الناحية السياسية والإدارية، لذلك لا بد من تفاهمات و حوارات جدية مع بغداد للإتفاق حول مرحلة ما بعد تحرير الموصل، وان كنت أعتقد أن الإتفاق مع بغداد حول أي مسألة أشبه ببيت العنكبوت ينهار في أي لحظة، ولذلك بسبب العقلية التي تحكم العراق، تلك العقلية التي أوصلت البلاد الى الدمار والخراب والفساد، لذلك من الضروري مشاركة الأطراف الأخرى في الإتفاق و خاصة السنة من أبناء المحافظة، ويجب أقصاء سنة المالكي في هذه الإتفاقية، لأنهم سبب تشتت السنة وتفرقهم، وهم الذين يروّجون لدخول الحشد الشعبي في تحرير المدينة، وإن كنت أعتقد أن السنة بجميع أحزابها وأطرافها و مكوناتها السياسية لا يمكن الوثوق بهم، فهم حلفاء الكورد عند ضعفهم، وأعداء الكورد عن قوتهم، فهم الآن حلفاء الكورد لأنهم ضعفاء و مشردون ومعظمهم في الأردن وكوردستان، ولكن هل سيبقى السنة حلفاء عندما يعودون الى ديارهم؟ وهل سيتعاملون مع الكورد كأخوة شركاء في الوطن، وخاصة في مدينة الموصل؟ لا أتصور ذلك، ولهذا لا بد من توضيح و معرفة مرحلة ما بعد تحرير الموصل، ثم هناك خلافات حادة، بين السنة وسنة المالكي، من سيكون له الدور الأكبر في إدارة المدينة؟ لأنه معلوم أن سنة المالكي والشيعة قاطبة وبعض موالي المالكي من الكورد صوتوا على إقالة محافظ نينوى أثيل النجيفي، ترى هل سيرضى أهل الموصل بالمحافظ الجديد(نوفل حمادي العاكوب) من كتلة النهضة العربية؟ أم أن المسألة ستتعقد أكثر، يبدو أن السنة سيتجاوزون مسالة المحافظة، وسيبذلون جهوداً كبيرة من أجل تاسيس الأقاليم وفق الدستور العراقي الدائم، و ذلك للتخلص من مركزية سلطة بغداد، وأن كان شيعة السلطة وسنة المالكي سيقفون ضد هذه المحاولات، ولكن أتصور أن الموضوع تم حسمه دوليا وأقليميا وشعبيا، وهناك أنباء تؤكد أن مؤتمرا ضخما هو الأول من نوعه سيعقد في المملكة العربية السعودية في القريب العاجل لدعم القوى السنية الرافضة للمشروع الإيراني لدعم تشكيل الإقليم السني، وخاصة أن تحرير مدينة الموصل قد بات حتميا وقريبا، وسيتم استضافة كل من أسامة النجيفي وظافر العاني ورافع العيساوي وطارق الهاشمي للمشاركة في هذا المؤتمر، وهم المعروفون بعدائهم الشديد للمشروع الإيراني والحشد الشعبي، ولن يكون لسنة المالكي موطأ قدم في المرحلة المقبلة إلا بعد التخلي عن سياستهم الخاطئة حسب نظر السعودية وبعض دول الخليج، وقد أعلنت الحكومة العراقية موقفها الرافض لهذه المحاولات، وعدت ذلك تدخلا سافرا في شؤون العراق، ولكن يبدو أن ذلك سيدفع شيعة الجنوب الى تشكيل أقاليم في البصرة والفرات الأوسط، وهذه المحاولات جميعا تصب في مصلحة إقليم كوردستان، لأن الكورد ربما يلجأون الى مرحلة ما بعد الفيدرالية وهي الكونفدرالية. وعند تأسيس الأقاليم السنية ستكون هناك مشاكل معقدة مع إقليم كردستان، وخاصة في محافظة (كركوك ، وديالى وتكريت والموصل) وإن كان الدستور العراقي قد حسم هذه المشاكل من الناحية النظرية، وذلك لوجود مادة دستورية، وهي مادة(140) ولكن من الناحية العملية، فقد تم تعطيل هذه المادة، وقد حددت حكومة بغداد سقفاً زمنيا لتطبيق هذه المادة وهي سنة(2007)، ولكن حكومة بغداد لم تحرك ساكنا، بل وضعت عقبات وعراقيل لعدم تطبيق هذه المادة، ولذلك فإن التحالف الوطني الشيعي يتحمل مسؤولية عدم تنفيذ وتطبيق هذه المادة، بل إن بعض الساسة الشيعة تباهي وافتخر لأنه كان مانعاَ من عدم تنفيذ هذه المادة، ولا ريب أن هذا خرق صارخ للدستور العراقي، وذلك أقول وجود هذه المادة في الدستور لا معنى له، لأن دماء شهداء كردستان نفذت هذه المادة وطبقتها أتم تطبيق، وأعادت تلك المناطق المستقطعة من كردستان الى طبيعتها، وتم في الوقت نفسه ترسيم الحدود وبصورة عملية، فحكومة بغداد خرقت الدستور واستمرت على هذه السياسة الخاطئة تجاه تلك المادة الدستورية منذ 2005 وحتى لحظة كتابة هذا المقال، لذلك لا ينبغي للكورد أن ينتظروا حكومة بغداد لتطبيق هذه المادة، فهي لا تعترف بهذه المادة، بل إن كثيرا من الساسة العراقين صرحوا أن هذه المادة ماتت. ودعنا نعود الى صلب الموضوع، ستكون مرحلة ما بعد الموصل مرحلة تصفيات سياسية، وصراعات مذهبية وقومية وسياسية، ولعل من أخطر تلك الصراعات صراع أجنحة الحشد الشعبي ولهذا يحاول العبادي شرعنة الحشد الشعبي و تحويله الى مؤسسة عسكرية تشبه جهاز مكافحة الإرهاب، لأنه معلوم أن الحشد الشعبي تشكل بصورة عاجلة بعد فتوى السيستاني لمواجهة خطر داعش، وهذا يعني من الناحية المنطقية إنتهاء دور الحشد بعد تحرير مدينة الموصل. هناك محاولات إيرانية لتحويل الحشد الشعبي الى مؤسسة عسكرية شرعية تابعة لرئاسة مجلس الوزراء على صورة الحرس الثوري في إيران أي أن الحشد سيكون تابعاً لمجلس الوزراء من أجل الدعم العالي والعسكري لكن سيتحرك وفق أوامر المرجعية الدينية في العراق، وسيكون هدف الحشد وفق منظومة المرجعة الدينية الدفاع عن العتبات المقدسة في كربلاء والنجف وسامراء والكاظمية وبغداد وأي عتبة مقدسة في عموم العراق. واتصور أن مرحلة ما بعد تحرير الموصل ستشهد صراعاً قوياً بين السنة والشيعة إن لم يحاول السنة تشكيل إقليم خاص بهم أو أقاليم خاصة بمحافظاتهم، وستكون هناك صراعات دموية بين الكورد والحشد الشعبي في كركوك و ديالى إن لم يحاول الكورد الإعلان عن الإستقلال، لأن الإستقلال الحل الوحيد لجميع مشاكل الإقليم السياسية والإقتصادية والعسكرية والدبلوماسية، بل كلما تأخر الإستقلال كلما تعقدت المشاكل مع السنة، والحشد الشعبي، ولهذا السبب أصبح لدى السيد الرئيس البارزاني قناعة مطلقة أن الوقت قد حان لإعلان الإستقلال، وأن العودة الى العراق الذي ناضل من أجله ذهب مهب الريح، وبات من الضروري الإعلان عن الإستقلال، وليكن جليا للتاريخ أن أي حركة سياسة كوردية أو أي جهة كوردية معينة لا تؤيد استقلال كوردستان فهي جهة معادية ولا فرق بينها وبين أي جهة أخرى أعلنت حربها ضد الأمة الكردية وضد كردستان،