• Friday, 22 November 2024
logo

رئاسة مسعود البارزاني واستراتيجية الامن القومي الكوردي....ريناس بنافي باحث في الفكر السياسي والاستراتيجي

رئاسة مسعود البارزاني واستراتيجية الامن القومي الكوردي....ريناس بنافي باحث في الفكر السياسي والاستراتيجي
غرضي من هذه الورقة هو التأسيس لفكر استراتيجي عند النظر الى الامور التي تدور حولنا والتأسيس لنقاش علمي بعيدا عن شخصنة الحوار وتبادل الاتهامات .
انني لا ارمي من هذه الورقة الا شئ واحد هو مصلحة كوردستان خصوصا في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها كوردستان والمنطقة .
تدور في اروقة السياسة في كوردستان ومنذ فترة جدل ومناقشات حول امكانية او عدم امكانية تجديد ولاية رئيس اقليم كوردستان السيد مسعود البارزاني .
وبعد اطلاعي على تقرير خلية الازمة التابع لمركز كردستان للدراسات الاستراتيجية والتي يراسها القيادي في الاتحاد الوطني الكوردستاني السيد فريد اسسرد والتي كانت حول انتهاء مدة تمديد ولاية رئيس الاقليم ، وبعد المشادة التي حصلت في برلمان كوردستان حول الولاية الثالثة للرئيس مسعود البارزاني ، وبعد تصريح السيد نيجيرفان بارزاني والذي اكد على ضرورة بقاء السيد مسعود البارزاني في منصبه كرئيس لأقليم كوردستان في هذه المرحلة ولاسيما الاقليم يمر بأزمة ،واضاف سيادته ان من لديه القدرة على ادارة هذه المرحلة بشكل صحيح هو شخص السيد مسعود البارزاني واكد على ان الاحزاب الاخرى يشعرون بضرورة بقاء السيد مسعود البارزاني في منصبه كرئيس لأقليم كوردستان في هذه المرحلة .
سأركز في هذه الورقة على التحليل السياسي والتحليل الاستراتيجي بعيدا عن القوانين والتشريعات وما يجوز او لا يجوز وبعيدا عن الخلافات الحزبية والآراء الضيقة .
ان الظروف التي مرت بها ايطاليا في زمن المفكر والفيلسوف الايطالي ( نيكولو مكيافيلي ) والتي دعته لكتابة كتابه (الامير) للدوق (لورينزو دي ميديشي) لهي نفس الظروف التي تمر بها كوردستان والتي دعتنا لكتابة هذه الورقة .
اراد مكيافيلي من عائلة (دي ميديشي) ان يحمل احدهم مشروع تحرير وتوحيد ايطاليا الممزقة والمستباحة من القوات الاجنبية فكتب كتابه الامير .
من الواضح اننا نعيش في مرحلة حرجة جدا ونعاني من مشكلات يتحمل جزء منها الشعب والاحزاب والنخب ومراكز الفكر والثقافة السائدة في المجتمع وهذا الامر يجب ان يدفعنا للبحث عن الخلل وكيفية علاجها .
معظم ما كتب في علم السياسة قبل مكيافيلي وكتابه الامير كان يتعلق بالحالة المثالية للدولة والمجتمع وانشغلت العقول بإنزال هذه المثاليات على الواقع ولما جاء مكيافيلي قلب المعادلة راسا على عقب حيث انطلق من دراسة الواقع وتقرير قوانينه والتحكم بها والوصول الى الحالة الاقرب للواقع وقد جمع مكيافيلي بين الروح العلمية والوطنية لدراسة القوة وقوانينها ودعوته الى التحرر والوحدة لتحقيق الخير والسعادة لمواطنيه .
ان على من يمارس السياسة ان يدرك قوانين القوة كي يواجهها لتحقيق الاهداف المرجوة والذي لا يدرك هذه القوانين كمن يدعو الى اهداف استراتيجية عليا ولاكنه لايعرف ما هو الطريق او السبيل الى تحقيقها .
ان مكيافيلي كان منشغلا ومهموما بفكرة التحرر والخلاص من الاحتلال الاجنبي وكانت دراسته عن سبب فشل محاولات التحرر وفشل الثورات السابقة هو التحريض على تحرير ايطاليا من الاحتلال الاجنبي ، ويذكر مكيافيلي في كتابه الامير ( ان ايطاليا على ما هي عليه من اوضاع راهنة فأهلها مستعبدون ومضطهدون وممزقون لا زعيم لهم ولانظام يحكمهم مغلوبين على امرهم ومسلوبة اموالهم واذلاء وبلادهم ممزقة احتملت من الدمار والخراب كل شئ وغدت البلاد بلا حياة تقريبا ) .
ويعرب مكيافيلي عن خوفه من الاوضاع ومن ضياع فرصة التحرر والخلاص فيقول ( من الواجب ان لا نضيع هذه الفرصة في البحث عن محرر ايطاليا والذي سيجد حب الشعب له وطاعته والولاء له ولن يتأخر احد عن الانضواء تحت رايته لان سيطرة الاجنبي تزكم انف كل انسان ) .
هذه الحالة شبيه جدا لما تمر بها كوردستان ولهذا نحن ندعو لبقاء السيد مسعود البارزاني في منصبه كرئيس لأقليم كوردستان في هذه المرحلة حتى يتاح له ان يتولى مهمة التحرير متسلحا بالشجاعة والآمال التي تلهمها قضيتنا العادلة وحتى يتاح لنا ان نرتفع بالوطن .
فالغاية التي من اجلها كتب مكيافيلي كتابه الامير هي تحرير الوطن ومن اجل هذا الوطن يمكن تبرير بعض الوسائل فمن غير المعقول مقارنة حالة كوردستان بحالة دول اخرى لها سيادة وحدود ومعترف بها في المواثيق الدولية كي نقول ان بقاء السيد مسعود البارزاني في منصبه كرئيس لأقليم كوردستان خطر على الديمقراطية او على التداول السلمي للسلطة ومن غير المعقول ان تقف قوانين وتشريعات وضعناها من اجل الوطن ان تكون عائقا امام بقاء رئيس اقليم كوردستان والذي يشكل تركه لهذا المنصب خطئ استراتيجي كبير في هذه اللحظة كما اننا لسنا بدولة كي نقيم المثاليات على الواقع فنحن امة ممزقة تعاني من الاحتلال والاستعمار منذ سنين طويلة واليوم وبفضل جهود الاحزاب الوطنية الكوردية والقيادات الوطنية الكوردية نتمتع بحد من الاستقلال ولكن مقارنة وضعنا بوضع دول اخرى شئ غير منطقي وسليم .
ثم ان كوردستان تعاني من امر اخر في غاية الخطورة ان لم نحسن التعامل معه وهي اننا في كوردستان نمر بثلاث مراحل في ان واحد ويجب ان ننتبه لهذا والا فقدنا جميع المكتسبات وعدنا الى المربع الاول وهذه المراحل هي
1- مرحلة التحرر واكتساب المزيد من الاستقلال وارجاع الارضي الى كوردستان
2- مرحلة التحول الديمقراطي وبناء المؤسسات في كوردستان
3- مرحلة بناء الدولة وتحقيق الحلم المنشود
وهذه المراحل الثلاث تحتاج الى شخص يحمل من المواصفات ما يؤهله لقيادة هذه المرحلة والعبور بنا الى بر الامان
قيل الكثير عن شرور مكيافيلي وعن كتابه الامير ولكن قليلا ما نسمع عن مسارات الحكمة والتعقل في فلسفته لقيادة الدولة وتحرير الاوطان واصبح بمجرد ذكر اسم مكيافيلي ان تندفع الالسن تلقائيا في ذمه في الوقت الذي لا يعرفون اصحاب هذا الرأي شئ عن فكره وفلسفته وعن ما كتبه في كتابه الامير ان كل ما يعرفون عنه سمعوه من الاخرين فهم لم يتدبرو كتاباته بل كانت قراءتهم سطحية وانتقائية
ان الصفة الاساسية التي يتحلى بها مكيافيلي هي الوطنية وهذه الوطنية اصبحت عقدة عنده فهو في نصحه الدائم للأمير يدعو الى تحرير ايطاليا لأنه يرفض الاحتلال وهو في بحث مستمر عن الامير القادر على حمل هذه المهمة
ويشخص مكيافيلي اسباب عدم نجاح المقاومة الايطالية في تحرير البلاد فيقول ( السبب يعود الى ضعف القادة فلم يظهر منهم حتى الان من يجعل من الاخرين يطيعونه دون تذمر ولذلك كان الفشل حليف الجيوش الايطالية لفترة طويلة من الزمن ) وربما كان الفشل هو تنافس القادة على المناصب والجري وراء المصالح الشخصية ونسيان الهدف المركزي والاساسي الا وهو تحرير ايطاليا وبالتالي تتشتت القوى بدلا من ان تتحد
ان مكيافيلي لم يكن يبحث عن الدكتاتور كما يروج له بل كان يبحث عن القائد والامير الذي يوحد الاقطاب الاربعة المتناحرة في ايطاليا ( روما - البندقية - ميلانو - فلورانسا ) لمواجهة العدو الخارجي
ولهذا فالمطلب الاهم لمكيافيلي هو ان تحمل الدولة عنصر تقدمها في ثنايا استقرارها وان تتجدد باستمرار من خلال اليات داخلية والا فالدولة ستنهار

اسباب تدعونا للتمسك بالرئيس مسعود البارزاني
1- التاريخ السياسي الطويل للرئيس مسعود البارزاني
ولد في مدينة مهاباد - كردستان إيران،. فقد تزامنت ولادته مع يوم تأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، واقامة الكيان السياسي الكردي الجديد أي جمهورية كردستان في مهاباد التي لم تدم سوى مدة قصيرة من الزمن.
وبعد انهيار جمهورية كردستان في عام (1947)، اضطرت عائلة السيد مسعود بارزاني مع مجموعة من بيشمركة الكرد وعوائلهم للرجوع إلى كردستان العراق وبعد عودتهم ابعدوا من قبل النظام العراقي إلى جنوب العراق ولاسيما (بغداد والبصرة)، ولكن والد السيد مسعود بارزاني الملا مصطفى البارزاني قائد الثورة الكردية توجه مع رفاقه إلى الاتحاد السوفيتي وبقوا هناك حتى عام 1958.
التحق بثورة أيلول وهو في ربيع (16) من عمره ليلتحق بالبيشمركة سنة 1962. فقد كان له دور مشرف في ثورة الكرد التي اندلعت يوم الحادي عشر من أيلول عام 1961 بقيادة الملا مصطفى البارزاني والتي استمرت لغاية عام 1975.
وقضى معظم أيام شبابه في سبيل تحقيق الهدف الذي كان الحزب الديمقراطي الكردستاني وضعه لنفسه في عام 1961وهوالديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان وبعد ذلك الفيدرالية لكردستان في اطار العراق الديمقراطي. فقد كرس جل نضاله من أجل هذا الحل الواقعي.
في ربيعه العشرين، اسهم بالعمل السياسي بشكل مكثف حيث شارك مع الوفد الكردي في عام 1970 في المفاوضات مع الحكومة العراقية حول اتفاقية الحكم الذاتي. وعند انعقاد المؤتمر الثامن للحزب الديمقراطي الكردستاني سنة 1971 انتخب عضواً للجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني، وبعد ذلك أصبح عضواً للمكتب السياسي وتسلم مهمة رئاسة المؤسسة الأمنية.
بعد نكسة ثورة أيلول نتيجة اتفاقية الجزائر بين شاه إيران والحكومة العراقية في عام (1975) ، وبتوجيه من أبيه الملا مصطفى، قام الرئيس مسعود البارزاني سوية مع شقيقه ادريس البارزاني ومجموعة من رفاقه بتنظيم صفوف البيشمركة وتأسيس قيادة مؤقتة للحزب الديمقراطي الكردستاني للدفاع عن الكرد وكردستان. فقد مهد ذلك لاندلاع ثورة كولان في (26/ أيار/ 1976).
في (تشرين الثاني عام 1979)، في المؤتمر التاسع للحزب الديمقراطي الكردستاني، انتخب السيد مسعود بارزاني بشكل ديمقراطي رئيساً للحزب الديمقراطي الكردستاني.
وكان دور كل من مسعود وأخاه ادريس بارزاني بارزاً بين عامي (1980 و 1987) في تأسيس عدة جبهات سياسية في العراق ولاسيما عند تأسيس الجبهة الكردستانية المتكونة من عدة منظمات وأحزاب كردستانية.
في نيسان (1991) بدأت المفاوضات مع حكومة بغداد ولعدة أشهر ترأس بارزاني الوفد الكردي الذي كان مؤلفا من جميع أحزاب الجبهة الكردستانية. إلا أنها لم تصل إلى أية نتيجة بسبب رفض المطالب الكردية المتمثلة في الحكم الذاتي للإقليم والديمقراطية للعراق.
وفي المؤتمر (12) للحزب الديمقراطي الكردستاني عام(1999) أعيد انتخاب السيد مسعود بارزاني مرة أخرى رئيساً للحزب.
شارك بارزاني في التسعينيات وحتى سقوط نظام البعث، في عدة مؤتمرات ومحافل دولية. مثل اجتماع واشنطن عام (1992) وبعد ذلك في عام (1993) ومؤتمر صلاح الدين (1992) ومؤتمر لندن في ديسمبر (2002) ومؤتمر صلاح الدين في شباط (2003).
وكان له دور رئيسي في معظم الأحداث السياسية للعراق الجديد، وأيضاً في تأسيس مجلس الحكم العراقي في (31 تموز 2003)، والذي أصبح عضواً فيه وفيما بعد رئيساً له.
في (12 حزيران 2005) انتخب السيد مسعود بارزاني كأول رئيس لإقليم كردستان من قبل المجلس الوطني الكردستاني العراقي.
وفي الانتخابات التي جرت في إقليم كردستان يوم (25/7/2009)، حصل السيد مسعود بارزاني على نسبة (70%) من أصوات الناخبين، وبذلك انتُخب للمرة الثانية رئيسا للإقليم وبصورة مباشرة من قبل شعب كردستان وأدى اليمين القانونية أمام برلمان كردستان يوم (20/8/2009).
وبصفته رئيساً للإقليم، قام بعدة زيارات إلى دول العالم والتقى برؤسائها ووزرائها.
وكرئيس للإقليم قام بتأسيس عدة مراكز لتقوية التحالفات بين الأحزاب السياسية الكردستانية وتعزيز عملية صنع القرار في الإقليم مثل:
أ - مجلس رئاسة كردستان .
ب - المجلس الأعلى للأحزاب السياسية .
الف السيد مسعود البارزاني كتاباً عن الدور التاريخي لوالده مصطفى بارزاني في الحركة القومية الكردية بعنوان (البارزاني والحركة التحررية الكردية). يقع الكتاب في ثلاثة أجزاء. كما ونشر مقالات ومواضيع سياسية عديدة في الجرائد والمجلات الكردستانية.
ساعدت البيئة التي نشأ فيها البارزاني الابن على الارتباط القوي بقضية الشعب الكردي، فمنذ أن أصبح شابا التحق بالثورة الكردية التي كان يقودها والده الملا مصطفى البارزاني الذي شنَّ منذ عام 1961 كفاحا مسلحا ضد الحكومة العراقية، وسرعان ما انضم إليه مسعود وهو في الـ16.
ويعتبر من الشخصيات السياسية المعروفة في اوقات السلم والحرب في كوردستان والعراق.
شارك في جميع المعارك المهمة التي دارت ضد الانظمة العراقية التي حاربت الشعب الكوردي وقاد الجبهات وكان دائما في المواقع الامامية في احلك الظروف.
والسيد مسعود البارزاني ملم بلغة العصر ويعرف كيف يتوافق بين النظام العالمي الجديد ومطاليب الشعب الكوردي دون التنازل عن حقوق شعبه ولو بقدر انملة.
يقود الحركة التحررية للشعب الكوردي بكل دراية تجنبا من تعرض الكورد الى نكسات اخرى.

2- كاريزما الرئيس مسعود البارزاني
الكاريزما
وصف يطلق على الجاذبية الكبيرة والحضور الطاغي الذي يتمتع به بعض الأشخاص بالإضافة إلى القدرة على التأثير على الآخرين إيجابيا بالارتباط بهم جسديا وعاطفيا وثقافيا، سلطة فوق العادة، سحر شخصي شخصية تثير الولاء والحماس.
فليس من السهل على القائد السياسي ان يحرك السياسة في منطقة جيوبوليتيكية – براغماتية مثل منطقة الشرق الاوسط الا اذا كان يمتلك حضوراً كاريزمياً وفكرا استراتيجيا مزاوجا بين الركيزتين منطلقا الى آفاق الملعب السياسي. الرئيس مسعود بارزاني الذي دخل عالم السياسة من بوابة قضيته الكوردية التي استعصت على الحل منذ ما يقارب من قرن وماتزال لان الجغرافية السياسية جد متداخلة بين تلك الدول التي تتقاسم كوردستان والسياسات الاقليمية جد متعارضة والمصالح متشابكة ومداخل ومخارج السبل والوسائل لا تكاد تبين وتظهر واللاعبون على الساحة كثر فقد استطاع الرجل ان يمسك بخيوط اللعبة ويحركها ساعة ما يشاء عند اشتداد الحدث وتأزيم الوضع.
يراهن السيد مسعود البارزاني دائما على شعبه وعدالة قضيته وهذه الصفة جعلت من مسعود بارزاني زعيم شعب وقضية وليس رئيس حزب سياسي فقط .
وان صبر وتضحية السيد مسعود البارزاني في معترك السياسة وفي جبهات القتال جعلت منه القائد الذي يعول عليه في الكثير من الازمات والمحن التي تمر بها القضية الكوردية
اعتمد في الداخل على سياسة العفو والتعايش السلمي بين جميع المكونات والبدء بالإعمار السكني والعمراني والمؤسساتي بعد استدعاء المنظمات والشركات الغربية والتي ترفد سياساتها وتساند القضية الكوردية واليوم يدرك الجميع العدو قبل الصديق انه لا تستقيم السياسة العراقية الا بوجود مسعود البارزاني
ان زيارات الرئيس مسعود بارزاني الى دول العالم وعلاقاته الاستراتيجية معهم ساهم في الدعم السياسي والقرار الاستراتيجي لكوردستان وهذا ما اثر على تطور العملية السياسية والاقتصادية في كوردستان
استخلص الرئيس مسعود بارزاني من مخزونه النضالي السياسي ذي الابعاد الاستراتيجية الاربع نقاط مهمة هي :
سياسة التوافقات الداخلية في كوردستان والتوازنات الاقليمية واستراتيجية المصالح الكوردية في المحيط الغربي وفق التجاذبات ذات البعد الايجابي واستدامة المصالح السياسية وتدويرها وتحويرها حسب الحدث السياسي
وهكذا استطاع الرئيس مسعود بارزاني الرجل الاستراتيجي ان يضع كوردستان والقضية الكوردية في جميع الاجندات العالمية والاقليمية وفي كل الملفات وربطها بأحداث الشرق الاوسط لتسيّر القافلة الكوردية نحو مقصدها المنشود.
لا يختلف أثنان على الكاريزما المحبوبة في شخصية الرئيس والاحترام الذي يقترن بأسمه ومقامه ، رئيس أقليم من بين العشرات من أقاليم الدول الفدرالية في العالم يحسب له حساب رئيس دولة وملك مملكة حين يزور دول العالم ، يستقبل بحفاوة الرؤساء والملوك من قبل أرفع مسؤولي دول العالم ويحسب ألف حساب لكل كلمة يقولها من قبل العدو قبل الصديق والصديق قبل العدو .
وفي ظل الأزمة الحالية ولدت انطباعاً لدى البعض بوجود حاجة لتمديد ولاية الرئيس بارزاني نظراً إلى الكاريزما التي يتمتع بها مسعود البارزاني.
عرف الشعب الكوردي وخلال مراحل نضاله البطولي المختلفة، كما هو حال جميع حركات التحرر في العالم، العديد من الرموز والقيادات وذلك نتيجة لهذا التاريخ الدامي والطويل ؛ فإلى يومنا هذا لم تحل المسألة الكوردية ولم يحصل بعد على حقوقه القومية المشروعة، برز العديد من القادة في هذه المرحلة الا ان الرئيس مسعود بارزاني احتل مرتبة الصدارة من بين هذه القيادات لما يتمتع به من صفات تؤهله لذلك وبالتالي فلم تنتفي الحاجة إلى ذاك القائد الكاريزمي ليجمع الشرائح والفئات المختلفة للجماهير حول كارزميته؛ ففي مراحل النضال التحرري للشعوب هناك الحاجة الماسة إلى تلك الكارزمية.
ولضرورات المرحلة وحاجة الأمة الكوردية لأن تكون لها قائد رمز يجمع كلمتهم وجغرافيتهم وشملهم المشتت والمستلب، كان لا بد من بقاء الرئيس مسعود بارزاني في منصبه حتى يتحقق الحلم المنشود فهو وحسب قناعتنا وبطولات هذا القائد وتضحياته وتاريخه النضالي، ذاك الزعيم الرمز.
ان التأكيد على كاريزما الرئيس مسعود بارزاني وجعله رمزاً نضالياً وجماهيرياً وفي هذه المرحلة النضالية والتحررية لشعبنا على وجه التحديد شئ ضروري لنا جميعا . فمن جهة وكنتيجة لقراءة موضوعية لتاريخ الشعوب ونضالاتها ودور القائد الرمز لكي تلتف الجماهير حولها وتوحيد كلمتها وخاصة في مراحل النضال التحرري وقبل نيل الحرية والاستقلال وبالتالي قيام الدولة المدنية المؤسساتية، فإن الشعوب بحاجة ماسة إلى مثل هذه الكاريزما.
ومن جهة اخرى وكنتيجة لمتغيرات دولية وإقليمية وما تم على صعيد إقليم كوردستان ومن الدور الفعال للرئيس مسعود البارزاني في نضاله من اجل كوردستان ومجمل الكورد في هذه الجغرافية المستلبة عموماً، وأيضاً ما توفرت للرئيس مسعود البارزاني من إمكانيات مادية ومعنوية ، إضافة إلى التراث النضالي وأثره على الشخصية والسايكولوجية الكوردية وأيضاً ما تحمله الذاكرة الجمعية للكورد في ضميرها لهذه الكاريزما تحديداً وغيرها العديد والعديد من العوامل والشروط مثل النهج المعتدل والوسط في رؤيته وعمله النضالي من أجل القضية الكوردية وغيرها من المسائل والظروف و.. كلها ساعدت وهيأت المناخ الثقافي والسياسي لأن يحتل ويتصدر كاريزما الرئيس مسعود بارزاني هذا الموقع كقائد وزعيم كوردي، بل أن يكون الرمز الكوردي وفي ذلك مثله مثل غيره من رموز النضال التحرر. ونعتقد أن الاتفاق على هذه الشخصية في هذه المرحلة تخدم القضية اكثر مما تضرها ومن ثم ننطلق إلى مستويات أبعد وهي توحيد صفوف الحركة السياسية وبالتالي توحيد الكلمة والجهود الكوردية لتحقيق طموح الحرية والاستقلال.

3- العقل الاستراتيجي والامني والعسكري للرئيس مسعود البارزاني
الرئيس مسعود بارزاني رمز للقيادة التي لا تعترف بالمستحيل، وتنظر بثقة إلى المستقبل. هذا العقل الاستراتيجي تكون من خلال النضال الطويل والعمل الدؤب والمتواصل فمنذ الصغر تربى وترعرع في محيط يساعد على بناء العقلية الاستراتيجية وان قيادته لمناصب امنية وعسكرية وسياسية منذ الصغر ساعد على بناء هذه العقلية وتكوينها .
أن نجاح اي مجتمع سيجعلها رائدة، وذات رسالة واضحة، مما ينهي الجمود السياسي والاقتصادي وغيره من المجالات ، ويجعلها أنموذجاً لغيرها من دول المنطقة، وان أي تحول كبير في المنظومة السياسية والاستراتيجية سيكون تأثيره هام وكبير على التحولات التي صاحبت المنطقة . وهذه كلها تحتاج الى عقلية استراتيجية تستطيع مواكبة التغيرات الحاصلة في المنطقة.
وبما ان الواقع شديد التعقيد والذي يفترض بداية وجود عقل استراتيجي كوردي قادر علي تحديد ماهية المصالح الحيوية, وما هي مصادر التهديد الأساسية والأخري الثانوية لهذه المصالح, وقادر أيضا علي إدارة علاقات الصراع وعلاقات التنافس وعلاقات التعاون مع القوي الإقليمية والدولية باحتراف ومهنية وبإدراك عال ومسئول لموقف كل من هذه القوي الإقليمية والدولية من مصالحنا, وبوعي يصل إلي درجة اليقين بوجود درجة عالية من التوحد بين مكونات الأمن القومي وما يعتبر أمنا قوميا يعبر عنه بمصطلح المصير الكوردي الواحد, أما الأهم من هذا كله فهو امتلاك البوصلة الاستراتيجية التي نستطيع أن نحدد من خلالها: من نحن وماذا نريد.
فاليوم ونحن نواجه حالات من عدم الاستقرار السياسي ناتجة عن عوامل كثيرة بعضها داخلي سياسي واقتصادي وأمني, وبعضها خارجي بسبب كثافة التدخل الخارجي في الشئون الداخلية للعراق , كما أن القوي الإقليمية الكبري في الإقليم الواسع الذي نعيش فيه( إقليم الشرق الأوسط) تشهد هي الأخري تطورات داخلية مهمة انعكست بقوة علي سياستها الخارجية الإقليمية وامتد تأثيرها لتهديد مصالح عليا:( إيران وتركيا وإسرائيل), في الوقت الذي يشهد فيه النظام العالمي هو الآخر تغيرات غير مسبوقة في هيكليته أبرزها بزوغ أدوار قوي آسيوية عملاقة( الصين واليابان والهند) وعودة قوية لروسيا الاتحادية تهدف كلها إلي فرض نفسها كقوي قادرة علي التأثير في مسار حركية النظام العالمي علي حساب محورية التحالف الأمريكي الأوروبي.
وهناك تطورات هي الأكثر تأثيرا , أبرزها ما أحدثته وما تحدثه موجة الثورات العربية من ارتباك في إدارة السياسات داخل كل الدول العربية ومن اهتزاز, إن لم يكن افتقاد, للبوصلة الاستراتيجية القادرة علي ضبط أجندة الأهداف الوطنية العليا والتبصر بما يجب أن تكون عليه العلاقات مع القوي الدولية والإقليمية.
اذن كيف ستؤثر هذه التطورات علينا لعلاقاتها مع كل هذه القوي الإقليمية والدولية ومشروعاتها في إقليمنا دون امتلاك العقل الاستراتيجي القادر على التعامل مع هذا التعقيد.

4- الاجماع الوطني للرئيس مسعود البارزاني
من خلال معطيات التاريخ وبيانات الحاضر يمكن الخروج بنتيجة وهي ان الرئيس مسعود بارزاني هي من اكثر الشخصيات المجمع عليها في الوقت الحاضر لما يتمتع بها من صفات ذكرناها سابقا
لقد قامت حركات التحرر الكوردي منذ قرن وشهدت تطورات واحداث وتحديات وتهديدات وكان للبارزانيين الدور التاريخي عبر هذه الحقبة الزمنية وصمدوا امام هذه المحن .
ويأتي التوافق والاجماع الشعبي على هذه القيادة لان الدور الوطني الذي رافق نضالاتهم عبر هذه المرحلة شكل الرصيد الشعبي لهذه القيادة.
ويأتي هذا الاجماع الوطني والشعبي لهذه القيادة وهم يحملون شعار تحرير وبناء كوردستان والمشاركة الفعلية والميدانية لذلك .

5- العلاقات الدولية للرئيس مسعود البارزاني
الدور المحوري للرئيس مسعود البارزاني والمكانة السياسية والاقتصادية الكبيرتين اللتين تشكله كوردستان بالنسبة لدول العالم والمنطقة اجمع، جعل العالم تقدم الدعم للبيشمركة ومنح المزيد من الحقوق للكورد في كورستان .
وأن هذا الامر أكسب الكورد اهمية لدى شعوب وحكومات دول المنطقة والعالم أيضاً من خلال الدعم العسكري والإسناد الحقيقي للبيشمركة.
ان المكانة السياسية والاقتصادية الكبيرتين التي أصبحت كوردستان تشكلها بالنسبة للدولة الجارة ، والمنطقة بفضل السياسات الحكيمة والإستراتيجيات الناجحة المتبعة من قبل رئاسة اقليم كوردستان وحكومتها، وأهمية دور الرئيس بارزاني . ساعدة في الدعم العالمي العملي الذي استطاع الكورد حشده في حربهم ضد داعش بفضل دبلوماسية الإقليم الناجحة والسياسات المتبعة من قبله، والتي تتمثل في جنوحه للسلم، وتفرغه لتطوير اقتصاد كوردستان الغنية بثرواتها، ومحاربتها للإرهاب لاستقرار الأمن لكوردستان و المنطقة والعالم اجمع."
ان علاقة الدول الصديقة مع اقليم كوردستان، من خلال التبادل التجاري ينمو باضطراد، ويستفيد من هذا التبادل الطرفان، ويؤسس لعلاقات أكثر متانة في المستقبل، وبخاصة بعد الاتفاق على تصدير نفط كوردستان من خلال أنبوب خاص .
ورغم أهمية الجانب الاقتصادي والتجاري بين الدول والحكومات، فإن هناك ايضا موضوع السياسات الدولية والمصالح الاستراتيجية التي تواجه المنطقة في ظل الوضع الذي تعيشه منطقة الشرق الأوسط من صراعات متعددة الجوانب والاتجاهات
ان القضية الكوردية ليست قضية أقلية قومية، بل هي قضية شعب ويجب حلها، ولهذا فان دور الرئيس مسعود بارزاني رئيس اقليم كوردستان مهم في إزالة العقبات أمام هذه القضية ودفعها إلى الأمام.

6- الرئيس مسعود البارزاني والظروف الحرجة التي تمر بها كوردستان والمنطقة
الحرب ضد الإرهاب والعلاقة بين الإقليم وبغداد والأزمة المالية ووحدة الصف الكوردستاني هي من اهم المشكلات التي تواجه الاقليم .
هذه المشكلات تحتاج الى قيادة حكيمة وواعية لما يدور حولها
وإن إرادة شعب كوردستان . وامتلاك الشعب لقراره وإرادته،هو نتاج نضالات وتضحيات شعبنا لسنين طويلة لن نتخلى عنها مهما بلغت الضغوطات.
والظروف التي تمر بها كوردستان تحتم علينا جميعا التعامل مع الأوضاع الحالية بروح المسؤولية الوطنية والدفاع عن حقوق شعبنا كما تدافع عنها البيشمركة.
و انه بالرغم من كل التحديات التي تواجهنا، إلا إن مستقبلا مشرقا ينتظر شعب كوردستان.

وفي تصريح لها قالت النائبة في البرلمان العراقي عن الاتحاد الوطني الكوردستاني آلا طالباني : بارزاني ليس بحاجة للمنصب ، المنصب بحاجة لبارزاني ، إنه الضمانة لإيصال القضية إلى برّ الأمانة و على الجميع أن يدرك ذلك ، وقالت بأن ضرور بقاء بارزاني تاريخية للكورد و عليهم أن يدركوا ذلك جيداً ، و أن الرئيس بارزاني لا يحتاج إلى الكرسي و المنصب إنما الكرسي و المنصب يحتاجانه ، و أردفت القيادية في الإتحاد الوطني الكوردستاني أن بارزاني كرئيس لإقليم كوردستان ضمانة لإيصال الكورد إلى برّ الأمان و لو كان ذلك 100 عام .
و أوضحت آلا طالباني في حوارها مع صحيفة (وشه) الكوردية أن رئيس إقليم كوردستان مسعود بارزاني صاحب أكبر تجربة و خبرة كوردية ، و لديه أقوى العلاقات الدولية ، و يحسب له حساب في الأزمات الداخلية و الإقليمة و الدولية حتى .
و ما أقوله ليس مدحاً أو مصلحة في أحد إنها حقائق يجب أن تعرفها الجماهير الكوردستانية ، و ما زيارة نوشيروان مصطفى مؤسس حركة التغيير للرئيس بارزاني و دعوته للبقاء في منصبه حالياً إلا تأكيداً على ما أقول ، فهذا ليس رأيي و رأي الإتحاد الوطني أو حركة التغيير أو غيرهما إنما رأي كل القوى الكوردستانية في الإقليم .


ريناس بنافي باحث في الفكر السياسي والاستراتيجي
لندن
[email protected]
Top