• Monday, 25 November 2024
logo

التعايش السلمي بين الأديان

التعايش السلمي بين الأديان
د. عرفات كرم مصطفى
نائب عن الكتل الكردستانية في مجلس النواب

أبدأ كلمتي بقول أحد علماء الأسلام قائلاً( بعث موسى بالجلال، وبعث موسى بالجمال، و بعث محمد بالكمال)
وكذلك كلمة اللاهوت المسيحي هانز كونج(لا سلام بين الأمم ما لم يكن هناك سلام بين الأديان، ولن يكون هناك سلام بين الأديان ما لم يكن هناك حوار بين الأديان)
There will be no peace among nations without peace among the religions, there will be no peace among the religions without dialogue among the religions

لقد كرم الله الأنسان تكريما، ولا قيمة لهذا التكريم إذا لم يكن هذا الأنسان حراً في إرادته وأختياره وعقيدته، وهذه الحرية جزء من حياته لا يتجزأ عنه، فكل من يحاول تقييدها وتكبيلها وفق رغبته وإرادته فهو يرتكب جرماً بحق الإله وبحق الأنسانية، وقد قال القرأن الكريم صراحة (لا إكراه في الدين)، فإلاكراه والقسر مناف للحرية الأنسانية، لأنه صناعة قناعة ظاهرية، وهذه الحالة غير الطبيعية تتحول مباشرة الى نفاق ديني إجتماعي، فالقناعة لا يمكن أن تحقق إذا لم يكن صاحبها حراً طليقاً، ولهذا لم يسلم من أسلم من الصحابة إلا بعد قناعة مطلقة، ففي عهد(الحاكم بإمر الله) أجبر المسيحيون في الدحول في الأسلام، ولكن بعد مجئ الخليفة(الظاهر) سمح للمسيحيين بالعودة إلى دينهم، لأنهم دخلوا في الأسلام خوفاً و رهبة وقسراً، ولم يدخلوا عن رغبة و طواعية وقناعة، وقد ذكر فقهاء الأسلام عدم صحة إسلام المكره من أشياع الديانات الأخر.
لا يمكن للحياة البشرية أن تستمر بصورة طبيعية لو كان الأصل في العلاقات بين الأمم والشعوب والدول الحرب والعنف بدل السلم والحوار، فبناء العلاقات على ركيزة الأمن والسلام والوثام هو الذي يدفع البشرية الى التطور والتقدم في شتى مجالات الحياة، فالخالق خلق الكون لكي نعمره، ونسكن في بسلام وأمان، لبناء حياة أفضل مستقبل مزدهر لأبناءنا من الأجيال القادمة، وبخلاف ذلك فإن الحياة ستتحول الى جحيم لا يطاق كما هو في كثير من البلدان غير الديمقراطية.
ولقد أستطعنا في إقليم كوردستان العراق أن نحافظ على تنوعها الثقافي والديني والقومي والمذهبي، بل تحول الأقليم الى مركز للتعايش السلمي بين الأصناف الأنفة الذكر، يخبرنا التأريخ أن كردستان كانت موطن مختلف الأديان من المسيحيين والأيزديين واليهود والصابئة عاشو معاً ووئام، ومن أجل الحفاظ على هذا التنوع الرائع نجد في وزارة الأوقاف مديرية للمسيحيين و مدرية خاصة للأيزديين و مدرية خاصة أسست في هذه الأونة لليهود الأصليين، وهذا يعيدنا الى تأريخنا الملي ء بالأمثلة، خذ مثلاً قرية بارزان فيها جامع و كنيسة و معبد، وظهر فيها أعظم علماء المسلمين كالحافظ الشهرزوري، وكان رئيس حاخامات كردستان أحد أبناء قرية بارزان و كثير من علماء المسيحيين من تلك القرية.
وحتى في الدولة العراقية كان للمسحيين واليهود والصابئة والأيزديين دول فعال في بناء الدول وتبوأ المناصب الحساسة، وهذا كله دفع بالبلد الى التطور والرقى والأزدهار، وعندما تم تهميش هذا التنوع الرائع دخلنا في حضيض التقهقر والتخلف وما الى ذلك.
وفي الختام نقول: لا يمكن أن تكون ثمة حياة رغيدة و هادئة لنا ولأبناءنا والأجيال القادمة الأ بالعودة الى الحوار وأحترام الأخر، وعدم إقصاءه، بغض الطرف عن هويته الدينية والمذهبية والقومية والفكرية.
والسلام عليكم
Top