• Friday, 22 November 2024
logo

بعد عام عجاف... وصايا حمورابي للسيد العبادي

بعد عام عجاف... وصايا حمورابي للسيد العبادي
كان العراق ولا زال يعيش اسير إسطورة كلكامش الذي كان يتعامل مع إشكاليات الحكم بمنطق القبضة الحديدية والتي تجلت في صيحته الشهبر: "أنا... الملك". إلا أنه من الإجحاف أن نختصر تأريخ بلاد الرافدين بهذه الهالة المرعبة من السطوة والقوة الوحشية. ولعل عذرنا في ذلك هو تأريخ أبو الدساتير كلها حمورابي وحكمته الشهيرة في حكم العباد: "مجد الملك هو أن يكون أبا للجميع". وبين المقولتين يكمن كل فصول بؤس وشقاء العباد تحت حكم سلف الطاغية كلكامش وفصول أخرى من العطاء الحضاري لرعية هذه البلاد تحت راية حكمة حمورابي. وقد يقودنا ذلك الى عراق ما بعد 1921 والذي بني برؤى Miss Gertrude Bell البريطانية. وهنا يجب أن نقر بأن ما وقع على رعية وادي الرافدين الأعلى أو ما يعرف حاليا بكوردستان كان وما زال يمثل الحصة الأكبر من هذا البطش والظلم الموروث. وأمام هذا الأرث اللاحضاري فإن معطيات التأريخ من ثورة كاوه على الضحاك والى إنتفاضة الكورد ضد الطغيان المعاصر لصدام قد أثبت وبما لا يقبل الشك من أن أبناء زاكروس يرفضون وبعفوية مطلقة ما يعرف الآن في قواميس السياسة بدولة السلطة (State-of-Authority) ولا يقبلوا بأقل من دولة المواطنة (State-of-citizenship) . وقد كان هذا ديدن الكورد في الماضي وسيبقى طموحهم الشرعي في الحاضر.
ولعل في ذلك مختصر لتأريخ الكورد في دولة عراق اليوم والذي رغم حداثته فإن أحقاب من تأريخيه المكتوب والغير مكتوب يعج بأوزار ظلم الحاكم للرعية. وفي آخر لقاء صحفي له إختصر زعيم الكورد مصطفى البارزاني محنة شعبه قائلا: "الأصالة هي من سمات شعبي ورغم أنه خذل إلا أنه يستحق الكرامة والعزة شأنه في ذلك شان كل شعوب الأرض". إلا أنه ورغم تبرير تأسيس العراق الحديث وعلى لسان مس بيل بأنه ضرورة مؤسفة (at best a regrettable necessity) إلا أن حالة التأسف الشديدة على هذه الضرورة التأريخية لم تسعف المواطن العراقي المسكين من آلام الشعور بالمواطنة من الدرجة الثانية. وكما لم تفلح الأنظمة المتعاقبة في العراق (ملكيا كان أو جمهوريا) من معالجة هذا الغبن المفرط والذي ما زال المواطن يرزح تحت وطأته الثقيلة. ولقد كانت ولا زالت براعة الحكام في العراق تكمن في زخرفة وتبرير الظلم ذاته وبألوان عدة مرة بالطائفية وأخرى بالمذهبية وهم نسوا وتناسوا سمو حكمة حمورابي في حكم الرعية. وقد يفسر ذلك لنا لماذا أخفقت عائدات النفط الهائلة من إنتشال المواطن من محنته مع حاكم اليوم والأمس. فالحكاية تعيد نفسها ولكن بفصول مبتكرة وبما يخدم هيمنة الحاكم المطلقة وتحجيم متقن لدور المواطن وفي ذلك محنة العباد الآن في طول وعرض البلاد. فثورة الرعية المظلومة في العراق لم تقم الآن لمجرد إستباحة المال العام فقط ولكن لإستباحة كرامة هذا المواطن المسحوق في بلاد النفط والمعادن والمياه والخيرات. وبعد عام عجاف أما آن الأوان في أن نتأمل فيما يمكن أن تحتويه رسالة أبو الدساتير حمورابي الى والي العراق السيد العبادي:-
• اللإلتزام بالأبوة الحقيقية لآبناء البلاد والذين يعانون من أزمة المواطنة المتفاقمة في عقول العباد
• الألتزام بأنهاء دولة السلطة في البلاد وبناء دولة المواطنة لكافة العباد
• الألتزام السياسي والأخلاقي بتطبيق العدالة الأجتماعية للعباد في طول وعرض البلاد
• تعليم الأجيال روح المعايشة في البلاد وعلو القانون فوق رؤوس كل العباد
• ترسيخ روح الأيمان في الأجيال للذود عن انسانية العباد قبل تراب البلاد
• تبني الديمقراطية لحفظ كرامة العباد والتنمية لأعمار وتطوير البلاد
• المسؤول هو مسؤول أمام العباد وحسب لوائح البلاد
Top