الاقتصاد العراقي في ظل حكم الفئة الاجتماعية الرثة!
فبنية الاقتصاد الوطني والسياسات الاقتصادية التي تمارسها الفئات الحاكمة في مقدورها أن تكشف بدقة وثقة عاليتين, حين يتم الاعتماد على أرقام إحصائية دقيقة لا تمت إلى "المايوه البكيني" , الذي يكشف عن كل شيء في جسم المرأة إِلا الجزء الأساسي منه, بصلة. وبالتالي فإن الحديث عن الفصل بين السياسة والاقتصاد هو حلم الواهمين الذي لا يخدم سوى تلك النخبة الحاكمة التي تسعى إلى تكريس هذه الفكرة في أذهان أفراد المجتمع. وحين يردد البعض من الاقتصاديين هذه الفكرة يرتكبون خطأ فادحاً بعدم ممارستهم للتنوير الاقتصادي الضروري لأفراد المجتمع, سواء أدركوا ذلك أم لم يدركوه. ومن هنا نشأ مصطلح "الاقتصاد السياسي" العلمي المتفق عليه دولياً الذي يعبر عن هذه العلاقة الجدلية الموضوعية بين السياسة والاقتصاد.
فمعرفة بنية أو تكوين الدخل القومي بالعراق والقطاعات الاقتصادية المشاركة في تكوينه والوزن النوعي لكل من هذه المشاركات من جهة, وثم بنية توزيعه الأول لجانبي التراكم والاستهلاك , ومن ثم توزيع حصة التراكم كاستثمارات لتنمية الاقتصاد الوطني وتنويعه وتطويره, وحصة الاستهلاك بين الاستهلاك الفردي والاستهلاك الاجتماعي, وبتعبير أدق معرفة خطة وميزانية التنمية الوطنية وخطة وميزانية الدولة الاعتيادية من جهة أخرى, تكشفان عن الوجهة أو الأهداف التي تسعى الحكومة الاتحادية بالعراق إلى تحقيقها.
يتفق الاقتصاديون العراقيون على حقيقة قائمة يصعب على أي إنسان عاقل إنكارها مفادها: إن الاقتصاد العراقي ريعي استهلاكي باعتماده على النفط الخام في تكوين القسم الأعظم من الناتج المحلي الإجمالي أو من دخله القومي من جهة، وعلى إشباع حاجاته للاستهلاك المحلي من استيراداته السلعية باعتماده على أموال النفط المصدر من جهة أخرى. وإذ كان الاقتصاد العراقي قبل ثمانية عقود ريعي زراعي, فقد أصبح منذ خمسينيات القرن العشرين ريعي نفطي بامتياز. وخلال هذه الفترة تعمقت فيه ليس سمته الريعية فحسب, بل تعمقت فيه سمته الاستهلاكية غير الإنتاجية منذ العقد التاسع من القرن العشرين حتى الآن على نحو خاص, إضافة إلى انكشافه الكامل على الخارج.
وحين يدرس الباحث بعناية كافية ميزانية الدولة التنموية في المرحلة الراهنة سيجد أمامه اللوحة التالية: مزيد من الجهد لتعميق سمة الريعية في الاقتصاد العراقي والابتعاد الفعلي عن التنمية الصناعية والزراعية بما لا يسهم في إجراء تغيير في بنية الاقتصاد وبالتالي في بنية تكوين الدخل القومي, وهذا يعني إبقاء الاقتصاد العراقي ريعياً واستهلاكياً غير منتج بامتياز, أي استمرار وتعميق حالة الانكشاف في الاقتصاد العراقي على الخارج وتبعيته الفعلية التامة للاقتصاد الدولي. ويقتصر إنتاجه الراهن على جزء ضئيل من حاجته للسلع الزراعية ومنتجات الصناعات الصغيرة.
وحين يدرس المتتبع الميزانية الاعتيادية للدولة العراقية سيجد إنها غير موجهة لتأمين الاحتياجات الأساسية للمجتمع وإزالة الأوضاع الموروثة المتراكمة من السابق والجديدة الناشئة في العقد الأول والسنوات الأولى من العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين. وسيجد إنها تخدم مصالح النخبة الحاكمة والمحيطين بها والتسلح وتكوين جيش جرار من الموظفين المعتمدين على الحكومة في دخله اليومي, في حين يلاحظ وجود إهمال كبير وفعلي للطاقة والتعليم والصحة ومؤسساتها, وكذلك إهمال للنقل الشعبي والسكن ومكافحة البطالة والفقر ...الخ. لست راغباً في تدويخ القاري الاعتيادي بأرقام تكشف بوضوح هذا المضمون الجوهري للسياسة الاقتصادية للحكومة العراقية الراهنة, فواقع الحال وكتابات اقتصاديين ينحدرون من ضلع الحكومة الراهنة وحزبها الحاكم يؤكدون ذلك بوضوح. وغالباً ما يتحدث الاقتصاديون عن حق عن غياب الإستراتيجية التنموية وعن غياب السياسة الاقتصادية والاجتماعية. وهذا التشخيص صحيح, ولكن الغائب في الأمر هو: لماذا هذا الغياب للإستراتيجية التنموية والسياسة الاقتصادية؟ أشعر بوجودهما معاً، ولكن ليس بالاتجاه الصحيح بل هما يجسدان نهجاً مقصوداً مورس منذ الولاية الأولى لنوري المالكي على نحو خاص، حتى الآن ويهدفان إلى إبعاد الدولة والمجتمع عن مسارهما الصحيح. وهذا الواقع هو ما يكشف عن الطبيعة الطبقية للنخبة الحاكمة والقوى التي تقف خلفها وتسندها.
الاهتمام البالغ بقطاع النفط الخام ليس ترفاً ولا خطأ يرتكب حالياً بسبب الإهمال الذي تعرض له هذا القطاع طوال العقود الأخيرة, ولكن الخطأ يكمن في الأسلوب الذي جرى التعامل به على مستوى الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان من جهة، والتوسع غير الإستراتيجي وغير المدروس بعمق للحجم المنشود ومضمون العقود النفطية بما يخدم مصلحة العراق كله على المدى القريب والبعيد, وكذلك في الإهمال المتعمد للصناعات التحويلية وتنمية وتحديث وتنويع الإنتاج الزراعي وتطوير الخدمات الإنتاجية والخدمات العامة والأساسية للمجتمع, وبشكل خاص الكهرباء والماء والسكن والنقل العام والتعليم والصحة ..الخ , هي التي تبقي الاقتصاد العراقي متخلفاً ومكشوفاً على الخارج وعملية إعادة إنتاجه مرتبطة عضوياً بالاقتصاد الخارجي كلية, وهي التي تعيد إنتاج التخلف والتبعية وتزيد من حجم البطالة والتضخم المرضي في أجهزة الدولة التي تستهلك بدورها المزيد من موارد الدخل القومي, ولكنها تخلق فئة تعتمد على الدولة في دخلها وتأتمر بأوامرها. إنها الحلقة المفرغة التي كانت وما تزال قائمة ومتعمقة بفعل سياسات الحكومات العراقية المتعاقبة في الفترات السابقة وفي الوقت الحاضر.
إن السمة التي نشأت منذ عقود في العراق وتفاقمت بمرور الزمن وأصبحت نظاماً سائداً تتجلى في واقع الفساد المالي والإداري القائمين, وهما يجسدان اليوم حالة عامة وشاملة وعميقة ومصحوبة بحركة شرسة لمافيا قوية وواسعة ومتعددة الرؤوس, إنها كالإخطبوط الذي مد أذرعه بعيداً في جسم الدولة والمجتمع. إن الفساد المالي والإداري لا يستنزفان المال العام ويفرطان بأموال الدولة فحسب, بل ويكرسان حالة الإرهاب وينمياها ويعمقان من حالة الفوضى والتبعثر والصراع في البلاد, ومن حالة التذمر والهيجان المستمر.
إن استمرار هذه الحالة في ظل قوانين سابقة غير إنسانية واستبدادية وغير عادلة من جهة وابتعاد مستمر ومتفاقم عن الالتزام بالدستور العراقي الجديد من جانب الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم والحكومات المحلية تشير إلى حالة البلاد الراهنة من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية إضافة إلى الحالة البيئية المتردية. والمتضرر الأساسي من هذه الحالة هم بنات وأبناء الفئات الكادحة والفقيرة والمتوسط وفئة المثقفين وأصحاب الدخول المحدودة ومستقبل تقدم البلاد.
إن القراءة الموضوعية لواقع الاقتصاد العراقي وسياسات الحكومة الاتحادية تكشف لنا بما لا يقبل الشك إن جزءاً أساسياً وغالباً من النخبة الحاكمة الحالية ينحدر من فئات اجتماعية هامشية أو ما أطلق عليها تعبير " الفئات الرثة", سواء من هم في الحكومة أم في مجلس النواب أم من يجلس على مقاعد وثيرة في أجهزة الدولة والقوات المسلحة. وهم يسعون إلى الاغتناء على طريقة القطط السمان ويستنزفون موارد الدولة من الباطن وبأساليب المافيا المعروفة وأساليب الرشاوى والنهب والسلب العلنيين. وهذا الجزء المؤثر والحاسم في النخبة الحاكمة يطبع عمل الحكومة كله ويميزه ويمنحه سلوكية معينة وإجراءات محددة تسعى من خلاله إلى إنعاش الفئات التي يصطلح عليها بالطفيلية, سواء أكان ذلك عبر المضاربات المالية أم في العقار أم في المقاولات أم في العقود النفطية والسلاح والتجارة أم في المجالات الاقتصادية الأخرى وفي المجتمع. وتنشط هنا إلى جانب ذلك العلاقات والسلوكيات العشائرية التي لم تعد تنسجم مع القرن الواحد والعشرين وتزيد في الوقت ذاته من اعتمادها على شيوخ الدين والمؤسسة الدينية عموماً لأنها تمارس الطائفية وباسمها تتحرك المافيات المتنوعة في البلاد.
إن الوضع القائم يعكس تشابكاً عجيباً, ولكنه قائم فعلاً ويخدم على المدى القريب مصالح النخب الحاكمة من الفئات الرثة ذات النعمة الحديثة التي لا يهمها تنمية وتطوير الاقتصاد الوطني والمجتمع المدني, بل همها يتركز على تأمين سبل زيادة ثروتها من السحت الحرام وتعظيم حساباتها المصرفية الخاصة على حساب الاقتصاد الوطني وقوت الشعب, وكيف يمكنها المحافظة على الوضع القائم وإدامته بما يسهم في زيادة فرص نهبها لموارد الدولة.
ولكن هذا الدرب الأعوج سيعمق الهوة والفجوة المتسعة بين الشعب, وخاصة الغالبية العظمى الكادحة والفقيرة والمعدمة منه, من جهة, والفئة الحاكمة والقوى التي تساندها وتدعم سياساتها الاقتصادية والاجتماعية اللاديمقراطية الراهنة من جهة ثانية، وسيشدد بدوره أكثر فأكثر الصراع بينهما مما دفع ويدفع بالنخبة الحاكمة إلى ممارسة الانفراد بالحكم والاستبداد واستخدام القوانين القمعية وحالة الطوارئ لمواجهة الشعب, مما يسهم في تقريب أجل النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية والتمييز وغياب مبدأ المواطنة.
ماذا نعني بالفئات الرثة؟
وإذا كان العراق قد عرف الفئة الهامشية أو الرثة في ظل الهيمنة البريطانية على العراق والسياسات الاقتصادية التي مارستها النخب الحاكمة المعبرة عن مصالح شركات النفط الاحتكارية ودولها الرأسمالية ومصالح فئة الكومبرادور التجاري وكبار الإقطاعيين والملاكين للأرض الزراعية وفي ظل اقتصاد نفطي ريعي، إلا إنها لم تكن ذات تأثير كبير على المجتمع والاقتصاد العراقي في ظل الحكم الملكي، كما إنها لم تكن في الحكم، فإن العراق أصبح في ظل حكم البعث والقوميين، الذي بدأ في العام 1963 تحت هيمنة هذه الفئة الرثة بكل أوساخها وما أفرزته من عواقب وخيمة على المجتمع والاقتصاد الوطني ومستقبل أجيال العراق. وقد تواصل وجود هذه الفئة في العقود اللاحقة تحت سيطرة القوميين ومن ثم البعثيين، وبشكل خاص منذ منتصف العقد التاسع من القرن الماضي. ومع تفاقم عواقب الحروب والحصار الاقتصادي والسياسات الاقتصادية والاجتماعية المناهضة لمصالح الشعب، اتسعت قاعدة الفئات الاجتماعية الهامشية، وتبلورت أكثر فأكثر هذه الفئة الاجتماعية الواسعة والمتسعة باستمرار والمتنوعة من حيث المنحدر الطبقي وازداد دورها في الفترة التي سبقت سقوط الدكتاتورية. لقد كانت قيادة البعث والحكم البعثي النموذج الفعلي للفئة الرثة التي قادت بالبلاد لمدة 35 عاماً وزجته في أعقد وأسوأ المحن والكوارث والموت الشنيع لمئات الألوف من أبناء وبنات العراقي. ولكن هذه الفئة الرثة التي توجهت لقيادتها ضربة قاسية مع سقوط الدكتاتورية البعثية الصدَّامية الغاشمة وهيمنة الاحتلال الأمريكي – البريطاني على العراق، أخلت مكانها بالقوة إلى ذات الفئة الرثة، ولكن بقيادات وكوادر وأحزاب أخرى لتحكم البلاد بذات الذهنية الرثة ولكي تسود الرثاثة بالعراق. هذه الفئة المتسعة والمتعاظم دورها في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية عبر الدولة وأجهزتها التشريعية والتنفيذية والقضائية والقمعية على نحو خاص هي التي نطلق عليها بالفئة الرثة، وهي الحاكمة بالعراق في الوقت الحاضر، بل ومنذ 2003. وهي التي وجدت الدعم والتأييد والمساندة الكاملة من سلطان البيت الأبيض، جورج دبليو بوش، وواليه المستبد بأمره وبالعراق، باول بريمر.
هذه الفئة الرثة ليست حديثة العهد بل كانت في قوى المعارضة السياسية للنظام السابق، وهي التي اتفقت مع الإدارة الأمريكية ومنذ مؤتمر المعارضة ببيروت أن تتسلم الحكم بذريعة أنها تمثل الغالبية العظمى من السكان من الناحية الدينية ومن ثم المذهبية. وبالتالي فأن غالبية قوى المعارضة حسمت الأمر على هذه الصورة الطائفية والأثنية في بنية قيادة المعارضة التي وافقت على شن الحرب في العام 2003 ضد النظام الصدَّامي. وكانت تشكيلة الحكم الطائفية القائمة على أساس المحاصصة مطلوبة من الإدارة الأمريكية ومناسبة لمصالحها بالعراق ومنطقتي الخليج والشرق الأوسط، إذ بهذا الصورة يبقي العراق دون استقرار وفي صراع ونزاع مستمرين يبعده عن التنمية والتغيير الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لما بعد حكم صدام حسين الشوفيني المقيت.
ما هي السمات التي تميز الفئة الاجتماعية الرثة والتي تخلق الرثاثة بالبلاد؟ علينا ابتداءً أن نشير إلى ضرورة التمييز بين الفئات الهامشية والفئة الرثة، فهما لا يعنيان بشكل أوتوماتيكي شيئاً واحداً، كما إنهما ليسا مترادفين، ولكنهما يلتقيان ببعض السمات المشتركة وأهمهما، موقعهما من الإنتاج ومن الملكية لوسائل الإنتاج وفي بعض الأخلاقيات. فالفئة الرثة الحاكمة بالعراق لا علاقة لها بالإنتاج المادي، وهي غير مالكة حتى الآن لوسائل الإنتاج، ولكنها تهيمن على الاقتصاد الوطني من خلال موقعها في الدولة والحكم وفي الأحزاب السياسية المهيمنة حالياً على الساحة السياسية العراقية والحكم. وهي تهيمن على موارد البلاد، وخاصة النفط الخام وعوائده المالية المتأتية من التصدير السنوي للنفط الخام، والذي يشكل أكثر من 97% من صادرات العراق، ونسبة عالية من الناتج القومي الإجمالي ومن الدخل القومي. وهو بيد هذه الفئة الاجتماعية الرثة التي توجه الموارد المالية صوب مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة وبعيداً كل البعد عن مصالح الشعب والاقتصاد الوطني والتنمية الاقتصادية، وبشكل خاص التنمية الصناعية أو حتى استخدام النفط في التصفية وفي الصناعة التحويلية أو في تطوير البنية التحتية، بما في ذلك الطاقة الكهربائية ونظافة المدن والبناء والشوارع ..الخ. وهي فئة نهابة للثروة الوطنية ويسود بالبلاد في ظل حكمها الفساد المالي والإداري بكل صوره وأبعاده وعواقبه على الاقتصاد والمجتمع، كما أنه ينتشر الخراب والبؤس والفاقة الفكرية والسياسية والاجتماعية والمدنية والحضارية في المدن. إنها الرثاثة التي تنشرها الفئة الرثة في المدن وفي عموم البلاد. ويزيدها سوءاً انتشار الإرهاب الدموي المنطلق من ذات المواقع الفكرية والسياسية، وبسادية وقسوة مرضيتين وبصورة أكثر دموية وتخريباً وتدميرا. ومن هنا يأتي اتفاقي مع تحليل السيد الدكتور فارس كمال نظمي لواقع المدينة العراقية والفئات التي تقف وراء هذه الرثاثة والعواقب الوخيمة لما يجري بالعراق على مستقبل الشعب وثقافة المجتمع وفنونه الإنسانية وتطوره اللاحق وعلى المرأة التي تعتبر في عرف الفئة الرثة "ناقصة عقل!".وكان على حق كبير حين بين الرثاثة في المدن العراقية الكبيرة والصغيرة في الوسط والجنوب وغرب بغداد حيث الحكومة الاتحادية مسؤولة عنها، وبين التطور والتحسن الكبيرين في المدن الكردستانية التي تفقد يوماً بعد آخر الرثاثة التي ورثتها من النظم الرثة السابقة.
إن الفئات الرثة العراقية تفتح لها حساباتها المصرفية في خارج البلاد وتغتني على حساب ثروة الشعب وموارده المالية وعلى حساب حياته ومعيشته. ولكنها لا تعيش على موارد البلاد حسب، بل وعلى موارد من يدفع لها من الخارج لكي تنسق معه وتتعاون في مختلف المجالات. فلا تكتفي أجزاء مهمة من الفئة الرثة بما تحت تصرفها من أموال الشعب والسبل المشبوهة في استخدامه في غير صالح المجتمع، فهي تمول أجهزتها الإعلامية بأموال تأتيها شهرياً من إيران، وبعضها من السعودية والخليج. ويمكنكم أن تستفسروا من رؤساء الأحزاب الإسلامية الشيعية منها والسنية أو من شبكة الإعلام العراقية حول من يدفع رواتب ومصروفات قنوات التلفزة التي سجلت باسمها وصاحبها دافع مصروفاتها الشهرية. الفئة الرثة لا تعرف الوطن ولا الدين الذي تتبناه شكلياً ولا المذهب الذي تدعي الانتساب إليه ولا الطائفة التي تتبجح كذباً بالدفاع عنه، فمصالح كل فرد فيها هو الغاية الأساسية، هو الوسيلة والهدف، إنها السلطة بما تعنيه من نفوذ وهيمنة ومال وجاه واستئصال للفكر الآخر والشخص الآخر والحزب الآخر. ولو كان في مقدورها أن تحكم بدون الناس لتخلصت منهم أيضاً. فلا عجب أن يعيش العراق بعد عشر سنوات في خضم هذا الصراع والنزاع والخراب والدمار والموت غير المنقطع، إضافة إلى هيمنة الثقافة الصفراء بكل ما تعني من انتشار للجراد المسموم في الثقافة العراقية، فالعملة الرديئة الرثة بدأت بطرد العملة الجيدة لأن الفئة الرديئة والرثة في السلطة. هذه هي الحقيقة التي لا يمكن تجاوزها في رؤية الوضع بالعراق وما يجري فيه وما سيؤول إليه إن استمرت الفئة الرثة في حكم البلاد.